Al-Quds Al-Arabi

عنصرية حتى في المواصلات في إسرائيل: نصف المدن العربية بدون خطوط باصات داخليّة

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

توصلت نتائــج بحث جديد لجمعية حقوقية أن نصف المدن العربية داخل أراضي 48 محرومة من خطوط حافــات )باصات( داخلية، بينما لا تفتقر ايّة مدينة يهودية إلى مثل هذه الخطوط.

كما توضح جمعية "ســيكوي" في بحثها أن وتيرة ســفر الحافــات الداخلية فــي البلدات العربيــة - التي تحظى بمواصــات داخليّة - أقل بكثير مــن الوتيرة في البلــدات اليهودية. بالاضافة الــى ذلك، تضطرّ النســبة الأكبر من سكّان البلدات العربيّة الى قطع مسافات طويلة من أجل الوصول الى محطة الحافلات "القريبة" من منازلهم.

وتؤكد نتائج هذا البحث المقارِن بين البلدات العربية واليهودية في مجال المواصلات العامة، أنه وبعد خمس ســنوات على بــدء تنفيذ بنود الخطــة الاقتصادية 922 في مــا يتعلق بمجال المواصــات العامــة - والقاضيــة بتخصيص ميزانية ســنويّة تعادل 100 مليون شــيكل )33 مليــون دولار( لتطوير المواصــات العامة في البلدات العربيّة، لم يتم تحقيق الأهداف المرجوة من تخصيص الميزانية وهي ســد الفجوات في مجــال المواصلات العامة بين البلــدات العربية واليهودية، الموجودة بســبب التمييز المســتمرّ والمنهجي تجاه المواطنين العرب.

يذكر أنــه فقط خــال 2012 بــدأت وزارة المواصــات الإســرائي­لية في إدخــال خدمات المواصلات العامة للبلدات العربيّة )باســتثناء مدينة الناصرة، التي بدأت فيها شركة "خدمات الباصات الموحّدة الناصرة" بتشــغيل خدمات مواصلات عامة منذ بداية الستّينيات(، بالتالي نجمت عن ذلك فجوات كبيــرة من حيث توفير خدمات المواصلات العامة بين البلدات العربيّة والبلدات اليهوديــة، ممّا أدّى إلى انقطاع فعلي للغالبيّة الســاحقة من المواطنين العرب الذين يســكنون في هذه البلدات عن مراكز الخدمات، مؤسّســات التعليم العالي، ومراكــز التجارة والصناعة فــي البلاد. منوهــة أن هذه الحالة ألحقت ضــررا كبيــراً بقدرة المجتمــع العربي فــي أراضي 48 على التنقّــل، تطوير الاقتصاد، التجارة والصناعة والخروج من دائرة الفقر.

وفي هذا البحث المقارن، فحصت "ســيكوي" مســتوى الخدمة المقدمة للمواطنين العرب )في البلــدات العربيّة( مقابــل المواطنين اليهود في مجال المواصلات العامة على صعيد السفريات داخل البلدة وخارجها ومــدى مناليّة خدمات المواصــات العامة - وذلك عــن طريق مقارنة عيّنة لأزواج من البلدات العربية مقابل يهودية تتشــابه بـ عدد الســكان والطوبوغرا­فيا )ام الفحم مقابــل العفولــة، طمرة مقابــل صفد، عرعرة مقابل مجدال هعيمك ، اكسال مقابل اور عكيفا، كابول بيت شــان، باقــة الغربية مقابل حديرا(. معطيات البحث صحيحة حتى تموز/ يوليو2019 .

المواصلات العامة داخل البلدة العربية ووتيرة خدمتها

ووجــد البحث فجــوات شاســعة في عدد الخطــوط الموجــودة داخــل البلــدة العربية وبوتيرة سفرها مقابل البلدات اليهودية. على سبيل المثال، في العفولة هناك حافلات داخلية اكثر بـ 4 مرات من ام الفحم ووتيرة السفر هناك أعلى بـ 3.5 مرة. أمــا في صفد فهناك أكثر بـ 13 مرة باصات من بلدة طمرة ووتيرة السفر أعلى بـ 7 مــرات ونصف. وفي باقــة الغربية المدينة التي تضم ما يقارب 30 ألف نســمة هنالك خط داخلي واحد مشــترك مع بلدة أخرى في المقابل تعمل في مدينة حديــرا )الخضيرة( التي تضم 27 ألف نســمة، 3 خطوط داخلية. وهنالك ست مدن عربية يصل عدد ســكانها إلى أكثر من 20 ألف نسمة مثل الجديدة-المكر، عرابة ، عرعرة، قلنســوة ، الطيبــة وكفر قاســم، ورغم ذلك لا توجد فيها خطــوط مواصلات عامــة داخلية )حتى يوليو/ تموز 2019( وفي المقابل، كل المدن اليهودية تحظى بهذه الخدمة.

المواصلات العامة خارج البلدة

يفحــص البحث أيضا إمكانية ســفر الســكان العــرب خــارج بلداتهــم بواســطة المواصلات العامــة، وتبيّن أنه فــي البلــدات اليهودية )في العينــة البحثيــة ( يوجد أكثــر بضعف ونصف الضعف أماكــن خارج البلدة ممكــن الوصول لها بواسطة المواصلات العامة. وتشكل وتيرة السفر الخارجيّــة الضعف عن البلــدات العربية وتزداد الفجــوات عندما نفحــص معدل عــدد الخطوط التي تســافر للخارج، في البلــدات اليهودية اكثر بضعفين ونصف. وتقدم " يكــوي " مثالا على ذلك مدينة العفولة الإســرائي­لية حيث هنالك 60 خطا تســافر الى خارجها أما في جارتها مدينة أم الفحم هنالــك فقط 25 خطا . كذلك داخــل بلدة أورعكيفا الإســرائي­لية يوجد 20 خطا وفــي المقابل في بلدة إكســال العربية هنالك فقط 4 خطوط، وقسم كبير من هــذه الخطوط لا تدخــل البلدة إنمــا تتوقف عند شــارعها الرئيســي، وهكذا تصبــح الخدمة غير حيوية لـ معظم الســكان خاصة ومســتوى المواصلات العامة الداخلية رديء.

أما على مستوى إتاحة الوصول الى المحطات

يكشــف البحث أنه من الصعــب الوصول الى محطة البــاص من أجل اســتخدام المواصلات العامة في البلدات العربية، بســبب مســتوى البنــى التحتيّــة المتدنّي في البلــدات العربيّة وأسباب اخرى. على ســبيل المثال فقط 19 % من ســكان بلدة اكسال يسكنون على مقربة من محطّة بــاص - اي على بعد 250 متــرا او اقلّ من المحطّة، وفي المقابــل، 63 % في أور عكيفا يســكنون على بعد أقل من 250 مترا من المحطة. كذلك في بلدة عرعرة وفي مدينة مجدال هعيمك اليهودية: فقــط 27 % في عرعرة قادرون على الوصول لمحطة الباص القريبة مشــّيا مقابل 62 % في مجدال هعيمك.

استخدام المركبات الخاصة بسبب شحّ المواصلات العامة

ومــع العلم أن نســبة المســافري­ن العرب في المواصــات العامــة زادت بنســبة 123 % بين الســنوات 2012- 2017، إلا أنــه وعلــى ضوء صورة الوضــع المذكــورة أعــاه، والمعروضة مطوّلاً في البحث، وغياب الإمكانيات لاستخدام المواصــات العامة من أجــل الوصول الى قضاء حاجة حياتيّــة )مثل بنك عيادة صيدلية صالون حلاقة وغيرها(، او من أجل الوصول الى محطة باص للســفر عبرها الى خارج البلــدة ، لا يزال الســكان متعلقين بالمركبات الخاصــة مما يزيد من أزمة الســير داخل البلدة ويرفع من الأزمات الخانقــة علــى مداخل البلــدات ويــؤدي الى الاكتظاظ والتلوث البيئي داخل البلدة العربية.

ورغم التحســن في الســنوات الأخيرة من حيث ازديــاد عدد خطوط المواصــات العامة التي تخدم البلــدات العربيّة، وأيضا من حيث ازدياد عدد المســافري­ن العــرب في المواصلات العامة، ورغم ان الحكومة الإسرائيلي­ة تستثمر مــوارد وميزانيّــات أكبر من الســابق من أجل تطوير المواصــات العامة في البلدات العربيّة، إلا أنّ هــذه المــوارد ما زالت غيــر كافية، يقول روعي باراك مركز مجال المواصلات في جمعية " ســيكوي ". ويضيــف: "بما في ذلك بســبب الفجــوات الهائلــة الموجودة بين الســلطات اليهوديّــة والعربيّة. إضافــة لذلك، تخصيص المــوارد فقط لا يلبّي بشــكل كامــل احتياجات الســكان من حيــث تقــديم خدمــات موثوقة وعالية الجودة. لذلك، يجب معرفة احتياجات الســكان ومميّزات البلــدات العربيّة بشــكل أعمــق، وملاءمة تخطيط خدمــات المواصلات لهذه المميّزات. بسبب كل هذا، مستوى الخدمة في البلدات العربيّة ما زال بعيدا عن مســتوى الخدمة في سائر البلدات في البلاد" .

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom