Al-Quds Al-Arabi

«هواوي» الصينية للاتصالات تتمدد في الدول الخليجية وتعوض عن خساراتها نتيجة القيود الأمريكية والأوروبية

-

■ دبــي - أف ب:عانــت شــركة «هواوي تكنولوجيز» من انتكاسات في الولايات المتحدة وأوروبا، لكن عمــاق الاتصالات الصيني نجح في التمدّد في دول الخليج مع تنامي شهية الدول الغنية بالنفــط لتنويع اقتصاداتها وتســريع ربطها بالتقنيات الحديثة.

وتستثمر دول الخليج، التي تربطها علاقات سياســية واقتصادية إســتراتيج­ية بالولايات المتحدة، فــي هــذه التقنيات بشــكل كبير في السنوات الأخيرة.

وقد اختــارت «هــواوي» لتطويــر خدمات الإنترنت من الجيل الخامس فيها، أو حتى إقامة «مدن ذكية» تعتمد علــى التكنولوجي­ا والذكاء الاصطناعي لتحســن كفــاءة خدماتها وقطاع المراقبة الأمنية فيها.

وقالت كاميــل لونــز، الباحثة فــي «المعهد الدولي للدراســات الإســترات­يجية» في لندن، أن دول الخليج «لم تقتنع» بالســجال الأمريكي والأوروبــ­ي حيــال الشــركة، خصوصــا وأن «استخدامها التكنولوجي­ا لغرض مراقبة سكانها أقرب إلى ممارســات الصين منه إلى ممارسات الدول الغربية».

وبعــد عقدين مــن دخول الخليــج، ضاعف العمــاق الصيني في الفترة الأخيــرة عمليّاته في هذا المنطقــة الثرية. فقد أعلنت الســعودية الشــهر الماضي عن افتتاح أكبر متجر للشــركة خارج الصين في العاصمــة الرياض، وذلك بعد أشــهر قليلة من إبرام اتفاقيــة لتطوير الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.

كذلــك، وقّعــت شــركة «باتك» الســعودية للاســتثما­ر والأعمال اللوجيســت­ية في صيف 2020 اتفاقية مــع «هواوي» لتطوير مشــاريع «مدن ذكية» في البلاد.

يذكر أن «هواوي» هي بالفعل أحد الشــركاء الرئيسيين في أول «مدينة ذكية» في السعودية في ينبع )غــرب( وقد طوّرت تقنيات لتســهيل مناسك الحج.

وفي الإمــارات، أطلقــت «هــواوي» الكثير من المشــاريع في إمارة دبي التــي تعتبر «أذكى مدن» الشــرق الأوسط، من افتتاح مركز تخزين للبيانات، إلى خدمة الدفــع عبر الإنترنت لأهم شبكة نقل عام خليجية.

وقد جــاءت هــذه الصفقات فــي وقت مهم بالنسبة للشــركة الصينية الرائدة في تقنيات الجيــل الخنمس من الاتصــالا­ت )جي5( بعدما باتت مســتهدفة فــي الولايات المتحــدة حيث

وُضعت على قائمة ســوداء للشــركات بسبب صلات مفترضة لها مع الجيش الصيني واحتمال استخدام معداتها لأغراض المراقبة.

وصدر هذا القرار فــي إطار الحرب التجارية التي شــنها الرئيس الأمريكي الســابق دونالد ترامب ضد الصــن. وقد حثّت «هــواوي» هذا الشــهر الرئيس جو بايدن على اعتماد «سياسة انفتــاح» تجاههــا، لكن من المرجــح أن تحافظ الإدارة الجديدة على موقف متشدد.

وفي أوروبا، اســتبعدت بريطانيا والسويد العمــاق الصيني من شــبكات الجيل الخامس متذرّعة بمخاوف تتعلّــق بالأمن القومي، بينما فرضت فرنســا قيــودا صارمة علــى تصاريح التشغيل على أراضيها.

وقال تشارلز يانغ، مدير «هواوي» في الشرق الأوسط في مقرها الاقليمي في دبي «نحن نعمل مع الحكومات والقطاعــا­ت الصناعية وعملائنا

بطريقة منفتحة وشفافة وبنّاءة».

واعتبر أنّه «من خلال كسب ثقة شركائنا في الشــرق الأوســط، تمكنا من تخفيف الضغوط السياســية الخارجية مثل تلك التي تمارســها الولايات المتحدة» مُرحّبــا «بالنهج الموضوعي والواقعي» لحكومات المنطقــة. وتابع «في دول الخليج، أصبحت البُنية التحتية الرقمية ركيزة أساســية لإســتراتي­جيات التحــول الوطنية الخاصة بها».

فالتحفظ الغربــي لم يمنع «طيران الإمارات» وهي أكبر شــركة نقل جوي في الشرق الأوسط ومقرها في دبي، من اختيار «هواوي» في نهاية 2020 لبناء مركز قيادة وتحكم لتحسين قدراتها الأمنية والمراقبة.

وقال متحدث باســم «طيــران الإمارات» أن «هذه الوســائل تُســتخدم في جميع القطاعات من قبل مؤسســات القطاعين العــام والخاص

في جميع أنحاء العالم، لا ســيما لأسباب تتعلق بالسلامة والأمن العامين .»

يذكــر أن الصــن هــي الشــريك التجاري الرئيســي لدول الخليــج. فوفقــاً لأرقام الأمم المتحــدة، بلغت تجارة الصين مع الـــسعودي­ة، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، حوالي 36.4 مليار دولار فــي العام 2019، وحوالــي 12.5 مليار مع قطر، وأكثر من 50 ملياراً مع الإمارات وحدها.

وقد يثير شــهر العســل بين «هواوي» ودول الخليج نقاشات من منطلـــق أنّ هذه الدول من أكبر «مشتريّ المعدات العســـكري­ة الأمريـــك­ية وتســتضيف عــدة قواعـــد أمريــــكي­ة على أراضيها» حســب الباحثة لونز، التي تشــــير إلى أنــه «قد يكون هنـــاك خــطر من حـدوث تجـسّس على المعلومات العسـكرية الأمـريكية الحساسة أو التكـنولوج­يا العـسكرية ونقلهـا إلى الصـين .»

 ??  ?? المقر الاقليمي لشركة «هواوي تكنولوجيز» في الشرق الأوسط في الحي المالي في دبي
المقر الاقليمي لشركة «هواوي تكنولوجيز» في الشرق الأوسط في الحي المالي في دبي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom