Al-Quds Al-Arabi

تحضيرات لتظاهرة مؤيّدة للراعي السبت تحت شعار «لكل احتلال بطريرك» رداً على نصر الله

سيّد بكركي: لبنان بطبيعته ليس للحروب وعشنا الحياد حتى ظهرت ميليشيات

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

كل الأنظار شــاخصة يوم الســبت إلى التجّمع الشــعبي الذي دُعي اليه تأييداً لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشــارة بطــرس الراعي من موضوع عقد مؤتمــر دولي من اجل إنقاذ لبنان وتثبيت هويته ووجوده وحياده.

وانطلقــت الحملــة بشــكل عفوي علــى مواقع التواصــل الاجتماعــ­ي تحت عنوان «لــكل احتلال بطريــرك» كإشــارة لوقــوف الراعــي حالياً ضد الاحتــال الايرانــي بعد وقــوف البطريــرك مار نصــر الله بطــرس صفير ضد الاحتلال الســوري والبطريرك الياس الحويّك ضــد الاحتلال التركي. وسيجري ترقّب لحجم التظاهرة في ظل الإجراءات الوقائية في زمن كورونا، والحد من التجوّل إلا بإذن من المنصّة الالكتروني­ة، ولوحظ أن بعض الناشطين دعوا الراغبين في التوجّه إلى بكركي إلى أن يكتبوا على المنصّة «ذاهب لعند راعي الكيان» أو «ذاهب إلى حيث لا يجرؤ الآخرون .»

وإذا كان يُتوقّع أن يكون مؤيّدون لحزب القوات اللبنانية في طليعة المشــاركي­ن في التظاهرة التي ستُرفَع فيها الاعلام اللبنانية، فإن حزب الوطنيين الأحرار وحركة الاســتقلا­ل ومجموعات في ثورة 17 تشــرين/أكتوبر دعوا ايضاً إلى المشاركة وسط حملةدعائية­علىشاشة .

وســبقت التظاهرة المقررة يوم الســبت زيارات لوفود حزبيــة إلى بكركــي بعضها مؤيّــد لمواقف البطريرك كحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشــتراك­ي الذي أوفد رئيسه وليد جنبلاط الوزير الســابق غازي العريضــي إلى الصرح فــي زيارة لافتة تذكّــر بتلاقي جنبلاط مع البطريرك صفير منذ عام 2000 ضد نظام الوصاية الســورية في لبنان. أما الرئيس المكلّف ســعد الحريــري فأجرى اتصالاً بالبطريــر­ك وتــداول معه التطــورات، مع ترجيح قيام وفد من «كتلة المســتقبل» بزيــارة الصرح بعد زيارة تمّت إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.

توضيح

MTV

«التيار» حول الرسالة

أما «التيار الوطني الحر» الذي يشعر بالإحراج نتيجة تحالفه مــع حزب الله فهو يغرّد خارج حلقة التأييد للبطريرك، ولوحظ أن رئيسه النائب جبران باسيل أرسل رســالة إلى البابا فرنسيس تتضمّن شــرحاً لمواقف التيار من الوضع اللبناني ومسألة تأليف الحكومة وما يُحكى عن حقوق المســيحيي­ن. لكن هذه الرســالة لم تلقَ الارتياح في الأوســاط المسيحية لأنها اعتبرت وكأنها التفاف على الراعي ونوع من الشكوى إلى السفارة البابوية التي باتت في نظر التيار أقرب إليهم من بكركي.

وفي محاولــة للملمة تداعيات هذه الرســالة، اتصل باســيل بالبطريرك وأوفد إلى الصرح وفداً نيابياً ضمّ النواب: ســيزار ابي خليل، سليم عون، روجيه عازار، جورج عطا الله، وسليم خوري.

وبعــد اللقاء أوضح عــازار « أننــا نقلنا تقدير رئيــس التيــار لمقــام بكركــي ودورهــا الوطني والديني. وكانت مناســبة للبحث مــع غبطته في المســتجدا­ت السياســية والهموم العامــة، وفي مقدمها الاســتحقا­ق الدســتوري المتصل بتأليف حكومة قادرة بتركيبتهــ­ا وبرنامجها على تحقيق الاصلاح المطلوب واكتساب ثقة اللبنانيين قبل كل شــيء. وقد لمســنا حرص أبينا البطريرك على أن

يتم الاستحقاق في أســرع وقت من ضمن الأصول والقواعــد الميثاقية والدســتور­ية وعلى أســاس الشــراكة الوطنية الكاملة. واستمعنا باهتمام إلى طروحات صاحب الغبطة في شأن توفير الظروف الدولية الداعمة للبنان بهدف إخراجه من الأزمات الضاغطة ولا سيما منها الأزمة الاقتصادية. ولمسنا منه حرصه على تثبيت الشراكة والسيادة الوطنية وإعلاء شــأن الدولة ونحن نتفق معــه على هذه المبادئ». وأبلغنــاه أن «التيار الوطني الحر» على استعداد للبحث والمساعدة في أي طرح يعزز هذه الأهداف على قاعدة الحوار الشامل بين اللبنانيين. أمــا المصطادون في الماء العكــر، فنقول لهم إن هذا الصــرح أكبر وأنقى مــن ان تطاوله ســهام الكيد والســلبية. وما بينه وبين «التيار الوطني» قيادة وجمهوراً، لن تقوى عليه ألســنة الســوء والايام شواهد».

وختــم «نريد ان نؤكــد أن مــن الطبيعي ومن واجبات «التيار» أن يتواصل مع الكرسي الرسولي

وكل المرجعيات الدينيــة الوطنية والخارجية، ولا أحد ســينجح في تصوير اي لقاء أو مراسلة وكأنه موجّه من أحد ضد احد آخر، وهذا ما نعانيه في كل عمــل او في كل كلمة خير ويقابل بســوء. وأطلعنا غبطته على تفاصيــل الكتاب الــذي وجهناه إلى قداسة البابا عبر السفير البابوي في لبنان».

ومن زوّار بكركي وفد من «لقاء ســيدة الجبل» و«التجمع الوطني» و«حركة المبادرة الوطنية» ضمّ شخصيات من مختلف الطوائف كانت مشاركة في السابق في « لقاء البريستول» الذي مهّد لحركة 14 آذار/مارس.

وقدّم الوفــد للبطريرك مذكرة تلاهــا الدكتور رضوان الســيد، وجاء فيهــا «أتينــا اليوم نحن هذه النخبــة ومعنا جمهور كبيــر إلى هذا الصرح الوطني الكبير في بكركي، لتقديم التحية والتأييد لمبادرتكم، بل مبادراتكم الشامخة في سماء الوطن والمنطقة. نحن المواطنين اللبنانيين نعرف شــيمكم الشخصية العالية وقد انضويتم في تقليد أسلافكم البطاركة العظــام، الذين قــادوا وحموا جماعات المؤمنــن، ورعوا اســتقلال هذا الكيــان، بوصفه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، عربي الهوية والانتماء وحامل رسالة سامية في محيطه وله وللعالم.»

وأضاف «ســيّدي صاحــب الغبطــة والنيافة، لقد كنتــم وما زلتم، كما هو شــأن بطاركة بكركي، نموذجاً للراعــي الصالح يســدّد الخطى، ويدعو لرعايــة الخيــر العام بدعوة ســائر المســؤولي­ن للتمســك بثوابت لبنان التأسيسية، وتحييده عن لعبــة الأمم القاتلــة، والعودة إلى المعنــى النبيل للسياســية بوصفها فنّــاً راقياً لخدمة الانســان والمواطن لا لخدمة شــخص بعينه، كما ســبق لكم القول قبل ســنوات. وما أزال أذكــر إلحاحكم على الشراكة الوطنية، البعيدة عن الاستئثار والتبعية. وعندما رأيتم ما يحدث بخلاف ذلك كله، كأنما نحن محكومون بحكومة عدوّة أو أنها تحكم شعباً عدواً، أعلنتم الاعتراض باســم المواطنين وباسم الوطن، ولا أحد أولى بذلك من بكركي.»

وخاطب البطريرك قائلاً» لقد دعوتم إلى تحرير الشــرعية، وإلى الحيــاد، وإلى الإنقــاذ الوطني وتباشيره حكومة أخصائيين غير حزبيين. ووصلتم أخيراً للمناداة بمؤتمر دولي لإنقاذ لبنان، يســاعد في استعادة الثوابت والأصول وعلى رأسها وثيقة الوفاق الوطني والدســتور، وقرارات الشــرعية الدولية. إننا نقف معكــم وخلفكم في الدعوة التي نفهمها ونثق بها نداء صادقاً ومسؤولاً في اتجاهين:

الحياد والطائف

- في اتجاه جميع اللبنانيين، كي يتضامنوا في تحرير الشــرعية من تعددية الســاح والاستئثار بالقــرار، وحمايــة الدولــة مــن مصائر الفشــل والإفلاس السياسي والمالي والأخلاقي، والإصغاء لصيغة عيشــهم المشــترك بحماية وثيقة الوفاق الوطني والدستور.

- وفي اتجاه الأسرة الدولية، للوفاء بالتزاماته­ا تجاه لبنان ومنها تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسيادة لبنان، لا ســيما القرار 1701 الذي نصّ في مقدمته على اســتناده إلى مرجعية اتفاق الطائف، فضلاً بالطبع عن القانون الدولي.»

وختم الســيّد «كيف يقال إنكم تسعون للحرب والتدويــل وتجاوز العقــد الوطنــي، وقد صغتم في عظتكم الأخيــرة مطلبكم فــي جملة هي فصل الخطاب: «نريــد مؤتمــراً دولياً خاصــاً بلبنان، لحماية وثيقــة وفاقنا الوطنــي ودولتنا الواحدة الســيدة المســتقلة». نعم لجبهة وطنيــة عريضة لتحرير الشــرعية، والحياد الإيجابــي، والمؤتمر الدولي مــن أجل الطائــف والدســتور وقرارات الشرعية الدولية من أجل لبنان.»

وردّ البطريــرك الراعــي «عندمــا كنــا نعيش زمن الحيــاد كان لبنان يعيش الازدهــار والتقدم وخســرنا كل شــيء عندما فرض علينــا الا نكون حياديين». وقال «وضع لبنان التاريخي والسياسي والجغرافي لا يســمح له بأن يخــوض حروباً لان مســاحته صغيرة جداً، نؤكد ان لبنــان بطبيعته وجغرافيته ليس للحروب. عشــنا هذا الحياد منذ العام 1920 إلى حين بدء الحــرب الاهلية في العام 1975، ومــرّ لبنان بعــد ذلك باحتــالات وظهور ميليشيات وبتنا نتخبّط ولا نزال حتى اليوم.»

وأضــاف : «عندمــا تكــون مريضــاً تذهب إلى الطبيــب لتطالب باســتعادة صحتــك وعافيتك. والمؤتمــر الدولي برعاية الأمم المتحدة لأننا وصلنا وللأسف إلى وقت لا نســتطيع التفاهم مع بعضنا، وليس هنــاك من حــوار أو اتفاق. قلنــا إن لبنان عضو مؤسس وملتزم وفاعل في الأمم المتحدة وفي جامعة الدول العربية ولا يجب أن نتركه يموت أمام أنظارنا، لذلك قلنا إن المجتمع الدولي مســؤول عن عضو فاعل ومؤســس وعليه ان يمد يد المســاعدة رسمياً وجدياً، ومن هنا كان طرحنا لمؤتمر دولي.»

وأكــد «ان معاناتنا تنطلق من 3 ثوابت، الأولى: وثيقــة الوفاق الوطنــي التي صدرت عــن اتفاق الطائف ولا يتم تنفيذها لا روحاً ولا نصاً. الثانية: الدستور حيث نحن اليوم في مكان والدستور في مكان آخر، وهذا معناه ان هناك شيئاً في الدستور اسمه ثغرات يتم تجاوزها والاتفاق عليها، والدليل على ذلك اننا لا نستطيع أن نتفاهم مع بعضنا، وكل ما يجري الخلاف عليه اليوم في الداخل هو بسبب التدخلات الخارجية والداخلية. واليوم، بالنسبة لتأليــف الحكومة هناك خلاف علــى قراءة النص الذي يقــول ان رئيس الجمهوريــ­ة يوقّع بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وابسط الامور نختلف عليها. اما الثالثة فهي الميثــاق الوطني الذي حدّده اتفاق الطائف، ميثاق العيــش معاً، وان لبنان هو وطننا النهائي، وهذا يجب ان نعيشــه ســوياً مســلمين ومسيحيين، لا ان نعيشــه كشيعي وسني ودرزي وماروني وروم كاثوليك و... العيش المشــترك هو بين المسلمين والمسيحيين ويبنون البلد معاً.»

ودعا البطريرك «كل فريق إلى وضع ورقة حول مشكلتنا في لبنان لتقديمها ورقة واحدة إلى الامم المتحدة من دون الرجوع إلى أي دولة للســؤال عن الحل ورأيها به .»

إلى ذلك، توجّه المديــر العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيــم إلى بكركــي والتقــى البطريرك الماروني في زيارة أدرجت في خانة تقريب وجهات النظر فــي الملف الحكومي، لكن توقيت الزيارة قبل تظاهرة الســبت حمل أكثر من مغزى ولم تستبعد أوســاط أن يكون ابراهيم حمل رسالة من الثنائي الشــيعي بهدف تخفيف حدة التشنّج بعدما اعتبر كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مســتفزّاً في بكركي عندما قال رداً على التدويل «ما حدا يمزح معنا وهذه دعوة لاحتلال جديد.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom