Al-Quds Al-Arabi

هل كان للقائمة المشتركة دور في رحيل نتنياهو؟

- عودة بشارات

■ أولاً وقبل كل شــيء، رجاء ذكروني بأن أرســل كيلــو من البقلاوة لعضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش وكيلو كنافة لعضو الكنيست ايتمار بن غبير، اللذين لــولا عنصريتهما الصافية لكنــا الآن غارقين في حكومة نتنياهو – بــن غبير – عباس. بفضلهما تم تمهيد الطريق لحكومة التغيير. ومن الجيــد أن عهد نتنياهو قد انتهى، ومن الجيــد أن مهندس التحريض والكراهية والتقسيم وشرعنة الفاشية قد ذهب. بسبب ذلك، يوجد للعرب واليهود ســبب للاحتفال. فقد انتهى عهد صعُب تحمله. سنتوجه لمواجهة مظالم العهد الجديد.

في البداية يجب الإشارة إلى أنه كان من المحزن مشاهدة احتفال تشكيل الحكومة الجديدة. عندمــا جاء نفتالي بينيت، رئيــس الحكومة الجديد، وهو مســلح من رأســه إلى أخمص قدميه برواية قومية متطرفة تمتد على مدى ســنوات على الأقل، وينسب كل البلاد للشــعب المختار، وقف أمامه الشــريك العربي في الحكومة، عضو الكنيست منصور عباس، وهو مجرد من أي علامة قومية: «نحن في راعم قررنا الســير على أجندة اجتماعية،» قال عبــاس وكأن التمييز ضد العرب خارج هويتهــم القومية، بل في ثقب الأوزون. أمامنا حكومة تتشكل من سادة البلاد ورعاياها.

كتبــت هذه الأقوال قبل أداء الحكومة لليمين. نأمل ألا تكون هناك حاجة إلى معالجة أحد ما في القائمة المشــتركة بســبب المغــص، مثلما رمز إلى ذلك يوســي فيرتس في «هآرتــس» في ‪/6، 8‬من أجــل المصادقة على هذه الحكومة في الكنيســت. بهذا، فإن امتناع عدد من أعضاء القائمة المشتركة «أقنع» المتأرجحين الذيــن يميلون نحو نتنياهو بعــدم القيام بمناورات. في لحظة الحقيقة، يتبين أن القائمة المشــتركة قائمة مسؤولة تنقذ العرب واليهود من فكي كماشة حكم نتنياهو. «المسؤولية هي كلمة السحر لسلوك القائمة المشتركة، حتى عندما رفض بينيت وساعر -بكل غطرسة وقومية متطرفة- الاعتماد على أصواتهم من أجل إزاحة رئيس الكنيســت، ياريف لفين.

وُضــع مفتاح إزاحة نتنياهو قبل أكثر من ســنة، عندمــا قدمت القائمة المشتركة 15 توقيعاً على طبق من فضة لجميع أعضاء القائمة في الكنيست من أجل وضع تشــكيل الحكومة بيد بني غانتــس. عرض أيمن عودة على الشعبين وصفة للحياة الناجحة وتعاوناً ســيصمد لفترة طويلة، لأنه تم بين أشخاص أحرار يتفاخرون بقوميتهم وثقافتهم وتراثهم. ولكن معادلة «ون – ون» التي اقترحها عودة صدها اليمين بقدم فظة. والآن كشــف أي نوع من الشــراكة يريدون: الشــراكة بين الطابق العلــوي والقبو. يتبين أن أجزاء في اليســار يطمحون بانفعال إلى شــراكة كهذه، وفي أعماقهم يفضلون شخصاً عربياً ليست له وطنية أو تاريخ.

كالعادة، أشخاص عمليون سيقولون إن الأساس هو المال. ولكن أيضاً إذا لــم نتعامل مع مقولة «ليــس بالخبز وحده يحيا الإنســان»، نؤكد أن القائمة المشــتركة، وبكونها في المعارضة، قد حصلت على 15 مليار شيكل في العام 2015. تم تحقيق هذا المبلغ بنضال مدني عنيد وبمشاركة المجالس المحلية العربية ومنظمات المجتمع المدني، وبفضل مؤسســات الدولة التي عرفت أن ثمة إمكانية كبيرة لتطوير الاقتصاد الإسرائيلي تكمن في المجتمع العربي.

ورغم بلورة وتنفيذ القرار 922، الذي جلب مبلغاً غير مسبوق للمجتمع العربي، ووجود شــركاء كثيرين من الأشخاص والمنظمات، إلا أن تحقيق المبلغ عانى من عدد غير قليل من المشكلات في طريق تنفيذه. وإذا كان الأمر هكذا، فكيف ســيبدو موضوع الأموال الموعــودة الآن في ظل غياب هيئات تمثيلية ومنظمات مجتمع مدني وبســلوك فردي لمنصــور عباس؟ لا أحد يعرف أين وكيف سيتم استثمار هذه الأموال إذا تم تحريرها أيضاً. كذلك، يتجول في أروقة الحكم مهندســو منتدى «الجامعة» الذين فكروا بقانون القومية.

في الختام، نقول إنه في الوقت الذي يبدأ فيه عهد جديد يحمل في طياته الكثير من الصراعات، من إنهاء الاحتلال وحتى مســاواة مدنية قومية في إســرائيل، فنحن مضطرون إلــى بناء نظام يهــودي – عربي متطور، في أساســه شراكة بين أشخاص أحرار، شــراكة ليس على أساس يذوب عند طلوع أول شعاع للشمس.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom