موتسيبي وصل الى الرئاسة بقرار في زيوريخ والزفة في الرباط بشهود زور!
انتخابات الاتحاد الافريقي لكرة القدم
سيســجل التاريخ ان الجنــوب افريقي باتريس موتســيبي هو الرئيــس الثامن للاتحاد الافريقي لكرة القــدم، بعد ان زفته الرباط في ختــام الكونغرس 43 للكاف وبحضور عدد كبير من شهود الزور على هذه الزفة المشوهة!
ذاكرة التاريخ ستحتفظ بالثاني عشر من مارس 2021 كيوم مهين، بسط فيه الفيفا هيمنته على أعلى سلطة كروية افريقية، في ســابقة لم تشهدها جميع الاتحادات القارية. ولنعد عقارب الســاعة الى صباح الثامن والعشــرين من فبرايــر/آذار، حيث ذكرت مجلة "فرانس فوتبول" الشــهيرة ان اجتماعا سريا عقد فــي الرباط بمبادرة من فــوزي الاكجع رئيــس الاتحاد المغربي لكرة القدم حضره مبعوثان من الفيفا هما ماتياس غرافستروم وفيرون موســينغو اومبايي، ولم تكن هنــاك نقاط عديدة على "جــدول أعمــال" الاجتمــاع، فقط الخــوض في تعبيــد الطريق المؤدية لكرســي الرئاســة للملياردير موتســيبي، عبــر "إقناع" الثلاثــي المنافس لــه ان الجنوب افريقي هو مرشــح انفانتينو، وبالتالــي لا داعي "للاقتتال" من أجل الزعامة! ليس الغريب في الامــر ان يكون لرئيس الفيفا مرشــح أفضل من غيره في نظره، لكن لا يصــل الحال الى ان يتحول الاعجــاب الى كمين يُنصب للمرشــحين الثلاثــة الآخريــن، الايفــواري أنوما والســنغالي ســينغور والموريتاني يحيى للانســحاب من ســباق الرئاســة لصاحــب ثالث ثــروة في جنــوب افريقيا وصهر رئيســها، مع وعود بمناصــب واعدة في المكتب التنفيــذي للاتحاد الافريقي كنائبي الرئيس لســينغور ويحيى، فيما اقترح على أنوما "لقب جميل" هو المستشار الخاص!
التناقــض بــن أقــوال انفانتينــو وأفعالــه، يؤكــد مدى "تورطه" في دعم اختياره لموتسيبي رئيسا للكاف، بالنسبة له هو رجل أعمال ثري ومقرب من الســلطة )شقيقته زوجة رئيس الدولة( ورئيس لنــاد كبير هو ماميلودي صانداونز. اذن، هذه المواصفات من شأنها ان تلبي ما يطمح اليه رئيس الفيفــا ويفتح آفاقا أخرى خصوصا من حيث الجانب المالي الذي يشــكل حجر الزاوية فــي منهجية الفيفــا. والتناقض يكمــن في أن انفانتينو وعد أو أوهم المتابعين انه لن يســاند أحدا من المترشحين الاربعة لسباق الرئاسة، لكن في
الكواليس بذل جهودا كبيرة لدعم حظوظ موتســيبي من خلال جولة افريقية قادته الــى دول عدة )المغرب والكونغو برازافيل والبنين ورواندا والســنغال وموريتانيا والكونغو الديمقراطيــة ومالــي وجنــوب افريقيــا( لعلمــه ان قيادات الدول قادرة على التأثير أو ان "تنصح" رؤساء اتحادات كرة القــدم لمن يمنحــون أصواتهم! النتيجة لم تتأخــر كثيرا، فقد سقطت ورقة التوت تباعا، وفي ظرف زمني قصير، خرجت بيانات الثلاثي المنافس لموتســيبي يعلنون فيها انســحابهم
من الســباق معللين قرارهــم ان مصلحة القارة الســوداء لا "تتحمل" التناحر وان وحدتها هي الأوْلى والأهم!
هكذا كانت بيانات المنافســن، وما نجــم عنها ان آخرين ايضــا اصطفوا وراء "وحــدة القارة" وغيــروا مواقفهم امام الزلــزال الانتخابي الــذي حدث أمام أعينهم! لمــاذا باتريس موتسيبي؟ اذن، لم تدق طبول حرب الانتخابات في الرباط، فقد كفاهم انفانتينو شر القتال من خلال تكتيك استعماري جديــد لقــارة تحــررت دولها مــن قيــود الاحتــال، ووجد موتســيبي طريقا مفروشــة بالورود نحو كرســي الرئاسة لأعلى سلطة كروية في افريقيا.
انتهــى الامر الذي خُطط له في الكواليس أكثر مما هو في العلن، لكن هل ســتنتهي التســاؤلات المحيرة لدى العديد من الأفارقــة عن الطريقــة المهينة التي أوصلت موتســيبي؟ هل
ســيكون المليارديــر المنهمك بأعمالــه قادرا علــى ادارة دفة الكاف وهو الذي لم يشــغل اي منصب قيادي في اي هيكل رياضي محلي أو قاري باســتثناء شرائه لنادي صانداونز عام 2004؟ لا ننسى أيضا ان جانبا كبيرا من القارة السوداء لم يهضم مــا حدث و يعارض بشــدة "الاختيــار الاجباري" الــذي فرضه رئيس الفيفا، فكيف ســيتعامل موتســيبي مع التســاؤلات والمواقــف، خصوصــا انــه "مطالــب" بارضاء انفانتينو في بعض المســائل أهمهــا التفكير في تنظيم كأس الامم الافريقيــة كل أربع ســنوات بــدلا من ســنتين كما هو الوضع حاليا. ولا يخفى على أحد ان الفكرة التي طرحت أيام حياتو تجد معارضة شــديدة من عديد الاتحادات الاعضاء. كذلك من مشــاريع الفيفــا تنظيم الســوبرليغ الافريقي التي يضم أفضل عشرين ناديا في القارة )هنا يحكى عن وعد من انفانتينو لموتســيبي باشراك فريقه صاندوانز كمكافاة له( وهي لن تكون بديلة عــن دوري الابطال وانما بطولة جديدة من شــأنها أن تجلب رعاة جددا لضــخ المزيد من الاموال في خزانة الكاف.
مشــاريع الفيفا فــي افريقيا، تؤكد بوضــوح ما يدور في خلــد الرئيس انفانتينــو، لقد نجــح تدريجيا فــي ازاحة من يمكنهــم معارضتــه أو عدم الخنوع لرغباته بدءا من عيســى حياتو، فهو اليــوم يلعب بمفرده بدون خصــم، ولكن اعادة انتخابه رئيســا للفيفا في 2023 تحتاج بدون شك الى توفير ضمانــات بحكــم علاقات ليســت فــي أوجها مــع اتحادي اوروبــا وأميــركا الجنوبية، وهنــا تظهر للعيــان، أهمية 54 صوتا افريقيــا لانفانتينــو، وضرورة ضمانها فــي المعركة الانتخابية المقبلة.