Al-Quds Al-Arabi

انتقادات لاتفاق أربيل وبغداد حول النفط والمستحقات المالية: مُجحف والعدالة غائبة

كتل رفضت منح الإقليم 200 مليار دولار... وكردستان تعوّل على تجاوز الخلافات

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

انتقدت شــخصيات سياســية عراقية، أمــس الأربعاء، توصل الحكومــة الاتحادية، ونظيرتها في إقليم كردســتان العراق، إلى اتفاقٍ يقضي بحســم الملفين النفطي والمالي بين بغداد وأربيل، والشــروع بدفع المســتحقا­ت المالية للإقليم، مقابل إرســال الأخير واردات نفطه المصــدّر، بالإضافة إلى نصف ورادات منافذه، إلى الحكومة الاتحادية، محذّرين من «غياب العدالة الاجتماعية» في توزيع واردات البلاد.

وطالبــت النائبة عــن ائتــاف «دولة القانــون» عالية نصيف، مجلس الوزراء بالتراجع عن الاتفاق الذي أبرمه مع رئيس حكومة إقليم كردســتان، مسرور بارزاني، والمتضمن إرسال 200 مليار دولار إلى الإقليم بأثر رجعي، مبينة أن، هذا الاتفاق الذي يتســبب في تجويع بقية المحافظات ليس له أي سند قانوني في ظل وجود الموازنة المالية.

وقالت النائبــة عن الائتلاف، الذي يتزعمه نوري المالكي، في بيــان صحافي أمس، إن «قرار مجلس الوزراء بإرســال 200 مليار دولار إلى إقليم كردســتان بأثر رجعي ليس له أي غطاء شــرعي أو قانوني في ظل وجــود الموازنة، إذ لا يمكن له أن يلغــي الموازنة التــي تم التصويت عليها باحتســاب حصة الإقليم بـ 250 ألف برميل يومياً )بسعر( واحد وستين دولاراً للبرميل الواحد، أي بفارق )7ـ 8(دولارات بالنســبة للمليون، وبالتالي، يكــون الإقليم مديناً للحكومة الاتحادية دون احتساب الواردات غير النفطية».

وأشــارت إلى أن «مجلس الوزراء من خــال هذا الاتفاق يشــرعن إعطاء حقوق الشعب العراقي بشكل غير عادل إلى ســلطة الإقليم، ويتســبب بغبن بقية المحافظات وتجويعها» مطالبة بـ«إلغاء الاتفــاق والرجوع إلى قانون الموازنة الذي هو بالأساس كان مجحفاً وتم تمريره على مضض».

«الكل سواسية»

ودعت إلى «تحقيق العدالة والإنصاف في توزيع الثروات والموارد، فالكل سواسية ولا يوجد شعب من الصنف الأول وشعب من الصنف الثاني، وعلى الأقل ضعوا بنظر الاعتبار وجود مئات الآلاف من العاطلين عن العمل الذين ينتظرون الحصول على تعيينات» مبينــة أن «هذا القرار المجحف هو استفزاز للشارع العراقي، ويجب إلغاؤه فوراً».

كذلك، عدّ رئيس كتلة النهج الوطني «الشــيعية» الممثل السياســي لحزب «الفضيلة الإســامي» في البرلمان، عمار طعمــة، «تنفيذ» الاتفــاق الأخير بين بغــداد وأربيل، بأنه يكرّس غياب العدالة في توزيع الثروات على العراقيين.

وقال فــي بيان صحافــي، أمــس، إن، «بالمقارنة ما بين ايرادات العراق النفطية للأشــهر الخمســة الأولى من عام 2021 مــع الإيــرادا­ت المتوقعة من كميات النفــط المنتج في الإقليم، فإننا نلاحظ ظلما فاحشا يصيب محافظات الوسط والجنوب المنتجة للنفط».

وأضاف: «حسب قانون الموازنة الذي أقرّ بكميات النفط المنتــج في الإقليــم تبلــغ )460( ألف برميــل يوميا، ولكن للأســف فإن البرلمان ارتكب خطأ فادحا حينما ألزم الإقليم بتسليم فقط )250( ألف برميل يوميا ومنح الإقليم التصرف بالكميات المتبقية، والتي تبلغ على الأقل )210( آلاف برميل يوميا».

وأشــار إلى أن «حســب أســعار النفط للأشهر الخمسة الأولــى، فإن إيــرادات نفــط الإقليم تكون خلال الأشــهر الخمسة أكثر من ســتة تريليونات دينار )ألف و450 ديناراً لــكل دولار( ناهيك عن الإيــرادا­ت غيــر النفطية الأخرى، والإقليم لم يسلم للسلطة الاتحادية دينارا واحدًا منها».

وعبّــر طعمة، عن رفضه لما وصفــه «الاتفاقات المجحفة» بحق محافظات الوســط والجنوب، المتضمنة ان «يســلم الإقليم للسلطة الاتحادية فقط )3.3( تريليون من ايرادات

بيع نفطه خلال هذه الأشــهر الخمســة ويتصرف بالباقي (2.7( تريليون دينــار. إضافة لما ســيتصرف به من المبلغ المذكور أعلاه فإنه سيســتلم نســبة ‪67 )12.‬ في المائة( من مجموع تخصيصات النفقات بعد اســتبعاد السيادية منها أيضا».

وأوضــح أن «الإقليم الذي أقرّ قانونيًــا بكميات إنتاجه للنفــط تبلغ )460( ألف برميل ـ وهو ما أظنّه اقل من الواقع ـ فإنه يســلمّ منها للدولة الاتحادية فقط )250( ألف برميل ويكافــأ!! فيحصل على نســبة )12.67 بالمائــة( من مبالغ الموازنة بعد استبعاد الســيادية والتي نصّت عليها موازنة 2021 بمبلغ )11.4( تريليون دينار ســنويا، وســيتصرف فيما تبقى من كميات نفطه البالغة )210( ألف برميل يوميا، وإما اشــتراط تســليمه الإيرادات غير النفطية للســلطة الاتحادية فان تقديرها غير معلــوم واقعيا من قبل الجهات الرقابية الاتحادية لتتحقق من تطابق ما يسلمه مع مقداره الواقعي».

وختم بالقول: «هذه المجاملات والتوافقات السياســية الظالمة والمجحفة بحق أغلبية الشــعب العراقي الذي يعاني من صعوبــة العيش وآثار القرارات الاقتصادية الفاشــلة، ومنها رفع ســعر صرف الدولار، ســتؤدي إلى تزايد النقمة الشعبية واتساع السخط إلى مســتويات تقارب الانفجار وتدفــع إلى خيــارات صعبة علــى الجميع، فهــل تتدارك الحكومة والقوى السياســية المؤلفة لتشــكيلته­ا والداعمة لقراراتهــ­ا هذه أخطاءهــا وتتراجع عنهــا وتصححها قبل فوات الأوان».

ترحيب كردي

في المقابل، أعلن رئيس حكومة إقليم كردســتان العراق، مسرور بارزاني، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية ســيتم بموجبه إعادة إرســال المســتحقا­ت مــن الموازنة الاتحادية إلى إقليم كردستان وبأثر رجعي.

وقــال في «تغريدة» علــى موقع «تويتــر»: «تحدثتُ مع رئيــس الوزراء الاتحــادي في إطار المفاوضات المســتمرة والالتزام في جعل العلاقة بين أربيل وبغداد أكثر وضوحاً» منوهاً: «يســرني أن أعلــن عن التوصل إلى اتفاق ســيتم بموجبه إعادة إرســال المســتحقا­ت من الموازنة الاتحادية إلى إقليم كردستان وبأثر رجعي ابتداءً من كانون الثاني / يناير 2021. وأشــار إلى أن «خلال مكالمتنا الهاتفية، شكرته )الكاظمي( على قيادته، ووجّهت شكري للحكومة الاتحادية على دعمها لهذا المنعطف المهم والذي من خلاله تغلبنا سويةً على هذه العقبة الصعبة التي طال أمدها».

في الموازاة، رحب قوبــاد طالباني، نائب رئيس حكومة اقليم كردستان، بقرار الحكومة الاتحادية حول حصة اقليم كردستان من الموازنة الاتحادية للعام 2021.

وقــال قوباد طالبانــي خلال ندوة علــى هامش افتتاح معرض أربيل الدولــي: «نحن نشــكر الحكومة الاتحادية وجميع الأشخاص والأطراف الذين ساهموا في صدور هذا القرار، ونامل أن يكون هذا القرار بداية جيدة لمعالجة جميع المشاكل العالقة».

وأضاف: «نحن نريد تطوير الحكم في إقليم كردســتان وتقديم حكم رشــيد وعصري، ونحن عندمــا نفكر في ذلك نريد زيادة التكنولوجي­ا إلى ونشاطات الحكومة، الحكومة تشكلت لخدمة المواطنين».

وزاد: «عندما تعرضنا إلى أزمة مالية في العام 2014 رأينا أن شكل الحكم في إقليم كردستان ليس جيدا، وظهر لنا بأن نظام رواتبنا قديم ولم نكــن نعلم عدد موظفينا، ولكن بعد ذلك، بالاستفادة من التكنولوجي­ا، بدأنا بتسجيل موظفينا في نظام البايومتري».

ورأى طالبانــي أن هذه كانــت الخطوة الأولــى، لافتاً إلى أن «هناك خطوات اخرى ســنتخذها، منها نظام إدارة المعلومات الشــخصية للموظف وتعديــل الملاكات، والآن، نحن نملك كل هذه المعلومات ونستطيع أن نعلن هناك بأننا

سنقوم بتوزيع 475 رقما شخصيا على الموظفين قريبا، وهذا سيؤدي إلى تعديل الملاكات وإنشاء حكومة الكترونية.»

وختم قائلاً: «نحن الآن، نعلم عدد موظفينا وأين يعملون وكم هي رواتبهم، وعن طريق النظام البايومتري نستطيع تعديل ملاكاتنا ونشاطاتنا المستقبلية وترتيب خططنا وفقا لاحتياجات الحكومة .»

وفي أواخر آذار/ مــارس الماضي، صوّت مجلس النواب العراقي )البرلمــان( على قانون الموازنــة المالية الاتحادية لعــام 2021 والتــي تتضمّــن بنــداً يتعلق بالتــزام إقليم كردســتان العراق، بإرســال واردات 450 ألف برميل نفط

يومياً، إلى شــركة النفط الوطنية «سومو» فضلاً عن نصف واردات المنافذ الحدودية للإقليم، مقابل تسليمه حصّته من الموازنة التي تقدر بنحو 13 في المائة.

وتعليقاً علــى دخول الاتفاق الأخير بــن بغداد وأربيل حيّز التنفيذ، قال وزير الاقليم لشــؤون الحوار مع الحكومة الاتحادية، خالد شواني، في بيان صحافي أمس، «نأمل أن تصبــح هذه الخطوة بداية لمعالجة جميع المشــاكل وتوفير الرفاهية للمواطنين، ونعلن هناك بــأن فرق الرقابة المالية الاتحادية والتابعة لحكومة إقليم كردســتان مســتمرة في تدقيق الواردات غير النفطية لإقليم كردســتان، ونأمل أن

ينتهي التقرير المشترك لتلك اللجان قريبا».

وأضاف: «نحن سنســتمر في تنفيذ الالتزامات التي تقع على عاقتنا والتي وردت في قانون الموازنة، ونشــكر صبر المواطنين في إقليم كردستان، ونأمل أن تصبح هذه الخطوة عامــاً لتعزيز الاســتقرا­ر والتطور الاقتصــاد­ي ومعالجة جميع المشاكل الاقتصادية والمالية».

كما رحبّت أيضاً كتل الحزب «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردســتا­ني» في برلمان «كردســتان» بقرار الحكومة الاتحادية الأخير حول حصّة إقليم كردستان العراق من الموازنة.

 ??  ?? أرشيفية لعناصر من البيشمركه يرفعون علم كردستان
أرشيفية لعناصر من البيشمركه يرفعون علم كردستان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom