Al-Quds Al-Arabi

أمام اتفاق «متوقع» مع إيران: هل يذهب نتنياهو إلى خط مناكف لبايدن؟

«الوكالة» تشتري الوقت برقابة لـ3 أشهر وإسرائيل تخشى «اليورانيوم المعدني» وتطالب الإدارة الجديدة بـ«ترامب2»

- عاموس هرئيل

■ لقــد حققــت الزيــارة الخاطفــة لمديــر عــام الوكالة الدوليــة للطاقــة النوويــة النتائــج المتوقعــة. أبلــغ المدير العام، رفائيل غروســي، عن التوصل إلى اتفاق مؤقت مع إيــران، وســيتمكن مراقبــو الوكالة التابعة لــأمم المتحدة مــن مواصلة أعمال الرقابة في المنشــآت النووية الإيرانية لثلاثة أشهر أخرى.

تم التوصــل إلــى الاتفــاق بســرعة كي يســبق قانوناً صــادق عليه برلمــان إيران، الذي يمكــن أن يدخل إلى حيز التنفيذ اليوم. فرض القانون قيوداً على نشــاطات الرقابة وكان يمكنــه أن يمنع زيارات المراقبين المفاجئة للمنشــآت المشبوهة. في الأشهر الأخيرة، اتخذت إيران عدة خطوات أخــرى فيها خــرق للاتفاق النووي، الــذي وقعت عليه مع الدول العظمى فــي 2015. وهي خطــوات اتخذت رداً على العقوبــات التي فرضتها الولايات المتحدة، بعد انســحاب إدارة ترامب من الاتفاق في 2018.

اعترف غروسي أن الاتفاق الجديد بين الوكالة الدولية للطاقــة النوويــة وإيران يقلص نطــاق الرقابــة، لكنه قال إن الاتفــاق كان كافيــاً لضمان رقابة مرضية في الأشــهر الثلاثــة القادمة. بكلمــات أخرى، الوكالــة الدولية للطاقة النوويــة اشــترت الوقــت لاســتئناف المفاوضــا­ت بــن الولايــات المتحدة وإيــران حول عودة أمريــكا إلى الاتفاق النووي. وإيران كســبت أيضــاً، فخطواتهــا العلنية تحث إدارة بايــدن على العودة إلى طاولة المفاوضات كما أرادت منذ البداية.

الإدارة الأمريكيــ­ة الجديــدة لــم ترفع الســرعة بعد في موضوع إيران. الرئيس الأمريكي ومســاعدوه ينشــغلون جــداً بالشــؤون الداخليــة، وعلى رأســها تســريع عملية التطعيم ضد كورونا وبلورة المحفزات للنهوض بالاقتصاد الأمريكي. في الساحة الداخلية سبق وسجل إنجاز واحد فقط، هو التوقيع على اتفاق جديد مع روســيا حول تقييد ترســانة الصواريخ النووية في الدولتين. هناك ســاحات

ملحة أخرى، على رأســها أفغانســتا­ن، التي تعهد الرئيس السابق ترامب بأن يخرج منها آخر الجنود الأمريكيين.

علــى الأغلب، تنطلــق الإدارات الأمريكيــ­ة الجديدة في نهايــة الربيــع، بعــد أداء الرئيس الأمريكــي لليمين في 20 كانــون الثانــي. لكــن الإدارة الحاليــة لم تعــن بعد جميع المناصــب فــي وزارة الخارجية ووزارة الدفــاع، التي جزء منها مشروط بجلسات استماع ومصادقة في الكونغرس. وبالتــواز­ي مع القوى الداخلية، يبــدو أن وزارة الخارجية في هذه الأثناء ســتعطى في عهد بايــدن وزناً أكبر مقارنة مــع مجلس الأمــن القومي. الممثــان الخاصــان للمنطقة، روب مالي )الشؤون الإيرانية( وهادي عمار )المفاوضات بين إسرائيل والفلسطيني­ين( يخضعان لوزارة الخارجية.

لا تملك إدارة بايدن حتى الآن وقتاً تضيعه، فالانتخابا­ت الرئاســية فــي إيران ســتجري فــي حزيران المقبــل. ومن المتوقع أن يطلب الأمريكيون التوصل إلى اتفاق جديد قبل ذلك. نشر رئيس الحكومة نتنياهو في نهاية الأسبوع بياناً بحسبه تتمسك إسرائيل بالتزامها بمنع إيران من التوصل إلــى ســاح نــووي، ولــم يتغيــر موقفهــا بشــأن الاتفاق النووي. «إســرائيل تؤمن بأن العودة إلى الاتفاق السابق ســتمهد طريق إيران إلى ترســانة نووية. تجري إسرائيل حواراً متواصلاً مع أمريكا بهذا الشأن» صرح نتنياهو. في الحقيقة، يريد نتنياهو من بايدن التمســك بمواقف ترامب وبحملة استخدام «أكبر قدر من الضغط على إيران. هذا لن يحدث، وهل غيره يدرك ذلك.

إن الجهــات المهنيــة فــي إســرائيل قلقــة مــن ازديــاد خطوات إيران الاســتفزا­زية، التي تدفع قدماً بشكل فعلي بالمشروع النووي. وكما نشــر في «هآرتس» في الأسبوع الماضي، فإن جهاز الاســتخبا­رات في الجيش الإسرائيلي قلق من انشــغال إيران مجدداً بإنتاج اليورانيوم المعدني، وهــي خطوة ســتكون لها تأثيــرات ضارة تتعلــق بالدفع قدماً بالجوانب العســكرية للمشــروع )إنتاج رأس نووي متفجر(.

تطمح طهران، كما يتبين من التصريحات الأخيرة لوزير خارجيتهــا محمد ظريف، إلــى رفع كامــل العقوبات التي فرضهــا ترامب مقابل وقــف الخروقــات الإيرانية. وبعد ذلك، عودة أمريكية ســريعة إلى الاتفاق النووي. حســب الإشارات الأولية من واشنطن، يبدو أن الإدارة تسعى إلى التركيز على المســألة الأساســية وهي الذرة، وعدم إعادة فتح حوار في المســائل الأخرى التي تقلق إسرائيل والتي تجاهلها الاتفاق الأصلي، منهــا: تقييد برنامج الصواريخ الإيرانيــ­ة، وتورط طهــران في عمليــات تخريبية وإرهابية في المنطقة. إن احتمالية حصول الرئيس بايدن من الزعيم الأعلــى في إيران، علي خامنئي، علــى اتفاق يلبي توقعات إســرائيل، ضعيفــة جداً. فــي أفضل الحالات، ســيصمم الأمريكيــ­ون على تمديد ســريان الاتفاق بصــورة تصعب على إيران العودة إلى المشروع في العقد القادم.

أمس، جرى نقاش أولي لدى نتنياهو في منتدى واسع حول سياســة إسرائيل بشأن المسألة الإيرانية. هذا حدث بعد تأجيلات كثيرة وتوســات متكررة مــن وزير الدفاع، بنــي غانتس، الــذي أجرى في الســابق خمســة حوارات مــع كبار رجال الأمــن. ولكن نتنياهو وهو على بعد شــهر من إجــراء انتخابات قد تكون حاســمة، لا ينوي تقاســم الســيطرة على دفة السياســة فيما يتعلق بإيران. إنما هو على وشــك طرح خط انتقادي ومناكف أمــام الأمريكيين. ولكن رغم تلويح إســرائيل الجديد بالخيار العسكري، من المشــكوك فيــه أن يتحقق ذلك. نتنياهو يعــرف أنه لا يملك ســوى أوراق مســاومة محدودة في اللعبة الجديدة التي فتحها إزاء بايدن.

بشــكل عام، إن خطابه المثيــر، الذي يبث أجواء من يوم القيامــة الآخذ في الاقتراب، يختــار الآن تكريس المزيد من الوقت لنضاله ضد جهاز القضاء في إســرائيل. وبطريقة ما، لم يعــد التهديد الإيراني يحتل المــكان الأول في قائمة كوابيس نتنياهو.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom