أمام حقوق المواطن المصري: هل تتجه العلاقة بين بايدن والسيسي نحو «رأس برأس»؟
■ كثيــرون في مصر لا يعرفون الســبب الحقيقــي من وراء تحرير مفاجئ لمحمد حســن من السجن المصري قبل بضعة أيام. حُبس حســن، وهو مخرج في الشــبكة التلفزيونيــة القطرية «الجزيرة» قبل أربع ســنوات دون لائحة اتهــام، ودون محاكمة ودون إدانة. زعم أنه دعا إلى الثورة ونشر أنباء كاذبة. والفكرة السائدة خارج مصر حول تحريره هي أن إرادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيســي تقف من خلفه للتخفيف، وإن كان قليلاً من إمكانية المواجهــة مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الجديدة في مســألة حقوق الإنســان. وثمة من يدعي بأن تحريره يشكل بــادرة للأمريكيين أيضاً الذين ســاهموا في التســوية بين قطر ومصــر ومجلس دول الخليج، التي ســمحت بعــودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين كل الدول ذات الصلة.
في أعقاب إســقاط السيســي لرئيس الإخوان المسلمين محمد مرسي، تدهورت العلاقات بين قطر ومصر، واستغلت قطر محطة «الجزيرة» التي بملكيتها لمناكفة السيسي، فرد هذا بإغلاق مكاتب المحطة في مصر وملاحقة رجالها، وكان محمد حسين أحدهم.
على مدى الســنين لم يكن الكونغــرس الأمريكي وإدارة براك أوباما راضين عن الموقف الســلبي للرئيس السابق مبارك تجاه المنظمــات الاجتماعيــة العاملة فــي مصر، وعن المــس بحقوق الإنســان في الدولة. وكان هذا أحد الأســباب الذي جعل مبارك لا يروق لأوباما، وعمل الأخير علــى الإطاحة به في ثورة 2011. وكان الشــرخ عميقاً لدرجة أن الإدارة الأمريكية فضلت، بشــكل
غير مفهوم، تتويج الإخوان المسلمين في مصر وعدم إبقاء مبارك، الذي غشــهم في موضوع حقوق المواطن، وهو الموضوع القريب إلى قلوب الديمقراطيين. لم يتوافق السياســي مع أوباما في هذا الموضوع المحدد. وهو اليوم يخاف مــن أن يواصل بايدن )الذي كان نائب أوباما، ويتولى اليوم الرئاسة( طريقه.
بمناسبة عقد على الثورة المصرية، أقامت مجموعة من أعضاء الكونغــرس الأمريكيــن الديمقراطيين منتدى مــن أجل حقوق الإنســان في مصر، وأعلنت بأن هدفها احتساب مسار العلاقات مع القاهرة. وغضب البرلمان المصري من ذلك. فالسيسي يرى في هذا علماً أحمر ومؤشراً على المستقبل. وإذا لم يكن هذا بكاف، فقد كتب سجناء مصريون من داخل السجن للرئيس بايدن وذكروه بتصريحه عشــية الانتخابات بأنه لن يتعاون مع الدكتاتوريين؛ وهو تلميح للسيسي.
رئيــس مصر في معضلة: فهو يؤمن بــأن أعداء مصر يعملون على إفشــاله وأن عليه الدفاع عن نفســه بكل وسيلة. وهو يرى في كل نشــر لهم جزءاً من المؤامرة ضده. كما أنه لا يريد إغضاب بايدن. قــد يكون تحرير مخــرج «الجزيرة» هو بالفعل إشــارة إلــى بايدن. كما أن بايــدن يتردد هو الآخر: فقد كان شــريكاً في قرارات أوبامــا وعلى علم جيد بالغضب علــى مصر. ويعلم بأن كان للسيسي فترة انسجام مع الرئيس ترامب، وينبغي إنهاؤها. يبدو أن الرئيسين يســيران على مسار الصدام في مسألة حقوق المواطن في مصر. والســؤال هو: متى سيحصل؟ وهل سيعملان قبل ذلك لمنعه في صالح مواضيع اســتراتيجية ملحة في الشرق الأوسط.