Al-Quds Al-Arabi

«بوليتيكو»: ترامب مسؤول عن تقوية الجناح المتشدد في إيران

-

قال سهيل جانيساري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بومبيو فابرا في برشلونة، إن الرئيس الأمريكي الســابق دونالد ترامب هو المسؤول عن تقوية الجناح المتشــدد في إيران. فبتركه الاتفاقية النووية التي توسط فيها الاتحاد الأوروبي أضعف ترامب المعتدلين والإصلاحيي­ن في إيران.

وفي مقال نشرته النسخة الأوروبية من مجلة «بوليتيكو» الأمريكية قال إن الرئيس حسن روحاني عندما وافق على المضي في اتفاقية العمل المشــتركة الشــاملة راهن على مستقبل حكومته ومستقبلها السياسي وبلاده أيضًا واعتقد أن الاتفاقية النووية مع الولايات المتحدة وأوروبا ستكون ناجحة.

ويبدو أن رهان روحاني قد فشل حيث ســيترك منصبه بعد انتخابات 18 حزيران/يونيو الحالي. وفشــله لا يعود إلى ترامب الذي لم يخــرج فقط من الاتفاقية النووية في 2018 فحســب بل وللقادة الأوروبيين الذين وقفوا متفرجين على تخريب ترامب للاتفاقية. ولن تكون الولايات المتحدة أو أوروبا سعيدة بما سيأتي لاحقاً.

وسيترك روحاني منصبه بعد شهرين وربما رحل معه كل الفريق الليبرالي/ المعتدل ولوقت طويل. وبســبب فشل رهانه على الاتفاقية النووية تم استبعاد كل المرشحين المعتدلين بمن فيهم نائبه إسحق جهانغيري وعباس أخوند، الوزير المهم ورئيس البرلمان والمفاوض النووي السابق علي لاريجاني.

ولو لم تحدث معجزة، فالرئيس الإيراني المقبل ســيكون إبراهيم رئيســي، رئيس القضاء الحالي بســجله الرهيب في حقوق الإنســان معروف والرجل الذي لعب دورًا في حملة الإعدامات عام 1988 دون محاكمات.

وربما كان تولي رئيســي للرئاســة خطوة تقربه من خلافة المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، 82 عاماً، مما سيخيب آمال الكثيرين الذين اعتقدوا أن المرشح الأقوى للمنصب هو روحاني. كل هذا سيترك تداعياته على السياسة الخارجية الإيرانية وكذا المحلية بما فيها ملف حقوق الإنسان.

وحتى نكون منصفين لم يكن روحاني واثقًا بالأوروبيي­ن، ففي أثناء الحملة الانتخابية لعام 2013، وصف الولايات المتحدة وبشكل متكرر بكونها «كادخودا» (مختار القرية( مناقشاً ألا حاجة للتفاوض مــع الأوروبيين عندما تتحكــم الولايات المتحدة بــالأوراق. وتعلم الدرس هذا عندمــا كان المفاوض الرئيســي للملف النووي الإيراني في الســنوات الأولى من القرن الحالي، وعندما لم يتقدم لا إعلان طهران أو اتفاقية باريس مع الدول الأوروبية الثلاث الكبرى، قيد أنملة. والســبب هو رفض الولايات المتحدة التوقيع عليهما. وكان لدى البعض أمل، على مدى 30 عامًا ومنذ أن أعلن السياســي جاك بوز، من لوكسمبورغ، أن «ساعة أوروبا» قد حانت، وبدون أي إشارة.

وعندما وصل ترامب إلى المكتب البيضاوي بدا وكأن ســاعة أوروبا قد حانت. فقد تم نشر التقارير والمديح في الصحف الأوروبية التي تشير إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هما من قادة أوروبا الجدد للعالم الحر.

وعندمــا قرر ترامب الخروج من الاتفاقية متجاهلا الالتزام الإيراني واســتعداد­ها للمفاوضات في المســتقبل، توقع البعض أن تقــوم أوروبا بالدفاع عنها. وبدلًا من ذلك وقــف القادة متفرجين وتركوا الأمــور تتداعى. وبدأت الشــركات الأوروبية العملاقة مثل شــركة النفط توتال بمغــادرة إيران مع التلويح بالعقوبــا­ت. وجاءت القنوات الخاصة للشــركات الأوروبية التي تســمح لها بالتجارة مع إيران متأخرة، ولم تفعل «أداة دعم التبادل التجاري» الآلية الأوروبية المقترحة لحماية الشركات من العقوبات أي شيء.

ماكرون بدا متشددا مع إيران

وتحدث ترامب عن خروجه من الاتفاقية عام 2016 ولم يتم عقد صفقة ضمن الآلية الأوروبية إلا في آذار/مارس 2020. وبدا ماكرون متشدداً مع إيران أكثر من بريطانيا التي تعتبر الأكثر تشدداً مع طهران بــن دول أوروبا. فبعد عامين على الاتفاقية وصراخ ترامب حول الخروج منها بدا ماكرون على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو يكرر العبارات التخويفية والتحريضية نفســها التي اســتخدمها ترامب قائلاً إن الاتفاقية «ليست الضامن الكافي ضد تزايد قوة إيران في الشرق الأوسط.»

وظلــت إدارة روحاني تنتظر وتأمل في موقف أوروبي وتحقيق الوعود بدعم وإنقاذ الاتفاقية ضد ترامب وعمل شيء يمكن أن يقدم للإيرانيين مقابل التنازلات التي قدمتها إدارته للغرب. ورغم فيضان الكلمات لم تأت المســاعدة. وعوضا عن هذا أطلقت إدارة ترامب وابلًا من العقوبات أســمتها «أقصى ضغط» وقصد منها خنق الاقتصاد الإيراني وهو ما فعلته. وفي تصريحات لوزير الخارجية الســابق مايك بومبيو مع «بي بي ســي فارسي» قال إن العقوبات تهدف لتغيير سلوك إيران و»على القيادة أن تقرر فيما إن كانت ستطعم شعبها». ووقفت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاقية متفرجة على انهيار العملة الإيرانية مما ترك أثرا موجعا على المواطنين العاديين.

وفاز روحاني بدعم من المعتدلين والإصلاحيي­ن في جولتين من الانتخابات ووعد أن يؤدي التنازل ثماره ويقود لرفع العقوبات. لكنه ســيخرج من الســلطة دون أي إنجاز ملموس. وزاد سخط الرأي العام على روحاني ولأســباب جيدة. وربما كان الأمر متأخراً له ولكن ليس لأوروبا لكي تفي بالوعود وتبدأ بتصحيــح أخطائها. وكانت إيران وغيرها من الدول غير الأوروبية تأمل بعراب شــريف يفتح الطريق للأمام بعد تدمير الاتفاقية. وربما كان رحيل روحاني الخطوة الجيدة.

وإذا أرادت أوروبــا لعب هذا الــدور فعليها أن تتعامل مع القيادة الإيرانية حتى لو شــعرت بعدم الارتياح. وهناك ســوابق لهذا، ففي التســعيني­ات من القــرن الماضي عقدت أوروبــا «الحوار البناء والحيوي» مع خامنئي الذي عين مرشــداً وحليفه المقرب الرئيس علي أكبر هاشــمي رفسنجاني. كما أن تحديــد الحوار للمعتدلين والإصلاحيي­ن مثل روحاني وقبله محمد خاتمي يجعلهم عرضة لاتهامات الخيانة في داخل البلاد.

وعلى أي حال فلن يكون هناك عدد منهم موجوداً في البلاد ولفترة غير قصيرة، والشــكر موصول لكل من ترامب وقادة أوروبا. ويرى الكاتب أن إنقاذ شيء من الدبلوماسي­ة المدمرة يعني أن أوروبا في المقدمة وتكون من يضع الرهان ويدعمه بالفعل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom