Al-Quds Al-Arabi

الأحزاب الصهيونية تغزو الشارع العربي في محاولة لكسر حالة التعادل والنجاة من انتخابات خامسة

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

قبل أســبوع من يوم الانتخابات الإسرائيلي­ة العامة، وفي ظل حالة التعادل بين معسكر داعم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبين معســكر مناهضيه، تصّعد الأحزاب الصهيونية حملاتها الدعائية لاقتناص أصوات مــن المجتمع العربي الفلســطين­ي في الداخل )18 ٪( على أمل حسم حالة التعادل المتكررة.

وتبرز حملة الحزب الحاكم «الليكود» برئاسة نتنياهــو التــي تأتي للمــرة الأولى فــي اللغة العربية عبر لافتات عملاقــة على مفارق الطرق وفي الإعلام تحت عنوان» كلنا مع أبو يائير» أي نتنياهو بكنيته العربية، ويائير هو الابن الأكبر لنتنياهو. ويعتبره بعض المراقبين ليس ساخرا فحســب، بل فيه نوع من محاولة الاســتخفا­ف بأصحاب حق الاقتراع العرب.

ولا يدخّر نتنياهو جهدا في مخاطبة المواطنين العرب بلغــة التزلف وإطلاق الوعــود الكثيرة وهو يقوم بزياراتهم فــي بلداتهم من النقب إلى الجليل، وفــي الآونة الأخيرة انضمت له زوجته سارة نتنياهو التي تشــارك في محاولة تجميل صورة زوجها وحزبه.

نتنياهــو الــذي دخــل معتــرك المنافســة الانتخابية للمــرة الأولى فــي انتخابات 1996 بحملة دعائية عنوانهــا «نتنياهو جيد لليهود» بنصيحة أرثر فينكيلشــط­اين خبير التســويق الأمريكي، كان قد حمل على المواطنين العرب في جولات انتخابية ســابقة وقاد حملات تحريض وتهويــش اليهــود عليهــم، ووصفهــم بالعدو الحقيقي الأكثر خطورة.

هذه المرة قلب نتنياهو استراتيجيت­ه وانتقل من اســتعداء المواطنــن العرب إلــى محاولة احتوائهم في محاولة لخفض نســبة مشاركتهم في عملية الاقتراع بعدما اســتنتج أن التحريض المباشر الفظ عليهم دفعهم للصناديق بنسب أكبر للثأر منه من خلال زيادة قــوة التمثيل العربي عبــر القائمة العربية المشــتركة فــي انتخابات .2020

«للوهلة الأولى، قد تبــدو الحملة الانتخابية المركــزة التي يوجّهها نتنياهــو وأحزاب اليمين

واليسار الإســرائي­لية على حد سواء، للمجتمع العربــي في الداخل، ســاذجة وعديمة الجدوى إلا أنهــا فــي جوهرهــا، وإلى جانب المكاســب الانتخابية الحســابية والآنيــة، تعكس توجها مختلفا، ووعيا متزايدا بالــدور والمنحى الآخذ في الاســتقلا­ل والندية الذي ينحو إليه المجتمع العربــي» هذا مــا يقولــه تقرير جديــد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلي­ة «مدار».

ويرى المركــز أن الاحتضان» اللافت للمجتمع العربــي، والســعي المحموم من قبــل الأحزاب الصهيونية للتسابق على الصوت العربي، الذي أطلق شــرارته الأولــى نتنياهــو مبكرا وخلال الأســبوع الأول بعد حل الكنيست، لم يكن وليد اللحظة ولا نشــأ في الفراغ، بل تضافرت عوامل عدة داخلية وخارجية هيأت له وجعلته ممكنا، أو علــى الأقل مهمــة جديرة بأن تنجــز من قبل نتنياهو وأحزاب اليمين الإسرائيلي­ة.»

«العربي الجيد»

تساءل نتنياهو بدهاء أثناء زيارته لمدينة أم الفحم، التي أشرف فيها على حملة التطعيم ضد كورونا للمواطن رقم مليــون، الذي كان عربيا، وبالصدفة أيضــا كان ذا مــاض جنائي، وممن أمضوا فترة طويلة في السجن «لماذا لا يحتضن العربــي )الفلســطين­ي( فــي الداخــل المواطن الإسرائيلي كما يفعل ذلك العربي في دبي؟

وينطوي تســاؤله على الإجابة والمغزى في الوقــت ذاته، حيــث أن توقيع اتفــاق التطبيع الذي قاده شــخصيا مع الإمــارات، وثلاث دول عربية أخرى، فتح شــهيته على إعــادة إحياء مفهوم «العربــي الجيد» الذي يقبل بإســرائيل كما هي، بل وينبهر بهــا، ويتخلى عن تحفظاته تجاه سياســاتها العنصرية وطبيعتها اليهودية واحتلالهــ­ا للأراضــي الفلســطين­ية وقوانينها التفضيلية لليهود، مقابل مكاسب ومنافع فردية .» ويتابع «لا يســتوعب عقــل نتنياهــو اللاهث خلف الســلطة، والمشــبع بالنظرة الاستعلائي­ة للعربي، أن العرب يمكن أن يســتمروا في شــق طريق مستقل وندّي أمام الإغراءات التي يقدمها لهــم وتقدمها لهم دولته، وأنــه يمكنه من خلال دعاية انتخابية مركــزة ومكثفة، ووعود مكررة لا ينوي للحظة تنفيذها، أو من خلال بث صوره الكاريكاتي­رية وهو يشرب القهوة في بيت شعر بدوي قرب راهط في صحراء النقب وأخذ بعض صور )السلفي( مع المواطنات والمواطنين العرب، أو عبر اجتماعات )زووم( مع رؤســاء سلطات محلية عرب ممن يحسبون أنفسهم على الليكود، أن يخرج من تحت كم قميصه السحري، العربي «الجيد» الــذي يبحث عن المتعة، وأقصى طموح لديه أن يســتثمر، أو أن يســافر للســياحة في البلدان العربية التي «فتحهــا» نتنياهو أمامه، عربي يقبل بالمرتبة الثانيــة أو الثالثة في دولة اليهــود صاحبة قانــون القوميــة، ولا يجد أي رابط يربطه بما يحدث مع أشــقائه خلف الخط الأخضر .»

الحملات الانتخابية

وعلــى الرغم مــن أن نتنياهــو محترف في الحمــات الانتخابية، واســتطاع خــال أربع جولات انتخابية أن يحافظ على تفوقه وقدرته على التحكم بجدول أعمال الانتخابات السياسي والإعلامــ­ي مــن دون منافس، وكونــه وفق ما وصفه به مستشــاره الســابق يوسي ليفي في إحدى مقابلاته مع صحيفة «معاريف» «لا يعرف الخطوط الحمر، أو الحواجز، ومستعدا لفعل أي شــيء من أجل الفوز» إلا أن قدرته على قطع هذا الشــوط والتجرؤ على الذهاب بهــذه الثقة إلى المجتمع العربي، تحاول الاســتفاد­ة من اتفاقات التطبيــع التي يؤكــد توقيعها بمعــزل عن حل القضية الفلسطينية، ومن شقّ القائمة المشتركة على خلفية النقاش حول ضرورة انتهاج خطاب متوازن حيال كل الأحزاب الصهيونية والدعوة لعدم اتخاذ موقف مسبق ضد نتنياهو، وإعفائه مــن وزر الحالــة التي وصلــت اليهــا القضية الفلسطينية، أو الداخل الفلسطيني الذي يغرق في موجة عنف منظــم ودموي، وإعطائه فرصة أســوة ببقية أحزاب اليسار و«اســتغلاله» أو الموافقــة على مبدأ الاســتغلا­ل المتبــادل، وهو خلق الأرضية الخصبــة أمام نتنياهو والأحزاب الصهيونية لاختراق المجتمع العربي.

ويرى «مدار» أيضا أنه عندما وصف نتنياهو العرب فــي انتخابات ســابقة بأنهم «يهرعون» إلى صناديــق الاقتراع، وحاول نزع الشــرعية عن صوتهــم الانتخابــ­ي، اكتشــف أن تكتيكه قاد إلى نتائج عكســية وأن دعوتــه تلك وحالة العداء والتشكيك بشــرعيتهم أدت إلى مضاعفة قوتهم وتوحيدهم، وشــكلت مــادة جيدة لدى قادة الجمهور العربي من أجل تحشيد الناخبين وجذبهم إلى التصويت لهم بكثافة، واســتثارة مشــاعرهم نحو الوحــدة وتحــدي محاولات تهميشــهم وإلقاء أصواتهم في ســلة المهملات، منوها أن اكتشاف نتنياهو لفشل تكتيكه، جعله «يكتشــف بشــكل أوضح إلى أي درجة العربي جيد» وفق الكاتب الإسرائيلي إيتاي لندسبورغ نابــو الذي اعتبــر أن أزمــة كورونــا والحالة الاقتصادية الرثة لدى الفلســطين­يين في الداخل طورت مشــاعر «الحب» من قبــل الليكود تجاه العرب. ومشــاعر «الحب» هذه وصفتها صحيفة «معاريف» بأنها الســبب وراء إطــاق الليكود «لأكبر حملة غزل في المجتمع العربي» التي ترمي إلى حصد مقعدين على الأقل على حساب أحزاب اليســار «التي تتقن الشعارات » لصالح نتنياهو الذي «يأتي وبيده حقائــق مثبتة في اللقاحات واتفاقيات الســام وخطط مواجهــة الجريمة المنظمة».

ويتوافق عدد كبير جــدا من المراقبين على أن نتنياهو لا يريد أن يشــكل حكومة تســتند إلى الصوت العربــي، بل الوصول إلى القوة الكامنة لدى الناخب العربي، الذي تشير الاستطلاعا­ت التــي أجراها يوســف مقلدة ونشــرتها القناة 13 إلى أن هناك ما بــن 1.6 إلى 2.1 في المئة من الجمهور العربي يمكن أن يصوت لليكود.

القنــاة قالــت إن رئيــس القائمــة العربية الموحدة برئاســة النائب منصــور عباس فتح الباب أمام الليكود ونتنياهو في الشارع العربي، سواء في خطابه الذي يتناغم مع طرح الأحزاب الصهيونية في كون الصوت العربي لا يســاوي أي وزن سياســي من موقع المعارضة، والمتفرج لعدم انخراطه في اللعبة السياســية، أو بشقه للقائمــة المشــتركة ودخولــه للانتخابات في قائمة مستقلة. وبرأي القائمة المشتركة فإن هذه القــوة الانتخابية الكامنة فــي المجتمع العربي، والتي اســتطاع نتنياهو بغريزته السياســية تمييزها، وخلق الأرضية الصالحة لاســتثمار­ها

والانقضــا­ض عليهــا، أعطت ما يشــبه الضوء الأخضر لبقيــة الأحــزاب الصهيونية لتجريب حظها وأخــذ فرصتها. كمــا تتهم «المشــتركة» القائمــة الموحــدة بفتــح الباب أمــام الأحزاب الصهيونية منذ إعلانها قبل شهرين أنها مستعدة للتعاون مــع أي حكومة تلبــي مطالب وحقوق المواطنــن العرب. وبعــد نتنياهو جاء جدعون ساعر، منافســه من اليمين والمنشق عن حزبه، الذي وضع نصب عينيه التكفل بمهمة إسقاطه، وأجرى جولــة في المجتمــع العربــي واجتمع برؤساء ســلطات محلية، ليتبعه حزب «يمينا» الذي يرأســه نفتالي بينيت الذي ذهب أبعد من ذلك، واقام مركزا انتخابيا خاصا به في البلدات العربية، وبذلك التم شــمل الأحزاب الصهيونية كافة في المجتمع العربي الذي يعاد اكتشــافه من جديد.

وتــرى الموحــدة أن موقفها أصح سياســيا لأنه لم يعد هناك فارق حقيقي بين يمين ويســار صهيونــي، وأنها ليســت في جيــب اليمين ولا اليسار الذي ارتكب الكثير من الموبقات تاريخيا بحق الشــعب الفلســطين­ي على طرفي الأخضر منذ نكبة 1948 .

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom