ليبيا: حفتر يتحدى الحكومة والمجلس الرئاسي من خلال خطاب لناطقه ويهدد: للصبر حدود
تنصل جديد يحســب لحفتــر من الســلطة التنفيذية الجديدة التي وضعت لتوحيد البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً، تصريحات اعتبرت بمثابة إعلان رسمي عن عدم اعتراف حفتــر برئيس الحكومة عبــد الحميــد الدبيبة والمجلس الرئاســي وما يتبعه من أجســام عســكرية وقيادية في الدولة الليبية.
إن رفض حفتــر الإذعان لخيــارات الحكومة الجديدة وقراراتهــا والتحديات التي ينــوي خوضها معها، وضع صعوبات كبيــرة أمام الحكومة وعقبات، نظراً لســيطرة حفتر فعلياً على شــرق ليبيا وجنوبها، ما دعاه لاستفزاز الحكومة في أوقات كثيرة للخضوع لما يحدده وما يختاره.
الناطق باســم حفتر وفي مؤتمر صحافي الاثنين، شن هجوماً حاد اللهجة على رئيــس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وطالبه باعتماد رئيس الأركان التابع لحفتر، عبد الــرازق الناظوري، كرئيس لــأركان العامة للدولة الليبية.
وقال المسماري، خلال المؤتمر الصحافي، إن الناظوري تحصل على تأييد 136 صوتاً من البرلمان في العام 2014م، أي أعلى من حكومة الدبيبة، على حد قوله، متسائلاً: "لماذا
يتعامــل الدبيبة رئيس حكومة الســتة أشــهر مع الحداد كرئيس أركان؟".
ويتولى الناظوري حالياً منصب قائد أركان ميليشيات حفتر، ويحظى بدعم عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وقــد دعــم حفتر في حربــه التي شــنها علــى العاصمة طرابلس، بينما يتولى رئاســة الأركان في الغرب الليبي محمد الحداد الذي عينته حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.
وقد قام المجلس الرئاســي الجديد، الــذي يعتبر قائداً أعلى للجيش الليبــي، بالاجتماع مع رئيس الأركان المعين من قبل حكومة الوفاق الوطني في اعتراف منه بشرعيته، وهو ما أزعج معســكر حفتــر ودعا ناطقــه إلى الخروج بمؤتمر صحافي.
المســماري قال أيضــاً خلال المؤتمر بــأن تكليف محمد الحداد رئيســاً للأركان في المنطقة الغربية جاء من رئيس المجلس الرئاســي لحكومــة الوفاق المنتهيــة ولايته فائز السراج، الذي لم ينل ثقة "النواب" على حد قوله.
وتابع قائلاً إن أي شــرعية في ليبيا تكون من البرلمان نظراً لما يحدث من تدليس وكذب، فلا وجود لأي جســم إلا بحصوله على الشرعية من البرلمان، رغم أن برلمان طبرق قد دعم حروب حفتر على المدن الغربية من ليبيا بالسلاح والمال والعتاد
وقال المســماري مخاطباً رئيس الحكومــة الأعلى منه
نفوذاً وســلطة: "نقول للدبيبة إن الفريق أول عبد الرازق الناظوري هو رئيــس الأركان العامة بقوة البرلمان، وغير ذلك يعد اســتفزازاً واختراقاً للاتفاق السياسي ومحاولة إجهاض لمجهودات اللجنة العسكرية المشتركة ."5+ 5
وفــي خطابه للدبيبة في ما يخص منصب وزير الدفاع، فقد اعتبر المســماري أن وزارة الدفاع شــاغرة سواء من الوزير أو وكلائه، حتى يصلهم كتاب رســمي من الدبيبة باسم حامل المنصب وصلاحياته.
وقد جاء هذا التصريح رغم احتواء التشكيلة الوزارية لحكومة الوحــدة الوطنية على وضع الــوزارة، وأن من يشغلها هو رئيس الحكومة، فقد ابتعد الدبيبة عن تسمية وزير للدفاع بســبب الصراع على هذه الحقيبة الحساسة والمهمة وبســبب خطورتها في حال وقعت في يد شخصية مقربة من حفتر.
وفي انتقاده للدبيبة، استنكر المسماري حضور الدبيبة احتفــالاً في مصراتة لتخريج دفعة مــن الضباط بحضور عدد من الإرهابيــن والتكفيريين على حــد قوله، رغم أن التخريج كان نظامياً ومثل شــكلاً حضارياً للجيش الليبي المستقبلي.
واختتم بقولــه: "الاســتفزاز ليس في صالــح الأزمة الليبية، للصبر حدود، فنحن قوة عســكرية كبرى لا يمكن الاســتهانة بها، ومن معــه الحق فهو الأشــجع والأقوى والأقدر على حسم المعركة في أي وقت".
الاتفاق السياسي سابقاً، والذي أعطى لرئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج منصب القائد الأعلى للجيش الليبي، منــح له مهمة تعيــن رئيس لــأركان ولم تمنح لرئيس مجلس النواب، على حسب قول المسماري.
وفي قرار اعتبر بمثابة الرشــوة والابتــزاز، أعلن عن خليفة حفتــر، قراراً بترقيــة أعضاء اللجنة العســكرية المشتركة العشــرة إلى رتبة "فريق" اســتثنائياً، وكشف الناطق باســمه ، عن قيام حفتــر بترقية أعضاء لجنة 5 + 5 إلى رتبة فريق اســتثنائياً، لما قدموه من تضحيات، على حد وصفه.
المحلل السياســي الليبي موســى تيهوســاي، قال لـ "القدس العربي" إن تصريحات المســماري الأخيرة بشأن وزير الدفاع تؤكد مــن جديد أن حفتر لا يعترف بالحكومة من الأساس ويصر على أن يعمل خارج الشريعة كما اعتاد وهــو أمر خطير للغاية وسيشــكل تحديــات عديدة أمام توحيد المؤسسات في البلاد .
وتابع أن حفتر لا يريد حلاً في السياسة ولم يكن يريد، وإنه رجل مهووس بالســطلة ولا يريد أي حل لا يجلســه على كرســي الحكم في ليبيا، وأن كل المبرات التي يسقوها الآن هــي فقط لتبرير علميات ســيقدم عليها مســتقبلاً، خاصة في الجنوب بهدف محاربــة الإرهاب والهدف منها منع الانتخابات.
وقال تيهوســاي إنه وعلى مدى ســبع سنوات، حاول خلفية حفتر تصدير شــعارات بناء الجيش والشــرطة، وســوّق داعموه هــذه الفكــرة للمجتمع الدولــي، وأن الجميع اكتشف أن ما يصفه حفتر بالجيش ما هو ألا خليط غير متجانس من كتائب ومســلحين بعضهــم من تيارات دينية متشــددة وكتائب أمنية للنظام السابق متورطة في سفك الدماء وميليشيات قبلية لا يجمع بينها سوى الرغبة الجامحة فــي القتل والتخريب وتصفيــة معارضي حفتر بأبشع الطرق وبإجراءات موجزة بعيداً عن القانون، إلى جانب جموع هجينة من مرتزقة قادمين من مشــارب عدة أبرزها تشاد والسودان ومجموعة الفاغنر الذراع الطويلة لفلادمير بوتين في مناطق النزاعات.
واختتم تيهوساي أنه لن يكون هناك أي تغيير حقيقي للوضــع الحالي في ليبيا إلا بعد مغادرة حفتر المشــهد إما بتفاهمات دولية مــع داعميه أو بإخراجــه بقوة من قبل الليبيــن وحلفائهم، وهــذا الأمر ليس مبالغــة من كاتب ضد حفتــر، لكنه حقيقية تدعمها جميــع الوقائع العملية، حيث هاجم حفتر عاصمــة البلاد قبل أيام قليلة من مؤتمر غدامس، الــذي كان ســيحصل فيه حفتر على مكاســب سياســية وأمينــة كبيرة تمكنــه حتى مــن التواجد في طرابلس، لكنه رفض وأدخل البلاد في دوامة عنف كبيرة وارتكب جرائم حرب بشــعة ضد مدنيين عزل في ترهونة وغيرها، ناهيك عــن تعميق التدخل الأجنبي وســيطرة المرتزقة الأجانب على مصادر الطاقة بالبلاد.