Al-Quds Al-Arabi

تركيا تتنفس الصعداء: أجواء الحياة الطبيعية والسياحة تعود بقوة بالتزامن مع حملة تطعيم من بين الأضخم في العالم

- إسطنبول – «القدس العربي» إسماعيل جمال:

عادت أجــواء الحياة الطبيعية إلــى تركيا بقوة كما لــم تكن عليه منذ قرابة عام ونصف، بداية انتشار وباء كورونا، وسياسات الإغلاق المشددة المتتالية التي عمت البلاد، وذلك بالتزامن مع وصول حملة التطعيم الوطنية إلى ذروتها وتأكيد الحكومة تأمين كميات لقاحات تعادل ثلاثة أضعاف عدد ســكان البلاد ووصول معــدل التطعيم اليومي إلى قرابــة 780 ألف جرعة يومياً في رقم يصنف من بين الأضخم في العالم.

والإثنين، ســجلت تركيا أعلى معــدل يومي في عمليــات التطعيم ضد كورونا، حيث أكدت وزارة الصحــة أن إجمالي التطعيم يوم الإثنين وصل إلى 781 ألفاً و351 جرعة، وذلك بعد يوم واحد من تســجيل قرابة 600 ألف جرعة تطعيم الأحد، وقرابة نص مليون جرعة الســبت. كما يتوقع أن يصل معدل التطعيم خلال الأيام المقبلة إلى متوسط مليون جرعة يومياً، وهو رقم يعتبر بالفعل من ضمن الأعلى في العالم.

ومع حصيلة تطعيم يوم الإثنــن، وصل إجمالي المواطنين الذين حصوا على جرعتي التطعيم الأولى والثانية إلــى قرابة 14 مليوناً، بينما بلغ عدد الحاصلين على الجرعة الأولى فقط من اللقاح إلى قرابة 21 مليوناً بإجمالي قرابة 35 مليون مواطن تلقوا إما جرعة واحدة أو جرعتي اللقاح.

ونهاية الشــهر الماضي، أعلن وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجه، أن بلاده وقعت على عقود لشراء لقاحات مضادة لكورونا تعادل ثلاثة أضعاف عدد السكان البالغ عددهم 84 مليون نسمة، موضحاً أن الوزارة وقعت عقوداً لشــراء 100 مليون جرعة من لقاح ســينوفاك و120 مليــون جرعة من لقاح فايزر و50 مليون جرعة من لقاح سبوتنيك في حيث بدأ جزء من هذه الأعداد بالوصول ويتوقع أن تصل باقي الكميات تباعاً في الأسابيع المقبلة.

وفي حــال وصلت بالفعل هذه الكميات كما خطــط لها، يتوقع أن تنتهي تركيا من تطعيم كافة المواطنين خلال فترة قليلة جداً، لا ســيما وأن قطاعها الطبــي الحكومي والخاص يتمتع بإمكانيات كبيرة جداً تتاح له تلقيح أكثر من مليــون مواطن يومياً في حال توفرت اللقاحــات، ومع تطعيم العاملين في قطاعات حيوية مختلفة بشــكل كبير ومنها الصحــة والتعليم والقطاع الحكومــي، وكافة العاملين فــي القطاع الســياحي بــدأت بتطعيم جميع المواطنين من هو فوق الـ40 عاماً والعاملــن في قطاعات الفنادق والمطاعم والمقاهي والتوصيل وتنتقل إلى شرائح جديدة بسرعة غير مسبوقة تؤشر

إلى قرب إعلان فتح باب التطعيم أمام كافة المواطنين دون استثناء.

حملة التطعيم الضخمــة هذه بثت روحاً من التفــاؤل والأمل لدى كافة القطاعات في البــاد وخلقت حالة إيجابية لم تشــهدها تركيا منذ شــهر آذار/مارس 2020 عندما ســجلت أول حالة كورونا رسمية وبدأت إجراءات الإغــاق، حيث بدأت الحكومــة منذ أيام بتخفيف إجــراءات الإغلاق على نطاق واسع وســط اندفاع كبير من المواطنين على المطاعم والمقاهي وأماكن التســوق في أجواء حيوية تشــبه إلى درجة كبيرة تلك التي كانت تسود البلاد قبيل انتشار فيروس كورونا.

ويؤمل أن تشــهد الأيام المقبلة إلغاء ما تبقي من إجراءات إغلاق وقيود مفروضة علــى المواطنين وذلك في إطــار خطة الحكومة لدعــم القطاعات الاقتصاديـ­ـة المختلفة التي تلقت ضربــة موجعة طوال أكثــر من عام على الإغلاق شــبه الكامل، حيث تســعى الحكومة لإنعاش هــذه القطاعات من خلال تعزيز حملة التطعيم وإنهاء قرارات الإغلاق من أجل التمهيد لموســم سياحي قوي هذا الصيف يعيد الحياة إلى القطاع الأهم والذي يشكل مصدر دخل لملايين الأشخاص في البلاد بشكل مباشر أو غير مباشر.

وفي هذا الإطار، عملت الحكومة التركية بقوة طوال الأســابيع الماضية على حث العديد مــن الدول على إنهاء قرارات حظر الســفر المفروض على تركيا بســبب ما شهدته في الأشهر الماضية من ارتفاع كبير في عدد إصابات كورونــا والتي وصلت إلى معدل يومي فاق 60 ألــف حالة قبل أن ينخفض ويستقر في الشهر الأخير إلى متوسط 6 آلاف حالة.

وقبــل يومين، أعلنــت الحكومة الألمانيــ­ة إمكانية اســتئناف الرحلات الســياحية إلى تركيا بداية من الشهر المقبل، وســط توقعات بقرار مشابه من الحكومة البريطانية، وآمال أكبر بقرار مشــابه من روسيا التي تفرض منذ أسابيع حظر سفر على تركيا، ومن شأن قرارات هذه الدول الثلاث برفع حظر الســفر إلى تركيا أن يفتح الباب أمام ملايين السياح الذين ينتظرهم القطاع الســياحي في تركيا، حيث تعتبر من أبرز ثلاث دول العالم تصديراً للسياح إلى تركيا.

وتعول تركيا بدرجة كبيرة على نجاح الموســم الســياحي الحالي بعد أكثر من عام على الإغلاق العام، حيث كانت تستقبل البلاد قرابة 50 مليون ســائح ســنوياً كانوا يدرون مليارات الدولارات على اقتصاد البلاد الذي عانى كثيراً بفعل كورونا، ومن شــأن موسم ســياحي ناجح أن ينتشل هذا القطاع المهم من خطر الانهيار والمساهمة في إدخال العملات الأجنبية للبلاد وهو ما من شانه أن يســاهم في تحقيق دفعة مهمة للاقتصاد التركي بشكل عام.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom