Al-Quds Al-Arabi

ضحايا الفشل

-

قصر نظر

اللافت للانتباه كما أوضح عبد القادر شهيب في "فيتو"، أن الســلطة التنفيذية تخلط كثيرا بين الســرعة والتسرع. وقد شــاهدنا ذلك في موضوع مخالفات المباني الذي أقدمت عليه بدون دراسة كافية، واحتاجت للتراجع وإعادة النظر فــي قيمة المخالفــا­ت، فخفضتها مرتين، وشــجعت المجتمع المدنــي على أن يدفــع هذه الغرامــات نيابة عــن الذين لا يقدرون على دفعها خاصة في الريف، ومدت مهلة التصالح عدة مــرات، ومع ذلك لم تنه هذا الملــف حتى الآن. وها هو الأمر يتكرر مجددا مع تعديل قانون الشــهر العقاري الذي أثار قلقا بين الناس، لا يقل عن القلق الذي أثارته مخالفات المباني.. فقد تم تعديل القانون بدون النظر لما سوف يترتب عليه وما سيحدث من آثار جانبية، أقلها هجوما على المحاكم للحصول على أحــكام صحة ونفاذ للعقــود، لا تقدر عليه المحاكم، وفي وقت نتخذ فيه إجراءات احترازية للســيطرة على وباء كورونــا.. وأكبرها إضافة مشــكلة جديدة لملاك الشــقق والعقارات، وتحميلهم أعباء ماليــة جديدة، بينما هم مرهقون بأعباء مالية عديدة مثل زيادة أسعار الخدمات الحكومية المختلفة من ميــاه وصرف صحي وكهرباء وغاز، فضلا عن الرســوم المختلفة لبقية الخدمات الحكومية بدءا من الحصول على شــهادة ميــاد أو وفــاة وحتى تجديد ترخيص الســيارات. ويا ليت أمر تسجيل العقارات سوف يتم بسهولة ويسر، وإنما سيحتاج إلى جهد ووقت في وقت نطالب فيه الناس بإجراءات التباعد الاجتماعي للسيطرة على وباء كورونا! ولو تمهل الذيــن أعدوا هذا التعديل في قانون الشــهر العقــاري، قليلا وطرحوا الأمــر أولا لحوار مجتمعــي لضمنوا تعديلا ييســر على النــاس، ويحفظهم فعلا، لتســجيل وحداتهم العقارية ويحقق الهدف الأهم من هذا التســجيل المنشــود، الذي يفوق كثيرا الحصول على عدة ملايين مــن الجنيهات من جيــوب المواطنين.. وهذا ما نصح به منذ نحــو عقدين من الزمان خبيــر دولي في هذا المجال اســتضافته مصر وقتها لبحث مشكلة عزوف الناس عن تســجيل ممتلكاتهم العقارية، وعاد إلى مصر منذ بضع سنوات، وكرر نصائحه ذاتها.. لكننا بدلا من تحفيز الناس على تســجيل العقارات أثرنا قلقهم، لأننا اهتممنا فقط بأمر واحد، وهو الحصول منهم على بعض الأموال لزيادة موارد الموازنة.

رحلة عذاب

"الذاهب إلى أي فرع شــهر عقاري هذه الأيام لتســجيل شــقته، أو لقضاء أي مصلحة أخرى، كالذاهب من الدار إلى "الزار"! وبــدوره يروي طايع الديب في "المشــهد" تفاصيل الرحلة: "فور دخولــك لعمل "توكيل قضايا" مثلا، عليك أولاً شــراء النموذج من البنت صاحبة كشك تصوير المستندات في صمــت، وانتظار دورك لملئه بمعرفــة الموظف المختص، ثم تذهب به إلى موظف آخر لتســجيله فــي الدفاتر، وبعد ذلك تقــوم بعملية "تقدير الرســوم" عند موظــف ثالث - مختص- تليهــا الدفع للصــرّاف في الخزينــة، ثم تحمل النموذج إلى موظف الميكروفيل­م، فيأخذ منك رسوما أخرى، ويتعطف عليــك في عظمة وكبرياء بإمضائــه الكريم، مثل ملك يوقع وثيقــة تنازله عن العرش. وعليــك العودة مرة أخرى إلى الموظف الثاني "ماســك الدفاتر"، لاستيفاء ما جد على النموذج من كتابات غيــر مفهومة وإمضاءات "فورمة" وتقديرات وأرقــام، بحيث أصبح أكثــر تعقيدا من لوحات ســلفادور دالي! وقديما قال أجدادنا الحكماء "من بره الله اللــه.. ومن جوّه يعلم اللــه". هذا هــو – بالضبط - حال مكتب الشــهر العقاري في منطقة الدقي، الذي تتصدّر بابه لافتة كبيــرة مكتوب عليها "مكتب التوثيــق المطور"، ولكن إذا دخلــت من الباب فلن تجد أي تطور، بل ســتجد فوضى ضاربة في كل مكان، ومئات المواطنين الجالسين على مقاعد الانتظار "نافــدي الصبر" بعد أن رمت بهــم مصالحهم إلى هــذا المكان رغما عنهم. تدخل المكتب في العاشــرة صباحاً، فتجد قائمة انتظار من 92 شخصاً جاءوا قبلك، بعضهم كان جالســاً طول الليل على قهوة تفتح 24 ساعة بجوار الشهر العقاري".

تطوير وهمي

نبقى مع طايع الديــب وهو يروي تفاصيل رحلته متنقلاً بين عدد من مكاتب الشــهر العقاري حيــث يعاني كثير من المواطنين بسبب الروتين والازدحام "حين تصل إلى مرحلة "ختم النســر"، إن وصلت، فســوف يتبيّن لــك مدى نجاح الحكومات المتعاقبة منذ أيام السادات حتى الآن في محاربة الروتــن، وأي نجــاح؟ والحقيقة أن ما قرأناه وســمعناه على مدار 40 ســنة من تصريحات رســمية عــن "محاربة البيروقراط­ية" ليس أكثر من غش سياسي. وهذا – للأسف - هو الحال في 4 مكاتب شهر عقاري دخلها كاتب السطور، هــي مكاتب الدقي وشــارع مراد في الجيزة وشــارع ربيع الجيزي والبدرشين، وجميعها مداخلها مظلمة في عز النهار، وتنتشــر على ســالمها القمامة والمخلفات. أمّا عن أرشيف الشــهر العقاري الورقي القديم، قبل أن يصبح متطورا إلى هــذه الدرجة، فهو مرمــي في كل مكان على ســالم المدخل الخلفي، حيث ســترى بعينيك الأوراق الرســمية "عزيزة المنال" ملقاة على السلالم بجوار القمامة والزجاج المكسور، والدواليب مفتوحة علــى مصاريعها لكل من هب ودب، هذا هو الحال الذي يغني كل مقال، وسلّم لنا بقى ع التطوير".

أكد ســامي صبري في "الوفد" أنه رغم كل محاولات رئيس مصلحة الشهر العقاري في الدفاع عن المادة 35 مكرر التي تمت إضافتها لقانون الشــهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 بقانون جديد رقم 186 لســنة 2020، فإنه فشل في إقناع المصريين بأن الهدف هو مصلحــة المواطن، كما يدعي، ولم يســتطع رئيس المصلحة إبعاد تهمة الجباية عــن الحكومة، التي أصرت على خروج هذه المــادة ـ بمســاعدة بعض نواب البرلمــان ـ بهذا الشكل المشوه في وقت ينوء فيه ظهر المواطن المطحون بأعباء ثقيلة وفواتير ورســوم تلاحقه من هنا وهنــاك، وكأن القدر كتب على هذا الشــعب أن يســتمر في المعاناة، فلا يكاد ينتهي من قانون الضرائــب العقارية، حتى دخل فــي دوامة قانون التصالــح، ليصطدم بعدها بتعديــل قانوني مجحف أربك كل ترتيباته وحســاباته، وأفقــده القدرة على التقاط أنفاســه. وفقا للمــادة الجديدة، المقرر تطبيقها بــدءا من 4 مارس/آذار 2021، لن يســتطيع أي مواطن تملك الوحدة بعقد ابتدائي - حتى لو حصنه بدعــوى صحة توقيع - إدخال المرافق )مياه، كهرباء، غاز( لشقته أو فيلته الجديدة التي اشتراها بدم قلبه، وتحويشة عمره وغربته وتشتيت أسرته، إلا بعد دفع أكثر من 11% تقريبا من إجمالي ثمن الوحــدة للحكومة حتى يتمكن من التســجيل الإجباري للوحدة )بواقع 5% من قيمة العقد في دعوى الصحة والنفاذ التي لا يعترف إلا بسواها للتسجيل في الشــهر العقاري لنقل الملكية، و1 % لنقابة المحامين 2.5 % ضريبة تصرفات عقاريــة لصالح وزارة المالية، ثم 3% تنازل ونقــل ملكية بجهاز المدينة، إذا كانت الشــقة أو الأرض تابعة لوزارة الإسكان، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. يعني من يشــتري شقة بمليون جنيه ســينفق عليها 100 ألف حتى يتمكن من تسجيلها.

لسنا سذجاً

يتســاءل الناس والكلام ما زال لســامي صبري ماذا تريد الحكومة بالضبط؟ وما الهدف مــن وراء مثل هذه التعديلات القانونيــ­ة في الوقت الــذي يتحمل محــدودو الدخل وأبناء الطبقــة المتوســطة الجانــب الأكبر مــن فاتــورة الإصلاح الاقتصادي؟ الإجابة جاءت على لســان جمال ياقوت رئيس مصلحــة الشــهر العقــاري بقوله ضبــط حالــة التصرفات العقارية، التي تمثل ســوقا موازيا - خلف ستار دعوى صحة التوقيــع - يهدر الكثير مــن الأموال لا تســتفيد بها الخزانة العامة للدولة. ياقوت، يعتقد أن الشعب المصري ساذج عندما يقول إنه كشــهر عقاري، لن يقوم بتحصيل ســوى الرســوم المقررة للتسجيل وهي كما حددتها اللائحة التنفيذية تبدأ من 500 وبحد أقصى 2000 جنيــه، وأنه كجهاز ليس له علاقة بما يتم تحصيله من خلاله الوزارات ومؤسســات أخرى كوزارة المالية، ومصلحة الضرائــب العقارية وأجهزة المدن الجديدة، متناســيا أن المواطن هو الذي سيدفع وأن أجهزة ومؤسسات الحكومة واحدة وإن اختلفت مســمياتها. وعــودة إلى المادة المثيرة للجدل، ووفقا لمنطوقها فهــي لا تلغي العقد الابتدائي، ولا دعوى صحة التوقيع التحفظية غير الناقلة للملكية، التي حصل عليها المواطن بحكــم محكمة كما يعتقد كثيرون، وتبرر الحكومــة إصدارها بضبط مخالفات البناء وتصحيح مســار الملكية العقارية وحمايتها من عمليات النصب والاحتيال.

لمن نشكو؟

أعرب عــادل نعمان في "المصري اليوم" عن أمنيته في أن يخرج علينا من يكذب ما يثار مــن تعديلات حول المادة 35 من قانون الشــهر العقاري أو ييســرها على الناس، إلا أن الأمر مازال يسير على مســاره، ومازالت الحيرة تتمكن من خلق الله، فاللهــم عليك بنا حتى نريح ونســتريح. وأظن وبعض الظن إثم وقبله أيضــا، أن التعديل على هذا النحو لا يخرج عن ثلاث، الأول: صدر بدون دراسة شاملة، وعدم دراية تامة بطبيعة الملكية في الريف خصوصا، وفي الحضر عموما، وأن ما يزيد عن خمســن في المئة من الأراضي غير مسجلة تسجيلا نهائيا، وإذا أردنا تسجيل الوحدات المقامة عليها عجزنا عن ذلك. الثانــي: تعظيم موارد الدولة المالية من جيوب المواطنين، وإغراقهم لسنوات في دهاليز المحاكم، وقطع أنفاسهم في أروقة المصالح الحكومية، واللهاث خلف ورثة الأملاك للبحث عــن ورقة هنا أو هناك، والتفتيش عن مسلسل الملكية من قبر ميت إلى قبر ميت آخر، ومن حي هنا إلى حــي هناك، حتى ينجو من ينجــو، ويموت في معركته هذه من يموت. الثالث: ومعه يتوفر حسن النية حول رغبة الدولة في تثبيــت وتأكيد ملكية النــاس، وحصرها أيضا، وحسن النية هذا ليس طريقا إلى الجنة في بعض الأحيان.

شهود زور

وواصــل عادل نعمان، بأنه ليس عيبــا أن يكون للدولة أيضــا نصيب ممــا في جيوبنــا، فنحن نرعاهــا ونصرف عليها، ونراها أما رؤوما، وترانا نحن المتسولين على أبواب المســاجد، ونعود لها بالخير الوفير في المســاء، لكنني ضد عشوائية القرار بدون دراســة، ومع ضرورة معرفة جيدة لطبيعة الملكيــة، والأهم أن يأخذ القــرار أو القانون الوقت الكافي والمناســب لتنفيذه، بدون عجلة فــي الأمر، ولو قرأ أســيادنا أن «في التأنى الســامة وفي العجلة الندامة» ما تراجعوا عن قرارات كثيرة غير مدروسة، كما حدث من قبل

في غرامات التصالح، ولو تدارســوه وأفاضوا فيه وعرفوا من الناس تفاصيله وأسراره ومشاكله، لكان القرار صائبا وعادلا، وما فتحوا أبواب الفساد والاحتيال، وأبشركم أنهم سيتنازلون عن الإجراءات السليمة قريبا لإنجاز المهمة لنيل الرضا، وتحصيل أموال التسجيل، ومع هذا التساهل ستعم الفوضى والفســاد والتزوير، وسيلجأ الكثيرون إلى شهود الــزور والأوراق المضروبة، وســتضيع حقــوق الكثير من الناس وأملاكهم، وستكون الغلبة لمن كان في أول الصفوف، حتى لو كان مزورا وفاســدا، وكان الأجدر التعامل مع الأمر بحكمة، الريف طبيعــة الملكية فيه تختلف عن المدن، والمدن الجديدة تختلف عن القديمة، والساحل الشمالي والسخنة مختلف عن هذا وذاك، ومســتندات الملكيــة تختلف في كل منهم، وهنــاك أراض في أماكن ممنوع تســجيلها، ومعظم ملكية ســكان الإقليم بعقــود ابتدائيــة، وغالبية الأراضي غير مســجلة، والمالك الرئيســي إن لم يكن مقيما بها فعليك الســام، ولكل مــكان طبيعته الخاصة، وتحتــاج تعديلا تشريعيا في إجراءات التقاضي وكذلك في التسجيل.

طعنة في الظهر

اهتمت "المشــهد" بأحدث الفعاليات التي حرص المشاركون فيها مقاومة الرياح العاتية للتطبيع وأشارت الصحيفة إلى أنه علي مدار يومين وبحضور 528 مشــاركا أعلن المثقفون العرب، اتحادهم ضد التطبيع مــع العدو الصهيوني، عبر 8 جلســات في مؤتمر )متحدون ضد التطبيــع( الذي نظمه المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العربي الإســامي، والمؤتمــر العام للأحزاب العربية ومؤسسة القدس الدولية، والجبهة العربية التقدمية، واللقاء اليســاري العربي. واســتعرضت كلمات ودراســات المشــاركي­ن ســبل المواجهة على المســتوى الأمني والعسكري والحقوقي والقانوني والإعلامي والثقافي والنفسي . واعتبروا التطبيع طعنــة في الظهر الفلســطين­ي والعربــي، داعين إلى انخراط كل القوى العربية الحية في مواجهة اتفاقات التطبيع، واعتبارها جزءا من صفقة القرن. وقد جرى نقاش مســتفيض حول جوانب المعركة القانونيــ­ة ضد التطبيع وجرائم الحرب. واستعرض المشاركون تجارب بلدانهم في مواجهة التطبيع.

العطش يقترب

أســباب عديدة تدفع المصريين للقلق وهــو ما صرح به الدكتــور مصطفــى عبد الرازق فــي "الوفــد"، كل يوم يمر علــى صعيد أزمة ســد النهضــة، يمثل خصما مــن رصيد مصر التفاوضي، في مواجهة المماطــات الإثيوبية وهو ما يســتدعى قدرا من القلق عبّر عنه بشــكل هادئ وزير الري المصري محمد عبدالعاطي في معرض إشارته إلى التحديات التي تواجه مصر على خلفية أزمة إنجاز السد. تابع الكاتب: ينتابني فــي بعض الأحيــان قدر من الدهشــة على حجم الإنشــغال المصري ـ شــعبا وحكومة ـ بالكثير من القضايا غيــر المهمة وإغفــال ذلك التحــدي الوجــودي الذي يمثل تهديدا لأهــم مصدر للحياة وهو الميــاه. صحيح أن الدولة تبذل قصارى جهدها لتوفير مصادر أخرى بديلة، والتغلب على مشــكلة نقص المياه، إلا أنها في النهاية ليست الحلول المثلى أو المجدية، سواء على المدى القصير أو الطويل، فضلًا عن كلفتها الباهظة، وحقيقــة أنها لن تغطي في أي حال من الأحوال حجم العجز المائي الذي يمكن أن يحدث نتيجة أي تلاعب إثيوبي في نصيب مصر من مياه النيل. الواقع يشير إلى أن إثيوبيا ماضية وبكل الســبل في إنجاز السد وتتفنن في إيجــاد مصادر التمويل، ورفع الهمم لدى أبناء شــعبها لإنجاز المشروع، رغم المشاكل العديدة التي تواجهها، وعلى رأســها أزمة إقليم تيغراي، وهي تتصرف فــي هذا الصدد وكأنه ليس هنــاك من يعارضها أو يتحفظ على عملية إتمام بناء الســد، فهي لا ترى مواقف مصر والسودان الرافضة، وتمضي قدما بدون توجس أو تحفظ. ليس ذلك فقط، بل إنه بدأ الكشــف عن مخططات اعتزام أديس أبابا إقامة سدود أخرى على مجرى النيل، الأمر الذي يهدد بالسيطرة الكاملة على مياهه وتحويلــه كما قال وزير الخارجية الإثيوبي إلى بحيــرة وليس نهرًا دوليا، وتعزز الموقــف الإثيوبي البيئة الدولية التي تتسم بمواقف مائعة تجاه أزمة السد وآخرها وأكثرها خطورة موقف إدارة بايدن من القضية.

لا أثر له

من معارك امــس الهجوم علــى أبرز المنظمات فــي القارة الســمراء على يد محمد حســن البنــا في "الأخبــار"، موقف غريب من منظمة الاتحاد الافريقي من غــزو القوات الإثيوبية للأراضي الســوداني­ة. إثيوبيــا لجأت إلى القوة العســكرية لاحتــال منطقة حدوديــة يطلق عليهــا «الفشــقة». القوات السودانية أعلنت الحشــد الكامل على حدودها، وقالت وزارة الخارجية الســوداني­ة : «توجد أطماع إثيوبية في أراضينا، ولا حديث عن وســاطة مع إثيوبيا حول الحدود في هذه المرحلة، ويجب على إثيوبيــا اللجوء إلى القانــون إذا اعتقدت أن لها حقا في الفشقة». والســؤال المهم هنا لماذا هذا الصمت الرهيب من الاتحــاد الافريقي؟ وأيضــا لماذا هذا الصمــت الرهيب من جامعة الــدول العربية؟ وثالثا، لماذا هــذا الصمت الرهيب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولــي؟ أليس من مهام هذه المنظمات تحقيق السلام في العالم؟ أليس من مهامها التوفيق بين الدول حتى لا تحدث حروب ومعارك تدمرها؟ والســؤال الأخطر لماذا لم تلجأ إثيوبيا إلى التفــاوض، أو حتى اللجوء لمحكمة العدل الدولية، إذا كان لهــا حق في أرض على الحــدود، ولماذا الآن تســتخدم قوتها العســكرية للاعتداء على بلد عربي شقيق؟ لقد أكــدت منظمــة الأمم المتحــدة أن آلاف الإثيوبيين يفرون ويطلبون اللجوء في السودان. ولقي نحو 6 طلاب من خريجي الجامعات الجــدد وعنصرين من قوات الدفاع الإثيوبي حتفهم في منطقة تيغراي في إثيوبيا، عندما فتح مســلحون مجهولو الهوية النار على حافلة. أي أن هناك معارك ضارية في الإقليم، ويتبع كل ذلك تهديد السلم الإقليمي. مؤخرا قامت الميليشيات الإثيوبية بإطــاق النار على المزارعين والعمال الســوداني­ين داخل الأراضي الســوداني­ة في منطقة الفشقة. المعلومات تؤكد أن إثيوبيا تحاول زرع الشقاق بين المؤسسة العسكرية والمدنية في الســودان. كما توجود قوات إريتريــة على الحدود في زي عســكري إثيوبي. من الواضح أن إثيوبيا تهرب من مشــاكلها الداخليــة بإثارة أزمة الحدود. إذن كيف حصل رئيس وزرائها على نوبل للسلام؟

إحصائية صادمة

28 % من المصريين مدخنون، هذه المعلومة صدمت عماد الدين حسين في "الشروق"، أعلنتها وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، ومن البيانات المهمة التــي أعلنتها الوزيرة، أن محافظة المنيا تحتل المركــز الأول في التدخين بنســبة 51%، يعني أكثر من نصف ســكانها، تليها ســوهاج 47 %، والبحر الأحمر 39 % والإسماعيل­ية 33 %. في حين احتلت محافظة البحر الأحمر القمة في تعاطي الكحوليات بنســبة 5.4% ثم الشرقية، وربما سبب ذلك يرجع لزيادة نسبة الســائحين الأجانب. وفي تعاطى المواد المخدرة جاءت سوهاج أولا بنســبة 12.2%، وبعدها القليوبية والشــرقية والمنيــا والبحــر الأحمر وأســوان. عــدد المدخنين والمدمنين ربمــا يكون أكبر مــن الُمعلن في الدراســة، لأن بعض المصريين ســينكر أنه مدخن، والأكثر احتمالا إنــكاره أنه مدمن للمخــدرات أو الكحول. في كل الأحوال هي نتائج مفزعة، ويجب أن تقــرع لنا جميعا كل أجــراس الإنذار الممكنة. لأنها ببســاطة سوف تلتهم وتدمر أي جهود تحققها الحكومة والدولة والمجتمع في عملية البناء والتنمية. تخيلــوا أن ينفق المجتمع تريليونات الجنيهات، ويبني الطرق والجســور والمدن الجديدة، ويشــيد محطات كهرباء عملاقــة، وقطارات كهربائية تربط ليس فقط كل المحافظات، بل مصــر بقارة افريقيا، وتتم إعــادة تطوير الريف المصري، وإقامة العديد من المشــروعا­ت القومية في الاســتزرا­ع السمكي واســتصلاح الأراضي وتحلية المياه وتبطين الترع. ثم بعد ذلك كله نجد أن الشــباب المســتهدف، لكي ينعم بإنجازات التنمية ويواصل البناء، تم استنزافه بإدمان التدخين والمخدرات والكحوليات.

بيد الله

قد تجد في الحياة إنساناً يســعى ويكد، لكن رزقه في المال شــحيح، يذكرنا الدكتور محمود خليل في "الوطن" بأن الرزق أنواع وأشكال وله صور متعددة في الحياة. وفي أحيان يشعر الإنسان بأن الله تعالى حرمه من تحقيق هدف معين سعى إليه واجتهد مــن أجله، لكنه يدرك بعد حــن أن الخير في ألا يدرك مــا طمحت إليه نفســه، أو هفا إليه فــؤاده. فالله تعالى يمنع الإنسان من أشياء لخير الإنسان نفسه، لكنه يدرك الحكمة بعد حين. في ســورة القصص حكى الله تعالى لنا قصة «قارون»: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَءَاتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَــا إن مَفَاتِحَهُ لَتَنُــوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِى الْقُوَّةِ إِذْ قَــالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ أن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ». كان قارون أشــهر رجل أعمال في البلاط الفرعوني، وكنز مالاً لا يعد ولا يحصى، كان يتيه به على قومه، في وقت كان ينصحه مــن عركوا الحياة بألا يفرح بما فــي يديه، لأن الله لا يحب من يفخر ويختال بما كســب أو حصد. كان البســطاء من المصريين ينظرون إلى موكب قارون فيقولون: «يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.» لم يتفهم من كانوا يرددون هذا القول إنهم لا يفرقون بين النعمة والنقمة. فما أتخم به قصر قارون ومــا انتفخ به جيبه لم يكن أكثر من نقمة عليه، وقد ثبــت ذلك للناس بعد حين. نزل عقاب الله بقارون وتبددت ثروته بسبب بغيه وطغيانه: «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ»، أدرك من كانوا يتمنون حظه بالأمس، أنهم كانوا أســعد حــالاً منه: «وَأَصْبَحَ الَّذِيــنَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بالأمس يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُـُـط الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا». الرزق سعي.. والسعي اجتهاد.. والله تعالى يعطي بعلمه.. والإنسان يتفاعل بوعيه المحدود بالزمان والمكان وهو ما يعجزه عن إدراك حكمة الله في العطــاء والحرمان. وكما أن الــرزق إرادة من الخالق فإنه أيضاً وعي واجتهاد وتدبير إنســان: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ لَكِنَّ اللَّهَ رَمَى .»

فلنعتذر لهم

أصبحت برامج الهواء على شاشــات التلفزيون تمثل أزمة حقيقية تحتاج إلى وقفة، كما أشار فاروق جويدة في "الأهرام"، خاصة أنهــا كثيراً ما تقع في تجاوزات خطيرة، لأن الكلمة على الشاشــة تشــبه الرصاصة، ومن حق أهالينا في الصعيد أن يغضبــوا وان نعتذر لهــم.. إن الصعيد هــو النصف الأجمل والأرقى من أهل الكنانة.. ومن الصعيد جاء العقاد وطه حسين والطهطاوي وجمال عبدالناصر ومحمود حسن إسماعيل وأمل دنقل والابنودي، وكوكبة مــن رموز مصر في كل المجالات.. إن الشاشــات كثيرًا ما ظلمت أبناء الصعيد، ولا أدري لماذا كل هذا الإصرار على تقديم مسلســات تشوه الصعيد، وكأن سلبيات مصر كلها من جرائــم القتل والثأر والميراث مصدرها الصعيد.. أتمنى أن تنســى الدرامــا المصريــة الصعيد بعــض الوقت،

وتتجه إلى موضوعــات أخرى في منتجعــات أولاد الأكابر.. إن الصعيــد مجتمع له خصوصية حافظ عليها منذ ســنوات، كنت فــي زيارة مع الصديق الراحل الشــاعر فاروق شوشــة إلى الســويد.. وهناك دعتنا على الغداء أســتاذة جامعية من بنات صعيد مصر، وكانت تتمتع بشــهرة واسعة في الأوساط العلمية، وســمعة طيبة بين زملائها، وكانت نموذجاً في العلم والثقافة.. ولا أدري كنت دائما أرى فتيات الصعيد في ســماحة وثقافة الراحلة العزيزة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد وعشــقها لتراب مصر.. ويعتب الكاتب على المســؤولي­ن عن الشاشــات: مهما كانت عبقريــة المذيع فلابد أن يخرج علــى الناس ومعه سكريبت، لأن الارتجال سر المصائب.. وفي حالات كثيرة أساء لشعوب ودول وأشخاص، وكانت برامج الهواء سبباً في أزمة سياســية بين مصر والجزائر، بسبب مباراة في كرة القدم. كما أن هناك أزمات مع دول أخرى بسبب شطط برامج الهواء.. ولنا أن نتصور أن كتابا في حجم أنيس منصور ومفيد فوزي، كانوا يعدون ســكريبتات البرامج التلفزيوني­ة مــع المذيعات الكبار ليلى رستم وسلوى حجازي وأماني ناشد. قليل من الانضباط يجعل الأشــياء أفضل، باســم كل المصريين أقــدم اعتذارا إلى إخوتنا في الصعيد، خاصة المرأة الصعيدية التي أنجبت لمصر أعظم رموزها فــي كل مجالات الحياة وهــذه دروس يجب أن نتعلم منها.

مخاطر حقيقية

ســواء عقــدت انتخابــات التجديــد النصفــي لنقابة الصحافيــن، أو تأجلــت، فهنــاك فرصة كشــف عنها أكرم القصاص في "اليوم الســابع" لأعضــاء الجمعية العمومية ليتأملوا الأمر من جوانبه، ومن دون استقطابات وانفعالات تفرضها طبيعة مواقــع التواصل، لا تعبر بشــكل كامل عن الحقيقة. في مــا يتعلق بمطالب التأجيل، فهي لا تنطلق فقط من رغبة أعضاء حاليــن، لكنها تحمل وجاهة لدى قطاعات داخل الجمعية، تخشــى من تزاحم يؤدي لانتشــار عدوى تهدد حياة وصحة كثيرين، وقد يجد هذا الرأي رغبة داخلية لــدى زملاء في المجلــس، وعندما يكون هذا رأيــا لزملاء لا يطرحون أنفسهم، وليســوا طرفا في استقطاب أو انحياز، فهي أولى بالتأمل. وأكد الكاتب أن هناك اختلافا واسعا حول أولويات القضايا التي تتعلــق بالمهنة والخدمات، هناك من يرى المعاشــات واحدة من أهم القضايا حتى لو كانت تتعلق بزملاء خدموا المهنة، ويحتاجون للمســاندة بشكل أكثر مما يطرح لدى المرشــحين، وتبــدو المســاندة الحقيقية لهؤلاء الذيــن ربما رحلوا أو لا يملكون أصواتا في الانتخابات، وقد كشــفت أزمة فيروس كورونا، أن المرض والموت لا يتعلقان بالعمر، ولا بالشــباب والشــيوخ، لكنه خطر يهدد الجميع، ويحتم التحرك لحماية حقوق زملاء خدموا المهنة بإخلاص، قليلون هم من يـأخذون القضية بجدية، أو يطرحون حلولا قابلــة للتنفيذ. غروبــات مواقع التواصل تزدحــم بالكثير من الآراء، ليســت كلها بعيدة عن الانحيــاز، ويكفي أن تبدأ عمليات حشــد حول أي موضوع، لتتحول المسألة إلى مزاد ومزايدة، ووســط المبالغات حول إنقاذ المهنة، تغيب قواعد وأســس للحوار القــادر على إفــراز نتائج، بــل إن مواقع التواصل أصبحت مجالا لمبارزات عبثية بين أعضاء مجلس النقابة، وأصبحت هنــاك ظاهرة عضو المجلس الذي يقضي فترته في مصارعــات ومزايدات على زملائــه، من دون أن يقدم خطوة مفيدة، رهانا على سياق لا يتيح الوقت للتدقيق والفرز والمناقشــ­ة، وهذا النوع « الافتراضي» لا يقدم شــيئا يذكر، ويقضي وقته في ضجيج فارغ.

أسد في الهرم

واقعــة غريبــة طرحها محمود عبــد الراضي فــي "اليوم السابع"، البحث عن المال حتى لو على حساب حياة الآخرين، شعار البعض في الحياة، ممن يعرضون حياة غيرهم للخطر، طالما لديهم طموحات مادية، فكل شــيء يهــون في ظل "ثقافة الطمع". مدقق النظــر في "صفحات الحــوادث المتخصصة"، يجدها تموج بقصص الطمع والجشــع، التــي تقود أصحابها لمصير ســيئ، إما القتــل أو الســجن. وفي واحــدة من هذه القصص، لجأ مواطن يقيم في منطقة الطالبية في الجيزة، إلى تهريب عدد من الحيوانات لداخــل البلاد، خاصة الحيوانات المفترســة والمهددة بالانقراض، والاحتفاظ بهــا داخل الكتلة الســكنية في الطالبية والهرم وفيصل، بغــرض الاتجار فيها مخالفة للقانــون، متحصــاً عليها بطرق غير شــرعية عبر تهريبها لداخل البلاد من إحدى الدول، ويخفيها داخل مخازن فــي أماكن عديدة خشــية ضبطه. وإليك قائمــة بالحيوانات المضبوطة لدى المتهم بمعرفة الشــرطة: "أســدان، وطاووس هندي، وتمســاح نيلي، و14 يمام قمــري، وطائر فزان ذهبي، وطائر الفلامنجو "البشــاروش". تخيل أن منطقة مثل فيصل المكتظة بالسكان، فيها أســدان، وهناك احتمالية بنسبة 1% لهروب أحدهما، وتحرك الأسد وســط هذه المنطقة المزدحمة. تخيــل أن رغبة شــخص في تحقيــق ثروات طائلــة، تدفعه للاحتفاظ بحيوانات مفترسة وسط جيرانه، في كتلة سكنية ضخمــة، داخل مخازن غير ملائمة، وهنــاك احتمالية لهروب بعض هــذه الحيوانات المفترســة، والتحرك بــن المواطنين. الجهات المعنية أفادت بــأن المضبوطات مدرجة فصائل مهددة بالانقراض ومحظــور حيازتها أو تداولها والتعامل بها، فضلًا عن عدم وجود أي تراخيص أو اشتراطات بيئية، أو تصاريح أو موافقات للمكان خاصة كونه داخل الكتلة الســكنية وغير مؤهل بيئيــاً لإيواء مثل هــذه الحيوانات، وتمــت مصادرة المضبوطات وإيداعها في الجهة المختصة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom