Al-Quds Al-Arabi

الطفل الفلسطيني وأبوه: ما فائدة أن نشكو المستوطنين وعربداتهم لشرطة تتبنى مشروعاً صهيونياً؟

- عميرة هاس

نشر التقارير عن مغتصبين يهود متسلســلين يؤتي ثماره: المزيد من المتضررات يتجرأن على تقديم شــهاداتهن، والشــرطة تحقق في الأمر، وثمة ســور صمت آخر قد انهار. لم تعد سياســة التسامح كما كانت. نشر التقارير عن مشــاغبين يهود يهاجمون فلسطينيين أيضاً يؤتي ثماره: المزيد مــن الميزانيات ومن أراضي البؤر الاســتيطا­نية والمســتوط­نات؛ ولا تقوم الشــرطة بالتحقيــق ويبحث الجيش عن ببغاوات. بقيت الكولونيال­ية على حالها، لكن بصورة أكثر تطوراً.

لا توجد حاجة للإبلاغ عن كل هجــوم وتحرش. والأجواء العامة والشــبكات الاجتماعية توضح للمتحرشــن والمغتصبين بأنهم لن يفلتــوا من العقــاب والعار. في المقابــل، من يقومــون بالطرد ومن يقومون بالســطو على الأراضي يعرفون أنه لن يمسهم سوء، وأنهم الذراع المخصخصة وشركاء في مشروع السطو الرسمي الناجح، وهو مشروع الصهيونية بلغتهم.

إن التعايش بين المهاجمين «المجهولين»، الذين هاجموا عائلة سعيد عوض يوم السبت في أرضها، وبين الشرطة التي لا تكلف نفسها عناء العثــور على المهاجمــن، والجنود الذين يقومــون بحمايتهم، يمكن ملاحظته على الأرض فــي أي وقت. هذا عنف في وضح النهار وليس في الغرف المغلقة، بل وينفذ سياســة ويواصل إملاءها وتوجيهها في الوقت نفسه.

عند الســاعة الواحدة بعد الظهر من يــوم الخميس الماضي كنت شــاهدة مرة أخرى على هذا التعايش، بــكل عدوانيته المعتادة التي لا يتــم الإبلاغ عنها. جلســنا في قرية أم لصفة، وســمعنا من قاطفي العكوب الصغار كيف طاردهم الجنود. فجأة جاء نبأ: مســتوطنون أطلقوا النار على ولدين ورعاة أغنام من قرية منيزل. انطلقنا مسرعين إلــى هناك، بضعة كيلومترات نحو الجنــوب، تلال ناعمة وخضراء، منطقة للرعي تتلوى بين هذه التلال، حيث تُغبط الأغنام على الهدوء حقل زيتون تلقى عناية جيدة، يجلــس ولدان فوق صخرة مكفهري الوجه، وقربهما الجدة التي قالت: «لقــد صعدوا قليلاً إلى قمة التلة. وفي الشارع فوقهم )الذي يؤدي إلى البؤرة الاستيطاني­ة لوتسيفر أو مزرعة تاليا( ظهرت سيارة، خرج منها شخص وأطلق النار نحوهما. عادا ركضاً، وعندما وصلا كانت أيديهما ترتجف خوفاً».

اســتدعى الأب الشــرطة فحضرت. لم يطلب من والأولاد أنفسهم تقديم شــهاداتهم. فهدف مطلق النار واضح، وهو الردع والتخويف. أراد أن يتوقفــوا عن الرعــي وأن لا يأتوا لقطف أي شــيء أو لقطف الزيتون. بفضل الإرهاب المتراكم، ستضيف هذه البؤرة الاستيطاني­ة أو غيرهــا إلى أراضيها المزيد من الأراضي «المتروكة». واســمحوا لي بالتخمين: لا أحد اهتم بالعثور على مطلق النار.

بعد ذلــك ذهبنا إلــى الحاجز العســكري في مدخــل مدينة يطا الجنوبــي. هذه هــي الطريق الأقصــر من جنوب شــرق الضفة إلى يطا. أقيم الحاجز في تشــرين الثاني الماضي لتطبيق إغلاق كورونا. في هذه الأثنــاء تحول إلى حاجــز مزعج ويســرق الوقت. الجنود المســلحون بعناية يحجزون النــاس ويفحصون بطاقــات الهوية ويفتشون السيارات ويخربون برامج الناس. اسمحوا لي بالتخمين: هو حاجز استهدف إهانة الفلسطينيي­ن والإثقال عليهم، خاصة سكان سوسيا الذين يرفضون إخلاء أراضيهم لصالح المستوطنين.

نصر نواجعة، أحد ســكان سوســيا وباحث في «بتســيلم»، يتم احتجــازه هناك بين حين وآخر. في الأســبوع الماضــي تم احتجازه ساعتين لإخباره أن الشــاباك يستدعيه. في المرة الثانية، بعد يومين على التحقيــق معه، تم احتجازه مدة ســاعة لأن الجنود لم يحذفوا اســمه من قائمة الذين تم استدعاؤهم للشــاباك. والسبب نفسه في المرة الثالثة. فــي ذلك الوقت كنت معه، الجنــدي الذي أخذ بطاقات هويتنا نبش في السيارة وفي حقيبتي وصادر مفاتيح السيارة أيضاً. يشــرفني أن أجرب حتى ولو جزءاً صغيراً من التعامل المتعالي الذي يستهدف الفلسطينيي­ن. وبالمناسبة، هؤلاء هم الجنود الذين سارعوا إلى إرضاء المســتوطن­ين في «حفات معون» واعتقلوا الأولاد الخمسة الذين كانوا يجمعون العكوب.

اســمحوا لــي بالتخمين: اســتدعي نواجعة لمحادثــة تحذير في الشــاباك لأنه وثّــق عنفاً إســرائيلي­اً شــائعاً. ومثل ذلــك، هاجم إســرائيلي­ون، الأحد، ولداً كان يجمع نبات العكــوب بين قريتي بير العيد وجنبه، وطعنوا حماره وســرقوا النباتات التي جمعها. وقال الولد المذعور ووالده بأنه لا فائدة من تقديم شكوى للشرطة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom