Al-Quds Al-Arabi

بين أحزاب «تلميع الشمعدان» وخيار «المشتركة»: لماذا يسكت «متظاهرو بلفور» عن إرهاب إسرائيل ضد الفلسطينيي­ن؟

- إسحق ليئور

■ منذ أشــهر والاســتطل­اعات تتنبأ: فوز نتنياهو انتصــار لليمين. مع ذلك، اســتمر وجود الوســط – يسار على الجســور وفي بلفور وكأنه ليس له علاقة بالسياســة، باســتثناء العلاقة الذاتيــة، وهو غير مبال بالحقائــق الكولونيال­ية فــي حياتنا ومتحمس لشــيء واحد وهو كراهية نتنياهو. من أين تأتي هذه الكراهية؟ بعد التحقيقات والاتهامات وثلاث جولات انتخابية، لم تضعف قوة نتنياهو. الليكود وشــاس والأصوليون هم المعســكر الأكبر. كراهيــة المناوئين لبيبي غير موجهة لبيبي أو للمستوطنين الذين يقفون إلى جانبه، بل لـ «القاعدة». والاستهزاء بأفيشاي بن حاييم، كما يبدو يتطرق فعليــاً لمضمونها بتهديداته التافهة. «إســرائيل الثانية» مخلصــة لنتنياهو. هذا صراع عرقي. لا يدور الحديث عن عدد الشرقيين الذين هــم في كل قوائم المرشــحين، بل عــن الوعي العرقي للمعسكرين المتنازعين على السلطة. إن برنامج «بلاد رائعة» بمســرحيات­ه الهزلية يحول اللاوعي إلى أمر واضح.

تاريخياً، الموجة «الشــرقية» التي زادت في العقد الأخير في الشبكات الاجتماعية وانزلقت إلى الخارج، كانت «حداداً» على فقدان الأغلبية الشــرقية. شعراء حصلــوا على هالــة لحظيــة، ميري ريغــف تألقت، الأشكناز قرأوا تشــيخوف، كان بإمكانهم العودة إلى «مكشــوفون في البرج» أو إلى مئير شــليف. الهجرة الكبيرة مــن الاتحاد الســوفييت­ي غيــرت الخارطة الديمغرافي­ــة منذ زمن. وفــي برامــج «الأفيون» في القنوات يتوجون شرقيين، وزبائن جيدين، كـ «ملوك

أغبياء ». إن تقليص العمل المنظم أبعد الشــرقيين أكثر عن قواعد قــوة الديمقراطي­ة. والشــرقيو­ن بصفتهم جمهــوراً عرقياً، هم فــي الخارج، رغم أميــر أوحانا ودافيد امســالم. وبشــكل عام، زيادة قــوة نتنياهو تحققت بســبب تفــكك المجتمع السياســي منذ نهاية الثمانينيا­ت، وهو بالتأكيد يســاهم في ذلك، والدليل تفكك الأحزاب التي كانت على صلة به.

يمينيــو نتنياهــو، ومصوتــو الليكود وشــاس ســلبيون ،كأنهم أجانب، لا يخرجون إلى الشــوارع. ولكنهــم يعرفــون أن الكراهيــة تجاههــم، كراهية خوف واحتقــار تحت الأرض وفوقهــا، منذ «الهجرة الجماعيــة». ظهر الدليل الأول البارز على «وســط – يســار » الذي يفضل اليمين الأبيــض، في 1993 عندما تنافس حزب «ميرتس» مــع الليكودي روني ميلو في الانتخابات البلدية في تل أبيب ضد أفيغدور كهلاني، اليمني الذي كان مرشح حزب العمل. هنا جاء ادعاء: «نتنياهــو غير شــرقي». والجواب هــو: «لا تقرروا من يمثلنــا». وعلى أي حال، قيادة الطبقة الوســطى تحتفــل، الذين صوتوا لبنــي غانتــس أدوا التحية للحروب الأكثر إثارة للاشمئزاز، وشاركوا في تصفية حركــة العمل منذ تشــكيل حركــة داش وخنازيرها. كانوا شــركاء مجتهدين في حكومات اليمين وفي قمع الفلسطينيي­ن وفي الخراب الذي أنزله علينا «مشروع الاستيطان».

لذلك، فإن مــن يقفون على الجســور وفي بلفور يصمتــون علــى الأمر الحقيقــي وهــو الإرهاب ضد الفلســطين­يين في الضفة وغيتو غزة وطرد الســكان الأصليين من الغور. هذا أمر صغير بالنســبة لهم، مثل أخبار فــي التلفاز: يهتمــون بالإغلاقات وليس بطرد السكان الأصليين الذين يواجهون البرد. هذا الوسط – يسار هو جزء لا يتجزأ من لحم الصهيونية المتفشية مثل الغرغرينا. ماذا لديكم أكثــر من الحملة الدعائية ليئير لبيد في الخارج ضد «نحطم الصمت»؟

نتنياهــو ليــس أفضــل مــن البديــل المتمثل بـ ســاعر – بينيت – لبيد، الذين ليســوا أفضل منه، لا في موضوع المســائل الاجتماعيـ­ـة، ولا في الموضوع الكولونيال­ي، الذي ســتنهار الديمقراطي­ــة في ظله. بالنسبة لليســار، الأمر واضح: المســألة ليست إلى جانب من نحن في الصراع؛ لأننا في نهاية المطاف إلى جانب الفلسطينيي­ن. والسؤال هو: من الذي سيمثلنا في الوقوف إلى جانبهم؟ وســؤال التمثيل – من الذي سيمثلني أمام الأمر الحقيقي؟ - هو السؤال السياسي الوحيد. والإجابة الحاســمة والملموســ­ة هي القائمة المشتركة، وجميع الأحزاب الأخرى ليست سوى تلميع للشمعدان.

هآرتس 2021/2/25

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom