Al-Quds Al-Arabi

لماذا يعتبر القصر الأردني نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها؟

باحثة إسرائيلية تجيب عن السؤال:

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

تقدم باحثة إســرائيلي­ة عضو كنيســت سابقا، عدة أســباب حول اعتبار القصــر الملكي فــي الأردن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها. وتستذكر كسينيا ســفاتلوفا، نائب سابقا ومديرة برنامج علاقات إســرائيل الشرق الأوســطية في معهد «متفييم» عدة حوادث بهذا المضمار، من محاولة اغتيال رئيــس المكتب السياســي لحركة حماس خالد مشــعل في قلب عمّان في ســنة 1997 مروراً باســتقبال نتنياهو الحــارس الأمني الإســرائي­لي الــذي أطلــق النار على صاحب منزل أردني في ســنة 2017 ولاحقاً قضية رفض الأردن تمديد عقد تأجير إســرائيل منطقتــي الباقورة والغمر في الأغــوار، ووصولاً إلى رفض دخول الحراس الأمنيين لولي العهد الأمير حســن خلال زيارته المسجد الأقصى قبل أيام.

وتقول في مقال نشرته صحيفة « يديعوت أحرونوت» أمس إنــه عندما يتــم جمع الحــوادث الدبلوماسـ­ـية والأزمات بين إسرائيل والأردن خلال فترة ولاية بنيامين نتنياهو نحصل على صورة مثيرة للقلق والدهشــة تدل في أحســن الأحوال على تجاهل رئيس حكومة إسرائيل لمنظومة العلاقات الاســترات­يجية مع المملكة الهاشمية، وفي أسوأ الأحوال على أنه يؤذيها.

وبذلــك تتقاطــع كســينيا ســفاتلوفا مــع مراقبين

إســرائيلي­ين آخرين ينتقــدون إدارة حكومة الاحتلال منظومة علاقاتها مع الأردن، أبرزهم رئيس القسم الأمني ـ السياسي في وزارة الأمن سابقا الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد الذي يعتبر فشــل إسرائيل في المحافظة على علاقات وثيقة ومهنية مــع عمان هو نوع من اللعب بالنار، منوها للقيمة الأمنية الاستراتيج­ية للعلاقات مع دولة عربية مجاورة لها أطول حدود مع إسرائيل.

وتقول كســينيا ســفاتلوفا إنه هذه المرة أدى تعكُّر العلاقات مــع عمّان إلى إلغاء نتنياهو زيارة سياســية تاريخية إلى أبو ظبي ولقاء ولي العهد الشيخ محمد بن زايد، منوهة أن تسلســل الأحداث الذي أدى إلى تأجيل الجزء الإماراتي في حملــة نتنياهو الانتخابية هو دليل علــى أن ليس الجميع في الشــرق الأوســط يتصرفون وفق مــا يريده رئيــس الحكومة الإســرائي­لية. وتتابع «ربما يستطيع نتنياهو أن يحدد موعداً بمساعدة رئيس الموساد مع حاكم الإمارات، لكنه يعلم بأنه إذا لم يحدث

أمر دراماتيكي فــي قصر المملكة الأردنيــة فإن قدمه لن تطأ هناك في وقت قريب، وبالنســبة إلى الملك عبد الله، نتنياهو شــخص غير مرغوب فيه». كمــا تقول الباحثة الإســرائي­لية إن الزيارة المخطط لها إلى الإمارات والتي تُعتبر تاريخية ومهمة فعلاً لعلاقات إسرائيل في الشرق الأوسط ســتجري في موعد آخر، ربما يكون قريباً، لكن شــيئاً لن يجري إذا تأجلــت إلى ما بعــد الانتخابات. وتضيف « كذلك زيارة الأمير الأردني إلى المسجد الأقصى ســتجري على ما يبدو لاحقاً، مثل هذه الزيارات يجري مــن وقت إلى آخر، وليس أمراً غير مســبوق، لكن إذا لم تتعقل القيادة الإسرائيلي­ة في الوقت المناسب، فإن أزمة العلاقات مع الأردن ستزداد تفاقماً.»

وتــرى أن الأردن ليس دولة في الشــرق الأوســط بإمكان إســرائيل إقامة علاقات معهــا أو التخلي عنها، فهي جــارة قريبة، وربمــا الأقرب، وتملــك مفاتيح أمن دولة إســرائيل. وتعلل ذلك بالقول إن الحدود الشرقية

لإســرائيل هادئة منذ ســنوات طويلة، لكــن ليس من الصعب تخيُّل كيف يمكن أن تشتعل وتتحول مرة أُخرى إلى جبهة فاعلة تشكل خطراً كبيراً.

وتضيف « لا أحد يريد حدوث فوضى في الدولة التي تشكل حاجزاً بين إســرائيل والعراق وسوريا، يمكن أن تبيح للجميع، بما فيهم تنظيم داعش وإيران، استخدام أراضيها للمسّ بإسرائيل .»

وتشــير إلــى أن الأردنيــن يقومــون بواجباتهــ­م ويحافظون على الهدوء والأمن على طول هذه الحدود، هم يحاولــون بقدر الممكن موازنــة التوترات في الحرم القدسي الشريف، ولا يسارعون إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وينتهجون سياسة معتدلة للغاية حتى فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وتنبه أنه في المقابل، تعرقل إسرائيل تنفيذ المشاريع الضخمــة التي وعدت بهــا المملكة عند توقيــع اتفاقات السلام في ســنة 1994 وتحلم بصوت عالٍ بطرد الأردن

مــن الحرم القدســي لمصلحة جهات عربيــة أُخرى، ولا تضيع الفرصة للمسّ بكرامة الأردنيين.

وتســتذكر أنه حتى عند توقيع اتفاقات التطبيع لم يفكــر نتنياهو في ضــم الأردن إلى منظومــة العلاقات الجديــدة التي نشــأت فــي المنطقــة، علــى الرغم من أن المقصــود هــو جزء مهم جــداً من العلاقات الشــرق الأوسطية.

وترجح أن المشــكلة تكمن فــي أن من وقّــع الاتفاق مــع الأردن لم يكن نتنياهو بل يتســحاق رابين وإلّا من الصعب فك لغز لماذا يســتخف رئيس الحكومة إلى هذا الحد بهذه المنظومة من العلاقات الاستراتيج­ية؟

وتتابــع « ربما لو لم يكن صوغ السياســة الخارجية الإسرائيلي­ة محصوراً بنتنياهو لكان في الإمكان تحسين العلاقات مع الأردن بصورة كبيــرة، وتحقيق إنجازات مشتركة في العديد من المستويات».

وتشدد على أنه لا توجد خلافات كبيرة بين إسرائيل والأردن، وكل الأزمــات والفجوات بــن الطرفين ناجمة في الأســاس عن الاســتخفا­ف والتجاهل وسوء الفهم أو الوقاحة. وتخلص لتقــديم نصيحتها بالقول « يتعين على أي حكومة عتيدة التفكير في مسار جديد والحرص علــى ألّا تكون عمّان مجدداً محطة مهمَلة في الطريق إلى الخليج، بل وجهة إقليمية مهمة ومرغوب فيها.

وبالتأكيد الجــار القريب لا يقل أهميــة عن الصديق البعيد».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom