Al-Quds Al-Arabi

العراق: مقتل متظاهر في الناصرية... ومحتجون «ينصّبون» محافظاً جديداً لواسط

الحكومة تطلب تهدئة الأوضاع لحين إتمام زيارة البابا

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

طلب الوفد الحكومي رفيع المســتوى، المرســل من الحكومــة الاتحادية في بغــداد، إلى محافظة ذي قار الجنوبية، لتســوية أوضــاع المدينة التي تشــهد تجــدداً للحــراك الاحتجاجــ­ي، المطالب بإقالــة المحافظ، من وجهــاء ونشــطاء المدينة، إمهال الحكومــة، حتى إتمــام الزيــارة المرتقبة للبابا فرانســيس، فيمــا قتل متظاهــر وأصيب آخرون جــراء «أعمال عنف» رافقت الاحتجاجات المتواصلة لليوم الرابع على التوالي في الناصرية.

وتطالــب احتجاجــات بدأت الإثنــن، بإقالة المحافظ ناظم الوائلي، بسبب «سوء الإدارة».

وقال ملازم أول في شرطة ذي قار، للأناضول: «قوات مكافحة الشــغب اشــتبكت مع العشرات من المتظاهرين بعد إغلاقهم جســر النصر وسط المدينة».

وأوضح الضابط الذي فضل عدم نشــر اسمه أن «القوات استخدمت الغاز المسيل للدموع لإبعاد المتظاهرين عن الجسر بهدف فتحه».

وأضاف: «تعرضت القوات للرشق بالحجارة، وكذلك الزجاجات الحارقة».

ولفت إلى أن الاشــتباك­ات «أسفرت عن إصابة 3 متظاهريــن جــراء تعرضهــم لانفجــار قنابل الغاز المســيل للدموع» دون الإشارة إلى حالاتهم الصحيــة ولاحقاً ذكر مصدر طبــي للأناضول أن متظاهرا قتل في الاحتجاجات أمس.

وأســفرت الاشــتباك­ات التــي صاحبــت الاحتجاجات في الناصرية منذ الإثنين، عن مقتل متظاهــر وإصابة 77 بينهم 38 عنصــر أمن، وفق مصدرين طبي وأمني.

وتعــد محافظــة ذي قــار بــؤرة نشــطة للاحتجاجات الشعبية، ويقطنها أكثر من مليوني نسمة، ويحتج الكثير من سكانها منذ سنوات على ســوء الإدارة والخدمات العامة الأساســية وقلة فرص العمل.

وفد حكومي

وصبــاح أمس الخميــس، وصــل الوفد الذي يرأســه رئيس جهاز الأمن الوطنــي، عبد الغني الأســدي، ووزير الداخلية عثمــان الغانمي، إلى المدينة.

ووفقاً لمصادر صحافية، فإن الوفد جاء لمتابعة الأحداث التي تشــهدها المحافظة بشــكلٍ مباشر، وفقاً لتوجيه رئيس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي.

وعقد الفريق الــوزاري القادم مــن العاصمة بغداد، فور وصوله، اجتماعاً موســعاً مع شيوخ عشــائر ووجهاء وعدد من الناشطين في محافظة ذي قــار في مقر عمليات ســومر لبحــث أوضاع المحافظة.

ودعــا وزير الداخلية، عثمــان الغانمي، خلال اجتماعه شــيوخ عشــائر ذي قار إلــى التهدئة لعشــرة أيام لحين انتهاء زيارة بابــا الفاتيكان المقررة في مطلع الشــهر المقبل، وتشمل زيارة ذي قار. وكشــف أحد شيوخ العشــائر المشاركين في اجتماع اللجنة الوزارية، حســب مواقع إخبارية محلّيــة، أن «الوفــد طالــب الحاضريــن بتهدئة الأوضاع لحين إكمال زيارة بابا الفاتيكان المرتقبة للمحافظة».

وأضــاف: «الوفد لم يطــرح أي حلول حقيقية لمعالجة مشــاكل وأوضاع المحافظــة، الأمر الذي يرفضه أغلب المتواجدين بالاجتماع على الرغم من طرح حلول عديدة ومطالبات من قبل المشــاركي­ن بالاجتماع».

وكشــف عن وعد اللجنة بالاســتجا­بة لمطالب أهالــي المحافظة خلال 3 أيام بعــد عودتهم ولقاء رئيس الوزراء.

وأشــار إلى أن من أهم المطالــب إقالة الحكومة المحلية والمســاهم­ة في إعمــار المحافظة من خلال «إيادٍ أمينة».

فيمــا ذكرت الوكالــة الحكوميــة، أن «اللجنة الوزارية طلبت تهدئة الوضع العام داخل محافظة ذي قار لعدة أيام لحين اختيار الشخصية الأنسب في إدارة المحافظة».

وتأتي زيارة اللجنة الحكومية، على وقع تجدد الاحتجاجــ­ات في الناصرية، ونشــوب صدامات بين المحتجين وقوات الأمن، فضلاً عن قطع جســر النصر وسط مدينة الناصرية.

«اعتداءات»

ومساء الثلاثاء، أصدرت قيادة شرطة محافظة ذي قار، بياناً طالبت فيــه الجهات كافة بالتدخل من أجل الســماح لهــا بفرض الحظــر الوقائي، وفيما أشارت إلى تعرض ضباطها ومنتسبيها إلى «اعتداءات» أكدت أن الأوضــاع في الناصرية «لا تسر العدو ولا الصديق».

وجاء في بيــان القيادة حينها، «الى الســادة الأجلاء شــيوخنا ووجهائنا الكرام أهلنا في ذي قار أهالي وأبناء مدينــة الناصرية. لا يخفى على الجميع ما يحدث في الناصرية من أوضاع لا تسر صديقا ولا عدوا».

وأضــاف: «يعلم الجميــع أن قيادة الشــرطة والقــوات الأمنيــة العاملة في المحافظــة تتحمل مســؤولية كبيرة في ظل الظروف الراهنة، حيث أننــا نطبق الحظر الوقائي وفــق مقررات اللجنة العليا للصحــة، ترافقها مهمتنا حماية المتظاهرين السلميين» مبيناً أن «حق التظاهر كفله الدستور، لكن كذلك علينا حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصــة وحفظ الأمــن وعدم الســماح بخلق الفوضــى والتأثير على الحياة العامة، وقد أثبتت الأيام الســابقة العديد من المواقــف التي قدمتها شــرطة ذي قــار بنقــل مطالــب المتظاهرين إلى الحكومة المركزية والسعي بالتنسيق مع الحكومة المركزيــة حتى تحقيق إرســال جرحى المظاهرات للعلاج خارج البلاد واســتقبال­هم بعد إنهاء رحلة العلاج».

وتابــع: «اليوم يتعــرض ضباط ومنتســبو شــرطتنا إلى الاعتــداء­ات بأنواع الطــرق منها )الرشــق بالحجارة والطعن والجرح باستخدام الآلات الجارحة والراضة)».

وأشــار إلــى أن «هــؤلاء إخوتكــم وهم من يدافعــون عن أمــن المحافظة ويواصلــون الليل بالنهار لتوفير الأمن فيهــا، وقد أثبتوا في العديد من المواقف مهنيتهــم واســتعداد­هم للتضحية، وكانت مواقفهم مشــهودة فــي الموجة الأولى من وباء كورونــا وفي توفير الحمايــة للمتظاهرين الســلميين، كما تم تنظيــم العديد مــن المبادرات الاجتماعية والإنسانية مع المتظاهرين في ساحة الحبوبــي، وكان الضباط والمنتســب­ون يقدمون الورود والأعلام العراقية».

ودعت القيادة فــي بيانها الجميع إلى «التدخل للحد من الاعتداءات المغرضــة على قواتنا والتي تســببت يومي أمس واليوم )الإثنــن والثلاثاء الماضيــن( بجرح العديــد منهم وقبلها شــهدتم تعرض أحد منتســبينا للقتل غــدرا أثناء تأديته واجبــه لحمايــة المتظاهرين، فعلــى الجميع أن يأخذوا دورهم، الشــيوخ وأوليــاء الأمور الآباء والأمهــات، للحد مــن اعتــداء المتظاهرين على أخوتكم ممــا يولد الاحتــكاك الذي قد يتســبب بفقدان الأحبة».

وختم البيان بالقول: «افســحوا لنا المجال في تطبيق الحظر الوقائي، حيث هناك عدو كبير خفي لا يميز بين متظاهر ومنتســب كبير وصغير. قفوا

معنا بامتثالكم للقوانــن ومطالبكم ومظاهراتكم التي هــي حق مشــروع لتكون بشــكل حضاري بعيدا عن العنف والاعتــدا­ء والفوضى، ولتكون لنا وإياكم مواقف حق لمواجهة الظروف الصحية التي باتت تهــدد حياة الآمنين، شــيوخ واطفال ونساء .»

تطورات واسط

إلى ذلــك، أعلن الحراك الشــعبي في محافظة واسط جنوبي العراق، الخميس، إعادة فتح مبنى المحافظة، وتنصيب نبيل شــمة محافظاً للمدينة، خلفاً للمحافظ محمد المياحي.

جاء ذلك في مراسم نظمها الحراك الشعبي في مبنى محافظة واســط لافتتاحه بعد عام ونصف قوات عراقية من منطقة الطارمية شمال بغداد

من الإغلاق. ونبيل شمة، هو نائب محافظ واسط لشؤون الخدمات.

وقال أحمد العزاوي ممثل عن الحراك الشعبي في بيان تلاه وسط مبنى المحافظة، إنه «تم إعادة افتتاح مبنى المحافظة بعد مضي عام ونصف على إغلاقه من قبل المتظاهريـ­ـن، وطرد المحافظ المتهم بقتل المتظاهرين».

وأوضح البيان أنه «إذا حصــل أي خرق لما تم إقراره، سيتم مرة أخرى إغلاق مبنى المحافظة».

وتابــع أن «المتظاهرين لن يتراجعوا عن حقهم بالملاحقــ­ة القانونية والقضائية لمحافظ واســط الهــارب عــن المدينة محمــد المياحــي بتهمة قتل المتظاهرين السلميين».

شــمه قال خلال مؤتمر صحافي، «ســأعمل مع المتظاهرين وقوات الأمن لتقديم الخدمات لأهالي المدينة». وأوضح «ســنعمل على استثمار الطاقة الإيجابية للشباب في المحافظة لخدمة الجميع».

ولم يصدر أي موقف من الحكومة على ما قام به الحراك الشعبي في واسط.

ويتهم الحراك الشــعبي فــي المحافظة المياحي بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين في الاحتجاجات التي تشــهدها المدينة منذ أكتوبر/تشــرين الأول 2019. وينفي المحافظ تلــك الاتهامات، ويؤكد أنه أصــدر أوامره إلــى قوات الأمن بعدم اســتخدام السلاح ضد المحتجين.

ووفق أرقام الحكومة التي أصدرتها في 2020، فإن 565 شخصاً من المتظاهرين وأفراد الأمن قتلوا خلال الاحتجاجات، بينهم عشــرات الناشــطين الذين تعرضــوا للاغتيال على يــد مجهولين في مختلف المحافظات.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom