Al-Quds Al-Arabi

رغم انقسام «المشتركة»: مؤشر الصوت العربي في ارتفاع... والسؤال الكبير «هل سيصوت المترددون؟»

- جاكي خوري

■ فــي الوقــت الذي يفصلنا أقل من شــهر عــن انتخابات الكنيست، تحدث خبراء ومســتطلعو­ن مع «هآرتس»، يجدون صعوبة في الإبلاغ عن معدل تصويــت الجمهور العربي، وهو معدل قد يؤثر على هوية المرشــح لتشــكيل الحكومة القادمة. معظــم مصوتي الجمهور العربــي يؤيدون القائمة المشــتركة و»راعم»، أمــا الأحزاب الأخرى فيتوقــع أن تحصل على 3 – 4 مقاعد من ناخبين عرب.

حسب جميع التنبؤات، ستكون نسبة التصويت في المجتمع العربي أقل من 60 في المئة، حيث تتنبأ الاســتطلا­عات بـ 52 – 56 في المئة. في انتخابات الكنيســت الـــ 23 صوّت نحو 65 في المئة من العرب، وهي زيادة كبيرة مقارنة بانتخابات الكنيست الـ 22 حيث صوت في حينه 59 في المئة. وقبل ذلك، في نيســان 2019، خفض الانقســام في القائمة المشــتركة نسبة التصويت إلى 49 في المئة.

قال البروفيســ­ور أمل جمال، من كلية العلوم السياسية في جامعة تــل أبيب، إن رفع معدل التصويت فــي المجتمع العربي مرهون بدرجة كبيرة بسلوك القائمة المشتركة و»راعم»، حيث إن مصوتــي الأحزاب الأخــرى حددوا هويتهــم . «إذا حافظت الأحزاب العربية على رســائل واضحة وأبرزت نزع الشرعية عنها، الذي تحاول الأحزاب الأخرى ولا سيما الليكود القيام به ضدها، فهذا سيشجع على التصويت»، قال جمال.

«من المحظور الســقوط في شــرك الهجمــات المتبادلة على المستوى الشخصي، لأنه يقود إلى اشمئزاز في أوساط مصوتين كثيريــن محتملين فــي المجتمع العربي، لا ســيما في أوســاط الشــباب الذين يريد كثير منهم مقاطعة الانتخابات»، قال أمل جمال. وحسب أقواله، تبقى إمكانية رفع نسبة التصويت قائمة إذا نقلت الأحزاب رســائل واضحة وركــزت على إبراز الفروق بينها على المستوى السياسي – الاجتماعي، وليس الشخصي. «إذا جرى نقاش عام، حتى في مسائل الدين والمجتمع، فسيحث الأشخاص على التصويت»، أضاف جمال.

بعد إنجاز القائمة المشــتركة في الانتخابات الأخيرة، توقع كثيــرون في المجتمع العربــي تأثيراً حقيقياً أكثــر لممثليهم في الكنيســت. المصوتون خائبو الأمل، الذين هــم الآن مترددون حول مقاطعة الانتخابــ­ات أم لا، يمكنهم العودة مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع والتصويت للقائمة المشتركة لنفس الأسباب التي صوتوا لها من أجلها، كخطوة تحدٍ. في الأسابيع الأخيرة، خاصة عندما أصبح الانقســام فــي القائمة المشــتركة حقيقة واقعة، فإن «المشــتركة» و»راعم» يكثران مــن إجراء الندوات البيتية ويتجنبان الاجتماعات الواسعة. «ليس بسبب كورونا فحسب، بل لأن الاســترات­يجية الآن تتطلب الوصول إلى أكبر عدد من البيوت والعائلات»، قال عضو في القائمة المشتركة.

وقال الباحث في شــؤون المجتمع العربــي، محمد خلايلة، الذي يعمل الآن على اســتطلاع شامل يشــمل 2000 مستطلع، إن نسبة التصويت حسب الاســتطلا­ع الذي أجراه تقترب من 57 في المئــة، وهذا رقم يعتبره رقماً مرتفعــاً، مقارنة مع نتائج الاســتطلا­عات بعد حل الكنيســت. وحســب قوله، قد تتغير الأمور في الشــهر القادم إذا ركزت القائمة المشــتركة و»راعم» على النزاعات الشــخصية ولم يعرضا برامج عمل موضوعية على الجمهور. «لا ريــب أن هناك انخفاضاً فــي عدد المصوتين بسبب خيبة الأمل من الممثلين وانقسام القائمة المشتركة»، قال.

«يطمــح الجمهور العربي إلــى التغيير ومعالجة المســائل الملحة، خاصة العنــف والجريمة »، وأضاف خلايلة : «وأكثر من 81 في المئة من المســتطلع­ين قالوا إن العنف في المجتمع العربي هو المسألة الرئيسية التي تؤثر على التصويت، وكذلك مسائل التخطيط والبناء، بحيث إن نشــاطات جميع الأحزاب، وليس العربية فحســب، من شــأنها في هذا المجال ومن خلال عرض برامج عمل عملية أن تحفز مصوتين على الخروج إلى صناديق الاقتراع». إلى جانب ذلك، أكد خلايلة أن رســائل غير واضحة ونزاعات بين الأحزاب، ســتؤثر بشــكل دراماتيكي على تمثيل الوسط العربي في الكنيست، إلى درجة شطب أحزاب تتماهى مع الوسط واليسار.

ويوافق إيهاب قدح، مديــر أبحاث المجتمع العربي في معهد «متغام»، على أن هناك ميل ارتفاع فــي معدل التصويت. وقال إن معدل التصويت حاســم بالنســبة لتمثيل الجمهور العربي في الانتخابات القادمة. وحسب أقواله، من لا ينوون التصويت للقائمة المشــتركة و»راعم»، قرروا بالضبط لمن ســيصوتون. وهناك في المجتمــع العربي عدد غير قليل مــن المترددين حول

مقاطعة الانتخابات، وعلى الأحزاب العربية أن تصب تركيزها على هذا الجزء.

«حســب البيانات، لن نصل إلى 63 في المئة مثلما كان الأمر في الانتخابات الأخيرة. والتنبؤ المتفائل هو أن تكون النســبة 56 – 57 في المئة»، قال قدح. «صدامات شخصية وحملة سلبية قد تضر بمعدل التصويت، ومن الواضح أن الجمهور العربي قد سئم الشجارات والتشهير على خلفية شخصية. هذا لا يشجع الناخبين، خصوصاً في أوســاط الطبقة المترددة التي أنِفت من انقسام المشتركة .»

حســب أقوال قدح، يمكن إيجاد التشــجيع فــي المحادثات التي أجرتها «هآرتس» مع شــباب عرب قرروا أن لا يصوتوا في الانتخابات القادمة. صوتت لمى الحاج يحيى، وهي من الطيبة، في جميع الجولات الانتخابية حتــى العام 2015، لكنها رفضت مؤخراً فعل ذلــك، ولا تنوي التصويت فــي جولة الانتخابات القادمة. «فــي 2015 كانت الأجــواء مختلفــة»، وأضافت لمى: «اعتقدنــا أن هذا ســيؤدي إلى تغيير حقيقــي، لكن لم يحدث شــيء. الانتخابات الأخيرة رغم النشوة بأن شــيئاً كبيراً قد يحدث، قررت مقاطعتها. ســلوك السياسيين وانقسام القائمة المشــتركة عززت موقفي بأنه لا يجب المشاركة في الانتخابات. أصبحت الصراعات شخصية وأنانية .»

يثرب حسن ســواعد، من قرية المشــهد، لها موقف مشابه. فقبل خمس ســنوات، صوتــت للقائمة المشــتركة، لكنها منذ ذلــك الحين قررت مقاطعــة الانتخابات . «عــدم التأثير واضح جــداً. والمؤامرات والصراعات الشــخصية تدفعني إلى ذلك،» وأضافت: «فــي الانتخابات الأخيرة وعدونــا بحدوث تغيير، ولكن لم يحدث شيء .»

من حيفا، صوتــت في الانتخابات الأخيرة، لكن الانقســام في القائمة المشتركة جعلها تغير موقفها، قالت: «أنا أصوت منذ عقــد. وقد حرصت على التصويت في كل حملة انتخابية. ولكن ما حدث فــي الجولة الانتخابية الأخيرة أثبــت أن لا فائدة من التصويت في ظل غياب استراتيجية موحدة وسلوك كتجمع.» «لماذا عليّ أن أسمع كل يوم جدالات حول مسائل تتعلق بالمثليين وقضايا الدين، وكأنها أمور مهمة الآن للمجتمع العربي؟».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom