Al-Quds Al-Arabi

الحكومة المغربية تبدأ مناقشة الاستعمالا­ت المشروعة لحشيش «القنب الهندي» وسط جدل متصاعد

- الرباط ـ «القدس العربي» من ماجدة أيت لكتاوي:

بدأت الحكومة المغربيــة، أمس الخميس، لأول مرة، دراســة مشــروع قانون يتعلق باســتعمال حشــيش «القنب الهنــدي» للأغــراض الطبية، ويرتكز أساساً على إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واســتيراد القنــب الهنــدي ومنتجاتــه لنظام الترخيص.

وقال بيان صحافــي صادر في أعقاب الاجتماع تلقت «القدس العربي» نســخة منــه، إن المجلس الحكومي شرع في دراسة مشــروع القانون الذي قدم تفاصيله وزيــر الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على أن يتم استكماله والمصادقة عليه في المجلس الحكومي المقبل.

مذكرة تقديمية بشأن المشــروع، أعدتها وزارة الداخلية، قالــت إن «اللجنة الوطنية للمخدرات» اعتمدت على توصيــات منظمة الصحة العالمية، لا سيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمــواد المخدرة ذات الخصائص شــديدة الخطورة.

بنود مشروع «ترخيص الحشيش»

مشــروع القانون المثيــر للجدل، يــروم خلق «وكالــة وطنية» يُعهد لهــا بالتنســيق بين كافة القطاعــات الحكوميــة والمؤسســا­ت العمومية والشــركاء الوطنيين والدوليين مــن أجل تنمية سلســلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي مع الحرص على تقوية آليــات المراقبة، فضلاً عن فتح مجال للمزارعين للانخــراط في التعاونيات الفلاحية، مع إجبارية استلام المحاصيل من طرف شركات التصنيع والتصدير.

ونص مشــروع القانون، اطلعت عليه «القدس العربي» على عقوبات لــردع المخالفين لمقتضياته، علــى أن يندرج في إطار مســايرة التــدرج الذي عرفه القانون الدولي من منع استعمال نبتة القنب الهندي إلى الترخيص باستعمالها لأغراض طبية وصناعية، في ظل ما جاءت به الاتفاقية الوحيدة للمخدرات بصيغتها المعدلة ببروتوكول 1972.

وتنص الوثيقة على أنه لا يمكن ممارســة أحد الأنشــطة المرتبطة بزراعــة وإنتاج واســتيراد

وتصدير وتسويق ونقل القنب الهندي أو منتجاته أو شــتائله إلا بعد الحصول على رخصة تسلمها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشــطة المتعلقة بالقنب الهندي المحدثــة بموجب الباب الســابع من هذا القانون. وأضاف على أنــه لا تمنح رخصة زراعة وإنتاج القنب الهندي إلا في المجالات التابعة لنفوذ الأقاليم المحددة قائمتها بمرسوم، كما لا تمنح هذه الرخصة إلا في حــدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيــات أنشــطة إنتاج مــواد لأغــراض طبية وصيدلية وصناعية.

ونصــت فصــول القانــون كذلــك علــى أنه وباســتثنا­ء المنتجات الدوائية والصيدلية يمنع إنتاج مواد تحتوي على نســبة مــن مادة رباعي «هيــردو كانبينــول » تتجــاوز النســبة المحددة بنص تنظيمــي، فيما نص أيضاً على أنه يجب نقل منتجات القنــب الهندي، مهما كانــت وجهتها في تلفيف أو حاويات مغلقة بشــكل يمنع اســتبدال محتواها أو خلطهــا بمنتوجات أخــرى، ويجب عنونتها طبقاً لأحكام الباب 8 من هذا القانون. كما لا يمكن تسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته، التــي وقع تحويلهــا وتصنيعها واســتيراد­ها إلا لأغراض طبية وصيدلية وصناعة.

وبخصوص منــح الرخص ومــدد صلاحيتها وحــالات رفضها وســحبها، فقد نصــت الوثيقة على أن الوكالة تقوم بدراســة ملف طلب الرخص وتدعو عند الاقتضاء المعني بالأمر لموافاتها داخل أجــل تحدده، لا يقل عــن 10 أيام، بــأي وثيقة أو معلومة إضافية تراها ضرورية للبت في الطلب.

تاريخ «الحشيش» في المغرب

في المغرب، عرفت هذه الزراعة حسب المؤرخين منــذ القــرن الخامس عشــر ميــادي واختلفت الســلطات الحاكمة آنذاك في التعامــل معها بين مشــجع لها بالنظــر لفوائدهــا ومزاياهــا على المســتوى الاقتصــاد­ي وبين محارب لها بســبب طبيعتها التخديرية بعد تحويلها.

إلا أنها لم تعرف انتعاشاً وتأطيراً لها في المغرب إلا خلال عهد الاســتعما­ر الإســباني والفرنسي، حيث تم الاســتناد إلــى أن تكون زراعــة وإنتاج الكيف محتكراً من طرف الدولة، ليتم خلق شــركة دولية ســنة 1910 اســتفادت من الاحتكار وامتد نشــاطها إلى المنطقة الدولية فــي طنجة والمنطقة الإســباني­ة. بعــد الاســتقلا­ل، أصبحــت زراعة «الكيف» المصدر الأساســي لدخل الفلاحين داخل المنطقة الشمالية للبلاد، رغم مصادقة المغرب على جميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية المرتبطة بمنع تجارة المخدرات.

بالنســبة لفريــق «الأصالــة والمعاصــر­ة» المعارض، والذي كان سباقاً لتقديم مشروع قانون للاســتعما­لات الطبيــة والعلاجية لنبتــة القنب الهنــدي، فارتباط شــعوب المنطقــة وثيق بهذه الزراعة، لافتــاً إلى أن الإحصائيــ­ات تبين وجود أعداد هائلــة من المواطنين المغاربة الذين يمتهنون زراعة «الكيف» كما أن تربة تلك المناطق لا تســمح بنجاح أية زراعة بديلة.

ويــرى برلمانيو هذا الحزب أنــه وبغض النظر عن الطبيعة المخــدرة للنبتة، إلا أنها تتميز بفوائد كبيرة على المســتويي­ن الطبــي والصناعي والتي تظل الاستفادة منها حكراً على الدول التي تمكنت من إصدار نصوص قانونية تنظم بموجبها كيفية الاســتفاد­ة من مزايا نبتة الكيف على المســتوى الطبي والصناعــي. وأكد «الفريق الاســتقلا­لي» ورئيســه، نور الدين مضيان، أنهــم بصدد إعداد زراعة الحشيش في المغرب

مقترح قانــون يقضي برفع الصفــة الجرمية عن نبتة «الكيف» في إطــار اقتراح تعديل ظهير 1974 وتقدم رئيس «الفريق الاســتقلا­لي » بمجموعة من المقترحات.

مضيان الذي كان يتحدث خلال مناظرة مرئية نظمها المجلس الاقتصــاد­ي والاجتماعي والبيئي حول قضايا زراعة القنب الهنــدي، قال إنه يجب الاســتفاد­ة من التجــارب الدولية الســابقة في استغلال مســتخرجات القنب الهندي وتحويلها إلى العديــد من المنتجــات الطبيــة والتجميلية واســتغلال­ها. موضوع تقنين اســتعمالا­ت القنب الهنــدي لطالما أثار الجدل وتبــادل الاتهامات بين الأحزاب السياســية، خاصة وأن هــذا الملف يتم تداوله والتلويح بورقته كلما اقتربت التشريعات الانتخابية.قبل سنوات، وفي وقت دافع فيه حزب «الأصالة والمعاصــر­ة» عن تلك النبتة المنتشــرة في شــمال البلاد، ويطالب بالعفــو عن مزارعيها المتابعين في قضايا ذات صلة، كان حزب «العدالة والتنميــة » يرفض هــذا النقــاش ويعتبره حملة انتخابية قبل أوانها، قبل أن تعمل حكومة يرأسها

ســعد الدين العثماني، أمين عام حــزب «العدالة والتنمية» على مُدارســة مشــروع قانون يُرخِّص للاستعمالا­ت المشروعة لـ»الحشيش» والاستعداد للمصادقة عليه.

البرلمانية أمينة مــاء العينين عن حزب العدالة والتنمية، ورداً على الأسئلة المتعددة من مناضلي الحزب وشــبابه حول مشــروع القانون المتعلق بالاســتعم­الات الطبيــة للقنب الهنــدي، طالبت الحزب باعتماد سياسة تواصلية قوية واستباقية دون تأخير بخصوص مشــروع القانون الذي بدأ يثير ردود فعل ســلبية عند بعض شــباب الحزب فــي غيــاب المعلومة وغيــاب التأطيــر الداخلي والتواصــل الخارجي.«في منظــوري المتواضع، لا يجب أن يُحشــر الحزب في الزاوية بخصوص هــذا الموضوع، مهما كانت بعــض التصريحات أو المواقف السابقة هنا وهناك، ولا يـــجب أن يسمح الحزب بأن يكون هذا الموضوع سبب إحراجاً غير مبرر» تقول البرلمانية عبر صفحتها بـ«فيســبوك» متابعة: «مطلوب من الحزب تنظيم يوم دراســي عاجــل بخصــوص الموضــوع يحضــره خبراء

فــي القانون الدولــي وفي الصناعــات الدوائية وأخــــــص­ائيون وممثلون عن ســاكنة المناطق المعنية بزراعة القنب الهنــدي، مع تكليف مكاتبنا الإقليمية في الأقاليــم المعنية بإعداد تقارير نابعة من المعيش اليومي للمزارعين والعائلات.»

وزادت المتحدثــة قائلــة: «لا بــد مــن تقديم تصريحات رســمية فــي الموضــوع بمثابة مرجع للمناضــات والمناضلين، خاصــة وأن المعطيات حول هذا الموضوع المعقد غير متوفرة لدينا جميعاً، وقد أخطأنا في ســياق ضمور الحس الاســتباق­ي الذي يعاني منــه حزبنا بعــدم مواصلة النقاش بخصوص هذا الموضوع والذي بدأه الحزب غداة مناقشة مقترحات برلمانية في الولاية السابقة.»

وتــرى البرلمانيـ­ـة المذكــورة أن توجيه زراعة الكيف إلى اســتعمالا­ت طبية مؤشَّــر عليها علمياً بتراخيص رســمية تهم الأقاليــم المعنية، لا يمكن أن يكون موضــوع مزايدة على الحزب الذي يجب أن يتبنى ما هو إيجابــي ومقنع ويدافع عنه. وإذا تبــن ما يســتوجب النقــاش أو التعديل، فيجب التوجه إليه بناء على معطيــات علمية وقانونية واقتصاديــ­ة واجتماعية لا نتوفــر عليها جميعاً، لذلك لا بد من التريث.

قوانين حازمة

وترى حنان رحاب، برلمانية عن حزب «الاتحاد الاشــتراك­ي للقــوات الشــعبية» أنه مــن اللازم الرجوع لظهائر ملكية تحدد مناطق زراعة الكيف، حتى لا تتم توســعة مناطق هذه الزراعة، التي لها آثار سلبية على التربة والفرشة المائية.

وهي تعتقد أنه في حالة الترخيص من الواجب مراعاة عــدم تحــول الترخيص لمجــال الريع أو المضاربة، والقيام بدراســات بهدف حماية المجال الغابوي عبر تكثيف التشجير والتربة، والفرشة المائية مما يقتضي برامج لمرافقة الفلاحين الصغار، وضمان الدولة شراء المحاصــــ­ـيل عبر تأسيس مكتــب فلاحي خاص بهذا الأمــر، تكون من مهامه البحث عــن الشــركات الأجنبيــة والمحلية التي ستقوم بشرائه.

وأوصت النائبــة البرلمانية، فــي تدوينة لها، بإجراء دراسة حول تطوير البذور لتكون ملائمة للتربة، مع اســتعجالي­ة إصدار عفــو عام عن كل الفلاحين الصغار الذين صدرت في حقهم مذكرات بحث بسبب زراعتهم للقنب الهندي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom