Al-Quds Al-Arabi

أمام «مؤامرة نيسان» والإصبع رقم 61: ماذا ينتظر الائتلاف المناهض لنتنياهو؟

- أوريت لفي - نسيئيل

■ إحدى الظواهــر الكريهة التي تميز حمــات الانتخابات الأخيــرة هي الحديث عــن تصويت اســتراتيج­ي. وكأن هناك صيغة رياضية تحسب فرص رفع أعداد الأصوات وتعزيز الكتلة التي يعدّ العنصر الأيديولوج­ي فيها هامشــياً. هذا يحصل على جانبي الخريطة السياســية، ولكنه يتجاوز الأحزاب الأصولية التي تنسجم فيها الاستراتيج­ية والأيديولو­جية.

ظاهــراً، في معســكر «فقط بيبي» المســألة منتهيــة تماماً. فقد «هنــدس» نتنياهو البيت اليهــودي، «نوعام» و»عوتصما يهوديــت»، كي يقلص ضيــاع الأصوات في كتلــة اليمين، وفي اللحظة الأخيرة ســيجذب إليــه مقعداً أو مقعديــن من بينيت وســاعر. لن يكون مفاجئاً إذا ما دخل ايتمار بن غبير في اليوم التالي للانتخابات برأس مرفوع من الباب الرئيس إلى العصبة الأولى في ديــوان رئيس الوزراء. الســذج الذين لا صلاح لهم هــم فقط من يصدقــون نتنياهو بأن بن غبير لــن يكون عضواً في حكومته. إذا كان ســيمنح الإصبع الـ 61 لائتلاف نتنياهو، فســيكون الذيل الــذي يهز «حكومــة يمين أعلى كاملــة». بهذا المفهوم، فإنك إذا صوت لنتنياهو، فستحصل على بن غبير.

من الجانب الآخر، تجري معارك على حدود نســبة الحسم. أســاس الضغط يمارس علــى بيني غانتس كي ينســحب. في الانتخابات السابقة، علق مصوتو اليسار – الوسط عليه الأمل بتغيير نتنياهو. أما الآن فيشــيرون إليه كمن يعرض المعســكر للخطر. غانتس حالة كلاســيكية لزعيم كان طريقه إلى الجحيم السياسي مبلطاً بالنوايا الحسنة. وقد ربح باستقامة كل ما يقال عنه. كانت لديه معلومات استخبارية في الزمن الحقيقي، ولكنه اختار أن يتجاهل كل تحذيــرات «مصابي بيبي» ودخل بعيون مفتوحة إلى الفخ الذي أعده له نتنياهو.

في المقابلات التي منحها غانتس هذا الأسبوع، عرض نفسه كبطل تراجيدي. مقاتل قفز علــى القنبلة اليدوية كي ينقذ دولة إســرائيل من انتخابــات رابعة. وهــو مقتنع بأنــه «أخذ» من نتنياهو نصف حكومة، وقرر جدول أعمال، وحمى جهاز القضاء ومنع الضم. والآن مهمته إحباط «مؤامرة نيســان» التي يعدها

نتنياهــو: «إلغاء المحاكمة، وإقالة المستشــار القانوني والبقاء هنا إلى الأبــد». يرفض غانتس أخذ المســؤولي­ة عن أن القنبلة في نهاية المطاف أفلتت منه، وتدحرجــت وتفجرت لمؤيديه في الوجود. وهو يتنكر إلى أنه شــكل أنبــوب تنفس لمواصلة حكم نتنياهو.

وقع هذا الأســبوع 130 مســؤولاً كبيراً في جهاز الأمن على عريضة تحــت عنوان «بينــي حتى هنا!»ودعوه للانســحاب من الســباق كــي لا تضيع أصــوات «معســكر التغييــر». قد يكونوا محقين. اســتراتيج­ية «ســبق أن قلنــا». والكثير جداً من السياســيي­ن ارتكبوا أخطاء، ولن نقــول كذبوا، بل خدعوا، ونكثوا الوعود وجعلوا السياســة موضعاً للحفر فيه، ومع ذلك حظوا بثقة الجمهور. وليس غانتس أسوأهم بالتأكيد، ومع ذلك فهو كيس ضربات مريح. كل من رأى فيه مســيحاً يتعاطى معه الآن كرجل عنيد يتمسك بقرون المذبح.

في الوقت الذي يركــز فيه معارضو المتهم في بلفور على نزع الشــرعية عن غانتس، يبني نتنياهو ائتلافه التالي. أوائل من وقع على كتاب الولاء لنتنياهو هم رؤســاء الأحزاب الأصولية، والانتهازي­ون المعروفون. سموتريتش يستعرض العضلات كي ينزع من نتنياهو وعداً بالضم أو كذبة ما أخرى، ولكنه ســيوقع أيضاً.

يمكن للمهرجان السياسي أن يتواصل إلى أجل غير مسمى، ولكن في عالم موازٍ، تغرق دولة إســرائيل. دعكم من تبجحات نتنياهو )أوائل من أغلقوا الســماء، والأوائــل في التطعيمات، والأوائل للخروج من الأزمة(، فمن خلف كمامات كورونا تختبئ متلازمة الثلاثة – الاكتئاب، والترنح، والقلق: الاكتئاب بســبب ما حصل حتــى الآن، والترنح أمام الواقــع اليومي، والقلق من المســتقبل. في اليوم التالي للانتخابــ­ات، عندما يهدأ الضجيج السياسي ويصحو مواطنو إسرائيل، سيكتشفون مؤخراً بأنهم يعيشون في دولة أفلســت من كل جانب – اقتصادياً، اجتماعياً وأخلاقياً. إذا لم يصحُ المعســكر المضاد لبيبــي ويبلور مخططاً لتعــاون ائتلافي، فســتفلت فرصة اســتبدال نتنياهو من بين الأصابع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom