Al-Quds Al-Arabi

ميليشيات إثيوبية تنهب محاصيل مزارعين سودانيين... وإريتريا تدعو لحل سلمي بين البلدين

محلل: آبي أحمد يحاول إرضاء قومية الأمهرا وتصعيده يأتي بسبب قرب الانتخابات

- لندن ـ «القدس العربي» ـ وكالات:

بعد ســاعات على تصريحــات تصعيدية بين الســودان وإثيوبيا بشأن الخلاف الحدودي، نهبت ميليشيات إثيوبية محاصيل مزارعين ســودانيين. وفيما اعتبر خبير سوداني، أمس الأربعاء، أن الحديث عن «اللجوء إلى التحكيم الدولي غير موفق» دعت إريتريا لحل سلمي بين البلدين.

وأفاد تقرير إخباري ســوداني بأن «ميليشــيات إثيوبية مدعومــة مــن جيش بلادهــا» نهبــت محاصيــل مزارعين ســودانيين بعد أن طردتهم بقوة الســاح من الأراضي التي استردها الجيش السوداني مؤخرا.

ونقل موقع «ســودان تريبيون» عن مصادر محلية القول إن الميليشــي­ات الإثيوبية توغلت مرة أخرى في مســاحات اســتردها الجيش السوداني في الفشقة الكبرى وعمدت إلى إطلاق وابل مــن الرصاص الكثيف ما أثــار حالة من الرعب الشديد وسط المزارعين.

وأفادوا بــأن الميليشــي­ات الإثيوبية توغلــت هذه المرة وبرفقتها مزارعون من قوميتــي الأمهرا والكومنت، وطردوا العمــال والمزارعين الســوداني­ين بإطلاق الأعيــرة النارية والذخيرة المضيئة في الهواء.

في الســياق، دعا الرئيس الإريتري، أســياس أفورقي، إلى حل سلمي للنزاع الحدودي بين جارتي بلاده، السودان وإثيوبيــا، معربا عن تفهمه لموقف الخرطوم بشــأن بســط سيادتها على أراضيها.

جاء ذلك حسب رســالة خطية من أفورقي تسلمها رئيس الــوزراء الســوداني، عبد اللــه حمدوك، خــال لقائه في الخرطوم مع كل من وزير الخارجية الإريتري، عثمان صالح، ومستشــار الرئيس الإريتري، يماني قبراب، حســب بيان لمجلس الوزراء.

ولم يذكر البيان موعد وصول المســؤولي­ن الإريتريين ولا مدة زيارتهما.

وأعرب أفورقي، في رســالته، عن قلقــه إزاء الوضع على الحدود الســوداني­ة الإثيوبية، مع تأكيــده على تفهُّم بلاده لموقف السودان في حقه ببســط سيادته على أراضيه، وفق البيان.

ليست طرفاً

وأكد، حســب البيان، أن إريتريا ليســت طرفا في التوتر الحدودي، وأنها تدعو للحل السلمي بين الجانبين، بما يخدم السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.

يأتي ذلك عقب حرب تصريحات بين البلدين، حيث جددت إثيوبيا، الثلاثاء، مطالبتها الســودان بســحب جيشــه من أراض ســيطر عليها في منطقة الفشقة في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020؛ لإنهاء النزاع الحدودي بالحوار ودون صراع، وردت الخرطوم سريعاً بالتشديد على عزمها عدم الانسحاب من أراضي الفشقة.

ويطالب السودان بوضع العلامات الحدودية مع إثيوبيا بناء على اتفاقيــة 15 مايو/ أيار 1902، التي وقعت في أديس أبابا بين إثيوبيا وبريطانيا )نيابة عن السودان( فيما ترفض أديس أبابا الاعتراف بتلك الاتفاقية، وتطالب بالحوار لحسم الخلافات حول الحدود.

وتفاقــم النزاع الحدودي بــن إثيوبيا والســودان، منذ إعــان الخرطــوم فــي 31 ديســمبر/كانون الأول الماضي، ســيطرة الجيش على كامل أراضي بلاده في الفشقة؛ ما نتج عنه توترات امتزجت باشتباكات بين الطرفين.

واللافــت أن هذا الســجال بــن الخارجية الســوداني­ة ونظيرتهــا الإثيوبيــ­ة يتزامن مع دخول وســاطات إقليمية ودوليــة على الخط، آخرها الاتحــاد الأفريقي بهدف خفض التوتر، حيث وصل إلى الخرطوم، الخميس، مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد الحســن ولد لبات، والتقى قادة الســودان ووزيرة خارجيتهــا مريم المهدي، بهدف خفــض التوتر بين السودان وإثيوبيا.

وتســلمت وزيرة الخارجية الســوداني­ة السبت، رسالة من رئيس مفوضيــة الاتحاد الأفريقي موســى فكي، تتعلق بتخفيف التوتر مع إثيوبيا بشأن الحدود وسد النهضة.

وحسب محللين ســودانيين، فإن التصعيد الجديد يعود لغياب الحلول لدى الســودان وإثيوبيــا؛ فالأولى في وضع انتقالــي لحكومتها، والثانيــة بانتظار انتخابــات برلمانية قريبة تجعل إمكانية طرحها حلا للأزمة غائبا.

الكاتــب والمحلــل السياســي الســوداني المتخصــص في شــؤون القــرن الأفريقي عبــد المنعم أبــو إدريس، قال للأناضول: «إثيوبيا بدأت في التصعيد من خلال تصريحاتها خلال اليومين الماضيين؛ لسببين أولهما هو مرتبط بالتحضير للموســم الزراعي نهاية مــارس/آذار المقبل، وفي ظل وجود القوات الســوداني­ة يصعب علــى الإثيوبيين مواصلة عملية الزراعة في الفشقة».

وتتميز أراضي «الفشــقة» البالغة مساحتها 251 كم مربع بخصوبتها الزراعية الملفتة، وهي مقســمة إلى ثلاثة مناطق: «الفشقة الكبرى» و«الفشقة الصغرى» و«المنطقة الجنوبية».

وتقول الخرطوم إن «مليشــيات إثيوبية» كانت تستولي على أراضــي مزارعين ســودانيين في منطقة الفشــقة، بعد طردهم منها بقوة السلاح، متهمة الجيش الإثيوبي بدعم تلك العصابات، وهو ما تنفيــه أديس أبابا وتقول إنها «جماعات خارجة عن القانون».

والسبب الآخر لتصعيد التصريحات من الجانب الإثيوبي بشأن النزاع الحدودي مع الســودان، وفق أبو إدريس، هو «اقتــراب الانتخابات الإثيوبية في يونيــو/ حزيران المقبل، وقومية الأمهرا المجــاورة لمناطق النزاع الحدودي هي حليف رئيس لرئيس الــوزراء آبي أحمد علي في الانتخابات؛ لذلك يسعى بكل السبل لإرضائها».

وفــي 16 فبرايــر/ شــباط الجاري، بــدأت فــي إثيوبيا الاســتعدا­دات رســميا لخــوض الانتخابات العامــة المقرر إجراؤها في 5 حزيران / يونيو المقبل، حيث انطلقت الحملات الدعائية للأحزاب المشاركة، حسب وسائل إعلام.

«غير موفق»

وكان عضو مجلس الســيادة الســوداني الفريق ياســر العطا، قال في تصريــح الثلاثــاء: «إذا اضطررنا إلى خيار التحكيم الدولي ســنذهب إليه، لأن كل المســتندا­ت الدولية تؤكد حقنا التاريخي في أراضي الفشقة».

وعلى ذلك علق الخبير الســوداني في شــؤون الحدود، فيصل عبد الرحمن علي طه، بالقول أن «الحديث عن اللجوء إلى التحكيم الدولي غير موفق».

وأضاف لموقع «ســودان تربييون» : «نحن أصحاب حق بموجب الصكــوك ذات العلاقة، نُحرر أرضنــا ونبقى فيها، ولا نحتاج إلى تحكيم أو قضاء دوليين لإثبات ســيادتنا على منطقة الفشقة».

وأشار إلى أن إثيوبيا أقرت بســيادة السودان على كامل منطقة الفشقة، وأن ذلك ورد في «المذكرات التي تبادلها وزيرا خارجية البلدين في 18 يوليو )تموز(1972 والتي نصت على قبول أساســي لتخطيط الرائد جوين على أســاس معاهدة 1902 دون اعتبار لمسألة صحة تخطيطه.»

وبدأ الجيش الســوداني منــذ تشــرين الثاني/نوفمبر الماضي إعادة الانتشــار في مناطق الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى، وقال لاحقا إنه اســترد 90٪ من المساحات التي كانت تحتلها قوات وميليشيات إثيوبية منذ 26 عاما. وتتهم إثيوبيا القوات المسلحة الســوداني­ة بتأجيج الأوضاع على الحدود بالتوغل داخل مناطقها واحتلال أراضيها الزراعية.

 ??  ?? سكان من مدينتي القلابات والمتمة على الحدود بين إثيوبيا والسودان
سكان من مدينتي القلابات والمتمة على الحدود بين إثيوبيا والسودان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom