Al-Quds Al-Arabi

مع تعاظم شعورهم بـ«الاغتراب الذاتي»... لماذا تهمل إسرائيل يهود الولايات المتحدة رغم تبنيها قانون القومية؟

- زلمان شوفال

■ «الحليف المنســي» كتب الصحافي الهولندي بيير فان فاســن في 1943 عن خيانة بريطانيا للشــعب اليهودي والحركة الصهيونية. ومع الفرق، فإن حليفنا )يهود أمريكا( وإن لم يُنسوا، إلا أنهم أُهملوا بقدر ما.

منذ منتصف القرن الماضي، كان ليهود أمريكا مســاهمة مركزية في تسويغ الدعم السياسي في الولايات المتحدة للصهيونية، والاعتراف بدولة إسرائيل، ودعم طرفي المتراس السياسي. فإذا كانت لإسرائيل مكانة خاصة في الولايات المتحدة فلا ينبغي أن نقطع هذا عن أغلبية الجمهور اليهودي من أجلها.

لقد أصبح يهود أمريكا منذئذ الحليف الأهم والأكثر اســتقرارًا لإسرائيل، ولكن ثمة صدوع في الجانبين. فلا يوجد في يهــود أمريكا اليوم زعماء بقامة آبا هيلل سيلفر، وستيفان فايس أو لوي ليفسكي، ولكن لا تزال هناك أجسام مهمة مثل لجنة الرؤساء والاتحادات والمنظمات، واللجنة اليهودية الأمريكية، وهداســا، وكلهم يقومون بعمل مهم، ولكن الجيل الشــاب يقل في الانضمام إليهم والعمل من داخلهم. وهناك بالطبــع «ايباك»، اللوبي الأمريكي من أجل إســرائيل، الذي لا يمكن بدونــه وصف الإنجازات المهمة فــي مجال التعاون الأمني والمســاعد­ة الاقتصادية الســخية في الماضي ومواضيع كثيرة أخرى بين الدولتين. «ايباك» هو جســم غير حزبي، ولكن هذا لا يمنع محافل اليسار ومحافل مناهضة لإسرائيل مختلفة من محاولة قصقصة أجنحته - حالياً بلا نجاح.

تطور في الولايات المتحدة مع الســنين، وفي ضوء نجاحات إسرائيل في الحروب وإنجازاتها في مجــالات مختلفة، نهج يقضي بأن وجودها الآمن أمر مسلم به. كنتيجة لذلك، أصبحت الصلة المتبادلة بين اليهود وإسرائيل ظاهراً أقل حيوية، ولكن بالمقابل، ومثلمــا قال وزير المالية اليهودي في عهد الرئيس كلينتون وأحد الأشــخاص المؤثرين فــي أمريكا، لاري ســامرس، قبل بضع ســنوات في لقاء مغلق في واشــنطن: «وصلنا إلى مكانة غير مسبوقة في كل المجالات – اقتصادياً، وسياســياً، وثقافياً وإعلامياً، ولكن كل هذا بدأ مع قيام دولة إســرائيل. إذا ما حصل لا سمح الله شــيء ما لدولة إسرائيل، فسنعود إلى الوضع الذي كنا فيه من قبل». ليس كل يهود الولايات المتحدة يشــاركون

في هذا الرأي أو يفضلون كبته، وهناك اليوم أناس في الأكاديمية والإعلام من اليهود، وبخاصة في اليســار الموضة، ممن جعلوا أنفسهم منتقدين لكل شيء إسرائيلي ويتجندون حتى لنشاط الـ BDS التي يعدّ ميلها الواضح تصفية الوجود اليهودي في بلاد إســرائيل. وهؤلاء يبررون ذلك بمعارضة السياسة الإسرائيلي­ة أو بأمور أخرى، ولكن هذا أعمق بكثير وينبع أساساً من الاغتراب الذاتي. لم يكن الأمر دوماً على هذا النحو؛ فقد وقف ريتشارد هاس، المسؤول عن الشــرق الأوســط في مجلس الأمن القومي لدى الرئيس بوش الأب، أمام منظمة يهودية يســارية أثناء الكفاح في ســبيل ضمانات استيعاب مهاجري الاتحاد الســوفيات­ي السابق، وعندما حاول رفض منحها لإسرائيل بمعارضة الإدارة للمستوطنات، نهض الجمهور من مكانه وثار عليه. فهم هاس التلميح ونزل عن المنصة.

ولكن هل تفعل دولة إسرائيل كل ما يلزم كي تؤدي مهمتها كالدولة القومية للشــعب اليهودي كما قيل في قانون القومي؟ الجــواب «لا»، وإن كان بمعنى لا نراه في الجميع، إصلاحيين ومحافظين وغير متدينين، كشــركاء كاملين في الشــعب اليهودي. وإن قرار محكمة العدل العليا الأخير، الذي اعترف بتهويد الإصلاحيين والمحافظين في إســرائيل، يدفع إلى الأمام بهذا الموضوع ولكنه لا يحله طالما لم يترتب مكان التيارات غير الأرثوذكسـ­ـية في حائط المبكى الذي يعدّ رمزاً لوحدة الشعب اليهودي إضافة إلى كونه مكاناً مقدساً.

لكل هذه المواضيع، بما فيها التهويد والحقوق والواجبات في المبكى، سبق أن كانت اقتراحات إصلاحية، ولكن إهمال دولة إسرائيل لحلفائها الأهم يجد تعبيره في الشــؤون الدينية وأيضاً في الموقف الاســتخفا­في أحياناً في قسم من الجمهور والمؤسســة السياســية: «لا حاجة للإصلاحيــ­ن والمحافظين إذ ســتكون الأغلبية على أي حال أرثوذكســي­ة بعد بضعة أجيال». قد يكون هذا صحيحاً، ولكن بضعــة أجيال هو الكثير من الزمن، وعندما يدور الحديث عن الأرثوذكسـ­ـيين يجدر بالذكر أن هذا يتضمن أيضاً الســتمريي­ن، مثلاً. يشرح آخــرون فيقولون: «لا حاجة لليهــود، يوجد إفنجيليــو­ن». وبالفعل يوجد، ولكن عندهم خلاف متعاظم بالنســبة لطريقهم السياسي. مع كل النعمة التي في دعمهم لإســرائيل، لا يعدّون بديلاً للقيمة الكاملة فــي الحلف مع الجالية اليهودية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom