Al-Quds Al-Arabi

الصادق جبنون: سعيّد اختار أن يكون رئيسا للمعارضة ... ولائحة سحب الثقة من الغنوشي تحمل خلفيات أيديولوجية

- تونس «القدسالعرب­ي» من حسن سلمان:

قال الصادق جبنون، الناطق باســم حزب قلب تونس، إن الرئيس قيس ســعيّد يتحمل مسؤولية الأزمة الأخيرة المتعلقــة بالتعديل الوزاري، معتبراً أنه اختار أن يكون «رئيســاً للمعارضة». كما أشار إلى أن ســعيد يرفــض الاعتراف بحكومة هشــام المشيشي لأن الأخير لم يرضَ بأداء دور «وزير أول» كما كان سائداً خلال حكم بورقيبة وبن علي.

واعتبر، من جهة أخرى، أن لائحة ســحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشــي، التي أعدتها أحزاب المعارضــة داخل البرلمــان، تحمل خلفيات أيديولوجية. ودعا أيضاً الأطراف السياســية إلى عدم التدخل في قضية ســجن رئيس الحزب، نبيل القروي، مشــيراً إلى أن القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة في حسم هذا الأمر.

وقال جبنــون، في حــوار خاص مــع «القدس العربي»: «الأزمة الراهنة في تونس هي أزمة قابلية للدســتور، فالرئيس قيس ســعيد يرفض النظام السياسي شبه البرلماني الحالي ويريد حكماً مباشراً يميل للرئاســوي­ة وتكون السلطات كلها مركزة عند رئيس الجمهورية، ودون آليات دستورية للتعديل، وهذا لا يمكن أن يقع الآن بحكم الانتقال الديمقراطي في تونس، فنحن الآن جمهورية شــبه برلمانية وقد تتطور مستقبلاً إلى جمهورية برلمانية على الطريقة الألمانية».

وأضاف: «يضاف إلى ذلك البرلمان المشتت الذي لا يتيــح وجود أغلبيــة ومعارضة بحكــم القانون الانتخابي الذي أساء للحياة السياسية في تونس، عبر نظام النســبية مع أكبر البقايــا، فبالتالي هذا التشتت البرلماني وعدم قابلية المنظومة السياسية الجديدة وما أتى به دســتور 2014، تشكل جميعها جوهر وأساس الصراع السياسي القائم في تونس اليوم».

ويميل جبنون إلى تحميل الرئيس قيس ســعيّد مســؤولية الأزمــة المتعلقــة بالتعديل الــوزاري، فـ»الدســتور واضح، حيث ينــص الفصل 92 على أن رئيس الحكومة يعين الــوزراء ويقيلهم ويدمج الوزارات وله كامل التصرف فــي حكومته، كما أن الحكومة -وفــق الفصل 95- مســؤولة فقط أمام البرلمــان، ورئيــس الجمهوريــ­ة دوره هو الاطلاع الصادق جبنون على التعديل الوزاري وتنفيذ الدستور عبر الدعوة لجلسة أداء اليمين الدستورية وهي عملية جوهرية ولكنها شــكلية، وهــي عملية إفصاح عن المســار الدســتوري الذي يقوم بموجبــه رئيس الحكومة بالتعديل، إضافة إلى أن الوزراء المقترحين حصلوا على أعلى درجات المشروعية بعد نيل ثقة البرلمان، وبالتالي الحكومة قامت بدورها، ولكن هناك رفض للحكومة من قبــل رئيس الجمهوريــ­ة، لأن رئيس الحكومة قام بدوره كاملاً ولــم يرضَ بدور الوزير الأول الذي كان موجوداً في عهد الجمهورية الأولى وفي ظل دستور 1956 .»

وكان اتحاد الشــغل والرباعي الراعي للحوار، فضلاً عن رئيس البرلمان، راشــد الغنوشي، وعدد من الأحزاب والمنظمات المدنيــة، تقدموا بجملة من المبادرات لحــل الأزمة السياســية الحالية، إلا أنها بقيت طي الأدراج ولم تجد طريقها إلى أرض الواقع.

وقــال جبنون : «هنــاك مبــادرات متعددة لحل أزمة التعديل الــوزاري، ولكنها دائمــاً تجد جداراً من الصمت من قبل رئيس الجمهورية الذي يرفض هذه المبادرات، ولو بصفة ضمنية عبر ما يصرح به مقربون من القصر أو عبر ما نسمعه من تصريحات الأمين العام لاتحاد الشــغل، نور الدين الطبوبي أو الأطــراف الأخرى، فردود الفعــل تذهب لرفض أي مبــادرة للحوار وإبقاء الوضع على ما هو عليه، أي ديمومة الأزمة السياسية .»

وحول تقييمه لأداء الرئيس قيس ســعيد، قال جبنــون: «رئيس الجمهورية لديــه دور يمنحه له الدســتور وهو الضامن للمؤسســات الجمهورية، أي هو دور يجمع به الفرقاء السياســيي­ن ويضمن ســيرورة المؤسســات عبر التعاون مــع الحكومة والبرلمان لدعم المســار الديمقراطي والمؤسساتي، لكن مع الأسف رأينا أن رئيس الجمهورية اختار أن يكون رئيســاً للمعارضة أو رئيساً لموالاة الرئيس، بدل أن يكون رئيســاً جامعاً لكل التونسيين، وهذا هو الإشكال الموجود الآن».

وأضــاف: «كمــا أن هنــاك حيــاداً عــن الدور التقليدي للرئيس قيس سعيد، فرئاسة الجمهورية تغيبــت عن جميع المناســبا­ت الإفريقيــ­ة ولو عبر تقنية الاتصال عن بعد بســبب كورونا، وكذلك عن المحافل الدولية وحملــة توزيع التلاقيح، كما غابت أيضاً عن اجتماع مجموعة العشرين عندما تم إقرار المســاعدا­ت وخطط الإنقاذ الاقتصادي للدول التي تضــررت أكثر بســبب كورونا، وهنــاك غياب عن المشــهد الليبي رغم أهمية ليبيا بالنســبة لتونس. يعنــي دور تونــس الدبلوماسـ­ـي تقلــص كثيراً، وهناك أيضاً غياب الرغبة فــي التجميع والتعاون في إنقاذ تونس من الأزمة السياسية والاقتصادي­ة والاجتماعي­ة والصحية والتي لها انعكاسات كبيرة على الشــارع، أهمها تأخر وصــول التلاقيح وعدم معرفة نوعيتها».

وكانت كتل نيابيــة أعلنت نيتهــا تقديم لائحة جديدة لســحب الثقــة من رئيس البرلمان، راشــد الغنوشــي، مشــيرة إلى أنها نجحت حتى الآن في جميع 103 أصــوات )تحتاج اللائحة لـ109 أصوات ليتم سحب الثقة من الغنوشي(.

وعلّــق جبنون علــى ذلك بقولــه: «كانت هناك لائحة سابقة لســحب الثقة من الغنوشي، وكانت لائحة أيديولوجية ونعتبرها استمراراً للصراع بين دول الخليــج العربي الذي انتهى في قمة العلا، ولم تنل هذه اللائحة الثقة بل إن عدداً كبيراً من النواب حينها لم يحضروا الجلســة، واليوم تتم إعادة هذا الســيناري­و مرة أخرى، فرغم أن الخلاف الخليجي انتهى ولكن يبــدو أن ارتداداته لــم تصل لتونس حتى الآن».

وأضاف: «هذه اللائحة أيضاً قائمة على خلفيات أيديولوجية، وهذا يضر باســتقرار المؤسســات، ولكن في نهاية الأمــر كل أداء يمكن أن يتم تقييمه، فإن كان من مصلحــة مجلس النواب أن يتم تجديد رئاسته فسيقع التقييم على أساس موضوعي، وإن كانت هناك مصلحة في أن تســتمر الرئاسة الحالية

فســيتم ذلك أيضاً وفق أســس موضوعية، وليس انطباعيــة أو تحكمهــا الخلفيــات الأيديولوج­ية، وقد رأينا أن الأيديولوج­يا أفلســت في معظم دول العالم .»

وحــول علاقة حــزب قلــب تونس مــع حركة النهضــة، قل جبنــون : «نحن أحــزاب منتخبة في البرلمــان علــى أســاس ديمقراطي، ونحــن ندعم حكومة هشام المشيشــي، وهناك شراكة تجمع بين أحزاب الحزام البرلماني الداعــم للحكومة. وقدمنا ســابقاً وثيقــة منهجية كــي تكون وثيقة شــراكة سياســية بين جميع أطراف هــذا الائتلاف )وليس فقط بيننا وبين النهضــة( أي جميع الأطراف التي تريد دعم الاستقرار السياسي والحكومة والخروج من الأزمة الاقتصادية، وهــي وثيقة منهجية ونوع من الالتزام السياســي والأخلاقي، وهذا كان غائباً فــي الحكومات ما قبل المشيشــي )الحبيب الجملي وإلياس الفخفاخ( وطلبنــا أن تكون وثيقة جامعة وبرامجية علــى الصعيد السياســي والاقتصادي والاجتماعي، تمهّد لشــراكة سياسية، ولكن لم يقع البت بهذه المبادرة لحد الآن.»

وفيما يتعلق بقضية ســجن رئيــس حزب قلب تونس التــي تثير جدلاً سياســياً، قــال جبنون: «قضية نبيل القروي تهم القضاء التونســي ونحن راضــون بحكــم القضــاء، والقضاء فــي تونس مســتقل ولدينا ثقة في نزاهة القضاة، وطلبنا عدم التدخــل في هذه القضية من أي طرف كان، ســواء بالمســاند­ة أو بالضغط على المحكمــة لتصدر حكم إدانة، وهذا ما رأيناه أخيراً من قبل بعض الأطراف في المعارضــة التي ترغب بتكييف القضاء حســب رغباتها السياسية، كما كان هناك نوع من التضامن الإنســاني من قبل رئيس البرلمان، ولكن نفضل ألا يتم التدخل في هذا الأمر من أي طرف سياسي، كما أسلفت». وأضاف: «نحن في قلب تونس لدينا فصل بين المسار السياســي والقضائي وقد أثبتنا في كل مرة أنه قرار مؤسساتي ينبع من مؤسسات الحزب، ونحن متمســكون ببــراءة القــروي، ولكن هذه البراءة يصرح فيها القضاء ويعيد له كل حقوقه في قرار قضائي نزيه وواضح للجميع.»

وكان القضاء التونســي قرر أخيراً الإفراج عن القروي، الذي يواجه الســجن بسبب قضية تتعلق بتبييض الأموال، حيث يتوقع إطلاق سراحه خلال أيام بعد تســديده مبلغاً مالياً قدره 10 ملايين دينار (3.5 ملايين دولار(.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom