Al-Quds Al-Arabi

عرّاب الذهب الأسود

-

عرض التلفزيون الســعودي والمحطات الخليجية نبذة عن حياة وزير النفط السعودي السابق، أحمد زكي يماني، الذي وافته المنية هذ الأسبوع في العاصمة البريطانية، لندن، عن عمر ناهز 90 عاماً، حيث ووري الثرى في مقابر المعلاة في مكة المكرمة.

أهمية الراحل، وهذه شــهادة للأجيال، التي لم تعاصره، أنه كان يوما «عراب الذهب الأســود» فقد طور الصناعة النفطية في الســعودية، وكان أول أمين عام يُعين على رأس منظمة أوبك، وأســهم في تطوير قوانــن المنظمة وتعزيز مكانة الدول النفطية الخليجية.

عرف في سبعينيات القرن الماضي أنه مهندس حملة العالم العربي للسيطرة على موارد الطاقة في البلدان العربية، وكان من أقوى المؤثرين في مسيرة منظمة أوبك، التي تنظم سياسات إنتاج وأسعار الطاقة في الدول الأعضاء فيها.

وفي عصر سياسات الطاقة المضطربة، تحدث يماني نيابة عن البلدان العربية المنتجــة للنفط، على المســرح العالمي. ونجــت الصناعة النفطية مــن الثورات المتلاحقة التي جرت في المنطقة، مثل الحروب العربية - الإســرائي­لية، والثورة الإسلامية في إيران وغيرها من الاضطرابات السياسية في المنطقة.

قابلت الراحل عام 1998 فــي لندن وأجريت معه لقاءيــن مطولين لتلفزيون الـ«فايننشــيا­ل تايمز» حيث كنت مقدما لنشرات الأخبار ومعدا ومقدما لبرنامج إقتصادي أسبوعي، كان يتمتع بكاريزما قيادية طاغية وحضورا محببا ووازنا، كشــف في اللقاء حينها أن منظمة «أوبك» انتهت وانتهت معها الحصص منذ ذلك الوقت، وفسر ذلك بشكل مسهب، وتنبأ بما هي عليه المنظمة الآن وضياع مستقبل النفط في المنطقة. وكان له دور كبير في تمتع السعودية ودول الخليج الأخرى بعالم الثروة. وكونــه كان وزيراً للنفط الســعودي لربع قرن من الزمــن، وعاصر عددا من الملوك، كان من بين أقوى الشخصيات وشاهداً على أحداث تاريخية بارزة، منها إعلان دول الخليج ومنظمــة «أوبك» حظر النفط على الولايات المتحدة والبلدان الأخرى، التي كانت تؤيد «إسرائيل» خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.

فقد هدد يماني حينذاك بتفجير آبار النفط الســعودية حــال إقدام الولايات المتحدة على غزو بلاده للسيطرة عليها.

وقد ترك الراحل بصمته في التاريخ كرجل لعب دوراً حاسماً في منظمة أوبك، التــي كانت تهيمن عليها السياســات الاقتصادية للدول الغربيــة، قبل أن يقود الحظر النفطي، الذي سبب أزمة كبيرة للغرب عام 1973.

وختم حياته بإنشــاء «مؤسســة الفرقان للتراث» في لنــدن للمحافظة على الأعمال الإسلامية التاريخية وتعريف العالم بها.

رحم الله الراحل ورحم أيامه، حينما كانت للنفط كلمة وللدول العربية هيبة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom