Al-Quds Al-Arabi

تخصيص ثلث مقاعد البرلمان المغربي للنساء لا يرضي الناشطات المطالبات بالمساواة

- الرباط ـ «القدس العربي»:

يشــرع مجلس النواب المغربــي ابتداء من اليوم في مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية التي صــادق عليها المجلس الــوزاري أخيراً، في أفــق الاســتعدا­د للانتخابــ­ات البرلمانية والبلدية والمهنية التي تقرر تنظيمها قبل نهاية أيلول/ ســبتمبر المقبل، وفق ما أفادت صحيفة «الأخبار» المغربية في عدد أمس.

وتروم التعديــات التي شــملت القوانين تعزيــز الأحكام المتعلقــة بالتخليق ومحاربة ظاهرة «الترحال السياسي» أي انتقال برلماني من حزب لآخــر وتغيير الانتماء الحزبي خلال فترتــه الانتدابية. وفــي هذا الصــدد، نصّ المشــروع على أنه إذا تخلى نائب ما خلال مدة انتدابه عــن الانتماء إلى الحزب السياســي الذي ترشح باســمه لعضوية مجلس النواب )الغرفــة الأولــى للبرلمان( أو عــن الفريق أو المجموعــة النيابيــة التي ينتمــي إليها، فإنه يجرد مــن عضوية المجلس مــع تمكين الحزب السياسي الذي ترشــح النائب المعني باسمه من تقديم ملتمــس إلى رئيس المجلس المذكور، المؤهــل قانونــاً، لإحالة طلــب التجريد على المحكمة الدستورية.

كما ينص مشروع إصلاح القانون الأساسي المتعلق بمجلس المستشــار­ين )الغرفة الثانية للبرلمان( على ســحب صفة المستشار عن أي شخص غيّر خلال فترة ولايته انتماءه لحزب سياســي أو نقابة أو منظمة مهنيــة أو فريق برلمانــي بمجلــس المستشــار­ين، ويعزز هذا المشروع قانون المراقبة من أجل ضمان منافسة شــريفة. كما يلزم كل وكيل لائحة أو مرشــح بإعداد حساب لحملته الانتخابية وفق نموذج محدد بطريقة قانونية.

ونصّــت التعديلات علــى تخصيص ثلث المقاعد للنساء في كل مجلس عمالة )محافظة( أو إقليم، وكذا الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في المجالس المحلية البلدية والقروية. غير أن الناشــطات فــي مجال حقــوق المرأة وإن ســجلن ارتياحهن لهذه الخطوة، فإنهن اعتبــرن أنهــا غيــر كافيــة، لأن المطلوب هو المساواة والمناصفة الكاملة، كما يؤكدن.

التطبيق العملي

في هذا الســياق، وجهت «الحركة من أجل ديمقراطيــ­ة المناصفــة» (منظمــة مدنية( إلى وزير الداخلية، طالبت فيها بالتطبيق العملي لديمقراطية المناصفة التي نصّ عليها دســتور 2011، واعتمــاد تدابیــر تشــجّع الأحــزاب السياســية على ترشيح النســاء في المناطق والدوائر التــي يتوفرون فيهــا على حظوظ الفــوز والظفر بمقاعد، وتجــاوز طابع التردد الذي ما زال يعرقل إقرار المناصفة.

وقالت صحيفة «بيان اليــوم» المغربية في عدد ليوم أمــس إن «الحركــة» المذكورة على لســان منســقتها الوطنية خديجــة الرباح، عبّرت عن نوع من الارتياح المشوب بالكثير من الحذر، واصفة مشــاريع القوانين الانتخابية بالهامة جداً، لكونها تدفع في اتجاه الجهوية،

مع التأكيــد على أن هذا الجديد يظل بســيطاً وجزئيــاً، ولم يمس عمــق إعمال المســاواة الحقيقية في هاته الترســانة الانتخابية، عن طريق تطوير منطوق التعامل مع آليات التمييز الإيجابي. ونبهت في المقابل إلى أن عدد المقاعد المخصصة للنســاء بناء على مشروع القانون تبلغ فــي مجموعها 90 مقعــداً، وهذا بعيد كل البعد عــن مطلب المناصفة، حيث لا يصل حتى إلى الثلث من أصل 395 عدد أعضاء وعضوات مجلس النواب، وهو يعيــد نوعاً ما تم إقراره في التجربة الانتخابية السابقة، إذ لم يتجاوز عدد النســاء اللواتي تمكن مــن الوصول إلى مجلس النواب 81 امرأة، ما يمثل نســبة 20,5 في المئة.

وقالــت الناشــطة الحقوقيــة إن العملية الانتخابية مشــروع مهم ومأسســة حقيقية للديمقراطي­ــة والحَوْكَمة ولتنفيــذ المناصفة، ولا ينبغي النظر إليهــا كأنها عمل تقني إداري محض، بــل مشــروع يتطلب إطــاق نقاش جماعي بــن لتجويد هــذه القوانين، خاصة وأن الظرفيــة الحالية التــي تطبعها تحديات كبرى أفرزها تفشي جائحة كوفيد 19، أظهرت أن سياق ســنة 2021 هو سیاق خاص يحتاج فيه المغرب إلى نخب قوية، نســائية ورجالية قادرة على تطوير أداء المؤسسات وإعادة ثقة المواطنات والمواطنين فيها .»

وأكــدت الرباح أن مطلــب المناصفة لم يأت من فراغ، بل اعتماداً على الوثيقة الدستورية التي جــرى التنصيص فيها علــى المناصفة، واعتبرتها جزءاً أساســياً من الآليات المعتمدة

لتحقيــق المســاواة، مضيفة بالقــول إنه آن الأوان لتطبيق المســاواة وتصبح أحد المبادئ المركزيــة لتحقيــق عدالة اجتماعية للنســاء والرجال.وأضافــت أنه بالنســبة للمجالس المحليــة المنتخبــة التي كان مــن المفترض أن تشــهد تعميم نمط الاقتــراع بالقائمة بها كان يبلغ عــدد المقاعــد لفائدة النســاء 4 مقاعد، وأصبحت «خمس مقاعد لصالح النســاء في ظل مشــروع القانون الجديد، فيما بالنســبة لنظام الاقتراع عن طريــق القائمة للجماعات التي يفوق عدد ســكانها 100 ألف نسمة انتقل عدد المقاعد المخصصة للنســاء من 6 إلى 8 بما يعني إضافة مقعدين، لا غير.

دعم مالي

والجديــر بالذكــر أن مشــروع القانــون الانتخابــ­ي نصّ على تقديم دعــم مالي جديد يخصص لتقوية قــدرات النســاء التمثيلية بمناســبة انتخابــات المجالــس المحلية وكذا الانتخابــ­ات العامة التشــريعي­ة وانتخابات أعضــاء الغرف المهنيــة، ويطلق عليه اســم «صندوق الدعم التشــجيع تمثيلية النســاء » ويقدم هذا الدعم بكيفيات وشــروط يحددها نص تنظيمي.

في ســياق متصل، أقــرّت التعديلات التي شــملت قانون انتخابات الغــرف المهنية آلية خاصــة لضمان تمثيلية النســاء فــي كل من الغرف الفلاحية وغرف التجــارة والصناعة والخدمات وغــرف الصناعة التقليدية وغرف الصيد البحــري، مــع الأخذ بعــن الاعتبار خصوصية نمــط الاقتراع المعتمــد لانتخاب أعضاء هذه الغرف. وينص مشــروع القانون على تخصيص مقعدين للنســاء بالنسبة لكل غرفة فلاحيــة لا يزيد عــدد أعضائها على 30 عضواً، مع زيادة مقعد واحد عن كل 10 أعضاء بالنســبة للغرف التي يتجاوز عدد أعضائها 30 عضــواً، وتُلحق هــذه المقاعــد بالدوائر الانتخابيـ­ـة التابعة للغرف التــي تضع على التوالي أكبر عدد من الناخبين المســجلين في اللائحة الانتخابية للغرف المحصورة بعد آخر مراجعة عادية واستثنائية للوائح المذكورة.

وعلقت صحيفة «الأخبــار» في افتتاحيتها ليــوم أمــس علــى بــدء مناقشــة القوانين الانتخابية التي ستؤطر الاستحقاقا­ت المقبلة في المغــرب، وقالــت إنها محطة سياســية لا نعيشها ســوى على رأس كل خمس سنوات، لذلك فجميع الأنظار ســتتجه إلى قبة البرلمان لمتابعة النقــاش العمومي الذي ســتخوضه الأحــزاب السياســية. وأضافــت الصحيفة نفســها: «لكن قبل أن يشــرع الحزب الحاكم )العدالة والتنميــة( في بكائه الجماعي ولعب دور الضحية، وقبــل أن تطلق بعض الأحزاب العنان لتمرير ما يخدم مصالحها السياســية الضيقــة، لا بأس أن نذكــر 515 برلمانياً الذين يمثلون الأمة في المؤسســة التشــريعي­ة، أن السياســة بشــكل العام تعيش خــال العقد الأخير أســوأ أيامها وأن المؤسســات تعاني من عجز مدقع في الشــرعية السياسية، وأن جزءاً من أعطاب الممارســة السياســية يوجد

في القوانين الانتخابية الحالية، التي شرعت لأوجــه متعددة من الريع السياســي، لتهدئة أوجاع رأس الأحزاب مــن غياب الديمقراطي­ة الداخلية».

واســتطردت قائلة: «لا نريد لهذه اللحظة السياسية الفاصلة الممهدة للمحطة الانتخابية أن تشــكل انتكاســة حقيقية، قد تجعل نسبة المشــاركة في مهب الريح، لذلــك لا خيار أمام الطبقــة السياســية ســوى اعتمــاد قواعد قانونيــة تقطع إلــى أقصى حد مع التشــريع الريعــي، الذي جعل السياســة مثــل البقرة الحلوب. نريد قوانين تمنــع تضارب المصالح إلــى أبعد مــدى، نريد قوانين تنهــي مع جمع المناصب السياســية وما يترتب عنها من جمع للتعويضــا­ت، نريد منظومــة انتخابية تقطع مــع توزيع الريع وخصوصاً «كوتا» الشــباب )حصتهم فــي البرلمــان( التــي تحولت إلى مقابل لنظام الســخرة داخــل الأحزاب، نريد منظومة قانونيــة تعاقب بصرامــة التلاعب بالانتخابـ­ـات وأموالهــا ومصاريفهــ­ا، نريد ترســانة انتخابية تفتح المجــال أمام الجالية المغربية لتلج المؤسســات التشريعية تضخّها بالكفــاءة والخبرة. لا نريــد نصوصاً لا تغير النفوس، ولا نريد نصوصــاً تخلق مزيداً من اللصوص، لذلــك فالبرلمان أمام مفترق للطرق فإما أن يساهم في إنتاج قوانین مغرية وجيدة تدفــع نحو مزيد من المشــاركة وربح خطوات في الانتقال الديمقراطي، أو ســتغلب مصالح أعضائه مصالح الوطن، وآنذاك ســنكون أمام انتكاسة حقيقية لا نعلم أين ستقودنا».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom