Al-Quds Al-Arabi

بايدن يريد إحياء الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في مواجهة الصين

-

■ بروكســل - أ ف ب:إلتقى الرئيس الأمريكي جو بايدن أمس الثلاثــاء قادة الاتحــاد الأوروبي في بروكســل بهدف إحياء شراكة تراجعت في عهد سلفه دونالد ترامب، وتقصّي مــدى دعــم دول التكتل لبلاده في مواجهــة الصين، في وقت ترفض باريس وبرلين الاصطفاف بشكل كامل مع واشنطن.

وبعد الجدل الذي واكب وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ستسمح القمة بتوضيح ما يعني شعار «أمريكا عادت» عملياً.

فبعد تــأزم العلاقات في عهــد ترامب الــذي اعتبر الاتحاد الأوروبــي بمثابــة «خصــم» ولــم يخــف ازدراءه للمشــروع الأوروبي، يصل بايدن بخطاب مختلف تماما.

وقــال الرئيــس الأمريكي خــال قمة مجموعة الســبع في كورنوال الأســبوع الماضي «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي كيان يتســم بقــوة وحيوية خارقتــن» وهي صيغة لــم تكن واردة إطلاقاً خلال سنوات الرئيس الجمهوري.

وفي طليعة الملفات المطروحــة للبحث، الخلافات التجارية التي ترافقت مع تبادل رسوم جمركية مشددة بين الطرفين.

وأعلنــت هدنــة فــي الخــاف القائــم منــذ 17 عامــاً حول «إيربــاص» و»بوينــغ» تنتهي في الحادي عشــر من الشــهر المقبــل. أمــا بالنســبة للخــاف حــول صــادرات الصُلــب والألومنيـ­ـوم الأوروبيــ­ة، فيتمنــى الاتحاد تســوية المســألة بحلول ديسمبر/كانون الأول. وبعدما عدل عن زيادة الرسوم المفروضة على المنتجــات الأمريكية، يرى التكتل أن الكرة الآن في ملعب واشنطن.

ودعت 113 منظمــة أمريكية وأوروبية تمثل قطاعات النبيذ والكحول والدراجــا­ت النارية والملابس وســواها، إلى إلغاء الرسوم الجمركية المرتفعة على منتجاتها «بشكل نهائي».

ويــرى إريك موريــس من معهد «شــومان» أن بايدن يعتزم «تســوية الخــاف للتركيــز علــى أولويتــه، وهــي مواجهــة الصين».

في المقابــل، سيســعى الأوروبيون «لمعرفة مــا هو هامش المناورة المتاح لهم ضمن هذا التحالف ضد بكين. وهناك توافق بينهم على عدم الاصطفاف تماما لأســباب جيوسياســي­ة من الجانب الفرنسي، واقتصادية من الجانب الألماني».

وإذا كانــت أوروبــا تجهــد لحماية ســوقها الواســعة من المنافســة «غير النزيهة» التي تمارســها الشــركات الصينية، فيتحتــم عليها فــي الوقت نفســه مراعاة قوة باتت شــريكها التجاري الأول.

ولــم تتخلّ المفوضيــة الأوروبية في بروكســل عن الاتفاق موضــع الجدل الــذي أبرمته فــي ديســمبر/كانون الأول مع

بكين بهدف الســماح للمســتثمر­ين الأوروبيين بالدخول إلى قطاعات كانت مغلقة بوجههم أو كان نشاطهم مقيّدا فيها.

والاتفاق مجمد حاليا بعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الصين بسبب انتهاكات لحقوق الأويغور، الأقلية المسلمة في الصين، وقد ردت عليها بكين بعقوبات مقابلة.

وتــود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تشــكيل جبهة موحدة في مجالي التكنولوجي­ا والتجارة.

ولمواجهة العملاق الآســيوي الذي يهــدد التفوق الأمريكي فــي مجال الاقتصــاد الرقمي والمعايير الغربيــة في مواضيع مثل المراقبة وســرية البيانات وغيرها، يعتزم الطرفان اعتماد تقنيات جديدة مبنية على «القيم الديمقراطي­ة المشتركة».

وســيتم إنشــاء مجلــس مشــترك للتجــارة والتكنولوج­يا لوضع معايير مشــتركة هدفها، حســب البيت الأبيض، «عدم السماح بهيمنة الأنظمة المتسلطة».

على صعيد آخر قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين، أمس عقب لقــاء الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توصلا إلى تســوية للخلاف الذي طــال أمده بشــأن المســاعدا­ت الحكوميــة لشــركتي «بوينغ» و»إيربــاص». كما أكد مســؤول فــي الاتحاد أنه ســوف يتم إســقاط جميــع الرســوم الجمركيــة المفروضــة علــى خلفية النزاع، وذلك لفترة أولية مدتها خمسة أعوام.

وقالــت فــون دير لايــن في بيــان مكتــوب «بــدأ الاجتماع

بانفراجة بشــأن الطائــرات... ويفتح هذا حقــا فصلاً جديداً فــي علاقتنا، لأننا ننتقل مــن التقاضي إلى التعاون في مجال الطائرات - بعد 17 عاما من الخلاف.»

وكان الجانبــان الأمريكــي والأوروبي قد تبــادلا اتهامات بتقــديم دعــم حكومــي غير عــادل لأكبــر شــركتين لصناعة الطائــرات في العالم، وفرضا رســوماً جمركيــة متبادلة على ســلع تتعلق بالطيران وأخرى لا تتعلق بالقطاع لأكثر من عقد ونصف عقد، بقيمة مليارات الدولارات.

وأذنت «منظمة التجارة العالميــة» للولايات المتحدة بفرض رســوم جمركية في عام 2019 على ســلع أوروبيــة بقيمة 7.5 مليار دولار ســنوياً، حيث وجدت أن الدعــم الحكومي الكبير مــن الجانبــن كان غيــر قانوني. وبعــد عام من ذلــك، أعطى الُمحكِّمــون الضوء الأخضر للاتحاد الأوروبي لفرض رســوم جمركيــة عقابيــة علــى واردات مــن الولايات المتحــدة بقيمة تقارب 4 مليارات دولار.

وفــي مــارس/آذار الماضــي، وافق الشــركاء علــى تجميد الرسوم الجمركية لمدة أربعة أشهر.

وفــي حين يبــدو أن نزاعا تجاريــا كبيرا قد تمت تســويته فــي الوقت الحالــي، فــإن خلافا مهمــا آخر يتعلــق بصناعة الصُلب ســوف يظل قائما، حســبما قال مسؤول في الاتحاد الأوروبــي، حيث تعد الخلافات بــن الجانبين أكبر من أن يتم حلها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom