Al-Quds Al-Arabi

فضيحة كورونا اللبنانية: تكرار المكرّر!

-

■ تلقّــى رئيــس الجمهوريــ­ة اللبنانيــ­ة وزوجتــه و16 شــخصا مــن فريقــه، إضافــة إلــى 16 نائبا من البرلمان، لقاح كورونا، من دون انتظار دورهم كباقي المواطنــن، في مشــهد لا يفعل غير أن يكرّر مشــاهد أخــرى كثيــرة تعبّــر، عمليــا، عــن ازدراء المواطنــن اللبنانيين، كما تكشــف عن زيف الخطابات الوطنيّة التي يلقيها المســؤولو­ن اللبنانيــ­ون على جماهيرهم ثــم يتنكّــرون لهــا عندمــا يتعلّــق الأمــر بمصالحهم الشخصية.

يذكّر الحدث الأخير بالجدل الذي أثاره عون أيضا حين زار مدينة نيويــورك الأمريكية لحضور الجمعية العامــة للأمم المتحدة في أيلول/ســبتمبر عام 2019، وتحدثت الأنباء حينها عن ســفر أكثر من 100 مرافق للرئيس بــن وزراء وإعلاميين وإداريين، في إشــارة معبّرة عن الفســاد واســتهتار المســؤولي­ن اللبنانيين الكبــار بالأزمة الاقتصاديـ­ـة التي يعانــي منها البلد،

وكانــت الحكومــة حينها قــد أعلنت حالــة الطوارئ الاقتصادية.

المثير للسخرية أن هناك لكل زعيم سياسيّ لبناني موالين مســتعدين للدفاع عن زلاته وأخطائه وتبرير أفعاله، وفي حادثة الوفد رفع بعض هؤلاء هاشــتاغ علــى موقــع «تويتــر» للتواصــل الاجتماعــ­ي يقول: «60 مش 160» فيما نشــر بعضهم صــورة للجماهير الحاشدة التي استقبلت الرئيس عند استلامه مهامه مع تعليــق يقول إن «شــعب لبنان العظيــم هو الوفد المرافق للرئيس عون في عقله وذهنه وفكره.»

في رده علــى الاحتجاجات التي انطلقت في لبنان في تشــرين أول/أكتوبــر 2019 خرج عــون بخطاب مســجل على عدة مراحل خضع للكثيــر من المونتاج، وانتبــه المشــاهدو­ن والناشــطو­ن علــى منصــات التواصــل الاجتماعــ­ي لاختلافــا­ت فــي اللقطــات والخلفيات احتاج تســجيلها لخمس ســاعات، وفي

ذلك الخطاب «التاريخــي» وعلى جري عادة الزعماء العــرب، فــإن عون لــم يطرح مبــادرات ولــم يعرض تنازلات أو حلــولا للوضع القائم متذرعا بصلاحياته الرئاســية المحــدودة، وقد شــهدت البــاد بعد ذلك الخطاب تدهورا اقتصاديا وسياسيا غير مسبوقين.

بعد التدهور المهول الذي سرق مدخرات اللبنانيين في البنوك ودفع فئات واســعة من الشعب لأوضاع مزريــة حصل انفجــار مرفأ بيروت الهائــل في آب/ أغســطس 2020، والذي دمّر جــزءا كبيرا من المدينة، وقتــل وجــرح المئــات وشــرّد عشــرات الآلاف مــن ســكانها، وكالعــادة، وبدل أن يعلــن الرئيس تحمّله للمســؤولي­ة الكاملــة عمــا جــرى، فقد تمسّــك أكثر بكرســيّه، وها هو الآن بعد أكثر من 8 أشهر، يحاول، من خلال صهره باســيل جبران، الــذي ورث «التيار الوطنــي» عن حميــه، منع تشــكيل حكومــة جديدة، متذرعا هذه المرة بالصلاحيات الرئاســية التي كانت

محدودة حين اندفع الشــعب اللبناني إلى الشوارع، وصــارت أمــرا مقدســا لا يمــسّ حــن يتعلّــق الأمر بصلاحياتــ­ه فــي تعيــن الــوزراء أو تســمية «الثلث المعطّل .»

يذكر هذا مجددا بالكلمات التي كان عون قد قالها حين تشبّث أيضا برئاســة الحكومة العسكرية التي عيّنهــا الرئيس الأســبق أمين الجميــل، والتي هددت بـ«تكســير رأس حافظ الأســد » وانتهت بهروبه على ســفينة حربيــة فرنســية، تــاركا مؤيديــه وجنوده يتعرضــون لانتقام النظــام الســوري، لينتهي المقام بــه وبصهره، لمنافقة رئيس النظام الســوري الحالي بشار الأسد عن أنه «لو بقي مسيحي واحد في لبنان يجــب أن يكون هو الرئيــس وصلاحياته قوية» وهو فعلا التصريح المناســب من الشــخص المناسب، لأن الرئيس، في حكم الأســد، يجب أن يبقى حتى لو دمر البلد ومات أهله.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom