Al-Quds Al-Arabi

الليرة اللبنانية تخسر 90% من قيمتها بعد تدهور قياسي جديد في سعر الصرف

-

■ بيروت - أف ب:ســجّلت الليرة اللبنانية أمس الثلاثاء تدهوراً قياســياً جديداً، إذ لامس سعر صرفها مقابل الدولار عتبة 15 ألف ليرة في السوق السوداء، في سقوط حر مستمر منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل عام ونصف العام.

وبذلك، تكون الليرة قد خسرت حوالي تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما لا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507.

وقــال ثلاثة صرافــن، رفضوا الكشــف عن هوياتهم أن سعر صرف الليرة «يراوح حالياً بين 14 الفاً و800 و14 ألفاً و900 مقابل الدولار.»

وأكد أحد المواطنين أنه بــاع الدولار مقابل 15 ألف ليرة ظهر الثلاثاء.

ومنذ خريف عــام 2019، على وقــع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان، بدأت الليرة تتراجع تدريجاً أمام الدولار تزامناً مع أزمة سيولة حادة وتوقّف المصارف عن تزويــد المودعين بأموالهم بالدولار.

وبعدمــا حافظت لأســابيع عدة علــى معدل تراوح بــن ثمانية آلاف و8500 للــدولار، بدأت الليرة منذ بداية الشهر الجاري سقوطاً حراً، بعد تجاوز سعر الصرف عتبة العشرة آلاف، ليسجل المعدل الأقصى أمس الثلاثاء.

يأتي ذلك، بينما تصاعــدت حدة المخاوف من تصاعــد أكبر في وتيرة الاحتجاجات الشــعبية داخل مدن عديدة، واحتمــال عجز المصارف عن توفيــر ودائع العملاء، بعد انتهــاء مهلة حددها البنك المركزي لرفع رؤوس أموال البنوك.

وتتجه العلاقة بين البنــوك العاملة في لبنان وأصحــاب الودائع إلــى مزيد مــن التعقيد، في أعقاب مهلة حددها مصرف لبنان المركزي، انتهت فــي 28 فبراير/شــباط الماضي، قضــت بزيادة رؤوس أموال هذه المصارف.

وفي أغســطس/آب 2020، ألزم مصرف لبنان البنــوك العاملة في الســوق بضــرورة زيادة

رؤوس أموالها بنسبة 20 في المئة، وإعادة تكوين حســاباتها لدى المصارف المراسِلة 3 في المئة، في موعد أقصاه نهاية الشهر الماضي.

ويبلغ رأس مال البنــوك العاملة في لبنان 20 مليار دولار، ويعني رفعهــا 20 في المئة أن هناك إضافة بقيمة 4 مليارات دولار، ســتواجه غالبية البنوك صعوبة الإيفاء بها.

ودفع التغير الســريع في سعر الصرف خلال الأيام الأخيرة عــدداً من المحال التجارية الكبرى إلى إقفال أبوابها لإعادة تســعير سلعها. كذلك، أقفلت مصانع أبوابها بانتظار اســتقرار ســعر الصرف.

أحد محال البقالة فــي بيروت يافطة صغيرة على واجهتــه كتب عليها «مغلق بســبب ارتفاع الدولار .»

ومع تســارع تدهور الليرة، عادت منذ مطلع الشــهر الحالي الاحتجاجات إلى الشوارع ولكن بشكل متقطع. وعمد بضعة شــبان الثلاثاء إلى قطع شــوارع عبر إشعال الإطارات ومستوعبات النفايات.

ويأتي التدهور الجديد فيما تلاحق السلطات صرافــن ومنصــات إلكترونيــ­ة غير شــرعية يتابعهــا اللبنانيــ­ون لمعرفة ســعر الصرف في الســوق الســوداء، في خطوة انتقدها محللون ومســتخدمو­ن لمواقــع التواصــل الاجتماعي، باعتبار أن المشــكلة لا تكمن فــي المنصات، وأن الحل يتطلــب اجراءات جذرية من مصرف لبنان والسلطات المعنية.

وباءت محاولات ســابقة للسلطات للسيطرة على سوق الصرافة غير الشرعية بالفشل.

وينعكــس الانخفــاض فــي العملــة المحلية على أســعار الســلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع مؤخراً بنســبة 144 فــي المئة، وفقــاً لتقديرات «صنــدوق النقد الدولي» وبــات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

وعلى وقع شُحّ الســيولة ونضوب احتياطي المصــرف المركــزي المخصــص لدعــم الســلع الاســتهلا­كية الرئيســية، ينبّه خبــراء من أن «الأســوأ لم يحــدث بعــد» فيما تعجــز القوى السياســية عــن تشــكيل حكومة تمضــي قُدُماً باصلاحــات عاجلة لضمان الحصــول على دعم المجتمع الدولي.

وكتبت مهــى يحيى، مديرة «مركــز كارنيغي للشــرق الأوســط» على «تويتر» أمس «ســعر الصرف في لبنان يصل إلــى 15 ألف ليرة مقابل الــدولار الواحد. في الليلة الماضيــة كان 13 إلفاً

و250! البلــد ينهار مــن حولنــا ولا يمكننا فعل أي شــيء. لبنان رهينة سياســييه.. والمصالح الخارجية .»

وأمس اجتمعت لجان برلمانية لمناقشــة قرض طــارئ لشــركة الكهرباء الوطنية بعــد أن حذر وزير الطاقة من انقطاع التيــار في أنحاء البلاد في نهاية مارس/آذار الجاري في حالة عدم ضخ سيولة نقدية.

لكن اللجان لم تعد بأكثر من 200 مليون دولار من أصل حوالي مليار دولار تطلبها الشركة.

وقال مصدر مسؤول أن احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي تبلغ نحو 16 مليــار دولار حالياً. وكانت الاحتياطيا­ت حوالي 19.5 مليار دولار في أغسطس/آب.

وقد يعني هذا التراجع عدم توافر أموال تكفي لبرنامج دعم يُســتخدم في تمويل استيراد سلع أساسية مثل القمح والوقود.

وأمس قــال رئيس حكومــة تصريف الأعمال اللبنانية حســان دياب أن البلاد يمكن أن تبقي على دعم أغلب الســلع حتــى يونيو/حزيران، لكن وقود توليد الكهرباء سينفد مع نهاية الشهر الحالــي، وأن الجهود جاريــة «للإبقاء على هذا الدعم من خلال اعتمادات جديدة لتغطية حاجة لبنان من الكهرباء .»

ومع توقــف تدفقات الــدولار، يعتمد مصرف لبنان المركــزي على الاحتياطيا­ت الأجنبية لدعم ثلاث سلع رئيســية هي القمح والوقود والدواء، فضلا عن بعض السلع الأساسية الأخرى.

وســبق لدياب أن قال أن البلاد قد تســتخدم الاحتياطيا­ت المتبقية للدعم لفترة ستة أشهر.

وقال أمس «كنــا قد تخوفنا وحذرنا مســبقاً من أثر اســتمرار نزيف الدولار على الاحتياطي، ولهذا قمنا بإرسال عدة ســيناريوه­ات لترشيد الدعم إلى المجلس النيابي في ديســمبر الماضي» وتابع قائلا «لم يتم اتخاذ قرار حتى الآن.»

 ??  ?? ورقة المئة دولار محاطة بأوراق ما يساويها من الليرات اللبنانية )1.5 مليون(
ورقة المئة دولار محاطة بأوراق ما يساويها من الليرات اللبنانية )1.5 مليون(

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom