Al-Quds Al-Arabi

يوم مخضب بالمآتم

هشام بن الشاوي٭

-

«إلى أصدقائي الشعراء في تويتر»

يدك دافئة.. كانت تــردد دائما.. كنت ركيــك العاطفة والأســلوب، مثــل أي رجل شــرقي، لم أكن أعــرف أن دفء اليدين يشــي بدرجة حرارة الفــؤاد. ندمت الآن، لأن الكثير من الجميلات حرمن من هذا الدفء، الذي ســوف يفتقدنه كثيرا، بعد أن تتهــدل حياتهن. لقد حرمتهن من تلك الرجفة الغامضــة، التي تعتري المرء كلما تذكر الماضي.

تســألني زوجتي عن عمري، فــا أتذكر.. لــم أحــب دروس الرياضيــا­ت أبــدا.. المهم، وبصدقي المعهود والنادر أجيبكم: إنني في

منتصف العقد الرابع، ويــدي لم تعد دافئة، ورغم أن الربيع بدأ يحبو، وذكور العصافير تتشاجر ببسالة، من أجل تلك الغريزة.. فما زلــت أحــرص على ارتــداء معطف شــتوي، وبدأت أعي سبب حرص الشيوخ على ارتداء جلاليب صوفيــة ثقيلة في الهجيــر. يتفاقم صهد قلبي كلما أبصرت امرأة «حلوة». ألعن هذا الداء، الذي حرمني من كل شيء حلو..

أتذكر نســاء كثيرات، لــم يمتدحن دفء يــدي ولا وســامتي الشــحيحة، كــن فقــط، يأمرنني أن أنتهي بسرعة، بفظاظة. وحدها تلــك الشــابة المليحــة، أســرفت فــي التهام شــفتي بلهفة عاشــقة، مدججة بشوق ألف عام، وألف امرأة، كانت ســكرى. هل نحتاج ـ فعلا ـ إلى أن نســكر، حتى تفضح قلوبنا؟ قبلاتهــا النهمــة، ذكرتني بســعاد، وقبلتها الأولــى.. الآن، لــم يعــد للقبــل أي طعــم في حياتــي، حتى لــو تصدقــت بها علــيّ امرأة فاتنــة، بــدون ســابق معرفــة بيننــا. فقط، أتحســر، لأن غيمة يدي لم تمطر فوق سهول مفاتــن جميلات، يدخــرن هذا المطــر الدافئ لسنوات القحط المقبلة، سنوات يتحول فيها الحــب إلى مجــرد واجب زوجــي ممل، على فراش بارد..

علــى الأقــل، كنــت ســأكتب الكثيــر مــن الروايــات، نكايــة في ســعاد.. بــدل اجترار قصة حــب قديمة، يهطل النحيــب في قلبي، كلمــا تذكرتها، أو قرأت مقطعــا من روايتي، «هكــذا ينتهي الحــب عادة» وربمــا أفلح في كتابــة قصائــد نثــر، تنســف بيت عشــيقة قديمة، لأن بعلها/بغلها ـ سيان ـ لا تجيد يداه الباردتان تهجي مفردات مباهجها السرية. كنت أعرف أن رشقة واحدة، كانت تكفي.. لأن أقضي هذا اليوم ضائعأ في مروج نظرة عابرة متخما بالضجر، الخواء والحداد مصلوبا على المسافة الفاصلة بين عينين مستبدتين.. وبين قلب خذله الجميع نظرة تكفي لأن تجعل نهارا ربيعيا رائقا مخضبا بالمآتم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom