Al-Quds Al-Arabi

المغرب: حزبان معارضان يدعوان رئيس الحكومة إلى «حماية جيوب المواطنين» وشركة زيوت «تتفهم القلق»

- الرباط ـ «القدس العربي»:

في المــوازاة مع تنامــي الحملــة الداعية إلى مقاطعــة زيت المائدة في المغرب، بســبب الزيادة التــي لحقتها، وجّه حــزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض سؤالاً كتابياً إلى رئيس الحكومة، مطالباً باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، بينما أصدرت الشــركة المنتجة لأحد الزيــوت النباتيــة بياناً حاولت فيــه تبرير تلك الزيادة بارتفاع أســعار المــواد الزراعية الأولية على الصعيد العالمي.

وجاء في المراسلة التي وجهها فريق «الأصالة والمعاصرة» في مجلس النواب إلى ســعد الدين العثمانــي أن المغاربــة فوجئوا بارتفاع أســعار زيت المائــدة دون ســابق إنذار، وهــو ما يعتبر ضرباً للقدرة الشــرائية للمواطنين، التي وصلت إلى مســتوى لا يطاق بسبب الظرفية الاقتصادية والاجتماعي­ــة الناتجــة عــن تداعيــات جائحة «كورونا».

وتســاءل فريق الحزب المعارض عن التدابير المعتمــدة لمراجعــة هــذه الأســعار، وكــذا عن الإجــراءا­ت المتخذة من أجل التصــدي لمثل هذه الممارسات التي قال إنها تضرب في العمق القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة.

فــي الســياق نفســه، دعــا حــزب «التقدم والاشــترا­كية» المعــارض حكومة ســعد الدين العثماني إلى التدخل لحمايــة جيوب المواطنين. وفي بيان صدر على إثر اجتماع المكتب السياسي للحزب، أول أمس الثلاثــاء، أثيرت الزيادة التي عرفتها أســعار الزيوت النباتية، وأضافت أعباء إضافية علــى جيــوب المواطنين. ونبــه البيان الــذي اطلعــت عليه «القــدس العربــي» إلى أن الأمر يتعلق بمادة اســتهلاكي­ة تُعَدُّ من أهم المواد الأساســية بالنســبة للمغاربة. وهو ما يستدعي تدخل الحكومة من أجل إيجاد الصيغ المناســبة، عبر الحوار مــع الُمنتِجين، لضبــط ومراقبة هذه الأســعار والحفاظ على اســتقراره­ا، بما يراعي الأوضاع الاجتماعية المتدهورة للأُسَــر والفئات المغربية الُمستضعفة؛ لا ســيما وأن هذه الزيادات تأتي في ظــل أوضاع غيــر عادية، وفي ســياق الأزمــة الاقتصاديـ­ـة والاجتماعي­ــة المترتبة عن جائحــة كوفيــد 19، بتداعياتهـ­ـا الوخيمة على القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصاً مع تسجيل الفقدان الهام لمناصب العمل، والانخفاض الكبير في دخل الأفراد والأسر.

عقلنة الأسعار

وأثار «القدم والاشــترا­كية» الانتبــاه، أيضاً، إلى الارتفاع المهم الذي شــهدته، مؤخراً، أســعار عددٍ من المواد الاستهلاكي­ة الأساسية، مما يقتضي من الحكومة تحمل مســؤوليته­ا، من خلال إعمال كافة الآليات الُمتاحة، لأجل عقلنة حرية الأســعار وضبطهــا، وذلك بما يأخذ في الاعتبار الصعوبات الاجتماعية التي تواجهها مُعظم الأســر المغربية، يختم البيان.

وتواصلت الحمــات الداعية إلى المقاطعة على صفحات التواصل الاجتماعــ­ي، بعد تداول صور فوتوغرافية لأســواق ممتــازة أعلنت الأســعار الجديدة للزيوت النباتيــة، كما تجددت الدعوات بالتدخــل العاجل لمجلس المنافســة وفتح تحقيق عاجل في زيادة أســعار الزيــوت النباتية، وفي إمكانيــة وجــود توافق بــن الشــركات المنتجة

للزيوت النباتية، وتنزيــل العقوبات اللازمة في حال تم التأكد من ذلك. وعلقت صحيفة «المســاء» أمس فــي افتتاحيتها قائلــة: «إن الزيادة في ثمن إحدى المــواد الغذائية الضرورية بالنســبة إلى المغاربــة في هــذه الظرفية الحساســية أمر غير مفهوم، ولو تحت ذريعــة مبررات التحولات التي تعرفها الســوق الدولية، على اعتبــار أن ملايين المغاربة يعيشون أزمة اقتصادية خانقة، والآلاف منهــم فقدوا وظائفهم بســبب تداعيــات جائحة كورونــا التي أثــرت بشــكل كبير علــى قدرتهم الشرائية».

وأضافت أن «ما لا ينتبه إليه رأس المال اللاهث خلف الربح فقط أن خطوات غير محســوبة زمنياً قد تــؤدي إلى احتقان اجتماعــي، البلاد في غنى عنه، خصوصاً في الوقت الحالي الذي خلفت فيه الجائحة جرحاً عميقاً في معيشــة ملايين المغاربة. رغم أن لا أحد يجــادل في قانونية الخطوات التي تقوم بها الشــركات مــن حين إلى آخــر من أجل الزيادة في أسعار بعض المواد تحت ذريعة ارتباط أسعارها بتقلبات الســوق الدولية، فإن مثل هذه القرارات يجب أن تتم دراسة تداعياتها من جميع النواحي، حتى تلك المرتبطــة بالمصلحة الخاصة الضيقــة، كما حدث من قبل خــال حملة المقاطعة التي كبدت شركات كبرى خســائر بالملايير بفعل قرارات زيادة بســيطة في الأسعار لم تتم دراسة وقعها على المستهلكين.

وتساءلت الصحيفة نفسها عن دور الدولة في هذا الموضوع، مشــيرة إلى أنها «قدّمت استقالتها منذ ســنوات وتركت المســتهلك يواجــه مصيره وحيداً أمام الشركات، بعد أن قامت بتحرير أسعار مجموعة من المواد وإخضاعها لتقلبات الســوق؛ لكن الدولة، ورغــم تحريرها للســوق وتنصلها من المســؤولي­ة، فإنها معنية بالدرجة الأولى بأي احتقان اجتماعي يمكن أن تتسبب فيه قرارات غير مدروسة تصدر في الوقت الخطأ.»

بيان

وأصدرت إحدى الشــركات المنتجــة للزيوت، أمس، بياناً قالــت فيه إنها تتفهم القلق والانزعاج الذي خلفه ارتفاع أســعار زيت المائدة في السوق المغربية خلال الأشــهر الأربعة الماضية.وأوضحت

أن هذه الزيادة راجعة بالأســاس إلى ارتفاع مهم في أســعار المواد الزراعية الأوليــة على الصعيد الدولــي. وأضــاف البيــان الذي اطلعــت عليه «القدس العربــي» إنه منذ أيار/ مايــو 2020، بلغ ارتفاع ســعر الصوجا 80 % وسعر عباد الشمس 90 %. اســتطردت قائلة: «ومراعاة لواجبها في ضمــان تموين الأســواق بمختلف ربــوع المملكة المغربية، في ظل هذه الأزمة الصحية العالمية، فقد تمكنت الشــركة من تأمين مخزون مهــم من المواد الأولية، وذلــك لتفادي حــدوث أي نقص مرتبط بهذه المادة الحيوية، وهذا مــا مكن من تأخير أثر ارتفاع الأسعار العالمية على السوق المغربية.»

واستدركت بالقول: «إلا أنه مع استمرار ارتفاع أســعار المواد الزراعية الأولية، وجدت الشــركة نفســها مضطرة إلى عكس جزء من هذه الزيادات على أثمنة منتجاتها .»

وختمــت بيانها بوعد مفتــوح وغير محدد في الزمان: «حرصاً منها على حماية القدرة الشرائية للمســتهلك­ين المغاربة، فإن الشركة ستواصل بذل قصارى جهدهــا للتخفيف من أثــر تقلب الأثمنة العالمية للمواد الزراعية الأولية.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom