Al-Quds Al-Arabi

بعد إغلاق عمان مسار الطائرة: ماذا قال نتنياهو وبأي أسلوب رد على الأردن؟

- نوعا لنداو

أحد أخطــاء المعارضة الإســرائي­لية في الســنوات الأخيــرة هو عــدم وضــع بديل واضــح لنتنياهــو في مواضيــع الخارجية والأمــن. ولأن سياســيين كثيرين شــعروا بصعوبــة هزيمته، فقــد طبقوا بذلــك المثل الشــعبي وقرروا الانضمام اليه بجموعهم. فقبــل أن يقتحم شــعار «فقط ليــس بيبي» حياتنــا بوقت طويــل، وهو الشــعار الذي يركــز الحملــة علــى شــخص وليــس على نهــج، تنــازل معظــم خصومــه عــن التميز الأيديولوج­ي عنه في مجالات حاسمة، مثل الاتفاق النووي مع إيران، والاســترا­تيجية غيــر القائمــة فــي قطــاع غــزة، وتحالفات مشــكوك فيها مع زعماء غيــر ليبراليين في أرجاء العالم.

وقــد ســاعدهم في ذلــك أيضاً شــغف الإعــام الإســرائي­لي في تغطيــة المؤامرات السياســية، الهامشية والشــخصية، الذي تفضلــه وســائل الإعــام على الانشــغال بأمور أوســع تتعلــق بالعلاقــا­ت الدولية. فعلــى ســبيل المثــال، لا يمكــن التمييز بين مواقــف يئيــر لبيــد السياســية والأمنيــة وبــن مواقــف نتنياهــو، حتى لو اســتعنا بالميكروسك­وب، لا سيما في السنوات التي ادعــى فيها لبيد مراراً وتكراراً بأن المشــكلة الرئيسية مع رئيس الحكومة هي إجمالاً أن «شيئاً ما حدث له.»

وحتــى لا يظهــروا، لا ســمح اللــه، كيســاريين، تنــازل السياســيو­ن عــن انتقادهــم الذي مــن غير اللطيف إســماعه للجمهــور فــي هــذه المواضيــع، لصالــح تســريبات ومقابــات لشــخصيات رفيعة فــي أجهزة الأمن والخارجية، باســمهم أو بــدون اســمهم، يتولــون مناصبهــم حالياً أو ســابقين. يوصــف هــؤلاء علــى الفــور كموظفــن يســعون إلى التقويــض، وليس مهماً مهمــاً مدى مســتواهم. وإذا ما كانوا يشغلون مناصبهم فيتم إسكاتهم بالتهديد بالتحقيــق معهــم بتهمة التســريب، وبهذا يُســتنفد النقاش العام في الموضوع بشكل عام.

أحد هذه المواضيــع الذي يحظى بتطرق خفيــف من المعارضــة، خصوصاً في وقت أزمــة عالميــة وحتــى فــي حينــه بصعوبة كبيرة، هو العلاقات بين إسرائيل والأردن. نســج نتنياهــو واحتفل بتطبيــع العلاقات مــع دول، «اتفاقات إبراهيــم»، لكن خبراء في أجهزة الأمــن والخارجية يحذرون منذ ســنوات كثيرة من أزمة آخذة في الاشتداد مع الجارة الأقدم في الشــرق. قضية عناق رجــل الحراســة فــي الســفارة فــي عمان وإعــادة جيبــي «الغمر والباقــور­ة» لم تكن ســوى نقاط الغليان في الـ 25 ســنة سلام الآخذ في البرود.

جوهر المشكلة، ويتفق مع ذلك الكثيرون من خلــف الكواليس، هو التركيز الحصري على التعاون الأمني الاستخباري وحماية الحدود على حســاب المجال الاجتماعي الاقتصــاد­ي الــذي أهمل بشــكل كامل. إن الإعــان عن الضم صــب المزيد مــن الزيت على رؤوس الأردنيين المشــتعلة، وإن تأكيد حريــة وصــول الإماراتيـ­ـن والبحرينيـ­ـن فقط إلى الحــرم، اعتبرته العائلة المالكة في الأردن تهديداً لمكانتها التاريخية. وبســبب ذلــك رد الأردن على العقبات التي وضعتها إســرائيل أمام زيارة الأمير الأردني للحرم، بإعاقــة رحلــة نتنياهو الاســتعرا­ضية إلى الخليج.

لكــن الفضيحــة الأكبــر هــي طريقة رد نتنياهــو، وهــي إغــاق المجــال الجــوي الإسرائيلي أمام الطائرات الأردنية كانتقام أخذه بنفســه بدون التشــاور مــع الجهات ذات الصلة، وهذا ما كشــفه الصحافي بن كســبيت. إذا كان الموظفون الذين تســلموا التعليمــا­ت لــم يرفعوا العلم الأســود الذي رفرف فوقها، فقد كان ذلك سيشكل خرقاً واضحاً لاتفاقات الســام. جواب نتنياهو على ســؤال اييلا حســون في هذا الشــأن كان متغطرســاً ومتعاليــاً: «يحتــاج الأردن بحاجــة إلى علاقــات ليس أقل منــا»، قال نتنياهو ضاحكاً.

قبل أســبوع على الانتخابات المصيرية، لا يبــدو أن المعارضــة تنقــض علــى هــذه القضيــة، باســتثناء عــدة ردود خفيفــة ستنسى في الغد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom