Al-Quds Al-Arabi

إعادة تأهيل مسرح ماري أنطوانيت في قصر فرساي

-

■ فرساي ـأ ف ب:بجائحة أو من دون جائحة، نادراً ما يشهد مسرح الملكة في قصر فرساي أنشطة مفتوحة للجمهور، لكنّ المفارقة أن عملية التجديد تستمر في هذه القاعة التي بُنيَت لماري أنطوانيت، زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر.

وقال رافائيل ماســون، كبيــر أمناء التراث في قصر فرســاي، إن هذه الجوهرة التراثية المخبأة في حدائق بوتــي تريانون والتــي تعتبر المكان السري لماري أنطوانيت «تشبه الجمال النائم».

على خشــبة هذه القاعة، وقفت الملكة الشغوفة بالموسيقى والمسرح للمرة الأخيرة في صيف عام 1785، لتــؤدي دور روزين في «حلاّق إشــبيلية» أمام ناظرَي مؤلفها الفرنســي بيار أوغوســتان كارون دو بومارشيه.

هذا المســرح الذي بناه ريشــار ميك، مهندس مــاري أنطوانيت، وهو الوحيد في فرنســا الذي اســتمر في اســتخدام معدات القرن الثامن عشر المسرحية، لم تمسّــه الثورة الفرنسية عام 1789 لأنها كانت ترى أنه غير ذي قيمة، ولم يستخدم إلا قليلاً جداً في 240 عاماً من الوجود .

ووصف ماســون هذا المســرح بأنــه «معجزة حفظ» مشــيراً إلى أن «هوســاً حقيقياً بالمســرح كان موجوداً فــي النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وكان كل متمول كبير وكل أمير يقيم بالتالي مســرحاً في منزله، لكن كل هذه المســارح تقريباً اختفت .»

وخــال الأزمة الصحيــة التي اســتحال فيها تنظيــم الجــولات الشــهرية للــزوار أو لتلاميذ المدارس لتعريفهم بالمؤثرات المســرحية العائدة إلى القرن الثامن عشــر، شــرع خبــراء الحفظ والفنانون في إعادة إنتاج نسخة مطابقة لستارة المسرح المتقادمة. أجزاء ديكورات وشرح المنسق أن الستارة الجديدة التي علقت في منتصف كانون الأول/ديسمبر ذات لون أزرق كوبالتي، وهي ذهبية الأطراف وغنية بالزخارف، وصنعت من «قماش كتانــي مطليّ بطريقة توحي بوجود ثنيات .»

وهذه الثنيات الوهمية هي على نسق التصميم الداخلي للقاعة نفسها، إذ اســتُخدِم فيه الرخام الزائف، فيما يخفي ظاهرهــا المذهّب وراءه ورق المعجن والكرتون.

وأوضــح ماســون أن الســتارة التــي كانت موجودة نسخة الستارة الأصلية التي بيعت بعد الثــورة، وهي من «قماش كان يســتخدم في عهد الإمبراطور­يــة )النابوليون­ية( أعيد طلاؤه أثناء حقبة استعادة البوربون، ثم أعيد طلاؤه في عهد الملك لوي فيليب. وأضاف أن الســنارة «تلفت في الآونة الآخيرة وكان مــن الضروري جداً الحفاظ عليها لأنها بمثابة شــاهد أصيل» على تلك الحقبة التاريخية.

وشــرح أن العاملــن على الســتارة الجديدة اعتمدوا طريقة «تجميع شرائط الكتان يدوياً كما في ذلك الزمن» توخياً للأمانة في إعادة إنتاجها.

وثمة مشروع آخر هو اســتكمال ديكورات هذا المسرح-المتحف.

ففــي القاعــة التي كانــت تســتوعب في زمن ماري أنطوانيت ما يصل إلــى 250 متفرجاً، ثلاثة ديكورات مســرحية، أحدها تصميم داخلي ريفي، والثاني يمثّل غابة، والثالث معبد الإلهة الرومانية مينيرفا، وهو أقدم ديكور مسرحي كامل في العالم إذ يعود إلى العام 1754.

واعتبــر ماســون أن الديكور الأخير «يشــكّل شــهادة فريدة على براعة مصممــي الديكور في القرن الثامن عشر» مشــبّهاً إياه بـ»موناليزا هذا المسرح». ونظراً إلى هشاشة وضعه، كان لا بدّ من مشروع لإنتاج نسخة منه تُظهِر معالمه الأصلية. المؤثرات الخاصة تعود هذه الديكورات إلى القرن التاسع عشر،

ولكنها تعمل تماماً وفقاً للمبدأ الذي كان سائداً في مسرح القرن الثامن عشر، إذ يجري تغيير المشهد المســرحي أمام عيون المتفرجين، فيما الســتارة مرفوعة. فالهياكل التــي تحمل الديكورات تنزلق على ســكك من جهة الفناء والحديقــة، فتتقاطع خلال عمليــة التغيير في مشــهد مذهل للجمهور. وأوضح ماسون أنها عبارة عن «المؤثرات الخاصة للقرن الثامن عشر.»

وبفضل قوائم الجرد، يعمل خبراء الحفظ على إعادة بناء ديكور رابع يمثّل «الســاحة العامة» لا يتوافر من عناصره إلا القليل. وسيحاولون أيضاً إعادة بناء معدات القرن الثامن عشــر التي تتيح ظهور ديكور شجرة على المسرح.

ولاحظ ماســون أن «وضع القاعة لا يزال دقيقاً على الرغم من ترميمها عــام 2001 ولم يتم توفير المقوّمــات التي تتيح لها البقــاء وفية لتاريخها.» وأضــاف: «تقام حفلــة موســيقية كل عامين في هذا المســرح، ونتأثر كثيراً عندما نسمع النوتات الموسيقية تخرج من المكان المحصص للأوركسترا في المسرح .»

وقال: «لا يمكن إقامة أنشــطة بشكل منتظم في القاعة، لكننا ننتظر انتهاء )الأزمة الصحية( لكي نتيح للجمهور الإطلاع عليها.»

 ??  ?? قصر فرساي
قصر فرساي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom