Al-Quds Al-Arabi

... و«التايمز»: بايدن يقامر باستخدام مقتل خاشقجي هادفاً إعادة ضبط العلاقات مع السعودية

-

قالت صحيفة «التايمــز» إن الرئيس الأمريكــي جوزيف بايدن حول مكالمة روتينية يجريها الرؤســاء الجدد مع قادة الدول إلى مناسبة لإعادة ضبط العلاقة مع حليف. وفي التقرير الذي أعده ريتشارد سبنسر وديفيد تشــارتر قالا إن بايدن سيقدم تحذيرات للســعودية في وقت يحضر فيها للكشــف عن تقرير يتعلق بجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي. وقالت إن بايدن سيتحدث مع الملك سلمان في وقت قريب ولا يتوقع أن يكون ابنه ولي العهد حاضرًا المكالمة، كما أشــارت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي.

ويتوقع المراقبون أن يشــير تقرير المخابــرا­ت الأمريكية إلى دور ولي العهد فــي الجريمة التــي حدثت في 2 تشــرين الأول/أكتوبــر 2018 في القنصلية الســعودية في اسطنبول. وكان الرئيس السابق دونالد ترامب قد دعم الســعودية وولي العهد الذي استقبله في البيت الأبيض في آذار/ مارس 2018. وقالت ساكي إن الرئيس بايدن لم يغير رأيه الذي أعلن عنه اثناء الحملة الانتخابية بأن الســعودية «منبــوذة». وهو الوصف الذي اســتخدمه بايدن في حملته الانتخابية وقال إن المملكة ستدفع الثمن من خلال وقف صفقات السلاح بسبب حرب اليمن.

وعندما سئلت ســاكي إن كان المســؤولو­ن الذين وردت أسماؤهم في تقرير المخابرات الأمريكية ســيتم الترحيب بهم فــي الولايات المتحدة أو ســيواجهون اتهامات في محاكمهــا، ردت بأنها لا تريد اســتباق العملية السياســية أو الحديث قبل صدور التقرير. وكانت قد أكدت في الأســبوع الماضــي أن اتصال الرئيس ســيكون مع الملك فقط أما ولي العهد فســيتم التواصل معه كوزير للدفاع وهذا هو الخط المناســب للاتصال. وشــجع ترامب صهره ومستشــاره جاريد كوشــنر على توطيد علاقته مع محمد بن ســلمان، وقــد انتهى كل هذا بعــد جريمة مقتل خاشــقجي التي ترى الاستخبارا­ت الأمريكية أن مستشار ولي العهد سعود القحطاني هو الذي أشرف عليها.

وحســب وثائق محاكــم قدمت في كنــدا، فإن الطائرتــن الخاصتين اللتين اســتخدمهم­ا فريق القتل تعودان إلى شركة سيطر عليها محمد بن

ســلمان قبل عام من الجريمة. ونشرت شبكة «ســي أن أن» الوثائق التي تشــير إلى وزير مرر أوامر من ولي العهد لتحويل ملكية الشركة إلى هيئة الاســتثما­رات العامة والتي يترأسها محمد بن ســلمان. وجاءت الوثائق التي تربط ملكية الطائرتين من ضمن وثائق قدمتها مجموعة من الشركات الســعودية كجزء من قضية اختلاس ضد مسؤول الاستخبارا­ت السابق سعد الجبري الذي يعيش في كندا.

ومن أهم أولويات الرئيس هي إنهاء الحرب في اليمن التي تســتخدم فيها الأســلحة الأمريكية والبريطاني­ة لقصف مواقع المتمردين وبخسائر بين المدنيين. وكان الرد المباشــر على قرار بايدن هو قيام جماعة الحوثيين التــي تدعمها إيران بشــن هجوم من ثلاث جبهات بشــكل هــدد مناطق النفط اليمنية. وقالت الصحيفة إن التحول في سياســة بايدن من المؤكد أنها ستجلب السعودية قريباً لإســرائيل. ولا تعترف الرياض بإسرائيل لكنها تقيم علاقات ســرية ومنذ سنوات. ويخطط البلدان، كما يقال، لعمل مشــترك يهدف لمواجهة جهود بايدن حالة قرر العــودة إلى التفاوض مع إيران بشــأن برامجها النووية. ويرى سبنســر أن مؤسســة السياسة الخارجية عندما تعرب عن ضيقها بالســعودي­ة تذكر كل واحد أنها ليست حليفاً بل «شريك». ولم توقع الولايات المتحدة أبداً اتفاقية دفاع مشترك مع السعودية. وتقاربت مصالح الســعودية والولايات المتحدة ومنذ الحرب العالمية الثانية. وفي الســعودية لا ينظرون إلــى العلاقة بهذه الطريقة، فمنذ الســماح للشركات الأمريكية بالتنقيب عن النفط في الثلاثينيا­ت من القرن الماضي فإن حكامها ظلوا يتطلعون لمساعدة أمريكا لهم.

وتزين جدار الســفارة الســعودية في واشــنطن صــورة للملك عبد العزيز مع فرانكلين دي روزفلت على متن البارجة الأمريكية كوينســي في البحيرات المرة المصرية عام 1945. وهي تأكيد على الوعد الذي قطعه الملك على نفسه وهو «النفط مقابل الأمن». وهي إشارة من السعوديين على أن العلاقة تمت بطريقة شخصية بين زعيمي البلدين.

ويعــرف بايدن المجرّب كل هــذا، وعندما تحدثت الناطقة باســمه عن إعادة تعديل العلاقــات وتأكيد خط الاتصال بين الملك والرئيس دون ولي العهد كانت تريد إحداث صدمة. ويرى سبنســر أن هذا هو إعادة لسنوات باراك أوباما الذي لم يكن راضياً عن ســجل الســعودية في مجال حقوق الإنسان ودعمها للإســام المتشــدد الذي جعلها غير محبوبة في الغرب وداخل الحزب الديمقراطي. واختار أوباما في عام 2009 مصر لتكون مكان خطابه الذي أعلن فيه عن بداية جديدة مع العالم الإســامي. وتم اقناعه في اللحظــة الأخيرة بزيارة قصيــرة إلى الرياض. وبعد هــذا التجاهل بات ينظر للســعودية على أنها غير متعاونة في وقت بدأت في سياسات أوباما الشــرق أوسطية بالتداعي. وكان الســعوديو­ن غير داعمين لإرثه فــي الاتفاقية النوويــة التي وقعها مع إيــران. ويأمل بايــدن بأن تكون سياسته مختلفة، وســيقول إنه لا يطرح خطة عظيمة للمنطقة مقارنة مع اســتراتيج­ية الديمقراطي­ة والحرية التي قدمها أوباما في خطاب القاهرة. ويريد التركيز كما يقول مستشاروه على الصين وروسيا وأوروبا.

والمشــكلة في هذا التفكير هو أنه نفســه الذي دعا إليه أوباما. فقراءة متمعنة لخطابه، تؤكد قوله إن دعم الولايات المتحدة للحكومات المستبدة مثل الرياض كان عقبة أمام السلام والديمقراط­ية، ومغادرة المنطقة وتركها لشأنها سيدفع نحو التقدم، ونعرف ماذا حدث. لكن الأوقات مختلفة الآن، ولا ينكر أي ســعودي حتى غير الحساس منهم أن مقتل خاشقجي المولود في الســعودية والمقيم في أمريكا قد أضعف محمد بن سلمان والذي اتخذ خطوات عدة وأفرج عن معارضين سياسيين له.

لكن بايــدن يريد أكثر من الســعوديي­ن فــي مجال حقوق الإنســان، وإســرائيل والفلســطي­نيين وإيران. ويقيم حســاباته على أن التوبيخ العلني قد يجعل محمد بن ســلمان مطواعاً، وهذه مقامرة. وسيصبح ملكاً بعد رحيل والــده البالغ من العمر 85 عاماً، كما أن عدم اســتلطاف بايدن لولي العهد لم يذهب بعيداً للمطالبة بتغييره. وعند هذه النقطة فســتقرر الولايات المتحــدة وبالتأكيد دعم الحاكم الجديد وكمــا فعلت مع الحكام السابقين. وستكتشــف أنها في حاجة لبيع السلاح للمملكة والتعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب ومنع سيطرة الصين وروسيا على المنطقة. وعند هذه النقطة فلن يهم وصف السعودية بالحليف أو الشريك.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom