إلى أوروبا «المتخاذلة»: الفلسطينيون لا يحتاجون خيامكم بل اطردوا «دولة الأبرتهايد» من أراضيهم
■ إن تخــاذل الاتحــاد الأوروبي يظهــر بكامل عاره مرة أخــرى: هو جيد في إعطاء الصدقات للفلســطينيين والتســهيلات في موضوع ســلطة القانون، وهو فاشل سياســي في وقف خطة إســرائيل لتجميع الفلسطينيين في محميات في الضفة الغربية وإخلاء وتخصيص معظم الأراضي لليهود. أين ســيكون الاتحــاد الأوروبي عندما سيتعزز من يؤيدون الكهاني ايتمار بن غبير والتهجيري طلق اللسان بتسلئيل سموتريتش، مثلما يتوقع حدوثه حسب مواقف الشباب الأصولي والمتدين ضد العرب؟ ما الذي ســيفعله الاتحاد عندما ســيطبق هؤلاء تهديداتهم بطرد الفلسطينيين «غير المخلصين لإسرائيل» إلى خارج حــدود البلاد الكاملة؟ هل سيرســل منظمات المســاعدة الخاصة به كي توزع الخيام على الفلســطينيين وتعلمهم كيف تكون النظافة في الظروف الصحراوية؟
أمس، للمرة الخامسة في هذه السنة، والسادسة منذ تشرين الثاني 2020، هدمت قوات الإدارة المدنية والجيش وصادرت مباني في تجمع خربة حمصة في شمال الغور. الغنيمــة هذه المــرة هي 12 خيمــة، 5 منها اســتخدمت كحظائــر، 7 حظائر مكشــوفة و4 صهاريــج لنقل المياه، و4 لتخزين المياه، وعدد من الخيــام التي لم يتم تركيبها بعد. إسرائيل تطالب باقتلاع هذا التجمع والانتقال نحو الغرب، إلى محمية خصصتها لــه. وذلك لتمكين الجيش من التــدرب، لكن الحقيقــة -كما علمتنا تجربــة الـ 73 ســنة، أنه إخلاء نقل مزيد من الأراضي لليهود. وفي هذه الحالة، لمســتوطنات «روعي» و»بكعوت» التي يقع تجمع حمصة بينهما. الكثير من المباني التي دمرت أو صودرت، هي تبرع مــن دول أوروبية، وقد زار ممثلوها المكان ثلاث مرات.
ممثليــة الاتحــاد الأوروبي في القدس ســبق وأبدت رأيها بأن الأمر يتعلق بتهجير قسري، الأمر الذي يخالف القانــون الدولي: مثل الــذي تم تنفيــذه والذي يخطط لتنفيذه في جنوب الضفة الغربية. ومثل الذي يتم تنفيذه بشــكل يومي على أيــدي الأذرع المخصخصــة للجيش والإدارة المدنية – بؤر استيطانية تزداد على شكل مزارع لرعاة الأبقار المسلحين والعنيفين، والتي تقف من ورائها حركة المصادرة «أمانة». المدير العام الخالد، زئيف حيفر، أكد أول أمــس على ما كان واضحاً منذ زمن لكل ناشــطة في «تعايش» وفي «محســوم ووتش» من ناحية ســرقة الأراضي الفلسطينية والدفع قدماً بالتهجير. هذه المزارع أكثر نجاعة من البناء في المســتوطنات )هجار شــيزاف «هآرتس» 2/22.)
خطة المحميات الإســرائيلية معروفــة، وهي مخالفة لسياسة أوروبا الرســمية. وفي العشر سنوات الأخيرة يتم تســريعها بشــكل علني وبدون خجل. لا ينبع فشل أوروبا فــي وقفها من مخاوف كورونا أو ضعف داخلي أو اختلاف في الآراء بين هنغاريا وفرنســا، ولكن الأمر يدل على عدم اهتمام أوروبا بــأن الكولونيالية الأوروبية من القرن التاسع عشر ما زالت على قيد الحياة في البلاد التي تقع بين البحر والنهر. في نهاية المطاف وخلافاً لإسرائيل، فإن مكانة الفلسطينيين الدولية ضعيفة جداً ولا سند لهم من دولة عظمى أو قوة اقتصادية ذات أنياب.
صحيح أن الإسرائيليين اليهود الذين هم في شمال تل أبيــب أو في «ديمونة» أو في «مشــمار هعيمق» لا يعنيهم أن جيشــهم وأقاربهم وأصدقاءهم وهم أنفسهم ينفذون يومياً عملية تهجير صغيــرة معينة ويضمنون بمدافعهم أن محمية غزة ســتبقى معزولــة ومفصولة. كيف يمكننا معرفة ذلك؟ شــاهدوا القنوات الإخباريــة وافحصوا ما الذي يتمتع بشــعبية من بين المنشــورات والتغريدات، وستشاهدون كم هم قلائل الإســرائيليون الذين يقفون إلى جانب الفلســطينيين أمام من يفترسونهم. ولكن من أجــل ذلك، هناك قانــون دولي ومواثيق حقوق إنســان وأبحــاث تاريخيــة واعتــذارات أوروبية علــى جرائم الماضي، من أجل منع تكرار حدوث كوارث أخرى، من فعل الإنسان والسياسة والمصالح الاقتصادية.
ليس سوى عقوبات سياسية واقتصادية مؤلمة تفرضها أوروبا هي ما تعلم الجمهور اليهودي – الإســرائيلي بأنه لا يســتطيع التمتع بملــذات عالمين: الحصــول منها على دعم غير مشروط كـ «ضحية واســتغلال جماعي أبدي» لمشــروع الطرد والإبادة الذي نفذ ضدها في الثلاثينيات والأربعينيات، وفي الوقت نفســه هندســة مشروع طرد ومصادرة مستمر وطويل.