Al-Quds Al-Arabi

تناولت إيران و«إبراهيم» والموضوع الفلسطيني: كيف يمكن تقييم 60 دقيقة في مكالمة بين بايدن ونتنياهو؟

- زلمان شوفال – – –

■ كانت المكالمــة التي تلقاهــا رئيس وزراء إســرائيل بنيامــن نتنياهو هــي أول مكالمة يجريهــا الرئيس بايدن مع زعيم شرق أوســطي. لم تكن مكالمة مجاملة أو تعارف، فالرجلان صديقان قديمان، بل كانت بحثاً سياســياً جدياً امتد لســاعة بين زعيمين حليفين فــي مواضيع على جدول أعمال الدولتين. وعلى حد مــا قاله البيت الأبيض، تناولت المكالمة «تعزيز العلاقات والتعاون بين الدولتين مع التشديد على مواضيع أمنيــة إقليمية بما في ذلك إيران». كما بحثت أيضــاً «اتفاقات إبراهيم» بين إســرائيل والــدول العربية وتأييد بايدن لها شــكل ليس تأكيداً على سياسة نتنياهو وترامب في هذا الشأن فحســب، بل إشارة إلى طهران بأن الحلف الإسرائيلي العربي حي قائم.

والموضوع الفلســطين­ي هــو الآخر طرح فــي هوامش الحديث، ومع أن الإدارة الجديدة تتمسك بصيغة الدولتين، نفهم بأن ليس في نيتها المبادرة في المســتقبل القريب إلى خطوة نشطة من المفاوضات، بل وتركز على خطوات تخفف حدة بؤر الاحتكاك بين إســرائيل والســلطة الفلسطينية. وأعلــن هادي عمرو، رجــل وزارة الخارجية الذي عمل في هذا الموضوع في الماضي أيضاً، وعين لمعالجة هذا الشــأن، بأن هدفه «تحســن الوضع في الضفة الغربية وغزة وبناء الثقة بين الطرفين .»

وكان الموضوع الأساس والعاجل، سواء في مكالمة بايدن ونتنياهو أم في الســاحة السياسية الأمريكية للعموم، هو الاتفاق النووي مع إيران. ومع أن الحديث في هذا الموضوع دار هو الآخر بروح طيبة، فمشكوك أن تكون معظم العوائق أزيلت فيه. موقف إســرائيل واضح: الاتفاق الأصلي سيئ وخطير ســواء من ناحيــة ما كان فيه أم مــن ناحية ما هو ناقص فيه. فقد سمح لإيران بالاندفاع نحو قنبلة نووية بعد بضع ســنوات ومواصلة خرقه في أثنائه؛ إذ ليس أدل على موقف النشاط العدواني والتآمري مثل الإرهاب وتطلعات الهيمنة في الشرق الأوسط وتطوير الصواريخ الباليستية. لقد كانت إســرائيل محقة إذ أوضحت موقفها منذ الساعات الأولى لــإدارة الجديدة، وهكذا وضعت نفســها كجهة لا يمكن لإدارة بايدن تجاهلها، بخلاف إدارة أوباما في حينه. وكما علم، كان رئيس الوزراء سيعقد الأسبوع الماضي بحثاً خاصاً في المسألة الإيرانية، لكنه ألغاه في أعقاب مكالمته مع الرئيس بايدن. فهل في ذلك مؤشــر على أن المكالمة ضمنت أساساً متفقاً عليه في المسألة الإيرانية، أم هو العكس- أن المواقف بين إســرائيل والولايات المتحدة متصادمة لدرجة أن مثل هذا البحث كان من شــأنه أن يفاقم الخلافات أكثر وهي نتيجة لا ترغبها إسرائيل؟

تتفق محافل في أوساط الرئيس بايدن على التطلع إلى اســتئناف الاتفاق النووي، رغم وجود فوارق معينة حول طبيعته ومداه المرغوب فيهما وســبل تحقيقه. فالمستشار الأمني، جاك ساليبان، يؤيد مطلب توسيع الاتفاق الأصلي كــي يتضمن مواضيــع مثل الصواريــخ وخروقات حقوق الإنســان في إيران، ولكــن مع ذلك، فإن التفســير العملي لرســالة وزير الخارجية الأمريكي أنتونــي بلينكن التي ســتوافق «الولايات المتحــدة بموجبها على كل وســاطة أوروبية تدفــع إلى الأمام بالمفاوضات على اتفاق نووي» هو أن واشنطن تؤشــر بأنها لا تضع في وجه ذلك شروطاً مســبقة. صحيح أن الولايات المتحدة لــن تلغي العقوبات في هذه المرحلة مثلما تطالب طهــران، ولا الحظر على بيع الســاح أيضاً، ولكن قد يكون هذا موقفاً أولياً فقط. فمجرد توجه واشــنطن إلى أوروبا فــي هذا الشــأن يبعث على التساؤلات في ضوء تطلع معظم دول القارة للعودة بسرعة إلى العلاقات الاقتصادية مع إيران. وثمة حدث يشــير إلى نوايا الإدارة وهو إطلاق الميليشــي­ا العراقية المدعومة من إيران الصواريخ نحو قاعدة عسكرية أمريكية في أربيل في نطاق الحكم الذاتي الكردي في العراق. فهل ستمر واشنطن على ذلك مرور الكرام؟ عدم الرد سيفسر بالتأكيد في طهران بأنه حسم أمريكي للعودة إلى الاتفاق بكل ثمن.

وختاماً، كانت مكالمة بايدن ونتنياهو بداية طيبة، ومن الواجب رفع علاقات إســرائيل والأمم المتحدة إلى مســار إيجابي، ولكنها ليست وصفة مضمونة لإزالة كل الخلافات بينهما.

معاريف 2021/2/23

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom