Al-Quds Al-Arabi

موريتانيا: تنسيقية الأحزاب الممثلة في البرلمان تعلن عن خريطة لحوار شامل

- نواكشوط –« القدس العربي» من عبد الله مولود:

أخيرًا بدأت معالم الحوار السياســي الموسع تتضح بعد مخاضات طويلة، حيث تم أمس تداول نص خريطة سياسية محضرة له تضمنــت أهدافه ومراحلــه والموضوعات التي سيناقشها.

ويبدو أن اللقاءات الأخيــرة التي جمعت الرئيس محمد ولد الشــيخ الغزواني بعدد من قيادات المعارضة، قد جعلت الرئيــس يتراجــع عن موقفه الســابق من الحــوار، مبديًا اســتعدادًا للموافقة على اقتراح المعارضة، مع التحفظ على عنوان «الحوار» داعيًا إلى الاكتفاء بـ «التشاور».

وحســب مصادر مقربة من هذا الشــأن، فقد اتفقت على هذه الخريطة المشــار إليها منســقية الأحزاب السياســية الممثلــة في البرلمان التي تضم إضافــة إلى حزب الاتحاد من أجــل الجمهورية الحاكــم، أحزاب: اتحاد القوى الشــعبية واتحــاد قــوى التقــدم، والاتحاد مــن أجــل الديمقراطي­ة والتقدم، والتحالف الشــعبي التقدمي، والتحالف الوطني للديمقراطي­ة، وتكتــل القوى الديمقراطي­ة، وحزب الإصلاح، وحزب الحراك الشــبابي، وحزب الحوار، وحزب الصواب، وحزب الكرامة، وحزب طلائع قوى التغيير الديمقراطي.

وأكد زعماء الأحزاب السياســية، في بيان أصدروه أمس «أن الوقــت قد حان لإجراء تشــاور بين الطيف السياســي الوطني بشــكل عام، أحزاباً وفاعلين، من أجــل بلورة عقد جمهوري يقوم على مبادئ الإنصاف والعدالة والمساواة».

وأضــاف «أن هذا العقــد الجمهوري ســيحمي الحريات العامة والفردية، ويؤسس لنظام ديمقراطي صلب ومتجذر، ويســهم بشــكل بناء في الحفــاظ على الســلم الاجتماعي وتعزيز الوحــدة الوطنية، بعيداً عن النعرات الضيقة، وعن العنصرية، والإثنية، والقبلية، والجهوية».

وحسب الخريطة التي اطلعت عليها «القدس العربي» فإن الحوار أو التشاور كما تفضل الموالاة تسميته، سينظم خلال نيســان/إبريل المقبل على مرحلتين: أولاهما تتضمن القيام في ظرف ثلاثة أو أربعة أسابيع، باعتماد خارطة الطريق من قبل الأحزاب الممثلة في البرلمان )يتطلب هذا جر الإسلاميين لقاطرة التشــاور وهو أمر صعب( ثــم يطلق الرئيس أو من يمثله الدعوة للتشــاور الوطني، وتشكيل لجنة تحضيرية للتشاور تتفق عليها القوى السياسية.

وحددت الخريطة هدفين بارزين للحوار، هما إيجاد إجماع وطني حول القضايا الوطنيــة الكبرى، والقيام بإصلاحات جوهرية تمكن من إرســاء دولة القانون والعدل والمساواة، تفضي إلى تطبيع الحياة السياســية في البلاد بشكل كامل. وبعد إنهــاء الترتيبات التمهيدية المذكــورة، يطلق الحوار خلال 5 أو 6 أسابيع.وســيناقش المتحاورون طبقاً للخارطة عدة محاور، يتعلق أولها بالمسار الديمقراطي، والإصلاحات الدســتوري­ة والتشــريع­ية وتعزيز دولة القانون، وإصلاح المنظومة الانتخابية، وتطبيع الحياة السياســية.أما المحور الثاني فيتعلق بالوحدة الوطنية بجميع متعلقاتها، بما فيها معالجة الملفات الحقوقية الوطنية العالقة، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، وإرساء آلية لتعزيز اللحمة الاجتماعية.

ويشــمل المحور الثالــث الحكامة الرشــيدة، وتشــمل مكافحة الفســاد، وإصــاح القضاء، والإصــاح الإداري والعقــاري، ومواكبــة إصــاح وتعزيز التعليــم والصحة وتعزيز اللامركزية، وإيجاد آليات للولوج العادل للخدمات العامة، وتعزيز تطبيق قانون الوظيفة العمومية، فضلاً عن تمكين النساء والشــباب في الخارج من المشاركة في الحياة السياســية، ومواكبة وتعزيــز إصلاح الإعــام العمومي وتكريس حرية الصحافة.

أما المحــوران الرابــع والخامس، فقد خصصــا لقضايا المحافظة علــى البيئة ومعالجــة آثار التغيــرات المناخية، وحمايــة المصالح العليــا للبلاد.ونصــت الخريطة على أن مخرجات الحوار ستجري عبر إصدار وثيقة نهائية تتضمن نقاط الإجماع يوقع عليها المشــاركو­ن، مع الاتفاق على آلية مشتركة تتضمن تنفيذ ما يتم الإجماع عليه.

وتتولى لجنة تضم رؤســاء أحزاب التنســيقي­ة برئاسة

نائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم يحيى أحمد الوقف، عرض الوثيقة على الأحزاب السياسية.

وحســب مصدر مقرب من هذا الملف، فإن خارطة الطريق موجودة حاليــاً قيد التمحيص والدراســة على مســتوى القيادات السياســية للأحزاب، ومن المنتظــر أن يتقدم كل حــزب بملاحظاته علــى الخريطة قبل الإعــان عنها اليوم الجمعة.

وتضم التنســيقي­ة أحزاب المعارضة وأحــزاب الأغلبية الممثلة في البرلمان، بما فيها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وكانت قد تشــكلت مطلع العــام الماضي )2020( في إطار مســاع سياســية لتوحيد الجبهة الداخليــة في إطار مواجهة جائحة «كورونا».

وكان حــزب التجمــع مــن أجــل الإصــاح والتنميــة )الإسلاميون( أكبر الأحزاب المعارضة تمثيلاً في البرلمان، قد انسحب من هذه التنســيقي­ة، مما جعله خارج التحضيرات الجاريــة للحــوار رغم أنه ظل متمســكاً بالحــوار ضاغطاً مــن أجله.ويعود انســحاب حزب التجمع لمآخــذ على عمل التنسيقية وعدم أخذ الحكومة باقتراحاته­ا حول تسيير أزمة جائحة كورونا، وفق تعبير الحزب في بيان سابق.

وخلال الأشــهر الأخيرة، تحولت التنســيقي­ة من منصة للتشــاور حول جهود مكافحة الجائحة، إلى إطار للتشاور حول مختلــف القضايا بــن الأطراف السياســية، وبدأت الأحــزاب المعارضة الممثلة فيهــا الدفع نحــو تنظيم حوار وطني، وهو ما كان محل تحفظ من طرف السلطة.

وكان حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية )محسوب على الإخوان( قد حذر في بيان أخير له «من تبعات فشل أي حوار فى هذه المرحلة الخاصة جداً، لكونه ســيؤدى، حسب نظرهم، إلى إحباط قد لا يُقدر على تجاوز تداعياته فى الأمد القريب».

وأكد ولد ســيدي محمــود، في البيــان «أن الموريتاني­ين ســئموا من الفشــل المســتمر للحوارات المرتجلة والتحكم المسبق فى موضوعات ومخرجات الحوار».

وأكد الحزب «قناعته بأن الســبيل الوحيد إلى لم الشمل الوطنــي وتفــادي المنزلقــا­ت وتصحيح مســار الدولة هو التنادي إلى حوار وطني جامع لكل الفاعلين السياسيين على اختلاف مواقفهــم ورؤاهم، وهو ما أعلنــاهُ للرأي العام في وثيقتنا المنشورة تحت عنوان «نحو تحول توافقي».

وشدد حزب التجمع في بيانه، التأكيد على «أن أي حوار جاد يجب أن يتأسس على أرضية صحيحة قوامها الشفافية ومرتكزها استيعاب جميع الفاعلين السياسيين والمدنيين في البلاد» مضيفاً «أن التمثيل في البرلمان يجب ألا يكون شرطاً في المشــاركة أو في التحضير لأي حوار سياســي وطني، لا ســيما أن حزبين مهمين من بينهما ثاني أكبر تمثيل برلماني، ليسا ضمن العنوان الذي يتسمى بذلك الاسم».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom