Al-Quds Al-Arabi

تراجع التمثيل العربي في الكنيست وتكرار حالة التعادل بني نتنياهو وخصومه

قراءة لصورة فلسطينيي الداخل في انتخابات الدورة الـ 24

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

يخلــص مركز "مــدى الكرمــل" للدراســات االجتماعية التطبيقية في ورقة تقدير موقف، لتحليل املشــهد االنتخابي داخل اجملتمع الفلســطين ّي في إســرائيل عشــ ّية انتخابات الكنيست الـ 24 في الشــهر املقبل، لثالثة استنتاجات أهمها توجــه املواطنني العرب للعــزوف عن املشــاركة في عملية االقتراع لعوامل عدة.

ويعالــج املركز مــن مقره فــي حيفــا في هــذه الورقة احتماالت مشــاركة الناخب العربّي في االنتخابات القريبة وامتناعــه عنها وأمنــاط تصويت عند املشــاركن­ي من خالل حتليل التجــارب االنتخابّية الســابقة، ومــن خالل حتليل الواقع السياســّي واالنتخابّي للقوائم العربّية املشاركة في االنتخابات، وحتليل اهتمــام األحزاب الصهيونية بالصوت العربي من خالل إدراج مرشــحني عرب فــي قوائمها ومدى تأثيرها على أمناط تصويت الناخب العربي.

وينوه الى أن انتخابات الكنيســت الـ42 في 23 مارس/ آذار املقبــل هــي دورة االنتخابــ­ات الرابعة خــالل العامني املنصرمني، وتأتي في ظل مشهد سياســي يتسم بعدة نقاط أولها غياب احلسم االنتخابي بني الكتل االنتخابية املتنافسة، منوها أن كتلة اليمــني التقليدية غير قــادرة منذ انتخابات أبريل/ نيســان 2019 على تشكيل حكومة مســتقرة بعد أن اتخذ حزب "يســرائيل بيتينو" برئاســة أفيغــدور ليبرمان قراره بعدم االنضمام حلكومة يرأســها بنيامني نتنياهو، مما جعل إســرائيل من أقل الدميقراط ّيــات االنتخاب ّية البرملان ّية استقرارا من الناحية السياسية، منوها أن إسرائيل تصدرت الدول البرملانية بعدد دورات االنتخابات، حيث وصل معدل دورات االنتخابات في إســرائيل منذ عام 1996 إلى دورة كل 2.3 أعوام.

والنقطة الثانية التي يشــير لها "مــدى الكرمل" هي حالة التشظي في الســاحة السياس ّية اإلسرائيل ّية، حيث تتنافس أحزاب اليمني في االنتخابات دون إجماع على مرشــح واحد لرئاســة احلكومة بعكس ما كان في الدورات السابقة، الفتا لوجود ثالثة مرشحني من معســكر اليمني التقليدي واليمني املتطرف يتنافسون على تشــكيل احلكومة، بنيامني نتنياهو الــذي يتزعم حزب الليكود، وغدعون ســاعر الذي أســس ويترأس حــزب "أمل جديــد"، ونفتالي ِبيِنــْت رئيس حزب "ميينا"، ممــا يجعل هذه االنتخابــ­ات انتخابات حول قيادة اليمني وداخــل اليمني ونــوع اليمني الذي سيمســك بزمام األمور.

ويتنبــه املركز الى أن حالة التشــظي بــدأت في اجلانب املعارض أيضا ، فقد تبعثر حتالــف "أزرق أبيض" وبقي منه كل من حزب "هناك مستقبل" برئاسة يائير لبيد الذي تعطيه االســتطال­عات 18 مقعدا، وحزب أزرق أبيض برئاسة بيني غانتس الذي تعطيه االســتطال­عات 5-4 مقاعد، وانسحب من هذا التحالف ومن السياســة عامة حزب "تيلم" برئاســة موشيه يعلون. كما انســحب حزب "اإلسرائيلي­ون" برئاسة رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي من املنافسة بعد انطالقة قوية له عند اإلعالن عن تأسيسه.

ويشــير "مــدى الكرمل" الــى أن حالة التشــظي وصلت أيضا إلى حلبة اجملتمع الفلســطين­ي من خالل تفكيك القائمة املشتركة إلى قائمتني "القائمة املشــتركة" و"القائمة العربية املوحدة"، إلــى جانب دخــول قائمة عربية جديدة تســمى "معــا" للمنافســة االنتخابيـ­ـة، فضال عن إدراج مرشــحني عرب في قوائــم صهيونية. أما النقطة الثالثــة فترتبط بأن االنتخابــ­ات جترى في أعقــاب أزمة اقتصاديــة متفاقمة في اجملتمع الفلسطيني داخل إســرائيل بسبب جائحة كورونا، وانتشار اجلرمية والعنف فيه التي أصبحت القضّية املركزّية التي تقــض مضاجع الناس، وصعود حراكات شــبابية في بلدات عربية حتتج على تفشي اجلرمية، وفي الوقت نفسخ تتجــاوز املؤسســات القطرية واألحزاب في هــذا احلراك، معبرة عن احتجاجها على أداء القيادات العربية وحتى عن عدم الثقة بها.

تفكك القائمة املشتركة:

ويذكــر "مــدى الكرمل" أن القائمة املشــتركة انشــقت عشــية االنتخابات إلى قائمتني، القائمة العربية املوحدة والقائمة املشتركة التي أبقت على حتالف مركباتها الثالث (اجلبهة الدميقراط ّية للسالم واملساواة، والعرب ّية للتغيير، والتجمع الوطنّي الدميقراطّي)، معتبرا أن االنشــقاق في القائمة املشتركة بدأ بعد سلسلة من تصريحات وسلوكيات للنائب منصــور عباس رئيس القائمــة العربية املوحدة ( احلركة اإلسالمية - الشق اجلنوبي).

ويتابــع "وصلــت العالقــة إلــى درجــة القطيعة قبل انشــقاق املشــتركة. كانت هنالك محــاوالت لإلبقاء على القائمة املشــتركة مبركباتها األربعة غيــر أن هذه اجلهود باءت بالفشــل ولم تنجح في احلفاظ عليها. واحلقيقة أن القطيعة وصلت ذروتها على مســتوى القواعد االنتخابية والناشــطن­ي احلزبيني الذين فضلوا هذا االنشــقاق، حيث حمل كل طرف مسؤولية االنشقاق على الطرف اآلخر" .

ويقول إن الطرفني اعتبــرا أن الطرف اآلخر بيت القرار لشق املشــتركة، منوها أن القائمة العربية املوحدة اتهمت املشــتركة بأنها اتخذت قــرارا كان مبيتــا إلقصائها، رغم أنها وصلت إلى تفاهمات حول املسائل السياسية مع باقي املرّكبات، في حني اتهمت باقــي املرّكبات وحتديًدا اجلبهة والتجمع القائمة العربية املوحدة بأنها رفضت مبدأ اتخاذ القرارات السياســية داخل املشــتركة من خالل احلســم الدميقراطـ­ـي بني املركبات األربعــة، وإصرارها على رفض االلتزام ببرنامج سياسّي موحد للمشتركة، واّدعوا أن هذا هو موقف مقصود لكي تنشق.

ويستحضر موقف اجلبهة وقولها إنها ال تريد فرعا حلزب "الليكود " في القائمة املشــتركة، مشــيرة بذلك الى القائمة العربيــة املوحدة. وفي بيــان أصدرته مركبات املشــتركة الثالثــة حول تصورها لفض الشــراكة وفــي املقابل عقبت القائمة املوحــدة ببيان لها على فشــل املفاوضــا­ت إلبقاء املشــتركة مبركباتها االربعة برفض املركبات الثالثة التعهد بعدم التصويت لصالح قرارات تخالف العقيدة الدينية.

ويعتبر "مدى الكرمل" أنه في حني تعمل القائمة املشتركة على وضع النقاش السياســّي واخلطاب الوطنّي في مركز نقاشها مع القائمة العربية املوحدة. تعمل القائمة املوحدة على فرز اجملتمع في إطار صــراع ديني-علماني، في حني تعمل املشــتركة على فرزه على أســاس مواقف سياســية ووطن ّية بني وطن ّي ومتأسرل.

االنتخابات في اجملتمع الفلسطيني

وتتنافــس فــي االنتخابات ثــالث قوائــم عربية، القائمــة املشــتركة، القائمة العربية املوحــدة، وقائمة "معا" برئاســة محمد دراوشــة. وتشــير استطالعات الرأي املتتالية التي جتريها وتنشــرها وسائل اإلعالم اإلسرائيلي­ة إلى أن القائمة املشتركة سوف حتصل على 9-7 مقاعد، بينما ســتحصل القائمــة العربية املوحدة على 4 مقاعد أو لن جتتاز نسبة احلسم، بينما ال تتجاوز قائمة "معا" نسبة احلسم.

وبــرؤ ية" مــدى الكرمل " فــإن النتائــج للقائمتني العربيتــن­ي (املشــتركة واملوحــدة) تتعلــق بعاملني مركزيني:

األول: نســبة املصوتني في االنتخابــ­ات من اجملتمع الفلسطيني: تشــير جتربة املشــاركة في االنتخابات إلــى أنه منذ التســعيني­ات تراجعت نســبة التصويت في انتخابات الكنيســت ووصلــت ذروة االمتناع في انتخابات الكنيســت عام 2013 لتصل إلى 50 % فقط. وارتفعت مجددا بعد تشكيل القائمة املشتركة عام 2015 لتصــل إلى حوالــى 63 % وتراجعت مــرة اخرى في انتخابات الكنيست في نيسان عام 2019 عندما انشقت القائمة املشتركة، لترتفع مجددا في الدورتني املتتاليتن­ي (أيلول 2019 وآذار )2020 بعد عودة القائمة املشــتركة موحدة من جديد، ووصلت في االنتخابات األخيرة إلى ‪. % 65‬

وعلى غرار حتليالت أخرى يرى "مدى الكرمل" أيضا أن رفع نســبة التصويت جاء بفعــل التحريض الذي شنه بنيامني نتنياهو على القائمة املشتركة واجلماهير الفلســطين­ية في الداخل الذي قوبل بخطاب املشتركة املتمثل بقدرتها على إســقاط نتنياهو في االنتخابات، معتبرا أن نســبة التصويت املرتفعة باإلضافة إلى هذا اخلطاب ســاهما في حصول القائمة املشــتركة على 15 مقعدا في دورة االنتخابات األخيرة.

أمــا العامل الثانــي فهو نســبة التصويت لألحزاب الصهيونيــ­ة: تراجعــت نســبة التصويــت لألحزاب الصهيونّية بشــكل ثابت منذ انتخابات عام 6991ومنذ منتصــف التســعيني­ات وحتــى دورة االنتخابات لم تتجاوز نسبة التصويت لهذه األحزاب الـ 30 % .

ويســتذكر املركز أنه في االنتخابات األخيرة وصلت نســبة التصويت لألحزاب الصهيوينــ­ة أدنى معدل في تاريخ التصويت العربي للكنيســت، حيث وصلت إلى أقل من 15 % .ومنذ تشكيل القائمة املشتركة عام ،2015 سجلت األحزاب الصهيونية أعلى نسبة تصويت لها في اجملتمع العربي في انتخابات أيلول/ ســبتمبر 2019 في أعقاب االنشقاق في القائمة املشتركة .

اليسار الصهيوني

وحصل حزب اليســار الصهيوني "ميرتس" وحده في انتخابات (أيلول/ســبتمبر )2019 علــى 40 ألف صوت، مما انقذ احلزب من السقوط، وتتوقع استطالعات معمقة أن عــدد الذين قالوا أنهم ســيصوتون لـــ "ميرتس" في االنتخابات املقبلة حتى اآلن هــو02 ألف صوت، ويتوقع حزب "ميرتس" أن تكون 40 % من األصوات للحزب في االنتخابات من اجملتمع العربي بشــكل يتالءم مع وجود مرشــحني عربيني في املكان الرابع واخلامس وهما غيداء ريناوي وعيساوي فريج.

وينبه "مــدى الكرمل" أن بعض األحــزاب الصهيونية حرصت على إدراج مرشــحني عرب في صفوفها، ال سيما حزبــي العمــل، والليكود، فضــال عن التوجــه والعمل املكثف ْيــن للجمهور العرب ّي، ال ســ ّيما حتــركات نتنياهو للحصــول على أصوات الناخب العربــي بعد انتقاله من اســتراتيج­ية االســتعدا­ء لالحتواء. ويتابــع في ورقة التقدير "إذا اعتمدنا على جتربة انتخابات نيسان ،2019 فــإن األحــزاب الصهيونية قــد حتصل علــى 30 ٪ من األصوات العربية.

ثالثة استنتاجات

ويخلــص املركــز لالســتنتا­جات التالية بنــاء على حتليل أمناط التصويت في اجملتمع الفلســطين­ي، ونتائج االنتخابات في الدورات السابقة إلى التوقعات التالية:

أوال: مــن املتوقــع أن تتراجــع نســبة التصويت في اجملتمــع الفلســطين­ي مقارنة مــع نســبة التصويت في دورة االنتخابات الســابقة، وإذا أضيفــت حالة اإلحباط السياســي، وجائحة كورونا ورمبا حالة الطقس، وتفكك القائمة املشــتركة فإن نســبة التصويت قد تكون شبيهة بنســبة التصويت في دورة االنتخابــ­ات في أيلول ،2019 ورمبا تصل إلى 50 % كما كانت في انتخابات الكنيســت عام .2013 وتشــير االســتطال­عات الى أن 52 % فقط من مصوتي القائمة املشــتركة في انتخابات الكنيست الـ 23 ينوون التصويت لها مرة أخرى في االنتخابات املقبلة في الشهر املقبل.

ثانيا: مــن املتوقع أن يتراجع متثيل القوائم العربية من 15 إلى 8 مقاعد في حالة ســقوط القائمة العربية املوحدة، أو إلــى 11-10 مقعــًدا في حالــة عبور القائمــة املوحدة نسبة احلســم. ثالثا: من املتوقع أن تزداد نسبة التصويت لألحــزاب الصهيونية، ولكن ليس باملعــدل الذي تتوقعه هذه األحــزاب، فخيار االمتناع عــن التصويت لدى أناس صوتوا ســابقا ســيكون اخليار األول وليــس التصويت لألحــزاب الصهيونيــ­ة، ومــع ذلــك باملقارنة مــع دورة االنتخابات السابقة فمن املتوقع أن ترتفع نسبة التصويت لألحزاب الصهيونية، ولكن من غير املتوقع أن يتجاوز ذلك معدل 03٪ .

 ??  ?? قادة القائمة املشتركة سامي أبو شحادة وأحمد الطيبي وأمين عودة
قادة القائمة املشتركة سامي أبو شحادة وأحمد الطيبي وأمين عودة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom