Al-Quds Al-Arabi

النازحون في مأرب يواجهون المجهول مع اشتداد القتال في شمال اليمن

- ■

مــأرب )اليمــن( ـ وكالات: منذ أســبوع، تُصعِّد جماعــة الحوثــي عملياتها العســكرية في محافظة مأرب شــرقي اليمــن، وأعلن قادتها صراحــةً رغبتهم في الســيطرة علــى المحافظة الغنية بالنفط والغاز.

وجاء تصعيد الحوثيين المدعومين من إيران، بعد إعــان إدارة الرئيــس الأمريكي جو بايدن في 16 فبراير/ شــباط الجاري، رفع الجماعة من قوائم الإرهاب، التي أدرجها فيها ســلفه دونالد ترامب.

ويتزامن التصعيد مع رحــات مكوكية يقوم بها مبعوث الأمم المتحــدة الخاص باليمن مارتن غريفيث، ضمن مساعيه للحل السياسي، وكذلك مع جولات مماثلــة للمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ.

ومجــددا، دخل حســن نصر اللــه، أمين عام جماعة «حزب اللــه» اللبنانية حليفة إيران على خط الحرب في اليمــن، من خلال خطاب قال فيه مؤخــرا إن «الحوثيين قادمين علــى نصر عظيم ورسم معادلة جديد .»

وفيما تحتدم المعارك بــن القوات الحكومية وجماعــة الحوثيــن علــى جبهات عديــدة في محافظة مأرب ومحافظة الجوف المجاورة، أضطر آلاف اليمنيين إلى الهرب من نيران المعارك.

ووجد محفوظ عبــده أحمد نفســه مضطرا مرة أخرى إلــى خوض تجربة النزوح المريرة مع عائلته والفرار من مخيم قــرب مدينة مأرب بعد وصول الاشتباكات إلى المنطقة وتقدم المتمردين الحوثيين نحو آخر معاقل الحكومة في الشمال.

ومنــذ عــام ونيّــف، يحــاول الحوثيــون المدعومون من إيران الســيطرة علــى محافظة

مأرب الغنيــة بالنفط بهدف وضــع أيديهم على كامل الشمال اليمني.

وبعد فترة من التهدئة، اســتأنف الحوثيون في الثامــن مــن شــباط/فبراير هجومهم على القوات الحكومية المدعومة من تحالف عســكري تقوده الســعودية في أفقر دول شــبه الجزيرة العربية منذ آذار/مارس 2015.

وللمرة الثانية خلال خمســة أعوام، وجدت أســرة أحمد كغيرها من مئات العائلات النازحة، نفسها مضطرة للفرار من مخيم الزور في صرواح علــى بعد 30 كلم من مدينة مــأرب. فقامت بجمع حاجياتها البســيطة وفرت إلى مخيم في منطقة جو النسيم التي تبعد ثلاثة كليومترات عن مأرب شمال غرب المدينة.

وكانت أســرة أحمــد نزحت عــن منزلها في 2016 من تعز في جنوب شــرق اليمن واستقرت في مخيم الزور قبل أن تضطر الأســبوع الماضي لمغادرته. ويقول محفوظ أحمد الذي جلس داخل خيمة يتشــاركها مع عشرة أشــخاص «كنا نحو 600 أسرة تعيش في مخيم الزور، والآن تشتتت» هذه العائلات.

ويضيف «البعض ذهب للسكن مع أقرباء له. هناك ثلاث إلى أربع أسر تسكن في خيمة واحدة هنا، وأحيانا ســبع عائلات فــي خيمة واحدة. الوضع لا يعلم به إلا الله».

بالنســبة لزوجتــه حورية، فــإن الوضع لا يطاق.

وتقول «نحن نعيش في خيمة واحدة، الحمام داخل الخيمة والمطبخ أيضا. نحن عشــرة أفراد ننام في هذه الخيمة. أسرتان في خيمة واحدة».

وتشــكو حوريــة أن أطفالها لا يســتطيعون التعلم، موضحة «تركوا المدرســة. كنا بخير في السابق وكانوا يدرســون ولكن الآن تركوها. لم نجد المدارس ولا المدرسين ولا نعلم كيف نتصرف من أجل مصلحتهم». وبقيت مدينة مأرب الواقعة على بعــد حوالى 120 كيلومترا شــرق العاصمة صنعــاء حيث يفرض المتمردون ســيطرتهم منذ 2014، في منأى عــن الحرب في بدايتها، لكن منذ عام تقريبا، اقتربت المعارك منها، لا ســيما خلال الأسبوعين الأخيرين.

ولطالمــا اعتُبــرت مدينة مــأرب بمثابة ملجأ للكثير من النازحــن الذين فروا هربا من المعارك أو أملوا ببداية جديدة في مدينة ظلّت مســتقرة لسنوات، لكنهم أصبحوا الآن في مرمى النيران.

وتضم محافظة مأرب وعاصمتها المدينة التي تحمل الاسم ذاته، 140 مخيما للنازحين.

وأعربــت الأمم المتحدة الأســبوع الماضي عن قلقها من تعريض ملايين المدنيــن للخطر جراء التصعيد العسكري في مأرب.

وقال مبعوث الأمم المتحــدة إلى اليمن مارتن غريفيث لمجلس الأمن الدولي إن هجوم المتمردين «يجب أن يتوقف» وحذّر من «كارثة إنســانية» وتعريض «ملايــن المدنيين للخطر، خصوصا مع وصول القتال إلى مخيمات النازحين».

ويشهد اليمن بعد ست ســنوات من الاقتتال علــى الســلطة في نــزاع حصــد أرواح الآلاف، انهيارا في قطاعات الصحة والاقتصاد والتعليم وغيرهــا، فيما يعيش أكثر مــن 3.3 ملايين نازح فــي مدارس ومخيمات تتفشــى فيهــا الأمراض كالكوليرا بفعل شح المياه النظيفة.

في مخيم جــو النســيم، بدأت الأســر التي قدمــت مؤخــرا، بالاســتقر­ار، ولكنها تخشــى

أن يطول القتال ويتوســع. ويفتقــر الموقع إلى أبســط الاحتياجات الأساسية، حسب النازحين ومنظمــات إنســانية. وقالــت المتحدثة باســم المنظمة الدولية للهجرة أوليفيا هيدون «الوضع سيء ومعظم الأســر بحاجة ماســة إلى المأوى والمواد غير الغذائية والميــاه والصرف الصحي والمساعدات الصحية والغذائية .»

وحسب هيدون، نزحت 1048 عائلة من منطقة صرواح وحدها منذ الثامن من شباط/فبراير.

والفــرار ليس بأمر جديد علــى علي التهامي الذي يصف حياته بالصعبة جدا.

ونزح التهامــي في البداية مــن الحديدة في غرب اليمن ثم إلى محافظة ذمار في وسط البلاد قبل النزوح إلى مأرب.

ويقول «واجهنا معيشــة صعبة ثم نزحنا إلى صرواح، ولكن أتتنا مشــاكل الحــرب، بعد ذلك نزحنا إلى مأرب. نحن مستاؤون من الوضع» في بلد يشهد أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم ويواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة.

ويضيــف بحســرة «فاعــل خير تبــرع لنا بالخيمة. أولادي مرضوا من شــدة البرد، لا نملك البطانيات ولا خزانات مياه، حتى الحمامات غير متاحة لنا .»

وأعلنــت الأمم المتحدة، أمــس الأربعاء، عن نــزوح 8 آلاف يمني، خلال الأســابيع الأخيرة، جراء المعارك في محافظة مأرب.

وقالت المنظمــة الدولية للهجرة، في بيان، إن «الأعمــال القتالية المتزايدة في مــأرب، أدت إلى نزوح 8 آلاف شــخص في الأسابيع الأخيرة، مما رفــع إجمالي حالات النزوح فــي تلك المنطقة من البلاد إلى أكثر من 116 ألفا.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom