Al-Quds Al-Arabi

«الآخر هو الجحيم»

-

«الجَمل لا يرى ســنامه، لكن يضحك إذا رأى ســنام أخيــه» مَثل ينطبق على قناة «العربية» الســعودية التي تركّز هذه الأيام على انتهاكات حقوق الإنســان في عدد من الدول العربية والإســامي­ة كســوريا وإيران وتركيا وغيرها، لكنها تغض الطرف عمّا يجري في بلاد الحرمين الشــريفين، كما لو أن أهاليها يرفلون في جنات لا ظلم فيها ولا اعتداء.

فمنــذ يومين، خصصت نشــراتها الإخباريــ­ة لموضــوع محاكمة ضابط المخابرات الســوري الســابق إياد الغريب في ألمانيا، وأسهبت في الحديث عن جرائم التعذيب والقتل التــي كان ينفّذها هو وزملاؤه في حق المعتقلين السوريين الُمعارضين لنظام الأسد.

وانتقلت إلى موضوع الاحتجاجات الشعبية في إيران، حيث تحدثت عن تجاوزات الشــرطة هناك وقمعهم المتظاهرين، وافتخــرت القناة إياها ببثّ تصريح مباشر لوالد أحد الُمعتقلين، أدلى به من داخل الجمهورية الإيرانية.

ثم عرّجت القناة الســعودية على تركيا، مُدلية بدلوهــا في الحملة التي أطلقها مُغرّدون ســعوديون، والداعية إلى مقاطعة بلد رجب طيب أردوغان، وذلك بعدما بثت قناة تركية خريطة افتراضيــة عن نفوذ أنقرة بحلول عام 2050، وفي هذه الخريطة التي نســبتها القناة إلى معهد أمريكي يظهر طموح «العثمانيــ­ن الجدد» (على حد تعبيرهــا( الذين يريــدون «ابتلاع» المملكة العربية السعودية ومعظم البلدان العربية الأخرى.

من خلال قناة «العربية» إذن، يبدو العالم تقريبًا )لا سيما «محور الشر») مليئا بالمشكلات وأوجاع الرأس )الآخر هو الجحيم، بتعبير سارتر( إلا بلدها هي، فلا انتهاكات لحقوق الإنســان، ولا اعتقالات، ولا نشــطاء حقوقيين أو مثقفين أو دعاة في السجون، ولا فوارق طبقية صارخة، ولا احتكار للسلطة لدى فئة محــدودة جدا... كما لو أن مــا يتردد في وســائل الإعلام العالمية والمنظمات الحقوقية وتقارير الهيئات الأمميــة وغيرها، عن واقع الحال في بلاد الحرمين الشريفين، مجرد زيف وبهتان وكلام حُسّاد طامعين!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom