Al-Quds Al-Arabi

غضب في مصر بعد فرض ضرائب على تسجيل العقارات

مطالبات برلمانية بتأجيل تطبيق القانون أو خفض الرسوم

- القاهرة ـ «القدس العربي»:

في الوقت الذي يعاني فيــه ملايين المصريين من قانون التصالح على مخالفــات البناء، التي تقضي بدفع غرامات مالية كبيرة على الوحدات الســكنية التي لم تحصل على تراخيص من الأحياء، وجدوا أنفســهم أمام أزمة جديدة تتعلق بتعديلات قانون الشهر العقاري، الذي سيجبرهم على دفع مبالغ مالية كبيرة لتســجيل وحداتهم السكنية، فيما تصدر هاشــتاغ «مش هنسجل يا سيسي» قائمة أكثر الوسوم تداولا على موقع تويتر في مصر.

الغالبيــة العظمى مــن المصريين كانت تلجــأ للاعتداد بصحــة التوقيع دون التســجيل الرســمي في الشــهر العقاري، ما يعني في ضوء التعديلات الجديدة، دفع نحو 2.5 في المئة من قيمة الشــقة المالية، بخلاف رسوم أخرى لأربع جهات حكومية.

وحســب نص التعديلات الجديدة علــى القانون، فإن صاحب العقار أو الشقة يتجه لنحو 5 جهات حكومية لدفع الرسوم المقررة لتسجيلها، ومن ثم السماح بدخول المرافق من مــاء وكهرباء وغــاز إليها، وهذه الجهــات تتمثل في رسوم التسجيل في الشهر العقاري، ورسم نقابة المحامين، ورســم ضريبة تصرفات، ورسم المســاحة، ورسم دعوى صحة ونفاذ ورسم الأمانة القضائية.

لجنة حكومية

رئيس مجلس الوزراء المصــري مصطفى مدبولي كلّف بتشــكيل لجنة حكومية من الوزارات المعنية، على رأسها العدل والماليــة والتنمية المحلية، وممثلو عدد من الجهات؛ لتيسير إجراءات التسجيل العقاري بعد بدء تطبيق القرار في السادس من 6 مارس/ آذار المقبل.

وأكد، حسب بيان حكومي، أن الدولة تعمل على تشجيع المواطنين لتسجيل عقاراتهم بهدف تحصين ملكياتهم، ولذا فيجب القيام بتيســير إجراءات التسجيل» مكلفا الوزراء المعنيين بســرعة عقد اجتماع لهذه اللجنة، وعرض نتائج أعمالها على مجلس الوزراء.

كمــا وجّه بأن يتم شــرح الإجــراءا­ت والهــدف منها للمواطنين، على أن يراعي مســؤولو الوزارات والأجهزة المعنيــة تبســيط إجاباتهم فــي الرد على استفســارا­ت المواطنــن في هذا الشــأن؛ حتــى لا تُترك الســاحة لبث الشائعات ونشر المعلومات المغلوطة بشأن هذا الموضوع.

بيانات متعددة

الجدل والغضب اللذان شهدهما المجتمع المصري، دفعا الحكومة المصريــة لإصدار عدة بيانــات متعلقة بالأزمة، حيث نفــت صحة الأنبــاء المتداولة بشــأن نــزع ملكية الوحدات الســكنية من أصحابها، في حال عدم تسجيلها بالشهر العقاري وفقا للتعديل التشريعي الجديد للقانون.

وجاء فــي بيان رئاســة الوزراء المصرية في منشــور على فيســبوك: «انتشــرت في بعض المواقع الإلكتروني­ة وصفحــات التواصــل الاجتماعي أنباء حــول نزع ملكية الوحدات الســكنية مــن أصحابها، حال عدم تســجيلها بالشهر العقاري وفقا للتعديل التشريعي الجديد للقانون، وقد قــام المركز الإعلامــي لمجلس الــوزراء بالتواصل مع وزارة العــدل، التي نفت تلك الأنبــاء، مؤكدة أنه لا صحة لنــزع ملكية الوحدات الســكنية من أصحابهــا حال عدم تسجيلها بالشهر العقاري وفقا للتعديل التشريعي الجديد للقانون .»

ردود أفعال غاضبة

ووجه عاطف مغــاوري، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، رســالة إلى مجلس النــواب لمطالبته بفتح ملف التعديلات الخاصة بالشــهر العقاري المقرر تطبيقها بداية من 6 مارس/ آذار المقبل.

وقال: المواطن المصري لم يفق من صدمة الرسوم التي دفعهــا للتصالح في مخالفــات البناء ليدخــل في دوامة التســجيل للوحدات السكنية بالشهر العقاري، ويجب أن يفتح الملف مجددا لأن ردود فعل الناس الغاضبة يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

وطالب مغاوري حزب «مستقبل وطن» باعتباره حزب الأغلبية، أن يســتمع لشكاوى المواطنين المطحونين ويعيد مناقشــة هذه التعديــات التي تذبح النــاس، قائلا: هنا لا يوجــد حزب أغلبيــة أو أقلية نحن صــوت المواطن في البرلمان يجب أن نمثله بكافة شكاويه ومطالبه.

أما ســكينة ســامة، عضو مجلس النواب، فقد طالبت وزيــر العــدل بتأجيل قــراره بعــدم الاعتــداد بالعقود الابتدائية وصحة التوقيع، بســبب قلة عدد مكاتب الشهر العقاري وسط انتشار جائحة كورونا.

وقالــت النائبة فــي تصريحات صحافيــة أمس، إنها أرســلت بيانا عاجلا إلى المستشــار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب لتقديمه لوزير العدل المستشار عمر مروان، بشــأن ما تردد في وســائل الإعلام عن العقود الابتدائية وصحة التوقيــع، وعدم الاعتداد بها بعــد 6 مارس/ آذار المقبل.

وأضافت النائبة في بيانهــا العاجل أنه نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد للحد من جائحة كورونا وأيضا قلة مكاتب الشــهر العقــاري المتاحــة للمواطنين، وأيضا وجود عقود صحة التوقيع ما زالت تنظر في المحاكم حتى يونيو/حزيران المقبل، فأطالب بتأجيــل الأمر عند ثبوته إلى نهاية العام.

خفض الرسوم

كذلك دعا محمد أنور الســادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، الحكومة المصرية، مُمثَّلة في اللجنة الُمشــَّكلة من الوزارات المعنية لتيسير إجراءات التسجيل العقاري، إلى خفض رسوم تسجيل الوحدات العقارية بالشهر العقاري، والتي تم إقرارها بناء على المادة 35 مكرر لقانون الشــهر العقاري، والتي تم اســتحداثه­ا مؤخرا لتبسيط إجراءات التسجيل واختصار دورتها.

وأكد في بيان له أن الرسوم المقررة لتسجيل الوحدات العقارية والضريبة على التصرفــات العقارية، بواقع 2.5 ٪ من قيمــة هذه التصرفات بيعًا وشــراء، هي رســوم ونســبة مُبالَغ فيها في ظل ظروف اجتماعية صعبة وغلاء

معيشــة يعاني منه الجميع، فضلا عن تبعات أزمة كورونا علــى الأســر المصرية وفقــد كثيرين وظائفهــم ومصادر دخولهــم، وارتفاع هذه التكاليف ســوف يؤدي حتما إلى إحجام النــاس وتهربهم من التســجيل، ولن يكون للأمر مردود كما هو متوقع، فضلاعن أنه سوف يؤدي إلى تأثير كبير على سوق العقارات ورفع أسعارها.

وأوضح أن وزارة المالية ومصلحة الضرائب ســبق أن أقدمتا على خفض نسبة الضرائب للشركات والمستثمري­ن بنسبة جيدة، ما أدى إلى تحسين البيئة الضريبية وإقبال كثيرين على دفع الضرائــب المقررة بدلا من التهرب، الذي كان يحدث مسبقا، لذا ينبغي إعادة النظر في هذه الرسوم والنســب حتــى تتحقق الغاية مــن وراء القــرار وكذلك التخفيف على المواطن بدلا من تحميله أعباء إضافية تفوق طاقته وقدرته المالية.

نتائج كارثية

وتناول محمد نور فرحات، أســتاذ فلسفة القانون في جامعة الزقازيق، مخاطر تعديــات القانون، وكتب على صفحته الرســمية على الفيســبوك قائلا: كثير من علماء القانون يهتمون بالوظيفة غير المباشــرة للقانون أكثر من اهتمامهم بوظيفته المباشــرة، والأولى هي النتيجة التي ســتتحقق في المجتمع بعد فترة من تطبيقه بصرف النظر عما أراده واضعو القانون.

وبيّن أن هناك 5 نتائج مباشــرة وغير مباشرة لتطبيق تعديلات قانون الشهر العقاري.

وتابع: بالنســبة للعقود القديمة لعقارات أدخلت فيها المرافق فعلا لا توجد مشكلة ملحة، إلا في حالة رغبة المالك الحالي بعقد ابتدائي في التصرف بالبيع، فســيكون لزاما على المشتري الجديد إشهار العقد إذا رغب في نقل المرافق باســمه، وستتعقد المشاكل إذا لم يكن المالك الأول قد أشهر العقد.

وزاد: بالنســبة للعقــارات عموما خاصــة المبنية في العشوائيات وفيها مخالفات بناء فسيتعذر إشهار عقودها قبــل التصالح على هــذه المخالفات، علمــا أن عمل لجان التصالح يســير ســير الســلحفاة، وهذه العقارات تقدر أعدادها بالملايين.

أما بالنســبة للعقــارات الحديثة في الأحيــاء الراقية والمتوســط­ة في العاصمة والمدن، فـ»ســتثور المشــكلات القضائية بين المشــترين والملاك وستزدحم المحاكم بآلاف دعاوى صحة ونفاذ العقود» وفق المصدر.

وأكد أن كلا من البائعين والمشــتري­ن ســيحجمون عن التعامل مــع الدولة ونقابــة المحامين بالعقــود الحقيقية لضخامة المبالغ المطلوبة منهم كضرائب ورســوم نسبية، وسيضطرون لاصطناع عقود صورية تذكر فيها أثمان بيع غير حقيقية.

وتوقــع فرحات تزايد حالات الاعتــداء على المال العام بســرقات التيار الكهربائي وتوصيــات المياه خاصة في الريف والأحياء الشعبية.

وبين أن القوانين غير المدروســة بدقة تؤدي إلى عكس المقصود منها.

وأمام الجــدل الدائر في مصر بســبب التعديلات التي تفــرض مزيد من الضرائب على المصريين، قال المستشــار نادر ســعد، المتحدث باســم مجلس الوزراء المصري، إن ضريبة التصرفات العقارية موجودة منذ عام 1939.

وأضاف في تصريحــات متلفــزة: وزارة المالية كانت تباشــر جمع 2.5٪ من قيمة العقار المسجلة في عقود بيع العقارات خلال الســنوات الماضية، مشيرا إلى أن اللجنة المشكلة من الحكومة للتسهيل على المواطنين، تضم وزيري العدل والتنمية المحلية وبعض الجهات المعينة.

وأكمل: طرح اللجنة المشــكلة تعديلات عاجلة بقانون الشــهر العقاري أمر وارد، مردفا: من الممكن على ســبيل المثال تقسيط مبلغ ضريبة التصرفات العقارية.

وحول ما يتردد بشــأن استهداف القانون فرض جباية على المواطنين، قال: أمر غيــر صحيح، ضريبة التصرفات العقارية مطبقة منذ عام 1939، إضافة إلى أنها متوفرة في كل دول العالم.

وأكد أن توثيق المنازل بالشــهر العقاري يحفظ حقوق المواطنــن ويمنــع التحايــل، وأن الأمــوال المحصلة من المواطنين تنفق على المشروعات القومية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom