Al-Quds Al-Arabi

السودان: تعليق التفاوض بين الحركة الشعبية والحكومة للتشاور حول أربع نقاط خلافية

- جوبا ـ «القدس العربي» ـ من عمار عوض:

قــررت الوســاطة الجنوبية رفــع جلســات التفاوض المباشــرة بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، وذلك لإجراء مزيدٍ من المشاورات بشأن القضايا الخلافية بين الطرفين.

وطبقــا للبيــان الختامــي، الــذي أصدرته الوســاطة «الطرفان توصلا إلى اتفاقات وتفاهمات على معظم المحاور والقضايــا التي وردت في مســودة الاتفــاق الإطاري وفي المقابل لم يتمكنا مــن الوصول إلى قرارات نهائية حول عدد من القضايا .»

وزاد أن «لجنة الوســاطة وبالاتفاق مع طرفي التفاوض رأت أنه لحماية وتثبيــت نقاط الاتفاق الكبيرة التي توصل إليها الطرفان على مســودة الاتفاق ولفتح المجال للمزيد من الحوارات والتشاور الداخلي حول نقاط الاختلاف وإشراك أوســع قطاع ممكن من الســوداني­ين في المجتمع السياسي والمدنــي ومجتمعــات اللاجئــن والنازحين مــن ضحايا الحروب السودانية، تم رفع جلسات التفاوض.»

وتعهدت الوســاطة فــي البيان نفســه بـ«العمل خلال الأسابيع المقبلة بالتعاون مع الشركاء الدوليين في محاولة لتجسير المواقف ووجهات النظر بين الطرفين بغية الوصول إلى اتفاق حول القضايا المختلــف عليها والتوقيع الإطاري في أقرب وقت ممكن.»

وقال المستشــار توت قلواك، مستشار رئيس جمهورية جنوب الســودان للشــؤون الأمنية رئيس فريق الوساطة الجنوبية، في تصريح صحافي إن 'الوساطة ستقوم بإجراء اتصالات بين وفدي الحكومة الانتقالية والحركة الشــعبية شــمال لتقريب وجهــات النظــر، وذلك لتهيئــة الظروف لانطلاقة جولة التفاوض المقبلة.»

وأضاف أن «الوفديــن توصلا لتفاهمات كبيرة بشــأن القضايا الخلافية» مبيناً أنه «لم يتبق ســوى أربع نقاط من تسع عشرة نقطة، كان يجري التفاوض حولها، وهي قضايا بسيطة ومقدور عليها».

وأعرب عن أمله في أن تشــهد جلســة التفاوض المقبلة التوقيع على اتفاق السلام الشامل الذي يلبي كل طموحات أهل السودان.

«روح إيجابية»

كذلك بيّن الفريق أول ركن شــمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس وفد الحكومة المفاوض إن «جلسات التفاوض بين حكومة السودان والحركة الشعبية شمال ســادتها روح إيجابية وإرادة حقيقية مكنت الطرفين من المضي قدما في مناقشــة القضايا المتبقية، والتي تباينت فيها الرؤى». وأضاف: «بنفس الإرادة والرغبة في السلام، فإن وفد الحكومة ســيعود للجولة القادمــة متى ما تهيأت الظروف لاســتكمال مــا تبقى من قضايا عالقــة مع الحركة الشعبية ـ شمال».

وأعرب عن «شــكره وتقديــره» للفريق أول ســلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب الســودان على «رعايته لمفاوضات الســام في جوبا، ولجهود الوســاطة برئاسة المستشار توت قلواك، ولحكومة وشعب جنوب السودان».

كما قدم شــكره أيضا لـ«المنظمات الإقليمية والدولية لا سيما بعثة يونيتامس برئاسة بيرتس فولكر، والذي يقوم بدور مهم باعتبار أن السلام هو أحد المحاور الاستراتيج­ية التي تعمل عليها البعثة في السودان».

كما عبر عن «تقديره للدول الشقيقة التي كانت حاضرة حول طاولة التفاوض وكانت تقوم بأدوار عظيمة في تقريب

وجهات النظر بين الوفدين المتفاوضين».

أما عمار آمون، السكرتير العام للحركة الشعبية ـ شمال، فقد بين أن «الإرادة والعزيمة التي توفرت لطرفي التفاوض نحو الســام مكنت الجانبين من الوصول لتفاهمات كبيرة بشأن القضايا الخلافية».

وأوضح أن الطرفين «اتفقا على مسودة الاتفاق الإطاري بنسبة 75 ٪ إلى 80 ٪».

وتابع «لم يتبق ســوى نســبة 20 ٪ من القضايا والتي تحتاج لمزيد من التشاور خارج قاعة التفاوض».

وزاد أن «أزمــة مرت عليها 65 ســنة مــن الضروري أن تتطلــب وقتــاً، لأن حلها يكمــن في معالجة جــذور الأزمة التاريخية».

وأعرب عن شكره لوفد الحكومة «على الإرادة والعزيمة التي تحلى بها تجاه قضايا إحلال السلام» معرباً عن شكره أيضا لـ«فريق الوســاطة الجنوبية على جهوده المضنية في سبيل تحقيق السلام في السودان».

وأضاف «نأمــل في أن ينهي منبر جوبا شــبح الحروب الأهليــة المتكررة فــي الســودان» مؤكدا «التــزام الحركة الشعبية شمال بمنبر جوبا وإيمانها القوي في أنه سيفضي لتحقيق السلام الشامل والمستدام في البلاد»».

كما عبر عن «شــكره لرئيس جمهورية جنوب السودان على حرصه على استقرار السودان، ولفريق الوساطة الذي وفر كل الأجواء التي ســاعدت في عملية التفاوض، ولدول الترويكا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ودولة تشاد التي ظلت حاضرة خلال هذه الجولة من المفاوضات». وأكد مصدر دبلوماســي مطلع لـ«القدس العربــي»: أن «تثبيت الأطراف لما تم الاتفاق عليه في هذه الجولة هو خطوة مهمة تســاعد كثيرا على بداية عملية للجولة المقبلة تقود لاتفاق إطاري».

وتابع، دون كشــف هويته «هناك قضايا تعتبر مفتاحية لتوقيع الاتفــاق الإطاري، وهي عمليــة الترتيبات الأمنية، هل يتقدم فيها دمج جيش الحركة في الجيش الموحد أم يتم البدء بإصلاح القطاع الأمنــي وتوحيد الجيوش الموجودة في الخرطوم بضمن الدعم السريع وقوات الحركات الموقعة على ســام جوبا في القوات المسلحة الحالية، وهذا الخيار تتمسك به الحركة الشــعبية، فيما ترى الحكومة أن عملية الإصلاح نفسها تبدأ بدمج جيش الحركة مع بقية الجيوش، وترفض بقاء جيش الحركة منفصلا طوال الفترة الاتفاقية».

وزاد: «الأمر الثاني يتعلق بالاســتفت­اء حول المشــورة الشــعبية، حيث ترى الحركة أن يكون حول مستقبل إقليم جبال النوبة والنيل الأزرق، والحكومة ترى أنه اســتبيان حــول رأي المواطنين في تنفيذ الاتفاقيــ­ة لتطويرها، وذلك عبر الاســتفتا­ء أو اســتبيان حول مدى رضاهم عن تنفيذ الاتفاقيــ­ة، وأن لا يحتوي النص الخاص بهــذه النقطة أي عبارات يفهم منها أن الاســتفتا­ء أو الاستبيان أو أي وسائل أخرى ستقود إلى تحديد مصير سكان الإقليم».

وزاد: «هناك قضية النظام الرئاسي المقترح من الحركة، رئيــس الجمهورية ومعه 8 نواب يتم انتخابهم من ســكان الأقاليم ليمثلوا مؤسسة الرئاســة، وهذا الاقتراح لا تريده الحكومة إذ تعتقــد أنه يجب أن يناقش مع كل الســودان، باعتبار أن السائد الآن في جميع الوثائق هو نظام برلماني، الســلطات لدى رئيس الوزراء، وتعتبر الحكومة أن النظام المقترح من الحركة غير منســجم دستوريا لأنه يجعل حكام الأقاليــم أعلى من رئيــس الوزراء بوضعهم في مؤسســة الرئاســة، وفي لحظة ثانية يكونون أقل من رئيس الوزراء الذي يشــرف على حــكام الأقاليــم ضمن مهامــه كرئيس وزراء». ووقع وفدا الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية - شــمال على بيان ختامي لهذه الجولة، وعلى وثيقة إطارية

غير نهائية تتضمن نقاط الاتفاق والتباين بينهما.

وفــي غضون ذلك التقى ســلفاكير ميارديــت في مكتبه بالقصر الرئاســي فــي جوبا، وفــد الحكومــة الانتقالية لمفاوضات السلام برئاسة كباشي وبحضور قلواك.

التزام الحكومة

وقال يوسف آدم الضي، وزير الشباب والرياضة، عضو وفد الحكومة لمفاوضات الســام في جوبا، في تصريحات عقب اللقاء إن «الفترة التي انقضت من جلســات التفاوض المباشــرة بين وفدي الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية - شــمال كانت فترة ثرية، سادتها أجواء إيجابية انعكست على مسار التفاوض بين الطرفين». وبين أن «الوفدين قطعا شوطاَ كبيراَ يقدر بنسبة 80 ٪ من الاتفاق الإطاري» منوهاَ إلى أن «هــذه الخطوة تعطــي قوة دفــع للوفدين للمضي قدماَ في معالجــة القضايا العالقة والقضايــا ذات التباين فــي المواقف بين الجانبــن». وأوضح أن اللقــاء مع رئيس جمهورية جنوب السودان «كان فرصة لتقديم الشكر لدولة جنوب السودان حكومةَ وشعباَ لرعايتها لمفاوضات السلام مع الحركة الشــعبية شمال» مبيناَ أن «الوفد استمع لحديث طيب مــن الرئيس ســلفاكير، أكد فيه التــزام بلاده بدعم مسيرة السلام والاستقرار في السودان، واستعدادها لبذل كل ما في وســعها مع جميع الأطراف لتقريب وجهات النظر بين الحكومة الانتقالية والحركة الشــعبية شــمال وإزالة العوائق التي يمكن أن تعترض طريق السلام.»

وأكد «التزام حكومة الفترة الانتقالية بالســير قدماَ نحو تحقيق السلام بقلب مفتوح ودون أي أجندة». وجدد التزام الحكومة «بما تم التوافــق عليه في اتفاق إعلان المبادئ بين الطرفين نصاَ وروحاَ .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom