Al-Quds Al-Arabi

نقاط على حروف رغد... باسم ياخور في دور «أبو عنتر»... ووائل رمضان: أنا النظام!

- ٭ كاتب فلسطيني سوري

إذا فاتــك المغــزى مــن مسلســل رغــد صــدام حســن علــى قناة «العربية-الحــدث» فــا تقلــق، هذه حلقــة نقاش إضافية ســتضع النقاط على الحروف، ستتكفّل بتلقيمك المغزى بالملعقة.

في تغطية خاصة اســتضافت القناة، بشــكل أساســي محلليْن، عراقي من بغداد، والآخر من القاهرة، مع اســتعادة بعض مقاطع من مقابلة رغــد للتعليق عليها والنقاش حولها، وعلــى ما يبدو فيها كل الزبدة التي أرادت القناة أن تفهمها لجمهورها.

ســتتحدث رغد عــن الأمن والأمان فــي ظل صدام، ســتقول «كنا عايشين» ولن يكون القول غريباً من رغد، إنما لن يسعك إلا الاندهاش أمام قول معارض )رائد العزاوي( يزعم أنه حوكم زمن صدام، وكان مطــارداً وملاحقــاً، ثم يصبــح كل دوره تمجيد زمن صــدام، والثناء بطريقته علــى نظرية ابنته، فــإذا كان هناك مقابــر جماعية في زمن المقبور، فهنالك الآن عشــرات المقابر الجماعيــة، وإن تحدث الضيف المقابل عن تلويث صدام للبيئة، ســيجيب العزاوي بأن ليست البيئة ما يهــم العراقيين، بل الحيــاة، وكأن الهواء الذي يتنفســه الناس لا شأن له بيوميات حياتهم!

يمضــي العــزاوي أبعد مــن ذلــك للحديث عــن دولــة، وتراتبية، وإدارات، وأجهــزة أمنية زمن صدام، كانــت رأس حربة في مواجهة إيــران، الجار المؤذي، إلــى أن يقول «لولا ديكتاتورية صدام حســن لغزت إيران العراق، والخليج برمته خلال ساعات»!

وبالطبع ستتمنى لو تســأل الرجل، لماذا وعلامَ عارضَ صدام إذاً ما دام يرى هذه الفوائد العظيمة للديكتاتور­ية؟!

وإذا كان هنــاك مــن يرى فــي كلام العزاوي رأيــه الخاص لا رأي القناة، فانظــروا إلى المذيعة وتدخلاتها الحاســمة، خصوصاً وهي تتحدث مثل رغد عن الأمن والأمــان، ومثلها أيضاً عندما تتحدث عن مجــرد خلافات تحدث بــن الإخوة، عندما يجــري الحديث عن غزو صدام للكويت. تصوّر!

يحدث الغزو والانتهاك والاســتبا­حة بين الإخوة، ومن باب أولى فهو يحدث كذلك بين المرء وشــعبه، ومــا الاعتقالات وقطع الرؤوس وضرب الكيميائي إلا من باب الشقاوة، ليس إلا!

باسم ياخور

يبــدو أن الممثل الســوري باســم ياخور قــد أخذ علــى عاتقه، عبر فيديــو احترافي جُهّز مع فريق تصوير، إقناع الســوريين بأن الحياة في دمشــق هانئة، وأن ليس بإمكان ارتفاع الأســعار وغياب الســلع واحتكارها تعكير صفو الناس وعيشهم الرغيد.

قرّر الممثل، الذي عاش كل الســنوات السورية القاسية الفائتة في دبي، أن الليرة السورية معافاة، ورغم اعترافه بتبدّل قيمتها الشرائية بــن ما كانت عليه قبل الحرب ويوم الثالث من شــباط/فبراير )يوم تصوير الفيديو( إلا أنه يحاول عبر جولةِ تَسَــوُّقٍ مصوّرة في دمشق إثبات أن ورقة الألف ليرة )التي كانت تســاوي عشــرين دولارا فيما هي الآن تساوي نصف دولار( ما زالت قادرة على الحكي!

جــال ياخور على عــدد مــن الباعة، ليــرى، وليعــرض لجمهوره، مــا بإمكان ورقة الألف ليرة ســورية أن تشــتري، رغــم كل تهاويها، فوجــد أن بإمكانها شــراء عرنــوس ذرة، وجوارب، صحــن كنافة، سندويشــتي­ن فلافــل، جزء من ليتــر بنزين كاف لإشــعال النار، بل وفــوق ذلك أثبت رهانــه، على حدّ زعمــه، أنه اســتطاع إقامة وليمة شواء له ولأصدقائه!

اللهم لا حســد. لن نحاول إثبات زيف مزاعــم الفنان، لن نقول إن الباعة «هَاوَدُوكَ» بالســعر أمام الكاميرا، فمهما فعلوا لن يستطيعوا الطيران بتلك الورقة إلى ما لا تســتطيع، لكن بالله عليك حاول إقناع ملايــن الســوريين أولاً فــي ما لــن تســتطيع أقــوى بروباغندا في لعالــم أن تبدّل رأيهم فيــه، فهذا هو همّهم اليومــي، وتلك معاناتهم، ومعركتهــم، التــي بإمكانــك رؤيتهــا فــي الشــوارع عبر المشــردين والمتســول­ين والعاطلين عن العمل والباحثين عــن لقمة، بل حتى عبر شــكاوى الموظفين الذين لن يتجاوز متوســط دخلهم الشهري الـ 40 دولاراً.

باســم ياخــور، في هــذا الفيديــو، هو «أبــو عنتر» معاصــر، ففي مشــهد تلفزيوني شــهير يحاول قبضاي الحارة الشــامية الشــهير )الممثل الراحل ناجي جبر( أن يبيع الناس ملابس مســتعملة، يجهد بإقناعهم بالقوة بأنها لائقة بهم.

لن يســتطيع ياخور، ولا من أَمَــرَه بصناعة هــذا الفيديو الواضح الأغــراض، أن يقنع الجائع بأنه ليس جائعــاً، أن يقنع أبا العيال بأن الألف ليرة قادرة أن تسدّ رمق فرد في البيت.

تأتي محاولة ياخور على طريقة حســن م يوسف، صاحب المقولة الشــهيرة «دمشــق آمنة أكثر مــن نيويورك» ففي إمكانــك أن تصدح وتتشــدّق بها ليل نهار، ذلك لن يغيّر من الواقع شيئاً، الكلام الفارغ، ولا حتى المليء، في إمكانه أن يشبع جائعاً، أو يسند حائطاً ساقطاً.

وائل رمضان

نقلت مواقع الكترونية وصفحات أن الممثل السوري وائل رمضان حــذف تغريدة تُظهر ندمه علــى البقاء في البلاد، هــو الذي طالما لام اللاجئين )إلى حدّ شتمهم( الذين غادروا عبر البحر خصوصاً.

لــوم اللاجئــن، وشــتمهم، وحتى عــدم الاعتراف بهــم كلاجئين معروف عن مؤيدي النظام الســوري ومن في حكمهم من الرماديين. من مــات منهم في البحر بالــذات أطلقت عليهم، فــوق ميتتهم، أقذع الشــتائم. كل ذلك ليس جديداً. الجديد هو حالــة التذمر والندم على عدم الخروج في أوســاط بعــض المؤيدين، ممن كانــوا يتوقعون أن النصر المزعوم ســيقلب الصورة، ويبدّل خصوصاً الحال المعاشــي للنــاس. إلا أن الحــال إلى أســوأ؛ كل هذا البؤس فيمــا يتفنّن النظام بالتضييق حتى على صراخ المتألمين من الموت والجوع.

إن تتبعــتَ تصريحات وائل رمضان ســتجد أنــه كان على الدوام داعماً للنظام )إلى جانب زوجته الممثلة ســاف فواخرجي( إلى حدّ أنه حين يُســأل عــن تأييده ذاك يجيب بالقول «أنا لســت من مؤيدي النظام، أنا النظام»! وفي المقابلة نفســها ســتجده سعيداً بأن يكون أحد أبواقه، يقول على سبيل الهضامة: «أنا بحب الساكسفون.»

لــم نكن في حاجة إلى تغريدات وائل رمضان لنتأكد من أن النظام بدأ يئن، ولو أن من المستحيل رؤيته نادماً.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom