Al-Quds Al-Arabi

لماذا يبكي الإنسان؟: ظاهرة يومية لا يزال تفسيرها غامضاً

-

■ برلين ـد ب أ:اعتاد الإنسان البكاء منذ فجر التاريخ، لينهمر من عينيه ما بين سبعين إلى مئــة لتر من الدموع على مدار حياته، إلا أن الأبحاث التجريبية بشــأن ظاهرة البكاء محدودة على نحو صادم.

أظهرت مراجعــة منهجية صدرت مؤخــراً أن هذا الموضــوع «لم يتلق ما يكفي من الانتباه من العلماء، أو علماء الفيزياء على نحو مثير للدهشــة»، وأن أبحــاث «البكاء العاطفي لا تزال في مراحلهــا الأولى». ويعتقد أحد المشاركين في إعداد الدراسة، آد فينجرهوتس، أن هناك سوء فهم وراء ذلك.

ويقول علماء النفس من هولندا، بعدما درســوا على مدار العشرين عامــاً الماضية لماذا يبكي الإنســان: «غالباً ما ينظر إلــى الدموع على أنها إشــارة على الحزن»، لكن هذه الدمــوع «لا تحتوي على كثير من المعلومات بشأن الوضع الحالي، فحسب، فهي تكشف الكثير أيضاً عنا كأشخاص».

ويبدو أن الإنســان هو الكائن الوحيــد الذي يبكي تأثــراً بعاطفة قوية. فبالإضافة إلــى الدموع العاطفية، هناك نوعــان آخران: الدموع الانعكاســ­ية الناجمة عن محفز خارجي مثل تقشــير البصــل، والدموع القاعدية التي تنظف وترطب العينين.

وتضم الأنــواع الثلاثة الماء والشــوارد والبروتينا­ت، لكن بتركيزات مختلفــة، فالدموع العاطفية فيها الكثير مــن البروتينات، عن الدموع الانعكاسية، وأيضاً كميات أعلى من السيروتوني­ن، على سبيل المثال.

وإحدى الإجابات المحتملة كســبب لبكاء الأشخاص هو التحايل. وذكر باحثون بريطانيون في دراسة صدرت عام 2007 أن الرضع الذين يبلغون ستة أشهر من العمر يستخدمون البكاء التكتيكي لجذب انتباه الوالدين. وبالنســبة لفينجرهوتس، تقدم هذه المرحلة من الحياة تفسيراً تطورياً محتملاً للبكاء العاطفــي. ويتفق العلماء على أن البكاء البشــري يمكــن إرجاعه إلى «نداءات الانفصــال» التي لوحظت في جميع الثدييــات، وهي علامة مرئية بالإضافة إلى النداءات الصوتية. غير أن الإنسان لا يزال يبكي في سن البلوغ، حتى وقد صار من الممكن التحكم في الحياة تماماً، على عكس الصغر. وهناك اختلاف بين كم مرة يبكي الرجال، مقابل النســاء، فالرجال يبكون من ست إلى 17 مرة في العام، حســب رابطة طب العيون الألمانية، بينما تبكي النســاء بمعدل أعلى أربع أو خمس مرات. ولا تحدث هذه الاختلافات إلا عندما يكبر الأشــخاص، فحتى الـ13 تبكي الفتيات والصبيان بالقدر نفسه، و للأسباب نفسها. ويقــول فينجرهوتــ­س، إن أكبــر أســباب للبكاء - وهــو الحزن والاشــتيا­ق للوطن ومشــاكل الحب، مثلاً - متشــابهة لــدى الرجال والنساء. غير أنه في المواقف اليومية تكون النساء أكثر احتمالاً للبكاء في مواجهة النقد أو في خضم صراع. وقد يشير هذا إلى مشاعر داخلية بالعجز بين النساء، بينما يميل الرجال لتجنب مثل تلك المواقف. وهولا يؤمن بالتفسير القائل إن البكاء يســاعد الأشخاص في الشعور بأنهم أفضل، ويوضح: «حتى يشــعر الشــخص بأنه أفضل بعد البكاء، يجب الوفاء بعدة عوامل مثل وجود حالة نفسية عامة مستقرة». وأظهرت دراســات مثيرة أن المصابين بالاكتئاب، على سبيل المثال، لا يجدون في البكاء متنفساً. كما أن الخبرات الصادمة والتي لا يمكن السيطرة عليها، مثل وفاة شخص مقرب، لا تتحسن بالبكاء!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom