Al-Quds Al-Arabi

قبول الآخر هو الفكرة الأساسية التي تشغلني

- حاروه: أشرف قاسم

فازت مؤخراً روايــة «حكاية جديــدة للأندلس» للكاتب سراج منير على المركز الثالث لجائزة راشد بن حمد الشرقي للإبــداع عــام 2020. وقد صدر لــه من قبل ثــاث روايات: «ســبعة زيرو» 2015 «ربيع الشــتات» 2019 و«نياندرتال.. التجربة» 2020. حول تجربته الإبداعية كان هذا الحوار

كيف بدأت رحلتك مع الكتابة؟ وما أهم المحطات التي تميز ملامح تلك التجربة؟

■ تجربتي مــع الأدب بصفة عامة بدأت بكتابة الشــعر، أيام دراستي الجامعية، إضافة لبعض التجارب في القصة القصيرة، لكنها كانت مجرد محاولات بســيطة لا ترقــى إلى تجربة كاملة، بعد تفرغي من دراساتي العليا بدأت محاولاتي الجادة في كتابة الروايــة وكانت عبارة عن محاولة لنقــل وقائع عن حياة الأطباء في المستشــفي­ات الجامعية ــ أنا خريج كلية الطب جامعة الأزهر ــ تطورت بعد ذلك لكتابة رواية واضحة المعالم.

في روايتك الأولى «سبعة زيرو» اقتحمت عالم طب التجميل ــ مجال تخصصك ــ مع الاهتمام بالإنسان في المقام الأول، حدثنا عن تلك التجربة؟

■ كان هاجســي الأول أن أنقل للقارئ عالما لا يعرف عنه أحد شــيئاً، وهو عالم الأطبــاء المقيمين، وهم الأطبــاء الذين يتدربون في تخصصات الطب وبشــكل محدد تخصص جراحة التجميل والحروق، هذا العالم شديد الثراء ومتعدد الجوانب، العائلة فيه تكوينها مختلــف، عائلة تتكون من طبيــب وممرضات ومرضى، خاصة مرضى الحروق، تخيل معي أن الطبيب يقضي مع مريضه شهرين تقريباً يعيش معه ليل نهار، وتخيل نوعية العلاقة، تخيل أيضا أن ذلــك الطبيب يعيش ليــل نهار في المستشــفى، ويقتطع أوقاتاً قصيرة جــداً يطل فيها على العالم الخارجي، بمن في ذلك أهله وحبيبته، هناك علاقات إنسانية متشابكة وشديدة التعقيد تمتد في حياتــه، ما بين علاقته بأســاتذته ومرضاه وزملائه من أطبــاء وممرضــات، وهناك المــوت الذي يطل برأســه فــي عنبر الحــروق دوما، ويضــع بصمته الداكنة علــى الكثير من الأحداث في حيــاة الطبيــب المقيم، فالحديــث ليس عن طبيب فــي عيادة، ولا طبيب في وحدة صحية، بل عن طبيب يعتبر المستشــفى عالمه الحقيقي، وما خارجها مجرد إضافات.

وفي «ربيع الشــتات» روايتك الثانية، تناولت أحلام أبناء جيلك المهيضة، ويأســهم من التغيير، كيف قــرأت الوضع عقب الثورات المتتالية التي اندلعت في عالمنا العربي؟

■ الشباب العربي الذي حلم بالتغيير، ووجد الحلم تحول إلى كابوس، والتغيير جاء بنتائج عكسية، فالشباب لم يحصلوا من الثورات إلا على ســلبياتها، من اضطرابات سياسية واجتماعية وصعوبــات اقتصادية، ولم يجنوا منها مــا تمنوه، الرواية تتابع شــابين أحدهما مصري والآخر ليبي وكيف استمرت صداقتهما وقادتهما للعمــل في الكويت. تطرح الرواية أيضــا أبعاداً مهمة، لعل أهمها تلك العلاقات المنتشــرة بين الشــبان العرب والفتيات الأجانــب في مجتمع عربي لا يتســامح مع العلاقــات خارج إطار الــزواج، هنــاك أيضا نظــرة الشــاب المصــري للفتــاة الفلبينية ونظرتها له، ذلــك التفاعل المهم بــن ثقافتين مختلفتين تماما، والتضارب بين أهداف الشاب وأهداف الفتاة مــن العلاقة، أيضا هناك قصة حب ضائعة فــي حياة كل منهمــا، وقصة حب بديلة تحمل كل قصة حب من الأربعة، أبعــادا رمزيــة متعددة المستويات تتناسب مع المأساة الشــخصية التــي يعيشــها كل شــاب، والمأســاة العامــة المتمثلة في فشــل حلم الثورة في البلدين.

ولمــاذا فــي روايتــك «نياندرتال» كان اللجوء إلى الخيال العلمي لتجسيد الصراع الإنساني من أجل الحرية؟

■ «نياندرتــا­ل، التجربــة» هــي الجــزء الأول مــن ثلاثية خيــال علمي تســيطر علــى كل جــزء قيمــة إنســانية مهمــة، الثلاثية قائمــة على افتراض أن إنســان نياندرتال لم ينقرض، وإنما هاجر إلى كوكب آخر، ونســله الآن يفكــرون في العــودة إلــى كوكبنا في منطقة شــرق حوض المتوســط، التي يعتبرونهــ­ا أرض أجدادهم المقدســة، في الجزء الأول يحضــر النياندرتا­ل لغــزو الأرض عن طريق إجراء تجارب على البشر المعاصرين، ويكون بطلا الرواية هم مادة تلك التجربة التــي تعطيهم خيارا، إمــا الحرية المقترنة بمخاطــرة كبيرة، وإما الأمان الذي يتطلب البقاء لســنوات مســجونين فــي ملجأ مجهز بكل وســائل الراحة. وتهدف التجربة بالأساس لدراسة سلوك البشــر لإعطاء النياندرتا­ل فكرة عن كيفيــة التحكم بهم في حال قامــوا بغزوهم، يــدور الجزءان الثانــي والثالث فــي مصر بعد حدوث الغزو، الذي يشــمل عدة دول، وتكون القيمة الأساســية التي يتناولها الجزء الثاني هــي المقاومة وجدواها، بينما الجزء الثالــث يركز على قيمــة قبول الآخر، مهمــا كان مختلفا، حتى لو من كوكب آخر.

مؤخرا حصلت روايتك «تاريخ جديد للأندلس» على المركز الثالث لجائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع ، ما تأثير الجائزة في المبدع؟ وما هو الحدث المحوري لروايتك الفائزة؟ ■ الجائــزة تعطي المبــدع حافزا كبيرا في ظل ما نشــهده من انتشــار كبير لأعمال رديئة، فتشــعره بأن الجهــد الذي يبذله في كتابة عملــه يتم تقديره والنظر إليــه بعين الاعتبار، كما أنها تعطيه انتشارا، وتعرضه أمام قراء جدد، أمــا بالنســبة لروايتــي الفائــزة «حكاية جديــدة للأندلــس» فهي تــدور حول فكــرة تغييــر التاريــخ الأندلســي، عن طريــق تدخل أشــخاص من المســتقبل فــي نقطــة محورية في تاريخ الخلافة الأموية في الأندلس، وهي تمزج التاريخ الأندلســي بالخيــال العلمي، بالفكــرة الأساســية التــي تشــغلني دوما فــي كتاباتي، وهي فكــرة قبول الآخر، كيف يتعايــش العربــي والبربــري والقوطــي، كيــف تتمــازج أرواح بشــر من أديان وأعراق مختلفة، بل أزمنة مختلفة كما في تلك الرواية. هل استطاع النقد أن يواكب تجربتك الإبداعيــ­ة؟ وهل نعانــي بالفعل وجــود أزمة

نقدية؟ ■ فــي الحقيقة لم تحظ تجربتــي باهتمام نقــدي كافٍ، ربما لتواجدي خارج مصر، ولأنني حديث العهد بالكتابة نوعا ما، ولا أعتقــد أننا نعاني أزمة نقد خاصة، وإنما مجرد انعكاس لأزماتنا المتعــددة في وطننا العربي، على ســبيل المثال تجد أن الأغلب في هــذه الأيام يتهم الجوائز بالتحيز والمحاباة، ربما يكون هناك قدر ما، لكن ليس بهذا الحجم الذي يدعيه الكثيرون فأنا غير معروف تماما في الوسط الأدبي والنقدي، ومع ذلك قامت لجنة التحكيم بتقييــم النــص الذي قدمته، دون النظر إلى شــخص أو جنســية صاحبه.

 ??  ?? سراج منير
سراج منير

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom