Al-Quds Al-Arabi

عندما تصبح الفضيحة مصدراً للترفيه والمال

-

في خضم الوجع الذي يعيشه العالم بفعل فيروس كوفيــد 19، تحــول اهتمــام الكثيــر مــن البشــر فجأة باتجاه لقاء الأمريكية الإعلامية اللامعة أوبرا وينفري في السابع من هذا الشــهر مع الأمير البريطاني هاري

وزوجتــه الأمريكية، والممثلة الســابقة ميغان ماركل، ليحضره حوالي 17 مليون نســمة خلال بثه، وليتابعه لاحقاً 200 مليون نســمة حول العالــم تقريباً، ولتكتب عنه جميع صحــف الأرض، بينما اشــتعلت صفحات الإعلام الاجتماعي بالخبر وما دار حوله من لغط.

ولعل ما ميّــز هذا اللقاء هو ما حملــه من معلومات مثيرة مســت عدة جوانب، كان أهمها البعد العنصري لطبيعة العلاقــة التي جمعت الدوقة الســابقة، ميغان السمراء مع أسرة ويندسور الملكية البريطانية، خاصة ما قدمته من شهادة مثيرة حول خشية العائلة الملكية من أن يكون الطفل الذي ستنجبه أسمر البشرة.

هــذه الإفادة نقلت وحــال بثها، العائلــة الملكية من مربع الشعبية الكبيرة، إلى مربع الشيطنة المستفحلة، وهو ما اضطر الأخيرة وعبر قنوات مختلفة للدفاع عن ذاتهــا أمام بشــاعة الهجوم، إلى أن اســتنفرت بعض وســائل الإعلام وبعض الإعلامين الإنكليز للدفاع عن الملكــة والعرش، فشــاهدنا مثلاً الإعلامــي الإنكليزي الشــهير بيرس مورغان، الذي ارتبط ذات يوم بعلاقة مــع ميغان نفســها، يغــادر برنامجه الشــهير «صباح الخيــر بريطانيا» محتجاً على حوار ســاخن دار حول هذه القضية.

المفارقــة فــي الأمر، أن انتشــار القضية لــم يقتصر على مســاحات الإعلام الجدية والملتزمة فحســب، بل انتقل إلــى عالم الكوميديا الســاخرة، حتى شــاهدنا العديــد من نجوم برامــج المحادثة المعروفــة بـ»التوك شــوز» يحولــون الفضيحــة إلــى مصــدر للســخرية والتنــدر، ومنهم الكوميدي الشــهير جيمــس كوردن، الذي خصص بــدوره إحدى حلقــات برنامجه للتندر علــى تفاصيــل الحــوار، حتــى بلــغ حجم مشــاهدة برنامجه، الذي بث في التاســع من هذا الشــهر، ثلاثة ملايين ونصــف المليون مشــاهد ونصــف المليون مع كتابــة هــذه الكلمــات. أمــا رســامو الكاريكاتي­ــر فقد أطلقــوا ريشــاتهم للتنــدر والنــكات، فرســم أحدهم حديثــاً يقول فيــه أحدهم إن أياماً قليلــةً فقط هي تلك التي تفصلنا عن مشــهد موت ميغان في حادث ســير تحت الجســر، في إشــارة إلى مقتل الأميرة ديانا عام 1997، بفعل حادثة ســير مريبة )ومدبرة حســب قول البعض( تحت جســر باريســي، عندما كانت بصحبة عشــيقها عماد الدين محمد الفايد في فرنسا. قصص العائلــة المالكة البريطانية لم ولــن تنتهي أبداً، خاصة مع تمددها الأســري وزواج الأقــرب منها إلى العرش، بمن هم خارج العائلــة والعرق والتاريخ، فتكون مادة دســمة للاستعراض والترويج والاســتغا­بة والنميمة العلنية، والانتقاد والتندر والإســاءة، بشــكلٍ اعتادت عليه الملكة التســعيني­ة إليزابيث الثانية. ولعل الشهرة الفضائحية للعائلة الملكية البريطانية جعلتها الأشــهر بين جميع العائلات المالكــة، لتصبح العائلة الأكثر دراً للمال، سواءً في أعراســها أو أتراحها أو مصائبها أو حتى فضائحهــا. وعليه باتت جميع مصــادر الإعلام التقليدية وغير التقليدية تتلقف أخبار الأســرة المالكة، لما تدره من حجم مشاهدة كبير وعائدات مالية مهمة.

ولذلك فإنه من غير المســتغرب أن تصبح الفضيحة مصــدراً للســخرية والترفيه والمــال، بل باتــت أيضاً مصدراً مهماً للشــهرة فيملأ صاحبها الدنيا ويشــغل الناس!

قصص العائلة المالكة البريطانية لم ولن تنتهي أبداً، خاصة مع تمددها الأسري وزواج الأقرب منها إلى العرش، بمن هم خارج العائلة

كاتب فلسطيني

 ??  ?? د. صبري صيدم
د. صبري صيدم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom