Al-Quds Al-Arabi

البرلمانية مريم اللغماني: حرب تكسير عظام بين الرئاسات التونسية ... والمشيشي تسبّب في أزمة التعديل الوزاري

«محاولة سحب الثقة من سعيّد إثارة للرأي العام... والغنّوشي فشل في إدارة المجلس»

- تونس «القدس العربي» من حسن سلمان:

اعتبرت البرلمانية التونسية، مريم اللّغماني، أن تونــس تعيــش «حرب تكســير عظــام» بين الرئاســات الثــاث، محملــة رئيــس الحكومة هشــام المشيشــي مســؤولية الأزمــة الحاليــة المتعلقــة بالتعديــل الــوزاري، كمــا اعتبرت أن دعوات ســحب الثقة من الرئيس قيس ســعيد هدفها فقط إثارة الرأي العام، وأشــارت أيضاً إلى أن رئيس البرلمان، راشــد الغنّوشي، لم يكن موفقاً في إدارة البرلمان التونسي.

وقالت في حوار خاص مع «القدس العربي»: « ثمــة حــرب تكســير عظــام بــن الرئاســات الثــاث ولا مصلحة للشــعب فيهــا، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعي­ة تنذر بثورة أو انتفاضــة جديــدة، فــي ظــل تعطــل العمل الحكومي. وأحمل المســؤولي­ة فــي هذه الأزمة، بالأســاس، لرئيس الحكومة هشــام المشيشي وحزامــه السياســي. فهو ارتكب خطــأ فادحاً خــال التعديل الــوزاري الأخيــر، عندما ارتكز على نص تنظيمــي )النظام الداخلــي للبرلمان( وهو أقل علوية من الدســتور )أبــو القوانين(.

وبهــذا، وضــع نفســه فــي مــأزق إجرائــي ودســتوري. ومــن هــذا المنطلق، أدعــم الحوار الوطني الذي تقدم به الاتحاد العام التونســي للشــغل )وهــو طرف محايــد ولا دخــل له في الأزمة( مــن أجل وضــع خارطة طريــق للعمل الحكومــي، فهــذه حكومة بــا رؤيــة واضحة وبلا أهداف، كان همها الوحيد نيل ثقة البرلمان وإرضاء الأحزاب الحاكمة.»

مبادرة جديدة

وكان رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، أعلن أخيراً عــن مبادرة جديدة تهدف إلى حل الأزمة السياســية المســتمرة بين رئيســي الجمهورية والحكومــة، دعــا فيهــا الرئيــس قيس ســعيد إلــى تجميع الفرقــاء لإيجاد مخــرج ومجموعة مــن الحلول عبــر تغليب الحوار وتبــادل الرأي والمشورة حول أوضاع الـــبلاد ومـــا تقتضيه مــن قــرارات، بالتزامن مــع ما تعـــيشه البلاد مــن أزمــات مركبــة، اقتصاديـــ­ة واجتماعـــ­ية وصـحية.

لكــن اللغماني تؤكــد رفضه لهــذه المبادرة، مبــررة ذلك بقولهــا «لأني أعتبر أن من ســاهم فــي هــذه الأزمــة ونصــح المشيشــي بالمــرور بقــوة )فــرض التعديــل الــوزاري علــى رئيس الجمهوريــ­ة( لا يمكنه أن يكون جزءاً من الحل، كما أن الغنوشي هو رئيس حزب حاكم ساهم في هذه الأزمة الدســتوري­ة، وثانيــاً لأن رئيس البرلمــان تجــاوز صلاحياته، فهذه المبــادرة لم نطلــع عليهــا كنــواب ولم يطلــع عليهــا مكتب المجلــس. يعنــي هو يريد الاســتئثا­ر بالســلطة ويريــد أن يكون البرلمان تحــت إمرته، كما كان حزبه تحت سيطرته لمدة تزيد عن ثلاثة عقود.»

وحول أداء حكومة هشــام المشيشــي فيما

يتعلــق بأزمــة كورونــا والوضــع الاقتصادي والاجتماعي، قالت اللغماني: «رئيس الحكومة كانت له الفرصة التاريخية ليكون أقوى رئيس حكومــة بعد الثــورة، وكنــت قد منحتــه ثقتي سابقاً، ولكني سحبتها منه ولم أصوت لصالح التحوير الوزاري، وأعتقد أنه فشــل في مهمته، وخاصة فيما يتعلق بالتعامل الأمني المفرط مع المتظاهرين ضد حكومته والمعبرين عن غضبهم إزاء الأوضــاع الاجتماعيـ­ـة والاقتصادي­ــة المتدهورة. كما أن تعامل الحكومة مع أزمة وباء كوفيــد ضعيف جداً، فقد لاحظنــا أن القرارات الارتجاليـ­ـة التي تأخذها كل مرة تزيد من تأزيم الوضع الاقتصــاد­ي، خاصة أن الحجر إلزامي فقــط على المقاهــي والمطاعم، أما بقيــة المرافق فقد شاهدنا انفلاتاً كبيراً فيها.»

وأضافــت: «أمــا عــن الجانــب القانونــي والدســتور­ي فيمــا يتعلــق بأزمــة التعديــل الــوزاري، فبالرغــم مــن محــاولات المشيشــي إيجاد حــل، لكن في كل مرة يزيد الوضع تأزماً بتخبطــه، فتــارة يســتدعي خبــراء وأســاتذة قانــون دســتوري، وتــارة يراســل المحكمــة الإداريــة، وهو ما زادنا يقينــاً بأنه ليس الرجل المناســب في المكان المناسب، وأنه وقع ضحية الأحــزاب الحاكمــة والحــزام البرلمانــ­ي الذي طمأنــه ظاهــراً، وباطناً أراد الــزج به في حرب تصفية حســابات ســوف يكون فيها الخاسر الأكبــر، ولذلك أمضيت شــخصياً على عريضة ســحب الثقــة مــن الحكومــة، وكذلــك رئيــس البرلمــان الــذي بدوره فشــل في إدارة شــؤون البرلمــان، واســتغل الســلطة التي منحهــا إياه زملاؤه )سلطة تسييريه للبرلمان لا غير.»)

إمكانية «سحب الثقة»

وكانــت أطراف سياســية عــدة لّمحــت إلى إمكانية «سحب الثقة» من الرئيس قيس سعيد، معبــرة أنــه اتخــذ قــرارات اعتبرتهــا مخالفة للدستور، وخاصة فيما يتعلق برفضه للتعديل الوزاري الأخير.

وعلقت اللغماني علــى ذلك بقولها: «دعوات ســحب الثقة مــن رئيــس الجمهوريــ­ة لا معنى لهــا، وهــي فقط لإثــارة الــرأي العــام، لأن كل قارئ للدســتور يعلم أن «الخطأ الجسيم» ليس المجلس مــن يحدده، بــل المحكمة الدســتوري­ة. وفي ظــل غياب المحكمة الدســتوري­ة تبقى هذه الدعــوات غيــر جديــة وعبثية، والغــرض منها خلق أزمة وتعزيز الصراع بين رأســي السلطة التنفيذيــ­ة، وبــن رئيس الجمهوريــ­ة ومجلس النواب». ويمكن لأغلبيّة أعضاء البرلمان المبادرة بلائحة معلّلة لإعفاء رئيس الجمهوريّة من أجل الخرق الجسيم للدّستور ويوافق عليها المجلس بأغلبيّة الثّلثين من أعضائه، وفي هذه الصّورة تقع الإحالــة إلى المحكمة الدّســتوريّة للبتّ في ذلــك بأغلبيّة الثّلثين من أعضائها، وفق الفصل 88 من الدستور التونسي.

وحــول الحــراك الاجتماعــ­ي الذي تعيشــه تونس، قالت اللغماني: «قلنا سابقاً إن ميزانية الدولــة هــي ميزانيــة بــا رؤيــا أو روح، وهي ميزانية التداين وزيادة تفقير الشعب، وحارنا مــن غضــب الشــعب وخاصــة الشــباب الذي أُغلقت في وجهه جميع الآفاق، من باب انتداب فــي الوظيفــة العمومية )منذ عــام 2017( ومن بــاب خلق مواطن شــغل واســتثمار، وزاد في تفاقم الوضع انتشــار وباء كورونا في بلادنا وغلاء الأســعار. ومع الأسف، فإن الحكومة لم تتخذ التدابير اللازمة لحماية الطبقة الوســطى التي هي بدورهــا في طريقها للاندثار بســبب غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار.»

وتعيــش تونس حراكاً متواصلاً منذ أشــهر يطالب بالتشغيل والتنمية وخاصة في المناطق المحرومة، إلا أن هذا الحراك اتخذ طابعاً جديداً بعد محاولة اســتغلاله من قبل بعض الأطراف السياســية، فضلاً عن وقوع عمليــات تخريب وإغــاق بعض مواقــع الإنتاج، وهو ما ســبّب تراشقاً كبيراً بين الائتلاف الحاكم والمعارضة.

 ??  ?? البرلمانية مريم اللّغماني
البرلمانية مريم اللّغماني

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom