Al-Quds Al-Arabi

«الصهيونية الأمريكية» تكاد تختفي و«إسرائيل» باتت أكثر المصطلحات إثارة للانقسام في المجتمع اليهودي

باحث يحذر من فقدان يهود الولايات المتحدة

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

يحذر باحث إســرائيلي من أن الصهيونيــ­ة الأمريكية تكاد تختفي وأن إسرائيل باتت أكثر المصطلحات إثارة للانقسام في المجتمع اليهودي.

وكاتب البحث المنشــور في صحيفــة «دفار»الرقمية باراك ســيلع هو مدير برنامــج «كهيلــوت أحريــوت» (مجتمعات مســؤولية( لمنظمة هكهــال )الجمهور») وطالــب للقب الثاني في برنامج رودرمان لدراســات يهود أمريكا في جامعة حيفا، وعضو حركة «درور يســرائيل» (حرية إســرائيل( والمبعوث المركزي، سابقاً، لحركة الشــبيبة الصهيونية «هبونيم درور» )بناة الحرية( في شمال أمريكا، وقد ترجمها للعربية الصحافي هشام نفّاع من حيفا.

ويقــول الباحث إنه يمكن لكل من ينشــط داخل المجتمعات اليهوديــة في الولايــات المتحدة الأمريكية اليــوم، رؤية مدى غياب كلمة صهيونية من الخطاب الدائر، منوها أن «الصهيونية الأمريكية» رؤية بلورها أشــخاص عظماء مثل لويس براندز، قاضي المحكمة العليــا اليهودي الأول وقد هدفت إلى الربط بين الهويات: اليهوديــة، والصهيونية والأمريكية وإن هذه الرؤية تكاد تختفي.

ويوضح أنــه في عهد ما بعد الحقيقــة والخطاب المتقاطب، تقلص معنى «أن تكــون صهيونيا» بنظر كثيريــن من اليهود الأمريكيين إلى الدعم الأعمى لسياســة الحكومة الإسرائيلي­ة. ولذلــك فإن منظمــات يهودية فــي قلب الاجمــاع فضّلت على مدى الســنين التنازل عن التشــديد الصهيوني بهدف تضييق التوترات في صفوف المجتمع، ومنع هرب الشــباب الذين باتوا أقل ارتباطا بإسرائيل. ويشــير الباحث إلى أن أبراهام أينفلد، أول مدير لمنظمة «تجليت» وأحد النشــطاء القدامى في صفوف يهود الشتات، يكرر مجددا في محاضراته أمام مبعوثي الوكالة اليهودية أن «إسرائيل باتت المصطلح الأكثر إثارة للانقسامات في صفوف المجتمع اليهودي».

«حب إسرائيل» بدلاً من الصهيونية

ويقول إنه بدلا من مواجهة هذا الواقع بشكل مباشر، بحثت تنظيمــات يهودية عن طريق غير مباشــرة. ويــرى أن القرار منطقي في ظــل هبوط عدد الأعضاء في الكُنس وعدد المتبرعين للفيدراليا­ت اليهودية في صفوف الشــباب، الذين يشــعرون بأنهم أقل ارتباطا بإسرائيل قياساً بما شعر به جيل الأجداد.

ووفقا لاستطلاع نشــر في مايو/ أيار 2021، فإن 52 ٪ من اليهود فوق جيل 65 عاماً يقولون إن القلق على إســرائيل هو مركّب مهم في هويتهم اليهوديــة، وذلك مقابل 35 ٪ فقط في صفوف أبناء ‪-29، 18‬منوها أنه في غياب مركز مشترك وضمن خطاب جماهيري واجتماعي مشــروخ وآخذ بالتطرف، نشــأ تفضيل لقاسم مشترك متاح ومريح.

ويضيــف «هكذا اســتُبدلت التربية علــى موقف صهيوني بالتربية على «حبّ إســرائيل» وما بدأ بسياحة تربوية ونظرة عاطفية إلى متســادا، الكيبوتس والحائــط الغربي )البراق( أبقــى في كثير من الأحيان الشــباب اليهــودي ـ الأمريكي مع تطبيق ويــز وجال جادوت ) نجمة ســينمائية إســرائيلي­ة(. لا يمكن للصورة الوردية لإســرائيل أن تواجــه الواقع المركب والعنيف في الشــرق الأوســط. بدأ العديد من الشباب اليهود «بالتيقظ» وفهم أن «التربية على إســرائيل» التي تلقوها كانت تقوم على حقيقة ســطحية ومجتزأة، وذلك وسط حوار حول أسئلة مركبة وأولها الصراع الفلســطين­ي ـ الإسرائيلي». وقد ولدّت هــذه الأزمة عددا مــن الحركات، صحيــح أنها صغيرة العدد لكنها تحظى بتأثير جدي على المزاج السائد لدي اليسار اليهــودي الأمريكي وقد بدأت هذه الحركات بتنظيم الشــباب والفتيــان اليهود بهدف خلق خطاب سياســي آخر بخصوص الصراع الفلســطين­ي ـ الإســرائي­لي، وبخصوص إســرائيل. ويتابع» كان الجزء الأســاس من الجهد الــذي بذلوه لتكريس وتعميق مصطلح «احتلال» ونقله من الهوامش إلى مركز الجدل العام في المجتمع اليهودي الأمريكي».

ونبّه الــى أن الهدف كان تجنيد المجتمــع اليهودي للصراع ضد الاحتلال والتأثيــر على سياســة الإدارة الأمريكية، فيما كان أســلوب العمل مظاهرات أمام اجتماعــات إيباك )اللوبي اليهودي( وإدخــال مضامين بديلــة إلى المخيمــات الصيفية لليهود، وتنظيم عرائض وحملات حادة وغيرها.

وينقــل الباحث الإســرائي­لي عــن أحد الناشــطين اليهود الأمريكيين قوله في هذا الســياق «كمــن كان مبعوثا في حركة شباب صهيونية أمريكية، وأكثرَ من التجول في حلقات اليسار في الولايــات المتحدة، شــعرتُ أحيانا بأن مــدى تمكني فيما يخص الصراع، أو التزامي بالســام، يقاس فقط بعدد المرات التي أدمــج فيها كلمة «احتلال» داخل المحادثــة. لديّ نقد كثير على هذه السيرورات، لكن واضح لي من أين تنبع. إنها لحقيقة بأن مكانة المناطق )المحتلة( هي مسألة خلافية، أي بين مواطني إسرائيل كذلك وحتى بين مواطني إسرائيل اليهود. إنها لحقيقة أن إســرائيل تمارس سيطرة عســكرية على مجموعة سكانية تعــارض ذلك. وإنها لحقيقة بأن إســرائيل لم تقرر ضم الضفة الغربية. هذه حقائق لا جدال عليها، لا من اليمين ولا من اليسار، حتى لو نشأ جدال حول مسببات الوضع والحلول المرغوب بها له. ولذلك من الشــرعي جدا بل الضروري إجراء نقاش مفتوح حول علاقة إســرائيل بالمناطق الفلســطين­ية حتى حين يكون هــذا الجدل صعبا وغير مريح. للأســف قرر الجــزء الأكبر من المؤسسات المركزية ليهود الولايات المتحدة تجاوز الصهيونية، وهو ما اختاروه أيضا بالنســبة لمســألة الصراع. ولكن مثلما تكتشف على الدوام جهات في إسرائيل، فإن تجاهل المشكلة لا يؤدي إلى غيابها».

من الفشل إلى التطرف

ويلاحظ ســيلع أن العدوان الأخير على غــزة جعل حرب مصطلحات اليســار اليهودي الأمريكي تتطرف أكثر فأكثر: تم ترك مصطلح «احتلال» لصالح مصطلحات أشد ومشحونة أكثر بكثير. فخلال العملية الأخيرة كان هناك عدد أكبر من الشــباب اليهود، معززين بواســطة شــخصيات معروفة من كل العالم ونشــطاء من أنصار الفلســطين­يين، ممن تطرقوا إلى العملية العســكرية لإســرائيل في غزة على أنها «تطهير عرقي» «واقع أبارتهايد » وحتى «إبادة شعب ». لقد تم تجنيد أكثر المصطلحات خطورة في تاريخ الإنســاني­ة لوصف أحــد الصراعات المركبة والمأسوية في القرن الماضي». بالإضافة إلى ذلك يشير لازدياد استخدام مصطلح «النكبة المســتمرة» الذي تستعمله حركات الاحتجاج الفلسطينية في العالم. ويقول إن الاعتراف بوجود سردية مختلفة وتجربة فلسطينية بخصوص 1948 هي شيء،

ولكن الادعــاء بأن «النكبة» لم تنتهِ أبــدا، وتبني موقف رؤية الفلســطين­ي كـ «لاجئ أبدي» إلى أن يعود إلى السكن في حيفا أو يافا، أي ألا تعود إسرائيل موجودة، هو ادعاء آخر تماما.

وبرأي ســيلع هناك عدد من الأسباب لتطرف الخطاب هذا، واختيار مفاهيم أقســى ومثيرة للمعارضة والقشــعري­رة في صفوف كل إســرائيلي يهودي. العامل الأول هو فشل منظمات اليســار الراديكالي تحديدا حيث تعرّض قســم كبير من هذه المنظمات لضربات قاسية في السنوات الأخيرة، ويقول إن نمو منظمات دخلت إلى الوعي اليهودي الأمريكي بشكل عاصف قد توقف، لافتا الى أن مجالس التشــريع الأمريكية مرّرت قوانين ضد حركة المقاطعة، وعلى نحــو عام يبدو أن حركة المقاطعة لا تنجح في تحقيق أهدافها، بينما الاقتصاد الإســرائي­لي يواصل النمو وتوســيع التعاون الدولي، واتفاقــات أبراهام هي دليل إضافي على ذلك.

ويضيف «إلى هذا تنضم الخيبة من خسارة بيرني ساندرز )المتوقعــة يجب القول( في برايمريز الحــزب الديمقراطي. في حين ينظر كثيرون في اليســار الأمريكي اليهودي وعموما، إلى ســاندرز على أنه ســيجلب مواقفهم إلى البيت الأبيض، فإن النظرة إلــى جو بايدن هي أنه صيغة ملطفة من دونالد ترامب. تحوله إلى مرشح «اليســار» للرئاســة، وبعد ذلك انتصاره، شكلا أزمة بالنســبة إلى نفس الناشطين وأبقاهم بدون أهداف قابلة للتحقيق، ولا شــخصيات يمكن التماهي معها بقناعة في السياســة القومية. في هذه الظــروف نضجت الأرضية لتأثير حركات الاحتجاج الفلســطين­ية التي قدمت نظــرة راديكالية تجاه واقع الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني».

تقليص الصراع

وحســب ســيلع انضمت إلى هذه النزعات قــوى صاعدة وشــعبية في الحــزب الديمقراطـ­ـي، وهي مســتعدة لمهاجمة إسرائيل وتحدي السياسة الكلاســيك­ية للولايات المتحدة في الدعم غير المشروط لحليفتها الأهم في الشرق الأوسط.

ويقول إن عضوتي الكونغرس رشــيدة طليب وألكسندريا أوكســيو- كورتيــز، وهمــا من أبــرز منتقدي إســرائيل في الكونغرس الأمريكي، تدّعيان بوضوح بأن إسرائيل هي نظام أبارتهايد وليســت ديمقراطية، وطالبتا بتجميد الدعم الأمني الأمريكي.

ويقول إنهما لا تقومان بذلك من أجل جرف أصوات عدد قليل من اليهود في اليســار الراديكالي بل تتوجهان إلى مجموعات مصوتين أخرى تدعم طروحاتهما. وضمن الأمثلة على ذلك فإنه في منطقة تصويت أوكسيو ـ كورتيز، منطقة 14 في نيويورك، 4.5 ٪ فقــط من أصحاب حق الاقتراع هــم يهود، وذلك مقابل 11 ٪ من الســود و50 ٪ من اللاتينيين. هؤلاء هم المصوتون الذين تحتاجهم عضوة الكونغرس مرة كل سنتين ولكن ما شأن الســود واللاتينيي­ن في نيويورك، والسياسة الحازمة المعادية لإسرائيل؟ ويوضح أنه رغم شــعبية شعار «حرروا فلسطين» في المنصــات الاجتماعية فإن النضال الفلســطين­ي لم يكن في مركز الأجندة الاجتماعية التي ألهبت أمريكا في السنة الأخيرة: في الصيف الأخير حدث أكبر الاحتجاجات الشعبية في تاريخ الولايات المتحدة، وقد ألهبتها أحداث مثل مقتل المواطن الأسود جورج فلويد برصاص شرطي أبيض. وفقا للعديد من الأبحاث فما بين ‪-٪10٪ 6‬من ســكان الولايات المتحدة شــاركوا في المظاهرات التي غيّرت الشكل الذي تعمل فيه الحركات التقدمية في الدولة وغيرت ميزان القوى.

أنــه منذ هذه اللحظة باتــت كل الصراعات مرتبطة بعضها ببعض وباتــت كل الأقليات تتعرض للملاحقــة، وأنه أكثر من أي وقت مضى تحولت كل مســألة متعلقــة بالعدالة والأخلاق إلى مســألة أبيض وأسود، أقلية ملاحقة أمام أغلبية قامعة، كل أقلية محقة وكل أغلبية خطيــرة، كل أقلية يعني ما عدا الأقلية اليهودية. ويرى أن الخطيئة الأساســية لليهود بنظر اليســار الأمريكي هي أن نضالهم كأقلية خلافا لســائر النضالات، نجح بشــكل هائل: الحركة الصهيونية في أساســها حركة لتحرير اليهودي. وغالبية الحركات الســوداء اليوم تحقق أهدافها في الشــبكات الاجتماعية أساسا، ولا تنجح بالضرورة في مراكمة قــوة جدية تغير قوانين اللعبة. أمــا الصهيونية في المقابل فقد نجحــت. الأقلية المقموعة أقامت لنفســها دولــة وفقدت بذلك من مكانتهــا كأقلية، وعلى نحــو أوتوماتيكي فقــدت مكانتها كـ »صاحبة حق .»

إلى أين اختفى السلام؟

ويشــير ســيلع أن منظمات اليســار الراديكالي اليهودية طمحت في الماضــي إلى قيادة خــط يهودي متميز بالنســبة لإسرائيل داخل المؤسسات اليهودية، وأن فشلها في إنشاء قوة تأثير دفعها إلى التعاون الآخذ بالتوسع مع حركات الاحتجاج الفلســطين­ية. ويقول إنه يمكن رؤية ذلك في المشاركة البارزة ليهود في المظاهرات التي قادها فلســطينيو­ن بشــكل حصري خلال العملية الأخيرة، في الشبكات الاجتماعية، واستصعاب كثيرين التعبير عن تضامن أســاس مع مواطنين إســرائيلي­ين تحت رشقات الصواريخ.

ويتابع» نتيجة لذلك وبعد أربع سنوات من « حكم التويتر» خــال إدارة ترامب خلصــت جهات كثيرة في اليســار إلى أن الطريقــة الوحيدة لمحاربــة النار هي النار. مثلمــا دفع ترامب بالخطــاب إلى التطرف فنحن يجب أن نفعــل ذلك أيضا. لذلك لا تقولــوا «إرهاب» بل «مقاومة» لا تقولوا «صراع» بل «تطهير عرقــي» لا تقولوا «جدارا أمني» بل قولــوا «جدار أبارتهايد» لا تقولوا «هجمات إســرائيلي­ة في غزة» بل قولوا «إبادة شعب». ولكن، وهــذه نقطة مهمة، كــي تتغلغل هــذه المصطلحات في صفوف اليســار اليهودي في الولايــات المتحدة، كان يجب أن يغيب مصطلح آخر وهو مصطلح تنازلت عنه أجزاء في اليسار الأمريكي بما يخص فهمها للصراع الفلســطين­ي ـ الإسرائيلي: مصطلح الســام». وضمن الأمثلة العمليــة على ذلك يذكر أنه قبل نحو سنة ونصف السنة ألغت أوكسيو ـ كورتيز مشاركتها فــي اجتماع منظمة «الســام الآن» الأمريكيــ­ة، حين فهمت أن الاجتماع يحيي ذكرى اغتيال إســحاق رابين، منوها أن رابين بنظر هذه الأوســاط الراديكالي­ة هو فــي النهاية رجل أبيض مســن، إرثه الأســاس هو العنف ضد الفلســطين­يين أما كونه حائزاً على جائزة نوبل للســام، وكونه اغتيل خلال محاولته تغيير الواقع في الشرق الأوســط فلم يسعفاه لتطهير اسمه». ويدعي أن المنظمــات التي تبنت مصطلحــات «تطهير عرقي» و«إبادة شــعب» اختارت بشــكل واضح التنازل عن الســام كهدف سياســي أو كرؤية للعلاقات المطلوبة بين الفلسطينيي­ن والإسرائيل­يين وأنه حين يتم تقديم صراع مركب من خلال بنية مســطحة لقامعين ومقموعين فقط، لا تظل إمكانية للتحدث عن «سلام» بل فقط عن «نضال للتحرر».

ويــرى أن اختيار اليســار اليهودي في الولايــات المتحدة دفع الجدل إلى التطرف، قد ينفجــر في وجهه: بدلا من مراكمة إنجازات مهمة وإنشــاء تحالفات واســعة تتجاوز المعسكرات دعما لعملية ســام، فإنــه يخاطر بإثارة ردود فعل عكســية خطيرة في صفوف اليمين، وفقدان «شــركائه الطبيعيين» في اليسار الصهيوني في إسرائيل، وتعميق الفجوات بين اليهودي الإسرائيلي وبين يهود الولايات المتحدة، والمساهمة في تعزيز موجة اللاســامي­ة العالمية واللاســام­ية، كما هو معروف، حين تكتســب قوة تروح تجسّدها بأفعال وتميل إلى تجاهل المواقف السياســية لليهود». ومع ذلك يضيف ســيلع «رغــم التحليل القاتم أعلاه، فالواقع الراهن في صفوف يهود الولايات المتحدة يشــكل أيضا فرصة كبيرة. لفهم ذلك يجب التذكّر بأن منظمات اليسار اليهودية ليســت المشكلة المركزية لإسرائيل في صفوف يهود أمريكا. مهما كانــت مثيرة للغضب والســخط، وأحيانا حتــى خطيرة، فــإن الخطر الاســترات­يجي علــى علاقة يهود الولايات المتحدة بإســرائيل هو بالذات لامبالاة معظم اليهود في الولايات المتحدة حيال الوضع المركب الذي تعيش إسرائيل فيه». ويقول إنه وفقا لبحث نشر قبل نحو سنة، فإن إسرائيل هي في أسفل ســلم أولويات الناخب اليهودي الأمريكي، وفي حــن أن 90 ٪ من اليهود في الولايــات المتحدة ينظرون إلى أنفســهم على أنهم «أنصار إسرائيل» فإن نصفهم فقط يرون أن السياسة الأمريكية نحو إسرائيل تشكل اعتبارا حاسما لشكل تصويتهم للرئاسة.

لوقف الدعاية والبدء بالإصلاح

وضمن اســتخلاصا­ته يعتبر سيلع أن هذا هو الوقت الملائم لنمو حركات جديــدة وملهمة تتوجه إلــى جماهير اليهود في أرجاء الولايات المتحدة، الذين ظلــوا لا مبالين حيال الحاصل في إســرائيل. ويقول إنه يجب التحدث مجددا عن الصهيونية كـ»مشــروع تحرير» يحمل أملا ويسعى للســام، وبرأيه هذا هو الوقت لزيادة جهود الربط بين إســرائيل ويهود الولايات المتحدة والشــتات عموما، وتقريب البعيديــن وإحضار المزيد من اليهود وجعل العديد مــن اليهود يرون أن مصيرهم مرتبط بمصيــر دولة اليهــود. وكي يحــدث هذا، يجب علــى اليهود الأمريكيــ­ن الموافقــة على كونهــم «مختلفين» داخــل الحركة التقدميــة، والإصرار على الحفاظ علــى هويتهم المميزة كيهود وصهيونيين في واقع يتوقع منهم إنكار ذلك.

ويتابــع محذرا مــن عدم جدوى الوســائل الســابقة « لن يجدي المزيد من عمل «الدعايــة». المطلوب هو العمل التربوي، الثقافي والسياســي، الــذي يلائم المشــروع الصهيوني مثلما بلــوره بنيامين زئيف هرتســل، كمنــارة قيميّــة للعالم كله، وكمشروع تحرر قد نجح، بســبب أهدافه بعيدة المدى وبعيدة النظر بالذات. مــن أجل دعم هذه العمليــة، يجب على اليهود الإسرائيلي­ين وقف تســويق «عدالة درب» إســرائيل، والبدء بالعمل على نحو فعلي لتصحيح دربها ـ على مستوى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي مجالات الحياة الأخرى». نعم، هذا يتطلّب تذكّر كلمة منســيّة ـ الســام. والتذكر بذلك يعني أنه ما زالت هناك إمكانية لحل صهيوني للصراع، حل غير كامل لكنه قابل للتحقيــق بصورة دولتين. لأنه مثلما قال إســحاق رابين «الحل الراديكالي الوحيد هو السلام».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom