Al-Quds Al-Arabi

بيان وتغريدات تستوجب التريث!

- * كاتب فلسطيني s.saidam@gmail.com

ليس حبــاً برئيس الحكومة الجديد بــل كرهاً بنتنياهو، سارع أبطال الإعلام الاجتماعي، إسرائيليين وعرباً وعجماً، للاحتفال بخروج الأخير من واجهة السلطة، بعد اثني عشر عاماً عجافاً قضاها في رئاسة الحكومة، وثلاثين عاماً قضاها في الحقل السياســي، لم يبق من خلالها جرماً سياســياً أو ميدانياً أو عسكرياً إلا وارتكبه بحق الشعب الفلسطيني.

ومع أبطال الإعلام الاجتماعــ­ي، انتفض جيش المغردين الأجانب، من رؤســاء ورؤســاء حكومات ووزراء خارجية للتهنئة والتبريك بمجيء نفتالي بينيت إلى الســلطة، ربما فرحــاً بزوال بلطجية نتنياهو، أو ســرعة فــي إبداء الولاء والطاعة لسيد العرش الصهيوني الجديد.

أمــا الطيبون من أبناء شــعبنا العربي الفلســطين­ي فقد لجأوا، مــع تأكدهم من تنصيب الحكومــة الجديدة إلى مثل عربــي جميل لتوصيــف القــادم والمطرود ليقولــوا: فولة وانقســمت نصفين، أو في مقولة أكثر دقة: بينيت ونتنياهو وجهان لعملة واحدة.

نتنياهــو «المفلــوق» غيظاً الــذي قرر الغيــاب عن حفل الاســتلام والتســليم، كما حليفه المأزوم ترامب، حاول في لحظاتــه الأخيرة تذكيــر المجتمع الإســرائي­لي بمآثره، وما قدمه لخدمة شــعبه الجاحد، وأنصاره السابقين، وموظفيه الأسبقين، ومنهم بينيت، الذي شغل منصب مدير مكتبه ذات يوم، لكن هيهات هيهات: الناس مــع الواقف! ليس فقط في العالــم الثالث، وإنما أيضاً في دولــة الاحتلال. وإلى جوقة المرحبــن انضم بايدن، الذي أخذ شــهرين قبــل أن يتصل بنتنياهو، لكنه لم يأخذ سوى ساعتين ليتصل بخلفه مهنئاً، وهو ما زاد من غيظ نتنياهو واستشــاطت­ه. حتى أن بعض أبنــاء جلدتنا ســارعوا للتعبير عن فرحهم بطــرد نتنياهو

من المشهد السياســي، واقترابه من الســجن، مع معرفتهم بأن بينيت الذي تفاخر بأنه قتل فلســطينيي­ن ذات يوم، لن يكون الخيــار الأفضل، أو حتى أفضل من ســابقه، حتى إن ضم إئتلافه بعض اليسار والعرب، ممن باعوا أنفسهم مقابل تفتيت وحدة الصــف والصوت العربي فــي الداخل. فرحة البعض العربي والغربي ورســائل التبريــكا­ت وتغريدات المهنئين كلها يجب أن تدفع المتحمسين للحكومة الجديدة في إســرائيل إلى التريث، فبيان الحكومة الصهيونية الجديدة، ومواقفها المعلنة لا تبشــر بخيرٍ إطلاقاً، خاصة أنها لم تشــر أبداً إلى حقوق الفلسطينيي­ن، وحل الدولتين وإنهاء الصراع.

الأخطر هو ما ورد فــي تغريدات الزعماء الأجانب، الذين حاولوا في معظمهم الإشارة إلى الســام بين الإسرائيلي­ين والفلســطي­نيين، من دون مرور تغريداتهم على حل الدولتين وقرارات الشــرعية الدولية، أو وقف الاســتيطا­ن، بل ذهب البعض، مثل وزيري الخارجية الألماني ونظيره النمساوي، وحتــى اليوناني، إلى تجنب الإشــارة إلى الفلســطين­يين بصــورة واضحــة وفاقعة. الملاحــظ أن جميــع المهنئين قد أشاروا إلى ما سموه، قيم إسرائيل، وديمقراطيت­ها وتقدمها، مشــيدين بعلاقاتهم الثنائية، ومؤكدين على التزامهم بأمن إســرائيل ورفعتها ونهضتها، بل إن البعض أوغل في نفاقه

فأصر علــى وقوف بلادهم إلى جانــب دولة الاحتلال «مدى الحياة».

كل هذا النفاق لحكومة الاحتلال، واســترضاء الصهاينة الجــدد واللوبيات الصهيونية، إنما يســتوجب وقفة جادة للتفكيــر والتمحــص. فالــرأي العام الشــعبي فــي ألمانيا وبريطانيا مثلاً، إنما ينحاز لفلسطين، وأن حجم التغريدات والمنشــور­ات المســاندة للحــق الفلســطين­ي الخارجة من منصات الإعلام الاجتماعي فــي ألمانيا، إنما هي أكثر بملايين المرات من تلــك المؤيدة لدولة الاحتلال، لكن وللأســف فإن الحكومات ما زالت لا تعبر عن رأي شــعوبها خوفاً من سحق ومحق اللوبي الصهيوني لها، وهو ما يدلل على أن تلك الدول لم تتعلم حكوماتها الدرس من العدوان الأخير، بل تســتمر في تبجيل الصهاينة، والتهليل لهم، ومداهنتهم على حساب الحقوق والدماء الفلسطينية.

موقف آمل أن يقابــل بالتفكر والتبصر المطلوبين، باتجاه اســتعادة وحدتنا الفلســطين­ية، وعدم إهــدار الإنجازات الأخيرة، وتضييع الفرصــة الذهبية التي نتجت عن انقلاب الرأي العام العالمي لصالح فلسطين، فهل نتعظ؟

للأسف الحكومات الغربية ما زالت لا تعبر عن رأي شعوبها خوفاً من سحق ومحق اللوبي الصهيوني لها

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom