Al-Quds Al-Arabi

كي لا تبدو «حكومة تحت إنذار حماس»: في «الاختبار الأول»... هل يجتاز بينيت مسيرة الأعلام بـ «سلام»؟

- يوآف ليمور

■ علقت حكومة نفتالي بينيت في التحدي السياســي الأمني الأول لها في غضون أقل من 48 ســاعة من لحظة نشوئها. مسيرة الأعلام التي ســتجرى اليوم في القدس تســتدعي لها إمكانيــة تصعيد محتملة في الجنوب، وكنتيجة لذلك – لأزمة سياسية أيضاً.

رغم ذلك، وربما بسبب ذلك، فإن قرار الوزير الجديد للأمن الداخلي، عومر بارليف، بإقرار مســيرة الأعلام في القدس، كان واجباً. فحكومة بينيت لم ترغب بأن تبدأ طريقها تحت إنذار حماس، لأن هذا ســيضعها في موقف غير مريح ويفسر كضعف تجاه الخارج والداخل.

وعليه، فإن موقــف كل المحافل المهنية هو تســيير المســيرة، ولكن مثلما في الأســبوع الماضــي – عندما تأجلت المســيرة بتوصية المحافل إياها – كان القرار هو إجراء المســيرة ولكن في مســار وشكل يقلصان الاحتكاك مع الســكان الفلســطين­يين في المدينة. ولهــذا، فقد تقرر عدم السماح للمسيرة بالمرور في باب العامود؛ ويمكن للسائرين أن يعقدوا الرقصة في الســاحة خارج الباب، ثم السير على طول الأسوار باتجاه باب الخليل والدخول إلى البلدة القديمة – حتى المبكى.

هذا مســار معقول، يأخذ بالحســبان الحركة والحاجة لإنفاذ حرية السيادة الإسرائيلي­ة في القدس من جهة، ومن جهة أخرى الاحتياجات الأمنية والرغبة في الامتناع عن استفزاز من شأنه أن ينتقل إلى أحداث عنف في القدس وما وراءها. هكذا يكون بوسع إسرائيل أن تدعي بأنها لم تستســلم للإنذارات والتهديدات وســمحت للمســيرة، فيما يمكن للفلسطينيي­ن الادعاء بأنهم «منعوا المس بالأقصى».

بشكل طبيعي، ستستوجب المسيرة من جهاز الأمن توزيع الاهتمام. فبينما ستحرس الشــرطة الســائرين بقوات معززة، سينظر الجيش الإسرائيلي والمخابرات جنوباً، بانتظار رد محتمل من حماس. المسيرة الســابقة، في يوم القدس، قطعتها الصواريخ باتجــاه المدينة، والتي

أدت إلى حملة حارس الأســوار. أما هذه المــرة فالتقدير هو أن حماس منهكة ولن تتخذ خطوة على هذا القدر من الفظاظة والاستفزاز، وإذا ما ردت – والمحافل المهنية منقســمة في رأيها إذا كانت سترد بالأقوال فقط أم بالأفعال أيضاً – فســتختار عملاً طفيفــاً، مثل إطلاق بالونات حارقة أو صاروخ وحيد )يطلق على أي حال من منظمة مارقة ما(، لترســخ في الوعي صلتها بالقدس.

سبق لإســرائيل أن أوضحت بأنها ســترى أيضاً في عمل كهذا خرقاً فظاً لوقف النار، وســترد عليه بشــدة. مســتوى الرد الــذي أقر بعد المســار الأخير بتوصية عموم محافل الأمن وبإقرار القيادة السياسية )المنصرفة(، هو الرد من الآن فصاعداً بشــكل غير متوازن على كل عمل هجومي من غزة، من أجل تثبيت ردع قوي تجاه حماس.

هذا المســار كفيل بأن يقف قيد الاختبار اليوم أيضاً، وإن كان التقدير بأن إسرائيل وغزة على حد سواء، غير معنيتين بالانزلاق الآن من جديد إلى تصعيد واسع. يفترض بالطرفين أن يبدآ المحادثات من أجل التسوية قريباً، وإن كانت الفجوات واسعة بين الطرفين فالمطلب الإسرائيلي هو أن يســبق حل مسألة الأســرى والمفقودين كل تقدم، وهذ يبدو لا يبشر بتقدم قريب. وســتكون النتيجة، باحتمالية عالية، عصبية متصاعدة في غزة )علــى خلفية عدم نقل حقائب الدولارات مــن قطر أيضاً( تجد تعبيرها في محاولات منضبطة لتسخين منطقة الغلاف قريباً.

وهذا سيســتدعي من إســرائيل، في موعد ما، «أن يجــن جنونها» تجاه غزة. وســيكون هــذا التحدي أحد أول التحديات التي ســيتعين علــى الحكومة الجديدة أن تتصدى لها، ولكن يجــدر أن تصل إليه بعد مداولات وتعريف لاســتراتي­جية واضحة، وفي توقيت تختاره )وليس حماس من تقرره( وعليه، فإن على إســرائيل أن تجتاز المسيرة اليوم بســام، وتواصل إلى الأمــام، مع العلم أن الاختبــار التالي تجاه غزة يكمن في الزاوية الآن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom