الأسعار في لبنان نار ومواطنون يقفون في الطوابير أمام المحطات نهاراً وينفّخون على الوضع ليلاً
أكثــر مــن مليــون لبناني باتوا يعيشــون الفقر حســب تقرير للأمم المتحدة بعد تدنّي قيمة رواتبهم قياســاً الى الــدولار الأمريكي حيــث أن الحد الادنى المقدّر ب 675 الف ليرة اي 450 دولاراً قبــل تدهور ســعر الليرة بات يساوي الآن 45 دولاراً ، والموظف في الدولة فئــة ثالثــة الــذي كان راتبه مليونــن و500 الــف ليــرة أي مــا يــوازي 1666 دولاراً بات يســاوي راتبه حالياً 166 دولاراً أي أقل من راتب عاملة في الخدمة المنزلية من الجنسية الإثيوبيــة أو الكينية، فيما القدرة الشــرائية تراجعت جداً جداً ولاســيما أن الســلع تُباع على سعر دولار السوق السوداء وليس على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة.
المجمّعات التجارية الكبرى
وفــي جولــة لـ«القــدس العربــي» لوحظ أن المجمّعــات التجاريــة الكبــرى التي كانت تزدحــم بالمواطنــن وتمتلــىء مواقفهــا بالســيارات باتت شــبه خالية بســبب عدم القــدرة علــى شــراء الحاجيــات والألبســة حيــث أن أقل قطعــة في المحــات التي كان يقصدها متوســطو الحال بات ســعرها من 400 الــف ليرة وما فوق وصــولاً الى المليون ABC وأكثر،هــذاكانحال فــيضبيةأو Le Mall
حيث تراجعت الحركة التجارية داخلهمــا بنســبة 80 في المئة، فيما سًــجّلت حركة أفضل في مجمّع «ســيتي سنتر» في الحازمية القريب من الضاحية الجنوبية ، إلا أن الاسعار نار وسعر الحذاء الرياضي يُباع بالدولار على سعر 90 أو 100 دولار نقداً وإلا على ســعر الســوق أي حوالى مليون و500 الــف ليرة،أما ماركات الألبســة فــا تُقارَب واسعارها تتراوح بين 4 و10 ملايين ليرة.
لكــن على الرغم من أزمة البنزين وطوابير السيارات امام محطات المحروقات، يُلاحظ أن زحمة الســير لــم تتراجــع وأن المواطنين
مازالــوا يســتفيدون مــن ســعر صفيحــة البنزيــن المدعوم المقــدّر ب 41 الف ليرة لملء خزانات وقودهــم والتنقّل في ســياراتهم، فيما رفــع الدعم ســيجعل ســعر الصفيحة حوالى 140 الفــاً. والعجيب أنــه على الرغم مــن الأزمــة الاقتصادية والمالية والمعيشــية الخانقــة فإن عــدداً مــن المطاعــم والمقاهي تشــهد إقبالاً فــي الليل لطلــب «أرغيلة» علّه إذا «نفّخ عليها تنجلي» وينســى همومه وما يعيشــه من حصــار يرمي ومن همــوم تثقل
أكتافه.
أمــا اذا رغــب المواطــن اللبنانــي فــي أن يقصد أحــد المطاعم التي تقدّم الســمك فإن فاتــورة طاولة من 4 أشــخاص لــن تقلّ عن مليــون و200 الــف ليــرة أي ضعــف الحــد الادنــى للأجــور. امــا أســعار الســندويش في بعــض المطاعــم فهي كالبورصــة ترتفع حســب ســعر صرف الــدولار فســندويش الشــاورما في أحد المطاعم فــي منطقة برج حمود التي تشــتهر بأنها شــعبية إرتفع في خــال شــهر مــن 15 الف ليــرة الــى 20 الفاً ومــن ثــم الــى 23 الفاً اليــوم، وكلما ســجّل الــدولار ارتفاعــاً كلما ازداد ســعره. ويقول لك المحاســب على الصندوق « إن اســعارنا أرخــص مــن غيرنــا» وهو محــقّ فــي قوله إذ إن ســعر ســندويش الطــاووق فــي أحد المطاعم المعروفة يتجاوز 28 الف ليرة وسعر سندويش اللحم يتــــــجاوز 42 الفـــاً ، فيما ســـــعر ســـــندويش الدجاج مــع أفوكا في أحد المطاعم داخـــل أحد المجمّعات التجارية
يتجــاوز 60 الــف ليرة.علــى الرغــم مــن كل ذلك، وعلى الرغم من حجز المصارف ودائع الناس،لايزال اللبناني يحبّ الحياة ويخطّط في فصل الصيف للتعويض عن متعة السفر الى تركيا أو شرم الشيخ أو اليونان أو البحر الميت لزيارة عدد من الأماكن الســياحية في لبنــان خصوصاً أن الســفر ســيكلّفه الدفع بالعملة الخضراء.
ويعوّل البعض علــى تحويلات مالية من أقارب لهم في الخارج تســعفهم على تخطّي الضائقة، في وقت تُســجّل حجــوزات على مــن الخطــوط الجويــة لمغتربــن لبنانيين ينــوون تمضيــة عطلــة الصيف فــي الربوع اللبنانية ، ويُقدّر عدد الرغبين في المجيء الى بلدهــم بالآلاف حيــث يتوقّع أن يســتفيدوا من فارق ســعر الدولار لتمضية الأوقات في الفنادق والمنتجعات السياحية.
أزمة البنزين
إلا أن أزمــة البنزين والخــوف من انقطاع الكهربــاء جعلــت البعض يراجع حســاباته في المجــيء الــى بيروت لئــا تتأثّــر رحلته الترفيهية بالأزمة ويصطدم بالعتمة.
يبقــى أن وطــن الأرز الــذي كان يُلقّــب بـ»سويسرا الشــرق» بات أقرب الى نموذج فنزويــا والصومــال وأصبــح فــي المرتبة 34 بــن الــدول الأكثر فشــاً مــن أصل 179 دولة حســب مرصــد الأزمــة فــي الجامعة الأمريكية، لكن اللبناني الذي بات على حافة الإنهيار التــــام مازال يأمــل في إنفراج وفي نـــــهوض جديد، فهل هذا حلم أم وهم؟